الطب.. بالفلوس وليس المجموع!
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
تابعت خلال الأسابيع الماضية ما أثير حول الثانوية العامة وما حدث هذا العام من غش وحصول كثير من الطلاب الفاشلين على مجاميع عالية والانتكاسة التى تعرض لها العديد من الطلاب الفائقين وما تلا ذلك من بدء مراحل التنسيق والتقديم للكليات المختلفة.
لفت نظرى بشدة تقدم آلاف الطلاب للجامعات الخاصة والأهلية لدراسة الطب بمصروفات مرتفعة، ويبدو أن الحكومة تشجع هذا الاتجاه، حيث تم التوسع فى الجامعات الأهلية بشكل كبير جداً وتم السماح بافتتاح مزيد من الجامعات الخاصة والأخطر أنه يتم التساهل مع تلك الجامعات فيما يخص ضوابط الالتحاق بها وبتحديد الحدود الدنيا للمجاميع خاصة الكليات المهمة، مثل الطب والهندسة.
فقد أصبحت هذه الجامعات باباً خلفياً للحصول على شهادات لطلاب دون المستوى ذوى قدرات محدودة ويخرجون لممارسة المهن الحساسة والمهمة مثل الطب.
فلا يعقل أبداً أن نسمح لطالب حاصل على ٧٠٪ وربما أقل بالالتحاق بكلية طب لمجرد أنه يملك المال ويخرج لسوق العمل ويحصل على لقب طبيب ويمارس المهنة ويتساوى مع الطالب الذى أجتهد وذاكر وحصل على مجموع كبير استحقه وأهله فعلياً للالتحاق بكلية الطب فى الجامعات الحكومية وليس بفلوسه.
الحقيقة أننا لا نفهم لماذا تبارك الحكومة هذا التوجه الذى يخل أولاً بمبدأ تكافؤ الفرص ويهدر قيمة الاجتهاد والتميز ويجعل كلمة الفلوس هى العليا ويضر بسمعة وقوة ومستوى سوق العمل.
فى بداية الألفية الحالية تصدت نقابة الأطباء لظاهرة الأطباء الحاصلين على شهادات من الجامعات الخاصة وقررت عدم السماح لهم بالانضمام للنقابة وبالتالى عدم ممارسة المهنة، كما أن الحكومة كانت تمنع فى السابق تعيين أى طبيب متخرج من الجامعات الخاصة، ولكن المؤسف أن قرار نقابة الأطباء تم تغييره وأصبح هؤلاء ينضمون للنقابة ويمارسون المهنة ويفتحون العيادات، بل سمحت الحكومة بتكليفهم وتعيينهم فى المستشفيات، وهو ما شجع على افتتاح مزيد من الجامعات الخاصة وأصبح الموضوع تجارة والتعليم والشهادات لم يملك المال وليس الموهبة والمهارة والذكاء.
وإذا كنا حريصين على إعلاء القيمة فلا بد من غلق الأبواب الخلفية للحصول على الشهادات وإعادة النظر فى ضوابط عمل الجامعات الأهلية والخاصة وأن تلتزم بنفس قواعد الجامعات الحكومية وأن يعاد النظر أيضاً فى معادلة الشهادات التى يحصل عليها دارسو الطب فى جامعات دول شرق أوروبا بالمال.
وأتمنى أن تعيد نقابة الاطباء تفعيل قرارها بمنع انضمام هؤلاء المتحايلين لعضويتها حرصاً على سمعة المهنة وعملاً بمبدأ تكافؤ الفرص وعدم إهدار القيمة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الطلاب الفائقين الطلاب للجامعات الخاصة من الجامعات الخاصة
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: الجامعات والبيئة !!
الجامعة، هى تجمع علمى يعيش فى مجتمع أو بيئة، تنعكس الأنشطة العلمية والثقافية فيه، من معقل أو حرم الجامعة ! هكذا الجامعات فى كل بلاد العالم، وأيضًا كان ذلك معروفًا فى "مصر" فى زمن قديم، فالجامعة تعمل على نشر العلم والثقافة وتدرس إحتياجات المجتمع من خبرة وتعمل على إخراج مخرجات تعمل وتواكب إحتياجات هذه المجتمعات التى نعيش فيها وتعمل على رقيها ،وحينما تبتعد الجامعة عن بيئتها، وتصبح وكأنها برج عاجى لا علاقة له بما حوله من مشاكل أو إحتياجات حياتية، ولعل إعتماد الجامعات على موازنة الدولة، وإستمرارها فى إخراج ما لا يحتاجه المجتمع من خريجين هو تأكيد لإنفصال الجامعة عن مبررات وجودها، وفى ظل الجامعات الحكومية المجانية ( تقريبًا )، رسميًا ولكنها فى الحقيقة مكلفة أكثر من الجامعات الخاصة حيث إنتشرت الدروس الخصوصية، والمذكرات، والكتب، وملخصات المناهج التى تدرس فى الربع الأخير من العام الدراسى للطلبة نظير مبالغ باهظة، كلها تثبت بأن هناك خلل فى النظام، وأن دستورية مجانية التعليم، أصبحت شكل من الأشكال الممثلة للعوار فى العلاقات بين الدستور والحقيقة والواقع، ولعل ظهور شركات خاصة، لها الحق فى إنشاء جامعات ومعاهد خاصة، وإشترط فى إنشائها إعفائها من الضرائب، بقصد أنها غير قاصدة للربح، وهو ماثبت عكسه تمامًا، مما جعل المشرع المصرى يصدر تعديلًا فى التشريع لكى تحصل الدولة على
نصيبها من الربح الفادح الذى تحققه تلك الجامعات الخاصة، والمدارس الخاصة، والمعاهد الخاصة وإختلط الحابل بالنابل، بقانون آخر تحت
الإصدار لإنشاء جامعات أهلية، والشئ بالشيىء يذكر، أنه حينما تتعدد الوسائل والوسائط وتنتشر الأسواق الموازية فى أى سلعة، أو خدمة، يكون هناك شئ خطأ فى السياسات يوجب تصحيحه، ولعلنا كلنا نذكر السوق السوداء (الموازية ) للعملة الصعبة، الدولار كان له ثلاث أو أربع أسعار، سعر حكومى وسعر جمركى وسعر للتعامل مع البنوك وسعر للتعامل فى السوق السوداء بثلاث أضعاف السعر المعلن، حتى صدور قرارات فى سوق النقد والمال، وتوحد السوق، وأصبح هناك سعر واحد معلن للدولار واليورو وأخواتهم، أمام العملة المحلية ( الجنية المصرى ) !!
ولعل السوق الموازية فى التعليم، يحتاج لرؤية شجاعة، وسياسية، حتى تخرج من النفق المظلم فى أهم أنشطة الحياة، وهى نشاط يختص بمستقبل الوطن،فدون تعليم مخطط ومتحد، ومتوازن وملبى لرغبات سوق العمل، ويعطى المتفوق حقه، ويعطى الراغب فى التعليم من أجل التقدم الإجتماعى حقه ويدفع ثمنه، دون كل تلك العوامل فنحن سنظل ضعفاء وسنظل مثل النعام الذى يضع رأسه فى الرمال !!
[email protected]