تشهد دول الاتحاد الأوروبي تصاعداً ملحوظاً في الإجراءات الصارمة تجاه المهاجرين مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية. بين إغلاق الحدود، فرض غرامات، وتهديدات بالانسحاب من ميثاق الهجرة، يبدو المشهد معقدًا بشكل غير مسبوق.

اعلان

في هذا الحوار الخاص مع أولغا غولينا، خبيرة الهجرة والقانون في ألمانيا، نسلط "يورونيوز" الضوء على أهم التحديات التي تواجه أوروبا اليوم.

يورونيوز: شهدنا في الأسابيع الأخيرة تحولات كبيرة في سياسات الهجرة الأوروبية؛ من إغلاق ألمانيا لحدودها البرية إلى تغريم المجر وطلب هولندا الانسحاب من ميثاق الهجرة. هل نحن أمام أزمة متفجرة بسبب مشكلات لم يتم حلها؟

غولينا: الوضع الحالي يعكس تعقيدات متعددة تشمل الأبعاد القانونية والتنظيم المفرط داخل الاتحاد الأوروبي. رغم استمرار سريان اتفاقية شنغن، فإن دولاً عدة بدأت باستخدام بنود تتيح إغلاق نقاط التفتيش في حال اعتُبر تدفق المهاجرين تهديداً للأمن العام. هذا الوضع يذكّر بمقولة "المبتدئ الساحر" لغوته: «الأرواح التي دُعيت ستتحكم بي الآن». بمعنى أن السياسات التي فتحت الأبواب للهجرة أصبحت اليوم عبئاً صعباً التحكم فيه.

أولغا غولينا، خبيرة الهجرة والقانون في ألمانييورونيوزRelatedرئيس الوزراء الألباني: اتفاقية الهجرة مع إيطاليا "حصرية" ولا يمكن تكرارها مع دول أخرىالآلاف في البرتغال يتظاهرون ضد الهجرة بدعوة من حزب شيغا اليميني المتطرفقواعد أكثر صرامة بشأن الهجرة وضرائب أعلى.. ما أهم النقاط في خطة رئيس الوزراء الفرنسي السياسية؟يورونيوز: ما الإجراءات التي اتخذتها الدول مؤخراً؟

غولينا: على سبيل المثال، فرضت ألمانيا ضوابط على حدودها البرية في 16 سبتمبر. ومن جانبها، سنت فنلندا قانوناً جديداً الصيف الماضي يهدف إلى التصدي لـ"الهجرة الآلية" القادمة من روسيا. وفي بولندا، يناقش البرلمان تشريعاً يسمح لحرس الحدود باستخدام الذخيرة الحية ضد من يحاولون عبور الحدود بشكل غير قانوني. هذه الإجراءات تعكس تصاعد المخاوف الأمنية، لكنها تؤدي أيضاً إلى تراجع أولوية الحق في اللجوء مقارنة بالمصالح الوطنية وحماية الحدود.

يورونيوز: هناك غرامة كبيرة فرضت على المجر. كيف أثر ذلك على موقف الدول الأعضاء؟

غولينا: الغرامة التي فُرضت على المجر بمبلغ 200 مليون يورو تمثل حدثاً غير مسبوق في تاريخ الاتحاد الأوروبي. هذا القرار دفع بودابست إلى الاصطفاف مع أمستردام في المطالبة بالانسحاب من ميثاق الهجرة.

من الواضح أن تصاعد المشاعر المناهضة للهجرة بين الناخبين الأوروبيين يعزز السياسات الصارمة. مع ذلك، ينبغي الحذر من أن هذه التطورات قد تُعرض الفكرة الأوروبية القائمة على التعاون والانفتاح لخطر التفكك.

علم الاتحاد الأوروبي يرفرف خارج مبنى البرلمان في بروكسلأ بيورونيوز: ما الحلول المتاحة لمواجهة الهجرة غير الشرعية؟ هل تكفي الإجراءات الصارمة؟

غولينا: كل دولة في أوروبا تحاول إيجاد حلول خاصة بها. مثلاً، السويد زادت الحوافز المالية للمهاجرين الراغبين في العودة الطوعية، في حين تركز النرويج على دمج اللاجئين في سوق العمل. لكن الوضع يشبه السير بين Scylla وCharybdis؛ أي أن الحلول المطروحة ليست مثالية. فعلى سبيل المثال، إيطاليا اتفقت مع ألبانيا على احتجاز طالبي اللجوء خارج أراضيها، وهو إجراء يشبه "المخطط الرواندي" الذي تطبقه بريطانيا. هذه الأفكار تتعارض مع المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي، لكنها تعكس الواقع السياسي الجديد.

