القيادات النسائية الخليجية من منظور نفسي
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
هند الحمدانية
نعترف نحن النِّساء الخليجيات بأننا محظوظات كثيرًا لأننا لم نعش في الزمن الذي عاشت فيه أمهاتنا وجداتنا؛ حيث كانت الخيارات للمرأة محدودة جدًا، وكانت الأسرة والمُجتمع هما العائق المنيع الذي يحول بين المرأة وبين أحلامها وطموحاتها، لكن مجتمعاتنا اليوم باتت الداعم الأول والأقوى للمرأة الخليجية لكي تنطلق وتبدع وتتبوأ مكانتها الريادية والقيادية.
وقد ازدهرت مدينة صحار يومي 9 و10 أكتوبر الجاري، باحتضان المنتدى السادس لصاحبات الأعمال الخليجيات تحت شعار "رائدات بالفكر.. مُلهمات بالفعل"، والذي نظمه فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة شمال الباطنة بالتعاون مع اتحاد الغرف الخليجية وبمشاركة فعّالة من رائدات الأعمال والقياديات بدول مجلس التعاون الخليجي.
وَفَّرَ المنتدى بيئة مثالية للشراكات الإستراتيجية الواعدة بين رائدات الأعمال الخليجيات والانفتاح على فرص الاستثمار في المنطقة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحفيز الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة في دعم استثمارات رائدات الأعمال، والتركيز الفعال على تعزيز مبادرات التنمية المجتمعية ودعم الصحة النفسية لصاحبات الأعمال والقياديات الخليجيات.
ويُعد المنتدى محطة مهمة للتركيز على زيادة الوعي بأهمية الصحة النفسية لرائدة الأعمال الخليجية وتعزيز قدرتها على تحقيق التوازن المهني الذي يكفل لها جودة الحياة والتنمية الشخصية والاجتماعية في الوقت ذاته. ولكوني مُدرِّبة للعنصر النسائي في تطوير الذات وتعزيز التوازن النفسي، ارتأيتُ- في هذا المقال- التركيز على التركيب النفسي لرائدة الأعمال والذي يؤثر بشكل مباشر على نجاح مسيرة رائدة الأعمال ونهجها القيادي في بيئة الأعمال على الساحة الخليجية.
تواجه المرأة الخليجية خيارات صعبة بين النجاح المهني وتحقيق الذات، بين الأسرة والمنصب القيادي، فتبدأ معظم النساء بشجاعة وقوة واندفاع، وما أن تقترب من دفة القيادة تبدأ بالتراجع التدريجي أو الانسحاب التكتيكي، تاركةً خلفها جهود سنوات طويلة من العمل والإنجازات وتجاوز التحديات. السؤال الآن: ما الذي يدفع رائدة الأعمال لمثل هذا السلوك النفسي؟ وكيف يمكن لنا أن نساعد في دعم واستدامة بقاء المرأة في سوق الأعمال أو المواقع القيادية؟
ويُحدد مفهوم كفاءة القائد مدى إيماننا بقدرتنا على النجاح كقادة وهل سنسعى إلى مناصب قيادية أم لا، ويحدد ما إذا كُنَّا سنستمر في مواجهة تحديات القيادة أم لا، ويُحدد ما إذا كنا سنبقى في مركزنا الحالي أم سننسحب، ولكن للأسف ما تظهره الدراسات أن النساء يقللن من قدراتهن الذاتية. ويبدو ذلك جليًا عندما تُختبر مجموعة من الرجال والنساء حول عدة مواضيع تخص برامج العمل مثلًا، يخطئ الرجال بنسبة أعلى من النساء غالبًا، ولكن تبقى النساء مُترددات حول كفاءتهن مقارنة بالرجال. وقد أجريت دراسة في السنوات الماضية عن الأشخاص الذين يدخلون سوق العمل بعد التخرج، وأظهرت أن 57% من الرجال يفاوضون في مقابلات العمل حول كم سيكون راتبهم، وفقط 7% من النساء يفعلن ذلك، أيضا يعزي الرجال نجاحهم لأنفسهم، بينما تعزيه المرأة إلى عوامل خارجية.
