المفتي في جامعة طنطا: بناء الإنسان اللَّبِنة الأولى في الإسلام لعمارة الأرض وتحقيق التقدم
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
ألقى فضيلةُ الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الهيئة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- محاضرةً تحت عنوان "بناء الإنسان في الإسلام" بقاعة المؤتمرات بجامعة طنطا، وذلك في إطار ندوة عقدتها الجامعة حول هذا الموضوع، حيث شهدت الندوة حضور عدد مهم من أعضاء هيئة التدريس والمثقفين وطلاب الجامعة، إلى جانب عدد من الشخصيات العامة.
في بداية كلمته، قدَّم فضيلةُ المفتي الشكر إلى اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، و الدكتور محمد حسين، القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا، على حُسن الاستقبال، مُعربًا عن سعادته البالغة بهذا اللقاء في مدينة طنطا، التي أشار إلى ارتباطه الروحي بها، حيث عاش فيها فترة دراسته الجامعية الأولى، مما أضفى طابعًا خاصًّا على هذا الحدث بالنسبة له.
ثم بدأ فضيلتُه في تسليط الضوء على محور المحاضرة، وهو "بناء الإنسان"، مؤكدًا أن هذا البناء يُعَدُّ قيمةً مركزية في الإسلام. وأوضح أن القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة قد وضعا أُسسًا تربوية متكاملة تهدُف إلى بناء الفرد والمجتمع على أُسس قوية وثابتة. وتابع قائلًا: "منذ اللحظة الأولى لخلق الإنسان، هيَّأه الله تبارك وتعالى للقيام بدَور مهم في الخلافة على الأرض"، مشيرًا إلى أن بناء الإنسان هو الأساس لعمارة الأرض وتنمية المجتمع.
وأشار فضيلة الدكتور نظير عياد إلى أن بناء الإنسان في الإسلام يتم على ثلاثة مستويات رئيسية: التهيئة العقدية، والتهيئة الروحية، والتهيئة السلوكية. وشرح أن التهيئة العقدية تتمثل في بناء علاقة الإنسان بخالقه عبر الإيمان الصحيح والتوحيد، بينما تركز التهيئة الروحية على تزكية النفس من خلال العبادة والتقرب إلى الله. أما التهيئة السلوكية، فتتعلق بالقيم الأخلاقية التي توجِّه سلوك الإنسان في المجتمع.
وأضاف فضيلة المفتي: "إن المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية اليوم إنما تعود في الأساس إلى تدهور الأخلاق"، مشددًا على أن الحلول تكمن في إعادة غرس القيم الإسلامية الأصيلة التي تدعو إلى التعاون والتسامح والمواطنة الصالحة. وتحدَّث عن أهمية التربية الروحية والتوازن في عَلاقة الإنسان بربِّه، محذرًا من محاولات اقتلاع الإنسان من جذوره الدينية والشرعية.
وفي ختام كلمته، وجَّه فضيلة المفتي رسالتين حاسمتين؛ الأولى إلى القائمين على بناء المجتمع، حيث شكرهم على جهودهم المباركة، قائلًا: "جزاكم الله خيرًا، أنتم على ثغور الدين والوطن، سيروا على بركة الله بالحكمة التي وهبكم الله إياها". ودعاهم إلى الاستمرار في العمل على بناء مجتمع متماسك وقوي يحمي الدين والوطن.
أما الرسالة الثانية، فكانت موجهة إلى القائمين على هدم المجتمع، حيث حذرهم من مغبة أعمالهم، مستشهدًا بقوله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17]. وأكَّد فضيلةُ المفتي أنَّ الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يُهمل، وأن عاقبة أفعالهم ستكون وخيمة، قائلًا: "أعمالكم قليلة النفع، والعقاب أليم، عودوا إلى الله لعل الله يصلح بعض ما قمتم بإفساده".
من جانبه، رحَّب الدكتور محمد حسين، القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا، بفضيلة المفتي وأعرب عن سعادته البالغة بتنظيم هذه الندوة، التي جاءت في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تعزيز القيم الأخلاقية والدينية في المجتمع. وأكد الدكتور حسين أن دار الإفتاء تلعب دورًا محوريًّا في نشر الوسطية والتسامح، مُشيدًا بمجهودات فضيلة المفتي في إرساء هذه المبادئ من خلال المبادرات التي تتبناها الدولة لبناء جيل واعٍ من الطلاب.