يورونيوز: كيف تقيم هذه الإجراءات في ضوء القيم التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي؟

غولينا: من الواضح أن هذه السياسات لا تتماشى مع رؤية مؤسسي الاتحاد الأوروبي التي تقوم على حرية الحركة وسيادة القانون. بعض هذه الممارسات، مثل احتجاز طالبي اللجوء في دول ثالثة، كانت قد انتُقدت سابقاً باعتبارها انتهاكاً للقانون الإنساني. إذا استمرت أوروبا في تبني حلول صارمة، فقد تفقد مكانتها كقائدة عالمية في مجال حقوق الإنسان وتتحول إلى نموذج يغلب فيه الأمن على القيم الأساسية.

يورونيوز: هل يتم التعامل مع قضية الهجرة بصراحة بين الدول الأوروبية؟ أم أن المشكلة تتعرض للتعتيم؟

غولينا: هناك تباعد متزايد بين الدول الأوروبية في طريقة تناولها لقضية الهجرة، حيث أصبحت كل دولة تركز على مصالحها الداخلية. على سبيل المثال، إعلان ألمانيا عن ضوابط حدودية أثار ردود فعل غاضبة من النمسا وبولندا، حيث اعتبرت الأخيرة الإجراء "غير مقبول". كما أن ميثاق الاتحاد الأوروبي الجديد لإصلاح اللجوء، الذي أُقر في مايو 2024، لا يزال مثيراً للجدل بسبب صعوبة تنفيذه. إن تحقيق توازن بين الحدود المفتوحة واحترام الحق في اللجوء يتطلب تعاوناً حقيقياً بين الدول الأعضاء.

يورونيوز: تعاني بعض الدول مثل فرنسا من نقص في الأيدي العاملة. لماذا لا يتم توظيف المزيد من المهاجرين المهرة؟

غولينا: الهجرة الماهرة تمثل تحدياً كبيراً للاتحاد الأوروبي. رغم اعتماد توجيه الاعتراف بالمؤهلات المهنية عام 2005، فإن بعض الدول لا تزال تعاني من البيروقراطية التي تعيق توظيف المهنيين. إضافة إلى ذلك، فإن الأزمات السياسية مثل الحرب في أوكرانيا دفعت الاتحاد إلى إنشاء برامج مؤقتة للاجئين الأوكرانيين، بينما تظل فرص المهاجرين من دول أخرى محدودة. لذا، ليس مفاجئاً أن يفقد الاتحاد الأوروبي السباق أمام دول مثل كندا وأستراليا في جذب الكفاءات.

يورونيوز: ماذا عن السياسات الروسية تجاه الهجرة؟ هل هناك تشابه مع السياسات الأوروبية؟

غولينا: بالفعل، تبنت روسيا مؤخراً تدابير مشابهة لتلك التي نراها في أوروبا، مثل توقيع "اتفاقيات الولاء" التي تشبه سياسات التكامل في فرنسا. لكن في الوقت ذاته، تتخذ روسيا إجراءات أكثر صرامة، مثل السماح بطرد الأجانب إدارياً دون الحاجة إلى حكم قضائي. كما أن التضييق على حقوق الأجانب، بما في ذلك القيود على الزواج والطلاق والخدمات المصرفية، يعكس مدى تشديد السلطات الروسية على الهجرة.

يورونيوز: هل يؤثر تقييد تسجيل الأطفال في المدارس ورياض الأطفال على مستقبل هؤلاء الأطفال؟

غولينا: استبعاد الأطفال من النظام التعليمي يمثل تهديداً خطيراً. مثل هذه الإجراءات لا تؤدي فقط إلى انتهاك حقوق الطفل، بل تسهم أيضاً في خلق مشكلات اجتماعية مستقبلية نتيجة حرمان الأطفال من التعليم.

