ألقى الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، رئيس الهيئة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، محاضرةً تحت عنوان «بناء الإنسان في الإسلام» بقاعة المؤتمرات في جامعة طنطا، وذلك في إطار ندوة عقدتها الجامعة حول هذا الموضوع، شهدت حضور عدد مهم من أعضاء هيئة التدريس والمثقفين وطلاب الجامعة والشخصيات العامة.

وفي بداية كلمته، قدَّم المفتي الشكر إلى اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، والدكتور محمد حسين، القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا، على حُسن الاستقبال، مشيرا إلى ارتباطه الروحي بمحافظة الغربية؛ إذ عاش فيها فترة دراسته الجامعية الأولى، ما أضفى طابعًا خاصًّا على هذا الحدث بالنسبة له.

الأسس التربوية لبناء مجتمع متكامل

وبدأ «عياد» حديثه بتسليط الضوء على محور المحاضرة، وهو بناء الإنسان، مؤكدًا أن هذا البناء قيمة مركزية في الإسلام، موضحا أن القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة وضعا أُسسًا تربوية متكاملة تهدُف إلى بناء الفرد والمجتمع على أُسس قوية وثابتة.

وتابع: «منذ اللحظة الأولى لخلق الإنسان، هيَّأه الله تبارك وتعالى للقيام بدور مهم في الخلافة على الأرض»، مشيرًا إلى أن بناء الإنسان الأساس لعمارة الأرض وتنمية المجتمع.

وأشار الدكتور نظير عياد إلى أن بناء الإنسان في الإسلام يتم على ثلاثة مستويات رئيسية؛ التهيئة العقدية، والتهيئة الروحية، والتهيئة السلوكية.

تزكية النفس من خلال العبادة والتقرب إلى الله

وشرح أن التهيئة العقدية تتمثل في بناء علاقة الإنسان بخالقه عبر الإيمان الصحيح والتوحيد، بينما تركز التهيئة الروحية على تزكية النفس من خلال العبادة والتقرب إلى الله، أما التهيئة السلوكية، فتتعلق بالقيم الأخلاقية التي توجِّه سلوك الإنسان في المجتمع.

وأضاف أن المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية اليوم تعود في الأساس إلى تدهور الأخلاق، مشددًا على أن الحلول تكمن في إعادة غرس القيم الإسلامية الأصيلة التي تدعو إلى التعاون والتسامح والمواطنة الصالحة.

وتحدَّث عن أهمية التربية الروحية والتوازن في عَلاقة الإنسان بربِّه، محذرًا من محاولات اقتلاع الإنسان من جذوره الدينية والشرعية.

وفي ختام كلمته، وجَّه المفتي رسالتين حاسمتين؛ الأولى إلى القائمين على بناء المجتمع، حيث شكرهم على جهودهم المباركة، قائلًا: جزاكم الله خيرًا، أنتم على ثغور الدين والوطن، سيروا على بركة الله بالحكمة التي وهبكم الله إياها، ودعاهم إلى الاستمرار في العمل على بناء مجتمع متماسك وقوي يحمي الدين والوطن.

أما الرسالة الثانية، فكانت موجهة إلى القائمين على هدم المجتمع، حيث حذرهم من مغبة أعمالهم، مستشهدًا بقوله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].

وأكَّد المفتي أنَّ الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يُهمل، وأن عاقبة أفعالهم ستكون وخيمة، قائلًا: «أعمالكم قليلة النفع، والعقاب أليم، عودوا إلى الله لعل الله يصلح بعض ما قمتم بإفساده».

من جانبه، رحَّب الدكتور محمد حسين، القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا، بالمفتي وأعرب عن سعادته البالغة بتنظيم هذه الندوة التي جاءت في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تعزيز القيم الأخلاقية والدينية في المجتمع.

وأكد أن دار الإفتاء تلعب دورًا محوريًّا في نشر الوسطية والتسامح، مُشيدًا بمجهودات المفتي في إرساء هذه المبادئ من خلال المبادرات التي تتبناها الدولة لبناء جيل واعٍ من الطلاب.

وأشار إلى أن جامعة طنطا تسعى إلى تخريج طلاب قادرين على المنافسة محليًّا ودوليًّا من خلال تحسين منظومة التعليم والارتقاء بمستويات التدريس، مع مراعاة القيم الدينية والثقافية، معبرا عن فخر الجامعة بتنظيم هذه الندوة المهمة، التي تؤكد أهمية تكامل الجهود في بناء المجتمع.

وألقى الدكتور ممدوح المصري، عميد كلية الآداب بجامعة طنطا، ومستشار الاتصال السياسي للجامعة، كلمةً رحَّب فيها بمفتي الجمهورية، مشيدًا بدوره الكبير في العلم والعطاء وخدمة الوطن.

وأكَّد أن جامعة طنطا تولي اهتمامًا كبيرًا بغرس قيم التسامح والتعاون بين طلابها، وتعمل على إنارة طريقهم في شتى المجالات العلمية والفكرية.

