جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-21@23:34:30 GMT

القراءة في زمن "الطوفان"

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

القراءة في زمن 'الطوفان'

 

 

صالح البلوشي

 

لم تغير عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت في السابع من أكتوبر 2023 المعادلات السياسية في الشرق الأوسط فحسب، وإنما استطاعت أن تغير أيضًا الحياة اليومية لكثير من الشعوب العربية، والتي كانت قد هجرت النشرات الأخبارية والتحليلات السياسية لسنوات طويلة بعد النكسات الكبيرة التي أصابت الجسد العربي بعد 2011، والتي أدت إلى تدمير دول عربية كبيرة مثل العراق وسورية وليبيا واليمن.

لقد عادت الشعوب العربية إلى متابعة القنوات الفضائية من جديد بعد أن أعاد "الطوفان" جزءًا من التضامن العربي حتى وإن كان الأمر من الناحية العاطفية.

وبعيًدا عن التحليلات السياسية لما حدث في السابع من أكتوبر فقد أعادت هذه العملية فلسطين مجددًا إلى الوجدان والعقل العربي، ومن مظاهر ذلك البحث عن الكتب التي تتحدث عن القضية الفلسطينية وتاريخ الصهيونية وعلاقتها مع الاستعمار الغربي.

وإذا تحدثت عن نفسي فإنَّ جدول القراءة اليومية بالنسبة لي انقلب رأسًا على عقب، وباتت فلسطين على رأس جدولي اليومي، وأذكر أنني بعد العملية سارعت إلى الرجوع إلى الموسوعة الموجزة "اليهود واليهودية والصهيونية" للدكتور عبدالوهاب المسيري والتي تتكون من جزأين كبيرين وكنت قد اقتنيتها منذ عدة سنوات، مع العلم بأنَّ الموسوعة الأصلية تتكون من 8 مجلدات ضخمة، وهي حصيلة عمل شاق وبحث استغرق من المؤلف سنوات طويلة، بمساعدة فريق عمل من باحثين مساعدين ومترجمين.

 وقد تحدث المسيري عن تجربته مع الموسوعة في كتابه الضخم "حياتي الفكرية"، ولكن للأسف فإن المتوفر في دار النشر والأسواق هو الموسوعة المختصرة فقط ولا أدري ما هي أسباب عدم طباعة الموسوعة كاملة؟

وإضافة إلى الموسوعة قمت باقتناء كتب أخرى للمسيري مثل كتاب "رحلتي الفكرية.. في البذور والجذور والثمر"، وهو أحد أروع السير الفكرية التي قرأتها في حياتي إذ إنه ينقل القارئ إلى محطات فكرية مختلفة من حياة المسيري ومنها قصته مع الكتب التي ألفها وخاصة المختصة بالصهيونية، بالإضافة إلى كتاب مهم أيضاً بحجم صغير نسبيا بعنوان "الصهيونية والحضارة الغربية".

ومن الكتب المهمة التي اقتنيتها خلال الطوفان كتابان مهمان جدًا لمعرفة الحركات اليهودية داخل "إسرائيل" والمبادئ التي تقوم عليها وطرائق تفكيرها، وهما "الأحزاب الدينية الإسرائيلية ودورها في صنع القرار السياسي" وكتاب "الحركات الدينية الرافضة للصهيونية داخل إسرائيل" وكلاهما للدكتور محمد عمارة تقي الدين.

وبما أن الأدب يمثل أحد أعمدة الحركة الصهيونية التي من خلالها تسعى إلى الانتشار عبر توظيف الأساطير اليهودية لخدمة أهدافها السياسية، فإنه من المهم جدا الاطلاع على الدراسات الأدبية النقدية التي تحلل الأدب الصهيوني وعلاقته بالصهيونية، ومن الكتب التي حرصت على قراءتها دراسة مهمة جدا بعنوان "الأدب الصهيوني والاستشراق.. التضليل والصور الاختزالية" للباحث يوسف يوسف.

