جوكر: جنون مشترك.. لعنة السلاسل السينمائية تُجهز على فيلم أيقوني
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
بعد انتظار امتد 5 سنوات تقريبا، بدأ مؤخرا عرض فيلم "جوكر: جنون مشترك" (Joker: Folie à Deux) -الجزء الثاني من فيلم "جوكر"- وهو من إخراج تود فيليبس وبطولة واكين فينكس الذي يعود فيه لدور البطولة، بالإضافة إلى ليدي غاغا وبريندان جليسون وكاثرين كينر المنضمين للجزء الثاني.
يأتي هذا الطرح التجاري بعد عرض الفيلم في مهرجان البندقية السينمائي، وإن لم يحظ بالنجاح نفسه الذي حققه الجزء الأول المهرجان ذاته، وقد فاز "جوكر" في 2019 بجائزة الأسد الذهبي، قبل أن يحصد الفيلم وبطله العديد من الجوائز في هذا الموسم السينمائي، من بينها جائزتا أوسكار.
يبدأ "جوكر: جنون مشترك" بعد نهاية أحداث الجزء الأول وإلقاء القبض على جوكر/آرثر فليك (واكين فينكس) بفترة قصيرة، حيث أودعته السلطات في مصحة أركام النفسية، بعنبر خاص للخطرين، ويقترب موعد محاكمته، لتظهر في الصورة محاميته ماريان (كاثرين كينر) التي تتبنى سردية مرض آرثر النفسي، فتدفعه للقاء محللة نفسية، وتعزز وجهة النظر هذه أمام الرأي العام في محاولة لتبرئته من 5 جرائم قتل قام بها.
يعيش آرثر أتعس أيام حياته، فيعاني من الذل من السجانين، بالإضافة إلى الاكتئاب وضعف الطاقة نتيجة للأدوية النفسية التي تجبره المصحة على تناولها، وذلك حتى يقابل لي (ليدي غاغا) المريضة في المصحة ذاتها، ليستيقظ من سباته الحزين وتبث الفتاة فيه الحيوية، خصوصا عندما تخبره عن مدى إعجابها بجوكر الذي شاهدت الفيلم المخصص له 20 مرة.
وأعلن صناع فيلم "جوكر: جنون مشترك" أنه ينتمي إلى الأفلام الموسيقية إبان إنتاجه، لينضم إلى قلة من الأفلام الحديثة التي تستعيد هذا النوع السينمائي شبه المندثر، وعدد أقل من أفلام الأبطال الخارقين الموسيقية، لكن ما فاجأ مشاهديه هو انتماؤه كذلك إلى نوع سينمائي آخر، وهو أفلام المحاكمات أو الـ(Courtroom Drama)، التي كما يتضح من اسمها أفلام تدور أحداثها في أروقة المحاكم.
وقد أخفق الفيلم في تقديم النوعين السينمائيين، فعلى سبيل المثال لم يستغل الأغاني بشكل يخدم الأحداث، فمن الملاحظ أن الجزء الثاني مثله في ذلك مثل الجزء الأول يدور من وجهة نظر الشخصية الرئيسية آرثر فليك، فيتابع عن كثب مشاعره وأفكاره المضطربة نتيجة لماضيه التعس، وبناء على ذلك من الممكن أن تصبح الأغاني كمدخل جيد إلى هذه الأفكار، غير أنها لم تقدم سوى تكرار لما يتم قوله في حوار المشاهد السابقة لها، فتم إهدارها على الرغم من جودتها.