لماذا مفهوم الإيمان بكفاءة القائد مهم؟ لأنه لن تستطيع المرأة أن تحصل على فرصتها وتستمر فيها ما لم تؤمن إيمانًا مطلقًا أنها تستحق هذه الفرصة، وتستوعب حجم كفاءتها والإنجازات العظيمة التي تضيفها لبيئة العمل القيادية أو على مستوى سوق الأعمال.
في عام 2003، أجرى البروفيسور فلين من كلية كولومبيا للأعمال، تجربة حول دراسة حالة عن سيدة رأسمالية ناجحة تدعى هايدي رويزن، ما قام به البروفيسور هو تغيير اسم هايدي رويزن إلى هوارد رويزن مع إبقاء كل شيء حول دراسة الحالة كما هو. وأعطى نصف طلاب فصله دراسة حالة هايدي رويزن والنصف الآخر حالة هوارد رويزن، وطلب منهم تقييم مدى كفاءة وتأثير كل من هايدي وهوارد، وجد كل الطلاب أنَّ هايدي وهوارد كانا يتمتعان بنفس الكفاءة وهذا أمر بديهي، لكن النتيجة الصادمة أن كل الطلاب لم يميلوا إلى حب شخصية هايدي كقائدة، لقد صنفوها أنها ذات شخصية عدوانية وغير لطيفة وأبدوا عدم رغبتهم بالعمل معها كفريق أو تحت قيادتها، لكنهم في المقابل اعتقدوا جميعًا (طلابا وطالبات) أن هوارد سيكون زميلًا وقائدًا رائعًا... لماذا هذا التناقض؟!
أعتقد أنَّ الأمر يعود إلى الصورة النمطية المُرتبطة في أذهان المجتمع حول أفكار ووجهات نظر مسبقة وراسخة تتمركز حول الجنسين (المرأة والرجل)؛ فالرجال بشكل تلقائي يجب أن يكونوا حازمين وأقوياء ومختصين، أما المرأة فتحتكر صورتها النمطية في أن تكون لطيفة ومُفيدة ومربية ومراعية وداعمة فقط، لذا فإنَّ المعضلة الحقيقية بالنسبة للمرأة هي أن الصفات التي يقدرها سوق الأعمال في القيادة مثل الحزم والحسم تتعارض مع المعايير المجتمعية والصورة الذهنية للمرأة في أن تكون محبوبة ولطيفة.
كيف نتعاطى كمجتمع خليجي مع هذه المشكلة؟
نحتاج إلى تعطيل الصورة النمطية وإعادة تعريف مفهوم أن تكون لدينا امرأة وقائدة في نفس الوقت، وذلك عن طريق مثل هذه المنتديات والملتقيات الفعَّالة والتي تدعم ثقة المرأة الخليجية ورائدة العمل القائدة، وتُعزز من صحة مفهومها الذاتي والنفسي، وتعكس للمجتمع المشهد الحقيقي؛ فالقشرة الصلبة والحازمة لرائدة الأعمال تُخفي تحتها أمًّا مُحِبة وأنثى لطيفة وداعمة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
في الأمم المتحدة : الحكومة اليمنية تؤكد اهتمامها بتعزيز المشاركة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة
نيويورك - اكدت الحكومة اليمنية، اهتمامها بتعزيز المشاركة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة، ودعم تمكينها في سوق العمل، وتوسيع فرصها في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحسين وصول النساء إلى التعليم والتدريب المهني، وتوسيع نطاق الخدمات الصحية، لا سيما في المناطق الريفية، وتعزيز الأطر القانونية وتطوير آليات الدعم لضمان توفير بيئة آمنة تضمن حقوق المرأة وتعزز دورها الفاعل في المجتمع، وفقا لـ(سبأ) الشرعية.