وأخيرًا.. هناك مقولة منسوبة لوزير الدفاع الصهيوني الأسبق موشي ديان: "إن العرب لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون"، ومن يتأمل اليوم موقف كثير من المثقفين والكتاب العرب للأسف يجد أن كثيرًا منهم منفصلون تمامًا عمّا يحدث اليوم في غزة وجنوب لبنان، فهل تنطبق عليهم المقولة المنسوبة لموشي ديان، أم أنه الخلاف الآيديولوجي أو الفكري، وإن لم يكن الخلاف الفكري، فهل السبب هو الخوف من الحرمان من الدعوات للمهرجانات الثقافية والجوائز الأدبية؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

القراءة واتباع الأحسن

حين يقول الباري عزّ وجلّ: (فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)، فإنه بذلك يدعونا إلى أن نكون منفتحين على الاستماع إلى ما يقال، على أن يكون لدينا أذن ناقدة، تقوم بعملية فرز دقيقة لما نستمع إليه، ثم نختار منه الأحسن والأفضل.

ليس المطلوب أن نستمع، ثم نقبل بجميع ما نستمع إليه ونقدسه ونعدّه من المسلّمات، بل أن نتفكّر فيه وننعم النظر في مضامينه، ثم حين تتجمع لدينا جميع خيوط اللعبة- كما يقال-، نقرر قبوله أو رفضه. لكن ينبغي ألا يكون هذا القبول أو ذلك الرفض نهائيًّا، بل رهينًا بتطور قناعاتنا المرتبطة بمزيد من القراءة والتفكر. إذ كلُّ يومٍ يمر علينا، كما أنَّه فرصة لنا للحياة، فهو أيضًا فرصة لإعادة التفكير والتفكر في كل ما حولنا وفي قناعاتنا. قد نختلف مع كل ما نقرأ، لكن لا بدّ أن نتمسك بأدب الاختلاف؛ حين نحترم من نختلف معه، ولا يمنعنا ذلك من أن نتحاور معه، وننقده، ثم نعطي آراءنا حول ما يقوله، موافقة أو رفضًا. مقبول أن نشتبك مع أي كتاب، مع التزام تام بآداب وقواعد الاشتباك الفكري، مطبّقين قول ذلك الحكيم: “قد أكون مختلفًا معك في الرأي، ولكني مستعد للموت دفاعًا عن حقك في إبداء رأيك”. وهنا الموازنة في القراءة بين التقديس والتدنيس؛ فلا نقدِّسه حتى لا نستطيع نقده، ولا ندنّسه حتى لا نقترب منه، ونتعرف على ما قد يتضمنه من صدق، أو ربما جزء من الصدق.

وختامًا، يجب أن نضع نصب أعيننا مجموعة الثوابت الدينية التي ينبغي ألا نحيد عنها، مع إعطاء الفسحة للجميع بعد الاستماع للتفكر والتدبُّر في الأمور الفرعية المستجدة.

إن الاستماع واتباع الأحسن، هو معادلة قد تكون صعبة، لكنها ممكنة إذا ما جعلناها نصب أعيننا، وحاولنا تطبيقها في جميع أمور حياتنا، وفي أحكامنا التي نحتاج إليها كل يوم في كل موقف. ففي ما نستمع إليه هناك الحسن وهناك الأحسن، كما أن هناك السيئ وهناك الأسوأ، وعلينا اختيار الأحسن اعتمادًا على قدراتنا الخاصة، وعلى مدى اطلاعنا على المعروض من الأفكار، والمواقف، وطول تفكِّرنا فيه.

yousefalhasan@

مقالات مشابهة

  • بين التبشير والتحذير.. تفسير أحلام حرف الظاء
  • اليوم العالمى للطفل.. مدرسة التربية الفكرية بههيا تنظم زيارة لمتحف تل بسطا
  • العالم الدكتور عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب الدولي بالكويت: القاهرة صاحبة الفضل في تشكيل رؤيتي الفكرية والثقافية
  • الدكتور عبد الله الغنيم يلتقي بجمهور معرض الكويت وحديث عن مسيرته الفكرية
  • إطلاق الجزء الخامس من موسوعة الفروق اللغوية واللمحات البلاغية في القرآن
  • «خير أم شر».. تفسير حلم الذهب في المنام
  • مدرب الخلجي السعودي يكشف حقيقة رحيل محمد شريف وكواليس عرض الزمالك الغير مكتمل
  • تصاب به السيدات أكثر.. أسباب الاكتئاب الموسمي وطرق علاجه| ينتشر في الشتاء
  • فضائيات الأطفال في ثاني جلسات أدب الطفل بدار الكتب
  • القراءة واتباع الأحسن