القراءة في زمن "الطوفان"
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
صالح البلوشي
لم تغير عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت في السابع من أكتوبر 2023 المعادلات السياسية في الشرق الأوسط فحسب، وإنما استطاعت أن تغير أيضًا الحياة اليومية لكثير من الشعوب العربية، والتي كانت قد هجرت النشرات الأخبارية والتحليلات السياسية لسنوات طويلة بعد النكسات الكبيرة التي أصابت الجسد العربي بعد 2011، والتي أدت إلى تدمير دول عربية كبيرة مثل العراق وسورية وليبيا واليمن.
لقد عادت الشعوب العربية إلى متابعة القنوات الفضائية من جديد بعد أن أعاد "الطوفان" جزءًا من التضامن العربي حتى وإن كان الأمر من الناحية العاطفية.
وبعيًدا عن التحليلات السياسية لما حدث في السابع من أكتوبر فقد أعادت هذه العملية فلسطين مجددًا إلى الوجدان والعقل العربي، ومن مظاهر ذلك البحث عن الكتب التي تتحدث عن القضية الفلسطينية وتاريخ الصهيونية وعلاقتها مع الاستعمار الغربي.
وإذا تحدثت عن نفسي فإنَّ جدول القراءة اليومية بالنسبة لي انقلب رأسًا على عقب، وباتت فلسطين على رأس جدولي اليومي، وأذكر أنني بعد العملية سارعت إلى الرجوع إلى الموسوعة الموجزة "اليهود واليهودية والصهيونية" للدكتور عبدالوهاب المسيري والتي تتكون من جزأين كبيرين وكنت قد اقتنيتها منذ عدة سنوات، مع العلم بأنَّ الموسوعة الأصلية تتكون من 8 مجلدات ضخمة، وهي حصيلة عمل شاق وبحث استغرق من المؤلف سنوات طويلة، بمساعدة فريق عمل من باحثين مساعدين ومترجمين.
وقد تحدث المسيري عن تجربته مع الموسوعة في كتابه الضخم "حياتي الفكرية"، ولكن للأسف فإن المتوفر في دار النشر والأسواق هو الموسوعة المختصرة فقط ولا أدري ما هي أسباب عدم طباعة الموسوعة كاملة؟
وإضافة إلى الموسوعة قمت باقتناء كتب أخرى للمسيري مثل كتاب "رحلتي الفكرية.. في البذور والجذور والثمر"، وهو أحد أروع السير الفكرية التي قرأتها في حياتي إذ إنه ينقل القارئ إلى محطات فكرية مختلفة من حياة المسيري ومنها قصته مع الكتب التي ألفها وخاصة المختصة بالصهيونية، بالإضافة إلى كتاب مهم أيضاً بحجم صغير نسبيا بعنوان "الصهيونية والحضارة الغربية".
ومن الكتب المهمة التي اقتنيتها خلال الطوفان كتابان مهمان جدًا لمعرفة الحركات اليهودية داخل "إسرائيل" والمبادئ التي تقوم عليها وطرائق تفكيرها، وهما "الأحزاب الدينية الإسرائيلية ودورها في صنع القرار السياسي" وكتاب "الحركات الدينية الرافضة للصهيونية داخل إسرائيل" وكلاهما للدكتور محمد عمارة تقي الدين.
وبما أن الأدب يمثل أحد أعمدة الحركة الصهيونية التي من خلالها تسعى إلى الانتشار عبر توظيف الأساطير اليهودية لخدمة أهدافها السياسية، فإنه من المهم جدا الاطلاع على الدراسات الأدبية النقدية التي تحلل الأدب الصهيوني وعلاقته بالصهيونية، ومن الكتب التي حرصت على قراءتها دراسة مهمة جدا بعنوان "الأدب الصهيوني والاستشراق.. التضليل والصور الاختزالية" للباحث يوسف يوسف.
وأخيرًا.. هناك مقولة منسوبة لوزير الدفاع الصهيوني الأسبق موشي ديان: "إن العرب لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون"، ومن يتأمل اليوم موقف كثير من المثقفين والكتاب العرب للأسف يجد أن كثيرًا منهم منفصلون تمامًا عمّا يحدث اليوم في غزة وجنوب لبنان، فهل تنطبق عليهم المقولة المنسوبة لموشي ديان، أم أنه الخلاف الآيديولوجي أو الفكري، وإن لم يكن الخلاف الفكري، فهل السبب هو الخوف من الحرمان من الدعوات للمهرجانات الثقافية والجوائز الأدبية؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مجلس رمضاني برأس الخيمة: القراءة لم تعد محصورة في كتاب
رأس الخيمة: حصة سيف
أطلقت دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة، المجلس الرمضاني الثاني بعنوان «ثقافة القراءة» بالتزامن مع فعاليات شهر القراءة، في إطار جهودها لترسيخ ثقافة القراءة واتخاذها أسلوب حياة في الممارسة العملية في حياة الأفراد.
شارك في المجلس، المستشار سالم حسن الغافري مستشار اقتصادي، وعضو في البورد الأمريكي للتدريب، وباحث وكاتب في ريادة الأعمال، والدكتورة الكاتبة فاطمة المعمري، والكاتبة المترجمة أمل إسماعيل، حيث أكدوا أن القراءة لم تعد محصورة في كتاب، بل أصبحت مرافقة لكل فرد في حياته ومتوافرة في كل مكان وزمان مع التطور الذي شمل تقنيات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الذكية وغيرها من مصادر المعرفة والقراءة.
وأوضحوا في نقاش حول نقطة التظاهر بالقراءة، أنها ظاهرة إيجابية لتقدير وتثمين الكتاب، ومنفعتها تتعدى الشخص الذي حكم عليه بالتظاهر عنوة، إذ لا يمكن أن يحكم على خلفيات صورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وفائدتها بأن تشجع آخرين لقراءة الكتب، مشيرين إلى أن ظروف القراء في منطقتنا تختلف عن ظروف وفرص الأجانب، وأن أفراد مجتمعنا ملمون بالقراءة وواعون لأهميتها، وكثير منهم على المواقع التي تقدم القراءة السمعية.
حضر المجلس الذي أداره نبراس شفيق، وانعقد في مقر الدائرة، مجموعة من التربويين والكتاب، ورواد الأعمال، والإعلاميين ومؤثري منصات التواصل الاجتماعي والمنتسبين من الشرطة المجتمعية وطلبة المدارس.