جاء ذلك في بيان الجمهورية اليمنية، أمام الدورة التاسعة والستين للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة والذي القاه، الجمعة 14-3-2025 ، مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي.
وقال السفير السعدي في البيان " ان مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية يبذلون جهوداً كبيرة، وعلى الرغم من كل التحديات القائمة بسبب هذا الصراع، لتمكين المرأة وحماية حقوقها الأساسية وتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان مشاركتها الفاعلة في مختلف المجالات، باعتبارها شريكاً أساسيا في بناء السلام والاستقرار واحداث التغيير والمساهمة في تحقيق اهداف التنمية المستدامة 2030".
ولفت الى ان الحكومة تعمل على تعزيز المشاركة السياسية للمرأة على جميع المستويات باعتبارها هدفاً رئيسياً ضمن أولوياتها، من خلال إشراك النساء في مواقع وضع السياسات وصنع القرار على المستويين التنفيذي والقضائي، بما يعزز حضورهن في الهيئات والمؤسسات القيادية، وشغل المرأة اليمنية للعديد من المناصب القيادية.
واضاف "نجتمع اليوم بعد ثلاثة عقود على اعتماد الإطار العالمي لتعزيز حقوق المرأة، والذي أسهم في تحقيق إنجازات كبيرة على مختلف الأصعدة، وقد كان التضامن الدولي ركيزة أساسية في هذا التقدم، مما يجعله اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى لدعم جهود تمكين النساء والفتيات، خاصة في الدول التي تواجه تحديات متعددة تعيق تقدم المرأة ومشاركتها الفاعلة في المجتمع".
واشار الى أن هذه الدورة تنعقد في ظل تحديات عالمية غير مسبوقة أثرت بشكل كبير على النساء والفتيات، لا سيّما في الدول التي تواجه أزمات إنسانية ونزاعات مسلحة، حيث تأثرت المرأة اليمنية من تداعيات الحرب التي شنتها المليشيات الحوثية الارهابية والتي تدخل عامها الحادي عشر و تعاني النساء اليمنيات أوضاعاً مأساوية اقتصادية وإنسانية واجتماعية قاسية جراء استمرار هذا الصراع واستمرار ارتكاب المليشيات الحوثية لجرائمها الوحشية بحق مختلف فئات المجتمع اليمني، بما في ذلك النساء.
واكد ان المليشيات الحوثية عملت على تدمير كل الانجازات التي تحققت للمرأة اليمنية على مدى العقود الماضية، وتعميق الأزمة الاقتصادية والإنسانية الأمر الذي فرض على المرأة واقعاً كارثيا..مشيراً الى ان المليشيات الحوثية تواصل في مناطق سيطرتها ارتكاب الانتهاكات الجسمية، وجرائم الاختطاف، والاعتقال لمئات النساء اليمنيات وحرمانهن من حقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والزج بهن في المعتقلات والسجون السرية وتلفيق التهم الكيدية وممارسة شتى صنوف الابتزاز والتعذيب النفسي والجسدي والتحرش والاعتداء الجنسي على خلفية نشاطهن السياسي والإعلامي والحقوقي، وإقصائهن من الحياة العامة والقيام بدورهن الفاعل في بناء المجتمع وتنميته.
ودعت الحكومة اليمنية الشركاء الإقليميين والدوليين والمنظمات الدولية، إلى دعم جهودها في تعزيز قطاع التعليم والتدريب المهني لضمان حصول النساء والفتيات على فرص تعليمية متكافئة، خاصة في المناطق المتضررة من النزاع والمناطق الريفية والنائية، والتركيز على تنمية مهاراتهن وتعزيز تمكينهن الاقتصادي عبر تمويل المشاريع المستدامة. وتوفير الخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية، وتعزيز الاستجابة الإنسانية والحماية الاجتماعية للنساء والفتيات، ومكافحة جميع أشكال التمييز والعنف لضمان مشاركتهن الفاعلة في بناء المجتمع وازدهاره.
Your browser does not support the video tag.