وأشار الدكتور حسين إلى أن جامعة طنطا تسعى إلى تخريج طلاب قادرين على المنافسة محليًّا ودوليًّا، من خلال تحسين منظومة التعليم والارتقاء بمستويات التدريس، مع مراعاة القيم الدينية والثقافية. وعبَّر عن فخر الجامعة بتنظيم هذه الندوة المهمة، التي تؤكد أهمية تكامل الجهود في بناء المجتمع.
وقد ألقى الدكتور ممدوح المصري، عميد كلية الآداب بجامعة طنطا ومستشار الاتصال السياسي للجامعة، بدَوره كلمةً رحَّب فيها بفضيلة مفتي الجمهورية، مشيدًا بدَور فضيلته الكبير في العلم والعطاء وخدمة الوطن. وأكَّد الدكتور المصري أن جامعة طنطا تولي اهتمامًا كبيرًا بغرس قيم التسامح والتعاون بين طلابها، وتعمل على إنارة طريقهم في شتى المجالات العلمية والفكرية.
وأضاف أن رسالة الإسلام جاءت لتُحيط بالإنسان من جميع جوانبه، وجعلت من بناء الإنسان اللَّبنة الأولى لكل تقدم وازدهار، مشيرًا إلى أهمية بناء العقول كوسيلة أساسية لتحقيق النهضة، مع التأكيد على دَور الجامعة في الحفاظ على الوطن من التحديات الداخلية والخارجية.
وفي ختام الندوة، قدَّم الدكتور محمد حسين درع جامعة طنطا إلى فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية؛ تقديرًا لجهوده الكبيرة في خدمة العلم والدين، ونشر قيم التسامح والوسطية في المجتمع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور نظير عياد بناء الإنسان فضیلة المفتی فی الإسلام جامعة طنطا
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية: الإمارات مثال في بناء المجتمع الصحي وتمكين الأسرة
أشادت السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد لدى جامعة الدول العربية، رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية في الجامعة، بالجهود التي يبذلها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بتوجيهات من الشيخة فاطمة بنت مبارك، "أم الإمارات"، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في سبيل بناء جيل متمكن ومحصن نفسيا، قادر على التفاعل مع مستجدات العصر والاستفادة منها وتطويعها بما يخدم ازدهار المجتمع ورفاهيته وسعادته.
وقالت أبو غزالة، في تصريح لها على هامش مشاركتها في المائدة المستديرة، التي نظمها المجلس، اليوم الخميس، حول "دور الأسرة في تنمية العقول.. التنشئة السليمة من أجل سلامة الصحة النفسية"، إن "الإمارات باتت اليوم بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة واهتمامها بالإنسان، مثالاً يحتذى في مجال بناء المجتمع الصحي، وتمكين الأسرة والمحافظة عليها باعتبارها الكيان الأساسي الذي يقوم عليه البناء، وتعزيز دورها في تنشئة أبناء صالحين يعون واجباتهم ومسؤولياتهم، وحمايتهم من كل ما قد يؤثر على مسار حياتهم، وتوفير البيئة الحاضنة المثلى التي تبني شخصياتهم على أكمل وجه، بحيث يكونوا ذخرا لوطنهم يسهمون بفاعلية في نهضته، ويشاركون بشكل فاعل ومؤثر في مسيرة الحضارة الإنسانية".وأشارت إلى أن "المائدة المستديرة التي نظمها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والتي تشارك فيها كوكبة من القامات المشهود لها بالخبرة والكفاءة على المستويين الإقليمي والعربي في مجال التربية والإرشاد الأسري والنفسي، تمثل خطوة رائدة في مجال توفير الدعم وطرح الحلول الفعّالة للقضايا المرتبطة بتنشئة الأبناء والتعامل مع الأطفال واليافعين وتطوير الأسس والقواعد التي تنظم العلاقة بين الآباء والأبناء"، مؤكدة ثقتها بأنها ستخرج بنتائج وتوصيات تسهم في تطوير الممارسات المتبعة في هذا المجال وترتقي بوعي الآباء والأمهات في كيفية التعامل مع متطلبات التربية والتنشئة، وترفد مؤسسات المجتمع على مستوى دولة الإمارات والوطن العربي بمخرجات تنعكس إيجابا على الأجيال الحالية والمقبلة.