أحال الجزء الأول بشكل متكرر لفيلم المخرج مارتن سكورسيزي "سائق التاكسي" (Taxi Driver) بطولة روبرت دي نيرو، وقد قدم كلا الفيلمين شخصية الشاب المعادي للمجتمع الذي يحيا في مدينة فاسدة وضاغطة تحوله إلى مجرم، بينما يحيل الجزء الثاني إلى الفيلم الموسيقي الوحيد في مسيرة سكورسيزي "نيويورك نيويورك" (New York New York) وهو أيضا من بطولة روبرت دي نيرو وأحد أكبر إخفاقات المخرج السينمائية سواء من الناحية النقدية أو التجارية، كما لو أن تود فيليبس يتتبع خطى المخرج الأميركي من أصل إيطالي دون الأخذ في الاعتبار التعلم من أخطائه بدلا من تكرارها.
سيناريو يعيدنا لما قبل نقطة الصفريتحمل سيناريو الفيلم الذي كتبه تود فيليبس وسكوت سيلفر نسبة هائلة من أخطائه، ويظهر ذلك على سبيل المثال في غياب السجالات الساخنة خلال المحاكمة -وهي أحد أهم نقاط قوة أفلام المحاكمات- حيث لم يستغل صناع الفيلم ظهور شخصية هارفي دنت (هاري لاوتي) أحد أهم شخصيات عالم باتمان والمدعي العام في القضية، فلم تظهر الشخصية سوى لتكرار بعض الحقائق المعروفة مسبقا دون أي تأثير حقيقي على الأحداث.
وظلم السيناريو -كذلك- شخصية لي أو هارلي كوين، التي لم تظهر إلا بشكل سطحي كمعجبة ولهانة بجوكر، ترفض جانب آرثر فليك بداخله، وتدفعه إلى الجنون لإثارة إعجابها، وحتى خلفيتها كطبيبة نفسية ثرية تتنصل من طبقتها سعيا وراء حب جوكر تم الإفصاح عنها بشكل عابر في حوار بين المحامية وآرثر.
تضررت شخصية جوكر كذلك من هذا السيناريو المعيب، وقد دار الجزء الأول حول الصراع بين آرثر الشاب المنسحق من مجتمعه، وجوكر الجانب المنتقم منه، حتى انتصر الأخير في النهاية بقتل الإعلامي اللامع موري (روبرت دي نيرو) على الهواء مباشرة، وبدلا من المضي قدما بالشخصية في الجزء الثاني تم إعادتها مرة أخرى لنقطة الصفر، لنشاهد الصراع ذاته من البداية لينهزم جوكر هذه المرة.
ليضيع اجتهاد الممثلين أدراج الرياح في ظل شخصيات مكتوبة بشكل حرمها من التعقيد المطلوب كما لو أنه تم حذفه بمقص المونتاج.
وتخلى الفيلم كذلك عن نزعته الأناركية أو اللاسلطوية، والتي حركت المتفرجين بالجزء الأول، وقد تماهى هؤلاء المشاهدون مع جوكر الذي يمثل غضبهم على مجتمعاتهم التي لا تراعي احتياجاتهم، في حين تسترضي الطبقات الثرية وأصحاب السلطة والنفوذ، وانتهى الفيلم باحتضان الثوار لجوكر على خلفية مدينة جوثام الخيالية المشتعلة، بينما عندما حاول ذات الثوار حماية جوكر في الجزء الثاني هرب من أيديهم يائسا من الحلول ليسقط لقمة سائغة في يد السلطة التي تجاهلت آلامه طفلا، وعذبته بنفسها رجلا.
حمل فيلم "جوكر" شعار اختلافه عن أفلام الأبطال الخارقين الأخرى، فلا صراع واضح بين خير وشر، فالشخصية الرئيسية نفسها ترتكب أبشع الجرائم، ليدرج نفسه تحت إطار الأفلام المدفوعة بتطور الشخصية أو (Character driven film)، بيد أنه في "جوكر: جنون مشترك" تخلى حتى عن هذه المزية، فلم يقدم فيلم أبطال خارقين اعتياديا أو فيلم تحليل شخصية يستحق المشاهدة.