تتزايد التحديات المرتبطة بأزمة الهجرة في أوروبا، حيث تتبنى الدول الأعضاء سياسات صارمة تعكس مخاوف متزايدة بشأن الأمن القومي. ومع تباين استجابة الدول، تصبح الحلول الفردية تهديداً للتعاون الإقليمي. يثير هذا التوجه تساؤلات حول كيفية تأثير هذه الإجراءات على القيم الأساسية التي قام عليها الاتحاد الأوروبي مثل حقوق الإنسان والحق في اللجوء.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بين الأرقام والواقع: انخفاض الهجرة غير القانونية إلى أوروبا رغم تصاعد الخطاب السياسي والعنف ألمانيا ترفع أسوارها أمام الجيران الأوروبيين: خطوات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية على حدودها التسعة الهجرة وأوكرانيا وشبح ترامب على رأس ملفات القمة الأوروبية في بريطانيا أزمة إنسانية الاتحاد الأوروبي سياسة الهجرة نزوح الهجرة غير الشرعية اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. غارات عنيفة شمال غزة وحزب الله يستهدف قاعدة قرب حيفا وإسرائيل تهدد بضرب سيارات الإسعاف في لبنان يعرض الآن Next ترامب يزعم أن المهاجرين سرقوا "وظائف السود واللاتينيين" وبيانات حكومية تكشف الحقيقة يعرض الآن Next أردوغان يدعو روسيا وسوريا وإيران لاتّخاذ إجراءات فعالة لحماية الأراضي السورية يعرض الآن Next روسيا تستعيد السيطرة على 15 بلدة في كورسك وتواصل هجماتها على أوديسا يعرض الآن Next كوريا الشمالية تتهم جارتها الجنوبية بالتحريض عبر طائرات مسيرة تنشر منشورات معادية اعلانالاكثر قراءة وسائل التواصل: سموتريتش يدعو إلى إنشاء دولة يهودية تشمل دولا عربية من بينها السعودية والكويت حب وجنس في فيلم" لوف" جائزة نوبل للسلام تُمنح لمنظمة نيهون هيدانكيو اليابانية للناجين من القصف الذري سانشيز يدعو المجتمع الدولي لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بشكل عاجل اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومهجمات عسكريةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا حزب اللهروسياإسرائيلقطاع غزةسياسة الهجرةلبناناعتداء إسرائيلحالة الطوارئ المناخيةفولوديمير زيلينسكي Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: هجمات عسكرية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا حزب الله روسيا إسرائيل هجمات عسكرية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا حزب الله روسيا إسرائيل أزمة إنسانية الاتحاد الأوروبي سياسة الهجرة نزوح الهجرة غير الشرعية هجمات عسكرية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا حزب الله روسيا إسرائيل قطاع غزة سياسة الهجرة لبنان اعتداء إسرائيل حالة الطوارئ المناخية فولوديمير زيلينسكي السياسة الأوروبية الاتحاد الأوروبی هذه الإجراءات یعرض الآن Next الهجرة غیر فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

أمريكا تعزز حدودها مع المكسيك بآلاف العسكريين لمكافحة الهجرة والمخدرات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن الجيش الأمريكي، السبت، نشر نحو 3000 جندي إضافي عند الحدود مع المكسيك، ليرتفع العدد الإجمالي للقوات المنتشرة هناك إلى 9000 جندي، في إطار جهود إدارة الرئيس دونالد ترامب لتعزيز أمن الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات.

ويشكل أمن الحدود أولوية للرئيس دونالد ترامب الذي أعلن حالة طوارئ وطنية عند الحدود الأمريكية مع المكسيك في أول يوم له في منصبه.

وقالت القيادة العسكرية لأمريكا الشمالية "نورثكوم" في بيان "سيتم إرسال نحو 2400 جندي من عناصر لواء سترايكر القتالي الثاني (إس بي سي تي)، فرقة المشاة الرابعة" إلى الحدود، إلى جانب "نحو 500 جندي من لواء الطيران القتالي الثالث".

