صمود فلسطيني في وجه الهمجية الإسرائيلية
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
حمد الناصري
أكملت معركة طوفان الأقصى عامها الأول في ظِل تطورات وأحداث كبرى إقليميًا وعالميًا وفي ظِل عدوان إسرائيلي همجي بكل المقاييس تعمد وبشكل سافر قصف وقتل الأطفال والأبرياء وأمام أعين وكاميرات العالم المُتحضر، وقد وصلت حصيلة الممارسات الإسرائيلية الوحشية أكثر من 42 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب ما يزيد عن 100 ألف مصاب، وآلاف المفقودين والمعتقلين أسرى في سجون الاحتلال.
ورغم حرب التنكيل والإبادة غير المسبوقة فشلت إسرائيل فشلا ذريعًا في تحقيق أهدافها ولا زالت المقاومة تدك معاقل الصهاينة في غزة وحتى خارجها وتكبد المعتدين خسائر فادحة وموجعة. وإضافةً لكل جرائم الجيش الصهيوني أضاف وبكل همجية وإجرام جريمة التجويع وحرمان الأطفال والنساء وكبار السِن من الطعام والادوية مِما تسبب بمئات الوفيات.
وقد تحدث مصطفى البرغوثي أمين عام حزب المبادرة الفلسطينية في مقابلة مع وكالة الأناضول الإخبارية وقال إن "استمرار إطلاق الصواريخ من غزة تجاه تل أبيب دليل فشل إسرائيلي ذريع".
لا شك أنَّ أهداف إسرائيل الأربعة المُعلنة، لم تتحقق على الأرض، رغم مرور عام على بدء معركة طوفان الأقصى وهي: "القضاء على حماس، واستعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، وضمان أنَّ غزة لن تشكل تهديدًا لإسرائيل، وعودة سكان الشمال اللبناني بأمان؛ أي المواجهة المباشرة مع حزب الله".
وما تزال غزة تضرب أعظم الدروس للعالم في الصمود والبطولة، كبيرة هي بعزتها وقوية برجالها ونسائها وأطفالها، ولا زال رجال المقاومة في حماس والجهاد الإسلامي وبقية فصائل المقاومة مستمرين في عملياتهم البطولية التي قضَّت مضاجع الجنود والزعماء الإسرائيليين.
لا بُد أن نَذكُر مساهمة حزب الله من لبنان وأنصار الله من اليمن وبعض فصائل المقاومة في العراق في الجهد الحربي ضِد إسرائيل من خلال عمليات قصف صاروخي وبالمسيرات شمل أغلب مناطق إسرائيل وكبد الصهاينة خسائر مادية ومعنوية هائلة لم يعلنوا عنها إلا الجزء اليسِير منها.
وقد أثبتت هذه المعركة كذب وزيف الماكينة الإعلامية الغربية والإسرائيلية التي صدعت رؤوسنا منها بخرافات منها أن "الجيش الإسرائيلي لا يقهر" وأن "إسرائيل دولة متحضرة وتحترم حقوق الإنسان" وأن المقاومة الفلسطينية عبارة عن "مجاميع إرهابية"، وغيرها من الأكاذيب التي أثبت بطلانها وزيفها.. ورغم أن الجيش الإسرائيلي كان يعِد لمواجهة جيوش عربية بأكملها إلا أنه انهار أمام مجاميع من أبطال فلسطين بأسلحة بسيطة لا تقارن بما يمتلكه الإسرائيليون والذين تدعمهم أكبر ترسانة أسلحة في العالم مؤلفة من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وشركائهم وحلفائهم.
ورغم ما يبدو أنَّ الإسرائيليين يتفوقون مِيدانيًا بحيث إن بعض المستوطنين منهم بدؤوا بالاحتفال مبكرًا واستعدوا لتحقيق أحلامهم الوردية بالاستيلاء على ما تبقى من أرض فلسطين، فخسئوا وخسئت أحلامهم المريضة، ففلسطين ورغم أنوفهم وبشعبها العظيم الصابر المؤمن ومن ورائهم كل المخلصين من المسلمين والعرب لن يقهروا ولن يتركوا أرضهم ومن سيغادرهم الدخلاء والغرباء الذين جاؤوا من وراء البحار واغتصبوا أرض فلسطين بالقوة والغدر وبدعم مِن القوى الاستعمارية الكبرى.
