حمد الناصري

 

أكملت معركة طوفان الأقصى عامها الأول في ظِل تطورات وأحداث كبرى إقليميًا وعالميًا وفي ظِل عدوان إسرائيلي همجي بكل المقاييس تعمد وبشكل سافر قصف وقتل الأطفال والأبرياء وأمام أعين وكاميرات العالم المُتحضر، وقد وصلت حصيلة الممارسات الإسرائيلية الوحشية  أكثر من 42 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب ما يزيد عن 100 ألف مصاب، وآلاف المفقودين والمعتقلين أسرى في سجون الاحتلال.

ورغم حرب التنكيل والإبادة غير المسبوقة فشلت إسرائيل فشلا ذريعًا في تحقيق أهدافها ولا زالت المقاومة تدك معاقل الصهاينة في غزة وحتى خارجها وتكبد المعتدين خسائر فادحة وموجعة. وإضافةً لكل جرائم الجيش الصهيوني أضاف وبكل همجية وإجرام جريمة التجويع وحرمان الأطفال والنساء وكبار السِن من الطعام والادوية مِما تسبب بمئات الوفيات.

وقد تحدث مصطفى البرغوثي أمين عام حزب المبادرة الفلسطينية في مقابلة مع وكالة الأناضول الإخبارية وقال إن "استمرار إطلاق الصواريخ من غزة تجاه تل أبيب دليل فشل إسرائيلي ذريع".  

لا شك أنَّ أهداف إسرائيل الأربعة المُعلنة، لم تتحقق على الأرض، رغم مرور عام على بدء معركة طوفان الأقصى وهي: "القضاء على حماس، واستعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، وضمان أنَّ غزة لن تشكل تهديدًا لإسرائيل، وعودة سكان الشمال اللبناني بأمان؛ أي المواجهة المباشرة مع حزب الله".

وما تزال غزة تضرب أعظم الدروس للعالم في الصمود والبطولة، كبيرة هي بعزتها وقوية برجالها ونسائها وأطفالها، ولا زال رجال المقاومة في حماس والجهاد الإسلامي وبقية فصائل المقاومة مستمرين في عملياتهم البطولية التي قضَّت مضاجع الجنود والزعماء الإسرائيليين.

لا بُد أن نَذكُر مساهمة حزب الله من لبنان وأنصار الله من اليمن وبعض فصائل المقاومة في العراق في الجهد الحربي ضِد إسرائيل من خلال عمليات قصف صاروخي وبالمسيرات شمل أغلب مناطق إسرائيل وكبد الصهاينة خسائر مادية ومعنوية هائلة لم يعلنوا عنها إلا الجزء اليسِير منها.

وقد أثبتت هذه المعركة كذب وزيف الماكينة الإعلامية الغربية والإسرائيلية التي صدعت رؤوسنا منها بخرافات منها أن "الجيش الإسرائيلي لا يقهر" وأن "إسرائيل دولة متحضرة وتحترم حقوق الإنسان" وأن المقاومة الفلسطينية عبارة عن "مجاميع إرهابية"، وغيرها من الأكاذيب التي أثبت بطلانها وزيفها.. ورغم أن الجيش الإسرائيلي كان يعِد لمواجهة جيوش عربية بأكملها إلا أنه انهار أمام مجاميع من أبطال فلسطين بأسلحة بسيطة لا تقارن بما يمتلكه الإسرائيليون والذين تدعمهم أكبر ترسانة أسلحة في العالم مؤلفة من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وشركائهم وحلفائهم.

ورغم ما يبدو أنَّ الإسرائيليين يتفوقون مِيدانيًا بحيث إن بعض المستوطنين منهم بدؤوا بالاحتفال مبكرًا واستعدوا لتحقيق أحلامهم الوردية بالاستيلاء على ما تبقى من أرض فلسطين، فخسئوا وخسئت أحلامهم المريضة، ففلسطين ورغم أنوفهم وبشعبها العظيم الصابر المؤمن ومن ورائهم كل المخلصين من المسلمين والعرب لن يقهروا ولن يتركوا أرضهم ومن سيغادرهم الدخلاء والغرباء الذين جاؤوا من وراء البحار واغتصبوا أرض فلسطين بالقوة والغدر وبدعم مِن القوى الاستعمارية الكبرى.

وهنا يتساءل الشرفاء في الأرض: أين القانون الدولي وأين مجلس الأمن وأين منظمات حقوق الإنسان؟ والاحتلال الإسرائيلي يدمر ويقصف المستشفيات والمخيمات وفي طرقات النازحين ويقتل الآلاف مِن الأبرياء بشكل متعمد متحديًا كل تلك المُسميات التي يبدو أنها عديمة الفعالية مع الدول المستقوية بأسلحتها وجيوشها والمدعومة من دول الغرب.. وفقد العالم بوصلته الأخلاقية وفقدت الشعوب ثقتها بالنظام العالمي الذي تبين أنَّه بلا إنسانية ولا عدالة.