وتابعت "ستشمل المهام التي ينفذها فريق لواء سترايكر لقتالي الثاني الرصد والمراقبة والدعم الإداري ودعم النقل والتخزين والدعم اللوجستي وصيانة المركبات والدعم الهندسي. ولن يقوم عناصره بإجراء عمليات صد أو ترحيل أو المشاركة فيها".

وأشارت "نورثكوم" إلى أن القوات من وحدة الطيران ستساعد في "نقل الأفراد والمعدات والإمدادات وتوفير قدرات الإخلاء الطبي الجوي".

وقال قائد القوة الجنرال غريغوري غيو إن "هذه العمليات ستوفر مزيدا من المرونة والقدرة على مواصلة الجهود الرامية إلى وقف تدفق الهجرة غير النظامية والمخدرات عند الحدود الجنوبية".

بدأت إدارة ترامب ما وصفته بالجهود الكبيرة لمكافحة الهجرة غير النظامية تتضمن مداهمات وتوقيفات وعمليات ترحيل يمر بعضها بالقاعدة البحرية الأمريكية في خليج غوانتانامو في كوبا.

وأشاد ترامب السبت بجهود إدارته في مجال أمن الحدود، وكتب على منصته تروث سوشال إن "غزو بلادنا انتهى".

وقال الرئيس الأمريكي "بفضل سياسات إدارة ترامب، أصبحت الحدود مغلقة أمام جميع المهاجرين بطريقة غير نظامية. وأي شخص يحاول الدخول بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة سيواجه عقوبات جنائية كبيرة والترحيل الفوري".

في مطلع الشهر الماضي، تفقد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث الحدود الجنوبية، وقال "سنتمكن من السيطرة على هذه الحدود".

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي شارك في مؤتمر سيباك للمحافظين، إن إدارته قامت بالكثير في مواجهة الصين، ويؤكد أن الهجرة غير الشرعية في أدنى مستوياتها. 

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي شارك في مؤتمر سيباك للمحافظين، إن إدارته قامت بالكثير في مواجهة الصين، ويؤكد أن الهجرة غير الشرعية في أدنى مستوياتها.

وحذر هيغسيث عصابات المخدرات من أن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، بعدما وقع ترامب أمرا تنفيذيا في يناير قال فيه إن الكارتلات "تشكل تهديدا للأمن القومي يتجاوز ما تشكله الجريمة المنظمة التقليدية".

وقال الوزير أيضا إنه سيتم استعمال "أي أصول ضرورية" لوزارة الدفاع لدعم "طرد واعتقال المقيمين في بلادنا بشكل غير قانوني"، ومن بين تلك الأصول القاعدة الأمريكية في غوانتانامو.

كشفت الإدارة عن خطة مفاجئة الشهر الماضي لاحتجاز ما يصل إلى 30 ألف مهاجر في غوانتانامو، وهي منشأة سيئة السمعة بسبب الانتهاكات ضد المشتبه بهم في الإرهاب الذين اعتقلوا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، ونقلت القوات الأمريكية العشرات من الأشخاص إلى القاعدة في الأسابيع الأخيرة، وتم مذاك ترحيل الكثير منهم.

مقالات مشابهة

  • أوربان: قرارات زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة لندن "خاطئة وخطيرة"
  • 9 تحديات كبيرة تواجه القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي
  • مجدي يوسف: الاتحاد الأوروبي قد يكون في مواجهة شديدة مع أمريكا بسبب دعم أوكرانيا
  • رئيس الدولي للخماسي الحديث: مصر من أفضل الدول التي تنظم البطولات واللعبة أصبحت أكثر متعة وإثارة بالنظام الجديد
  • السيسي يؤكد أهمية التعاون مع الاتحاد الأوروبي لمعالجة أسباب الهجرة غير الشرعية
  • أمريكا تعزز حدودها مع المكسيك بآلاف العسكريين لمكافحة الهجرة والمخدرات
  • نشر 3 آلاف جندي أميركي إضافي عند الحدود مع المكسيك
  • المغاربة في المرتبة الثانية بين الحاصلين على جنسيات دول الاتحاد الأوروبي في 2023
  • برلماني أوروبي بارز: على الاتحاد الأوروبي أن يكون "أقوى وأجرأ" بشأن المعادن الأوكرانية
  • تحديات المنصات الإعلامية المستقلة على مائدة القومي لحقوق الإنسان