وهنا يتساءل الشرفاء في الأرض: أين القانون الدولي وأين مجلس الأمن وأين منظمات حقوق الإنسان؟ والاحتلال الإسرائيلي يدمر ويقصف المستشفيات والمخيمات وفي طرقات النازحين ويقتل الآلاف مِن الأبرياء بشكل متعمد متحديًا كل تلك المُسميات التي يبدو أنها عديمة الفعالية مع الدول المستقوية بأسلحتها وجيوشها والمدعومة من دول الغرب.. وفقد العالم بوصلته الأخلاقية وفقدت الشعوب ثقتها بالنظام العالمي الذي تبين أنَّه بلا إنسانية ولا عدالة.
لقد غيرت معركة طوفان الأقصى نظرة الشعوب إلى الفلسطينيين وتأكدوا أنهم أهل الأرض والأحق بها وأن الإسرائيليين عبارة عن عِصابة مغتصبة للأرض وطامِعة في خيراتها ولا تربطها بأرض فلسطين أية رابطة.
وبعد مرور سنة كاملة من الحرب على غزة يتساءل العالم ما هي السيناريوهات والنتائج المتوقعة وما تأثيراتها على المنطقة والعالم وخصوصًا بعد دخول لبنان بشكل مباشر في المعركة من خلال حزب الله وتهديد إسرائيل لإيران بضربة انتقامية؟
وأكثر السيناريوهات تفاؤلًا يؤدي إلى حرب شاملة قد تحرق الأخضر واليابس وتؤدي إلى دمار واسع في منطقة الشرق الأوسط ومعاناة وخسائر كبيرين.
إنَّ بقاء القوى الكبرى في موقف المتفرج يدل على أن مصالحها مع استمرار العدوان وجريان أنهار مِن الدماء البريئة وأنها لا تأبه بما يحدث من جرائم ومآسٍ بشعة، وباتت بقية الشعوب تعلم أنها لا تعتمد على وجود قوى كبرى عادلة ونزيهة وأن الحقوق والأماني المشروعة للشعوب تؤخذ غلابًا لا بِمِنة من أحد.
خلاصة القول.. إنَّ صمود غزة ألهم النَّاس حول العالم من مسلمين وغيرهم أن الظلم والعدوان لن يغيرا التاريخ ولن يزيفا الحقيقة وأن حبل الكذب الإسرائيلي قصير وأن الشعوب الحرة لا يُمكن لكل أسلحة الكون أن تكسِر إرادتها وحبها للحرية والكرامة، وأن النصر لآتٍ لا محالة بالثقة والعزم وأن أهل غزة وفلسطين استبطنوا الوعد الإلهي وأنَّه قادم بإذن الله.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عزلتهم أم عزلهم !!
عزلتهم أم عزلهم !!
صباح محمد الحسن
طيف أول:
وطن ينتظر
الأوان الذي لم يحن
ولو تأخر
فمازال صوت أمنياته يزداد حرارة بنبرة تصغي للأمل
فأحلام شعبه
تفوق هذا المتسع الوجع!!
وقبل أكثر من اسبوع كنا تناولنا تداعيات إقامة مؤتمر لندن من أجل إيجاد حلول لأزمة السودان الذي تعد بريطانيا لإقامته بعيدا عن الحكومة السودانية، وذكرنا أن تسمية المنظمين للمؤتمر المزمع عقده في 15 ابريل، تزامنا مع ذكرى الحرب اللعينة، تسميته “منصة محايدة ” هو عدم إعتراف واضح بوجود طرفي الصراع وعدم إعتراف بحكومة بورتسودان، وأن دعوة أكثر من 20 دولة للمؤتمر عدا السودان يجدد التذكير لحكومة البرهان بأن العزلة الدولية مستمرة!!