وأضاف أن رسالة الإسلام جاءت لتُحيط بالإنسان من جميع جوانبه، وجعلت من بناء الإنسان اللَّبنة الأولى لكل تقدم وازدهار، مشيرًا إلى أهمية بناء العقول كوسيلة أساسية لتحقيق النهضة، مع التأكيد على دَور الجامعة في الحفاظ على الوطن من التحديات الداخلية والخارجية.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية دار الإفتاء نظير عياد جامعة طنطا بناء الإنسان جامعة طنطا فی الإسلام من خلال

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يلقي درس التراويح بالجامع الأزهر حول غزوة بدر الكبرى

قال الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، إن المؤمن كيس فطن ومن الكياسة أن يحسن التعامل مع الظروف والأحداث، وأن يأخذ منها العبر حتى يعود عليه النفع لنفسه وأهله ودينه ووطنه، ومن بين هذه الأحداث التي ينبغي أن نتوقف أمامها "غزوة بدر"، هذا الحدث الفريد، ولما لا والمتأمل فيها يقف على مجموعة من الدروس والعبر لو تم الانتباه إليها لعدنا إلى المكانة اللائقة التي كنا عليها.

مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: غزوةُ بدر الكُبرى هي نَصرُ الفُرقان الخالدمن رحاب مسجد السيد البدوي.. محافظ الغربية: غزوة بدر درس في النصر والإرادة

وأوضح مفتي الجمهورية خلال درس التراويح، الاثنين، بالجامع الأزهر، والذي جاء تحت عنوان: "غزوة بدر دروس وعبر" أن غزوة بدر هي نموذج يعبر عن المثالية وصدق العهد، وتجلى فيها الإيمان الصادق، فمنذ اللحظة الأولى حينما طلب النبي صلى الله عليه وسلم الخروج إلى الجهاد؛ استجاب له صحابته -رضي الله عنهم وأرضاهم-، وأن هذا الفعل هو من العبر التي نستلهمها من غزوة بدر؛ وهو الإيمان الصادق، فالإيمان كلمة راقية لا تتوافر إلا فيمن جمع بين النظرية والتطبيق، بين القول والعمل، بين نقاء الظاهر والباطن، وفي هذا قال الله -عز وجل- "إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَٰلِحًا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٍۢ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا".

وأضاف مفتي الجمهورية أن هذه الغزوة جاءت لتكشف عن حقيقة هذا الدين، وأنه ليس بالدين الذي يوصف بالاستبدادية أو أنه بعيد عن الواقع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أُمِر بالخروج لم يستقل بالرأي، أو يستبد بالفكرة، ولكنه أعلنها كما أراد الله تبارك وتعالى "وأمرهم شورى بينهم" فدعى الصحابة ثم حدثهم وناقشهم ثم كان الأمر بالخروج تلبية واستجابة لنداء الله، كما ضربت الغزوة أعظم الأمثلة في حسن الإعداد وجميل القراءة للواقع وحسن التعامل مع الظرف والحدث، فها هو النبي يدرك تماما الفوارق بين الفئتين فيما يتعلق بالعدد والعدة، فاختار النبي المكان عندما نزل على رأي أحد أصحابه.

ويواصل الجامع الأزهر تقديم دروس التراويح ضمن خطته الدعوية لشهر رمضان المبارك، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والتي تتضمن: مقارئ قرآنية، ملتقيات دعوية، دروسًا علمية، صلاة التهجد في العشر الأواخر، وتنظيم موائد إفطار للطلاب الوافدين؛ وذلك في إطار دور الأزهر في نشر الوعي الديني، وترسيخ القيم الإسلامية.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: هناك ارتباطًا وثيقًا بين العقيدة والشريعة في الإسلام
  • مفتي الجمهورية: النبي كان نموذجا فريدا في العفو والتسامح حتى مع أعدائه
  • مفتي الجمهورية: العقيدة والشريعة وجهان لحقيقة واحدة لا ينفصلان
  • مفتي الجمهورية يلقي درس التراويح بالجامع الأزهر حول غزوة بدر الكبرى
  • مفتي الجمهورية: القتال في سبيل الله لا يكون إلا دفاعًا عن النفس
  • بودكاست "بداية جديدة".. أحمد فؤاد هنو يوضح دور "الثقافة" في بناء المجتمع وتشكيل الهوية
  • مفتي الجمهورية: كل ما في حياة الإنسان أمانة يُسأل عنها يوم القيامة
  • مفتي الجمهورية: الأمانة في الإسلام تحمل المعنى الأشمل والأعم
  • مفتي الجمهورية : يوم المرأة المصرية تكريمٌ لها ولدورها في بناء الوطن
  • وكيل وزارة الأوقاف بالغربية يلقي محاضرة بكلية الآداب جامعة طنطا بعنوان «الإسلام دين الرحمة والتسامح»