ستظل إسرائيل ذلك الكيان الغاصب الذى يعيش على القتل واستنزاف الآخرين. حالة من الجنون سكنت هذا النزق «نتنياهو» فتحوّل معها إلى مصّاص دماء، وباتت رياضته المفضلة الرقص على الأشلاء. يصور له خياله المريض أن الانتصار الأبدى سوف يتحقق له بعد ما ارتكبه ويرتكبه من جرائم وآثام حول معها الأرض الفلسطينية إلى مقابر متناثرة بعد أن حلت بها كارثة إنسانية غير مسبوقة حققها هذا الوغد عبر سفكه للدماء.
كان «نتنياهو» قد تعهد فى أعقاب الهجوم الذى شنته حركة حماس فى السابع من أكتوبر بشن عملية عسكرية تنتهى بتحرير المحتجزين الإسرائيليين، وإعادتهم، والقضاء على حركة حماس. فى المقابل جرى تدمير واسع لقطاع غزة ليسقط خلاله عشرات الآلاف من القتلى والضحايا الفلسطينيين، ليصل عدد القتلى منذ بدء حرب غزة فى السابع من أكتوبر الماضى وحتى الآن إلى ما يزيد على 42 ألف قتيل، وعدد الإصابات إلى نحو 98 ألف مصاب غالبيتهم من الأطفال والنساء. وفى معرض التعليق قال رئيس لجنة التوثيق والمتابعة بالدفاع المدنى فى غزة إن أكثر من 500 أسرة فى قطاع غزة مُحيت تماما من السجلات المدنية بعد قتل جميع أفرادها.
ولقد أدى تفاقم الأحداث إلى نزوح نحو المليون وتسعمائة ألف فلسطينى. وغدا جميع السكان الباقين فى القطاع فى حاجة إلى المساعدة. إنها الحرب التى خلقت المزيد من الآلام والمعاناة. ولقد أصبحت هذه الحرب بعد مرور عام على اندلاعها كابوسا لا نهاية له كما قال المفوض العام لوكالة «الأونروا»، وشدد على أن قطاع غزة بات مكانا غير صالح للعيش حيث يواجه سكان القطاع الأمراض والموت والجوع. كما أن القمامة ومياه الصرف الصحى تملأ الشوارع. هذا فضلا عن أن السكان باتوا محاصرين من جراء هذه الظروف فى 10% فقط من الأرض، وتنقلوا على مدار عام بحثا عن الأمان الذى لم يجدوه. لقد لحقت الأضرار بنحو ثلثى إجمالى المبانى فى القطاع، وبدت غزة غارقة فى الذخائر والمتفجرات، وبدا أن تطهيرها من الذخائر غير المتفجرة قد يستغرق أربعة عشر عاما حيث أن الحرب خلفت نحو 37 مليون طن من الركام.
كذلك تضرر القطاع الصحى فى غزة بشكل كبير، إذ تسببت الحرب فى خروج غالبية مستشفيات القطاع عن الخدمة، ليظل من بقى فى الخدمة يعمل بقدرات محدودة وتحت ظروف قاسية للغاية وسط نقص حاد فى الأدوية والمعدات الطبية. وهو ما حدا بوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية «مارتن غريفيث» إلى أن يقول فى يونيو الماضى: (بأن القصف الإسرائيلى على غزة منذ السابع من أكتوبر حول القطاع الفقير الخاضع لحصار إلى جحيم على الأرض)، ويضيف قائلا: (الغريب أن يستمر تدفق السلاح من الولايات المتحدة ودول أخرى على إسرائيل رغم التأثير المروع للحرب على المدنيين فى غزة)، مشيرا إلى أن الكثير من العاملين فى المجال الإنسانى والأمم المتحدة قد نالوا حتفهم.
وتقول الأمم المتحدة إن حجم الدمار فى القطاع كبير لدرجة أن عمليات إعادة الإعمار قد يتطلب عقودا من الزمن وعشرات المليارات من الدولارات. وأشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائى إلى أن القطاع يحتاج إلى نحو ثمانين عاما لاستعادة جميع وحدات الإسكان المدمرة بالكامل، ليظل الوضع الإنسانى فى حالة يرثى لها. وعليه نتساءل: ترى من يتحمل مسئولية الدمار الكبير الذى ألمّ بالقطاع؟ أخذا فى الاعتبار أن الدول الكبرى تتحمل جزءا من المسئولية فيما لحق بالقطاع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سناء السعيد جحيم على الأرض إسرائيل نتنياهو الدعم الأمريكي
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: إسرائيل تواصل تقييد دخول المساعدات إلى غزة
أكدت الأمم المتحدة أن القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ما زالت مستمرة، في حين تعرضت شاحنة مساعدات للنهب بوسط القطاع، وذلك بعد قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي سيارة حراسة كانت ترافقها.