"جوكر: جنون مشترك" نسخة باهتة من الجزء الأول، حاولت الاحتماء بالأغاني لاكتساب بهاء يعمي الأنظار عن عيوب الفيلم، لكنه في النهاية لم يفلح حتى في تسلية مشاهديه الذين شعروا بمرارة افتقاد جوكر 2019.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سينما الجزء الثانی الجزء الأول
إقرأ أيضاً:
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعود إلى سوق مهرجان كان بجناح مشترك مع مهرجان الجونة ولجنة مصر للأفلام
القاهرة -الوكالات
في إطار الجهود المشتركة لتعزيز مكانة السينما المصرية على الساحة الدولية، وإبراز مصر كوجهة جذابة للتصوير السينمائي. أعلن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن عودته إلى سوق مهرجان كان السينمائي، وذلك من خلال جناح مشترك بالتعاون مع مهرجان الجونة السينمائي ولجنة مصر للأفلام (EFC).
سيقام الجناح المصري المشترك خلال الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي، ويهدف إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، منها: تعزيز التعاون بين المهرجانات السينمائية المصرية والعربية، ودعم صناع السينما من خلال بحث إمكانيات الإنتاج المشترك. وإبراز مصر كموقع تصوير سينمائي متميز، وذلك من خلال تسليط الضوء على الفرص المتاحة للتصوير في مصر، والتي نجحت لجنة مصر للأفلام في استقطاب أكثر من 60 عملًا عالميًا. ودعم المواهب المصرية الشابة، من خلال تنظيم حلقات نقاشية وحفلات استقبال تهدف إلى فتح سبل جديدة للتعاون مع صناع السينما العالمية.
وصرّح الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، قائلاً: "سعداء بعودة مصر بشكل مشرف إلى سوق مهرجان كان من خلال جناح مصري يجمع أكبر مهرجانين سينمائيين في البلاد، بالإضافة إلى لجنة مصر للأفلام. نسعى من خلال هذا الجناح إلى تسليط الضوء على السينما المصرية، سواء الأعمال الجديدة أو الكلاسيكية، مما يقدم صورة مشرفة لمصر بعد غياب طويل."
من جانبه، أكد الناقد محمد طارق، المدير الفني لمهرجان القاهرة، على أهمية هذا التعاون قائلاً: "الجناح يمثل عودة طموحة بتعاون بين ثلاث جهات كبرى تلعب أدوارًا تكاملية في دعم صناعة السينما المصرية. سواء من خلال التعريف بالمهرجانين واللجنة، أو من خلال الحوار مع المهرجانات السينمائية العربية الأخرى حول مستقبل السينما العربية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على مصر كموقع جذاب للتصوير."
سيشهد الجناح المصري تنظيم مجموعة من الفعاليات، بما في ذلك: حلقات نقاشية لمناقشة مستقبل صناعة السينما المصرية والعربية، والتحديات التي تواجهها. وحفلات استقبال تهدف إلى تعزيز التشبيك بين صناع السينما المصرية والعالمية.
يأتي هذا التواجد في إطار الجهود المستمرة لدعم صناعة السينما المصرية، ومواكبة التطورات العالمية في هذا المجال. كما يعكس التزام مهرجاني القاهرة والجونة ولجنة مصر للأفلام بدعم المواهب الشابة وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للصناعة السينمائية.
يُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي تأسس عام 1976، واحدًا من أعرق المهرجانات السينمائية في المنطقة، وهو الوحيد في العالم العربي وأفريقيا المعتمد من الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام (FIAPF).
سوق مهرجان كان، والذي تم تأسيسه في عام 1959، ، كجزء من مهرجان كان السينمائي الذي يعود تاريخه إلى عام 1946، هو أكبر سوق سينمائي في العالم وأحد أهم الفعاليات المرتبطة بمهرجان كان السينمائي الدولي. ويُعتبر هذا السوق نقطة التقاء أساسية لأهم صنّاع السينما من جميع أنحاء العالم.