ولكن يبدو أن القصد لا يتوقف عند إستمرار عزلة حكومة بورتسودان، ويكشف التجاوز أن الامر يتعلق بعزلها وليس عزلتها، وأن الطريق نحو إستعادة الحكم المدني الديمقراطي بدأ العمل على تعبيده بصورة جادة، وبالأمس قالت المعلومات الواردة من هناك إن المنظمين للمؤتمر بدأوا في مشاورات مكثفة مع الدكتور عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء السابق المستقيل
فبالرغم من أن وزير الشؤون الافريقية البريطاني اللورد كولينز الذي تحدث في مجلس اللوردات عن أنهم يعدون لمؤتمر رفيع المستوى حول السودان في منتصف ابريل، وقال اننا نجري مشاورات حوله مع المجتمع المدني السوداني لا سيما قيادة صمود
إلا أن المشاورات مع قيادة “صمود” تكشف انها ليست مجرد تشاور يتعلق بدعوتها للمشاركة في المؤتمر ولكنه اعتراف بحكومة الثورة التي نزع البرهان منها الحكم بالسلاح، ويرى المنظمون للمؤتمر أن “صمود” تمثل واجهة سياسية مهمة بصفتها من أكثر التحالفات السياسية التي تبنت موقفا محايدا وواضحا من الحرب وعملت من أجل تحقيق السلام والمطالبة بإستعادة الحكم الديمقراطي، للانتصار لثورة ديسمبر المجيدة، وبالرغم من أن “صمود” تُعد لاعبا أساسيا في ملعب الحل السياسي للأزمة السودانية، كواجهة سياسية يلتقي طرحها مع رؤية المؤتمر الذي يسعى لبذل المزيد من الجهود المبذولة سيما أنها تقف على نقطة الحياد من طرفي الصراع وأن المؤتمر أكد منظموه انه “منصة محايدة” إلا أن ضرورة توسيع دائرة التشاور وتقديم دعوات لتشمل المجموعات السياسية السودانية المحايدة، والتي كشفت عن موقفها الرافض للحرب والداعي لوقفها، تبقى ضرورة ملحة، وذلك لما يكون له من أثر إيجابي في تحقيق اهداف المؤتمر الرامية لوقف الحرب والتي بلا شك يفيدها جمع أكبر عدد من القوى السياسية والمدنية الفاعلة لتشكيل جبهة سياسية عريضة تحت مظلة المؤتمر لتحقيق الغاية المنشودة، بغية أن التحالفات الأخرى تسعي أيضا لاستعادة المسار الديمقراطي .
كما أن المزيد مما يدعم فكرة وقف الحرب وتحقيق السلام هو أن ثمة وقفات، يومي ١٥ و١٩ أبريل في لندن وجنيف لتوجيه رسائل للمجتمع الدولي لإنقاذ المدنيين وإنهاء الحرب
ومن جهة موازية لدعم الحراك الدولي نحو حل الأزمة، فإن نائبة المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية منيون هيوستن تقول إن امريكا تريد من كافة الأطراف أن تتنحى عن اسلحتها وتلبي رغبة الشعب السوداني، في وقف الحرب، ولأن المجتمع الدولي لا ينظر الي ما يحدث على الارض سوى انه فوضى تستهدف ارواح المدنيين وتزيد في توسيع مأساتهم الإنسانية، قالت منيون للحدث في إجابة على سؤال كيف تنظر امريكا لتقدم الجيش على الأرض وسيطرته على العاصمة الخرطوم، قالت: هذا لا يغير في موقف امريكا المطالب بالتخلي عن السلاح وضرورة الجلوس للتفاوض، وهذا يؤكد أن السيطرة الناتجة عن الإنسحاب المتفق عليه غير “محسوبة ‘ في ميزان الحل الدولي،
وربما لوكان الجيش وسع مساحات سيطرته بمعارك عسكرية وانتصر فيها، لكان هذا له وزنه ومقداره في إعادة تشكيل وملامح الحل الدولي، ولكن!!
عليه فإن مؤتمر لندن الذي إختار صمود بقيادة حمدوك للتشاور معها دون حكومة السودان وربما تكون حضورا بتمثيلها المعلن او غير المعلن مع إصرار أمريكا على الحل السياسي بالرغم من فرض السيطرة لصالح الجيش بالعاصمة الخرطوم،
بالإضافة الي جهود المملكة العربية السعودية ولقاء الأمس الذي جمع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برئيس المجلس الإنقلابي الفريق عبد الفتاح البرهان في قصر الصفا بمكة المكرمة
وما سبقه من تغيير في الخطاب العسكري للبرهان الذي بدأ يتحدث عن ضرورة السلام والنأي بالجيش من العملية السياسية، وذلك بقوله أن لا رغبه لهم في المشاركة السياسية مستقبلا، كلها خطوات تؤكد أن نافذة للحل فُتحت من جديد، وأن الإطلالة عبرها، ربما تأتي بتأثير حلفاء القيادة العسكرية عليها دون الحاجة الي عصا، وإن فشل الحلفاء فإن استخدام العصا لكسر العناد وارد، المهم أن القادمات من أيام لا تبشر دعاة الحرب وفلول النظام البائد، هذا إن لم تكن تُنذرهم
طيف أخير:
#لا_للحرب
الرافضون للسلام قد يتخلوا عن معاركهم السياسة لعرقلته، ولكن قد يكون الإحتجاج عسكري ميداني ليس لرفض السلام ومبدأ التفاوض، ولكن لأن خيار الحل السلمي هذه المرة غير قابل للإنهيار بالخطة والمؤامرة السياسية.
الوسومصباح محمد الحسن صمود عزلتهم عزلهم