وقالت المتحدثة المساعدة باسم الأمم المتحدة، ستيفاني تريمبلاي -مساء أمس الاثنين- إن المؤسسات التابعة للأمم المتحدة تحاول بشتى السبل إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وأوضحت -في مؤتمر صحفي عقدته بمقر المنظمة في ولاية نيويورك الأميركية- أن قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة تمكنت في 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري من الدخول إلى شمال غزة رغم القيود الإسرائيلية.
من جانبه، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر إن قطاع غزة حاليا المكان الأخطر لتقديم الدعم الإنساني، حيث أصبح من المستحيل تقريبا توصيل حتى جزء بسيط من المساعدات المطلوبة رغم الاحتياجات الإنسانية الهائلة.
وأوضح فليتشر، في بيان، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل منع العاملين الإنسانيين من الوصول إلى المحتاجين في القطاع، "حيث تم رفض أكثر من 100 طلب للوصول إلى شمال غزة".
وقال إن الحصار الإسرائيلي على شمال غزة "أثار شبح المجاعة"، في حين أن جنوب القطاع مكتظ للغاية "مما يخلق ظروفا معيشية مروعة واحتياجات إنسانية أعظم مع حلول الشتاء".
إعلانوأشار إلى أن محكمة العدل الدولية أصدرت أول مجموعة من الأوامر المؤقتة في قضية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة منذ نحو عام، ومع ذلك فإن وتيرة العنف المستمرة "تعني أنه لا يوجد مكان آمن للمدنيين في غزة، لقد تحولت المدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية إلى أنقاض".
تدهور مستمر بالضفة
وفيما يتعلق بالوضع في الضفة الغربية، قال المسؤول الأممي إن الوضع هناك مستمر في التدهور، وإن عدد القتلى في الضفة هو أعلى عدد تسجله الأمم المتحدة.
وأكد أن "العمليات العسكرية الإسرائيلية أسفرت عن تدمير البنية الأساسية مثل الطرق وشبكات المياه، وخاصة في مخيمات اللاجئين"، مضيفا أن عنف المستوطنين المتزايد وهدم المنازل أدى إلى زيادة النزوح والاحتياجات، وأن قيود الاحتلال المفروضة على الحركة تعيق سبل عيش المواطنين الفلسطينيين ووصولهم إلى الخدمات الأساسية وخاصة الرعاية الصحية.
وشدد على أن "الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني يواصلان محاولة البقاء وتقديم الخدمات في مواجهة هذه التحديات والصعوبات المتزايدة"، داعيا المجتمع الدولي إلى الدفاع عن القانون الإنساني الدولي، "والمطالبة بحماية جميع المدنيين، والإصرار على إطلاق سراح جميع الرهائن، والدفاع عن عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الحيوي، وكسر دائرة العنف".
استهداف ونهب
في سياق متصل، أفادت وكالة أسوشيتد برس بتعرض شاحنة مساعدات كانت تحمل شحنة من الدقيق للنهب في وسط قطاع غزة، وذلك بعد استهداف سيارة كانت تحرسها بغارة إسرائيلية.
وأدت الغارة الإسرائيلية لاستشهاد 4 من رجال الأمن كانوا داخل سيارة الحراسة، وفق شهود عيان ومسؤولين في القطاع الطبي بغزة.
وقالت الوكالة إن مراسلها رصد أشخاصا يبتعدون عن المكان، وهم يحملون أكياس دقيق، بعضها كان ملوثا بالدماء، عقب الغارة الإسرائيلية التي استهدفت حراس شاحنة المساعدات.
إعلانوقالت مصادر من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية إنهم يواجهون صعوبة في إيصال المساعدات، بما في ذلك الإمدادات الشتوية الضرورية إلى غزة، جزئيا بسبب عمليات النهب وغياب الأمن لحماية القوافل.
وغالبا ما تستهدف إسرائيل حراس شحنات المساعدات، بدعوى انتمائهم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في حين تؤكد السلطات في غزة أن ذلك يأتي في إطار سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تستخدم التجويع سلاحا ضد سكان غزة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إنها ستوقف تسليم المساعدات عبر المعبر الرئيسي إلى قطاع غزة بسبب تهديدات العصابات المسلحة التي تنهب القوافل. وألقت الوكالة باللوم في انهيار النظام القانوني إلى حد كبير على السياسات الإسرائيلية.