لقد غيرت معركة طوفان الأقصى نظرة الشعوب إلى الفلسطينيين وتأكدوا أنهم أهل الأرض والأحق بها وأن الإسرائيليين عبارة عن عِصابة مغتصبة للأرض وطامِعة في خيراتها ولا تربطها بأرض فلسطين أية رابطة.

وبعد مرور سنة كاملة من الحرب على غزة يتساءل العالم ما هي السيناريوهات والنتائج المتوقعة وما تأثيراتها على المنطقة والعالم وخصوصًا بعد دخول لبنان بشكل مباشر في المعركة من خلال حزب الله وتهديد إسرائيل لإيران بضربة انتقامية؟

وأكثر السيناريوهات تفاؤلًا يؤدي إلى حرب شاملة قد تحرق الأخضر واليابس وتؤدي إلى دمار واسع في منطقة الشرق الأوسط ومعاناة وخسائر كبيرين.

إنَّ بقاء القوى الكبرى في موقف المتفرج يدل على أن مصالحها مع استمرار العدوان وجريان أنهار مِن الدماء البريئة وأنها لا تأبه بما يحدث من جرائم ومآسٍ بشعة، وباتت بقية الشعوب تعلم أنها لا تعتمد على وجود قوى كبرى عادلة ونزيهة وأن الحقوق والأماني المشروعة للشعوب تؤخذ غلابًا لا بِمِنة من أحد.

خلاصة القول.. إنَّ صمود غزة ألهم النَّاس حول العالم من مسلمين وغيرهم أن الظلم والعدوان لن يغيرا التاريخ ولن يزيفا الحقيقة وأن حبل الكذب الإسرائيلي قصير وأن الشعوب الحرة لا يُمكن لكل أسلحة الكون أن تكسِر إرادتها وحبها للحرية والكرامة، وأن النصر لآتٍ لا محالة بالثقة والعزم وأن أهل غزة وفلسطين استبطنوا الوعد الإلهي وأنَّه قادم بإذن الله.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حزب الله: المعركة مع إسرائيل في بدايتها والعدو لم ير إلا القليل

بغداد اليوم- متابعة

أعلن حزب الله اللبناني، اليوم الجمعة، (11 تشرين الأول 2024)، ان المعركة مع إسرائيل "لاتزال في بداياتها".

وقال مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف في تصريح صحفي، ان "من يردع العدو عن جرائمه هي المقاومة وليس المجتمع الدولي، وأقول للعدو، لم تر بعد إلا القليل".

وأضاف "المقاومة بخير وتدير حقل رمايتها وتوقيت صلياتها بالشكل المناسب، والعدو عاجز عن التقدم إلى الأمام رغم استقدامه القوات والألوية".

وأكد عفيف ، ان "لدى المقاومة قرار بانتهاج أسلوب الدفاع المرن وليس الموضعي، والمقاومة تنصب الكمائن للعدو ما دفعه مرارا للانكفاء" مشيراً الى، ان "المعركة مع العدو لا تزال في بداياتها".

ونوه الى، ان "العدو الإسرائيلي لا يعمل لمصلحة اللبنانيين بل لمصلحته، وأولويتنا المطلقة الآن إلحاق الهزيمة بالعدو وإجباره على وقف العدوان" مشدداً "متمسكون بالوحدة الوطنية والتضامن الداخلي".

وقال عفيف: "النازحون سيعودون قريبا إلى الضاحية التي سنعيدها أجمل مما كانت" مشيرا الى، ان "المقاومين يرفضون الانسحاب من مواقع ساقطة عسكريا إيمانا بالدفاع عن وطنهم".

ونوه الى، ان "العدو يواصل قصف الضاحية الجنوبية وغاراته العنيفة لا تتوقف، وذرائعه بوجود مخازن أسلحة في الضاحية لم تعد تنطلي على أحد".

وأكد، ان "العدو يقصف المسعفين وسيارات الإسعاف بتواطؤ أمريكي" عاداً "قصف المسعفين بانها جريمة ضد الإنسانية" لافتا الى، ان "العدوان على بيروت أمس استكمال لجرائم العدو ضد الوطن" مندداً "بالعدوان على الأمم المتحدة ومقارها في لبنان".

مقالات مشابهة

  • صمودُ حزب الله يكشفُ هشاشة الجيش الإسرائيلي
  • حزب الله يقصف بالصواريخ قاعدة زوفولون للصناعات العسكرية الإسرائيلية
  • الطوفان
  • حزب الله يحذر المستوطنين الإسرائيليين
  • حزب الله: المعركة مع إسرائيل في بدايتها والعدو لم ير إلا القليل
  • كاتب صحفي: إسرائيل تستهدف عودة النازحين الإسرائيليين إلى قراهم
  • ما هي مفارقة أكتوبر المرتبطة بمصير الأسرى الإسرائيليين؟
  • خامنئي والسيستاني أبرزهم .. تعرف على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية
  • صواريخ حزب الله تنهال على مستوطنة كرمئيل الإسرائيلية