في ظل الهيمنة الطويلة للدولار الأميركي كعملة عالمية رئيسية، بفضل الحجم الهائل والاستقرار الذي يتمتع به الاقتصاد الأميركي، بالإضافة إلى السيولة غير المسبوقة في أسواقه المالية، برز كل من اليورو الأوروبي واليوان الصيني في السنوات الأخيرة كمنافسين محتملين للدولار.

ومع ذلك، يشير تقرير حديث صادر عن موقع "أوراسيا ريفيو" الأميركي إلى أن التحديات الهيكلية والسياسية التي تواجه اليورو واليوان تحول دون أن يصبحا بديلين موثوقين للدولار في المستقبل القريب.

هيمنة الدولار

يحتفظ الدولار الأميركي بصدارة لا مثيل لها في النظام المالي العالمي، حيث يمثل حوالي 58% من احتياطيات النقد الأجنبي على مستوى العالم وفقًا لتقرير صادر عام 2023.

ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى:

الحجم الهائل للاقتصاد الأميركي، الذي يبلغ قيمته أكثر من 25 تريليون دولار. الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة. السيولة غير العادية التي توفرها الأسواق المالية الأميركية.

هذه العوامل مجتمعة تضمن استمرار قوة الدولار في التجارة والتمويل الدولي، مما يجعله الخيار الأول للأطراف الاقتصادية في جميع أنحاء العالم.

محاولات اليورو لمنافسة الدولار

ويشير موقع "أوراسيا ريفيو" إلى أن اليورو، رغم قوته السياسية والاقتصادية في إطار الاتحاد الأوروبي، فإنه يعاني من عوائق هيكلية تمنعه من أن يكون منافسا حقيقيا للدولار. ورغم دعم المؤسسات الأوروبية المستقرة له، تظل الانقسامات السياسية بين دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى اختلاف السياسات المالية بينها، عقبة رئيسية أمام صعوده كعملة احتياطية عالمية.

ففي عام 2023، كان نصيب اليورو من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية حوالي 21% فقط. ورغم الخطوة الكبيرة التي تمثلت في إصدار ديون موحدة بقيمة 400 مليار يورو خلال أزمة كورونا، فإن الأسواق المالية في منطقة اليورو لا تزال تفتقر إلى العمق والسيولة التي تمتاز بها نظيراتها الأميركية، مما يحد من قدرة اليورو على تحقيق مكانة أقوى على الساحة العالمية.

في عام 2023 بلغ نصيب اليورو من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية حوالي 21% فقط (شترستوك) صعود اليوان

وشهد اليوان الصيني تقدما ملحوظا في دوره الاقتصادي على الصعيد الدولي، حيث ارتفعت حصته في المدفوعات العالمية من 3.71% في عام 2023 إلى 8% في عام 2024، وفقا لتقرير سويفت.

ويعكس هذا النمو المتسارع مكانة الصين الاقتصادية المتزايدة في التجارة الدولية. ومع ذلك، فإن العقبات الرئيسية التي تعيق اعتماد اليوان كعملة احتياطية تشمل السيطرة الصارمة للحكومة الصينية على رأس المال ونقص الشفافية في الأسواق المالية.

علاوة على ذلك، فإن السلطة السياسية المركزية التي يتمتع بها الحزب الشيوعي الصيني تزيد من التردد لدى الدول الأخرى في تبني اليوان كبديل موثوق.

تحديات أمام الدولار

وفي ضوء التحديات التي يواجهها الدولار، يقول الموقع إن النقاشات حول مستقبل النظام المالي العالمي في تزايد.

ففي بعض الأسواق الناشئة بدأت الدول بالفعل في إصدار ديون بعملات شركائها التجاريين مثل اليوان.

فعلى سبيل المثال، سجل سوق سندات الباندا في الصين نموا قياسيا في عام 2023، حيث جمعت الجهات الأجنبية أكثر من 15.3 مليار دولار من السندات المقومة باليوان، مما يعكس تزايد الثقة بالعملة الصينية.

حصة اليوان في احتياطيات العالم لا تزال ضئيلة حيث تمثل نحو 3% فقط (شترستوك) تقنيات الدفع البديلة

وإلى جانب تعزيز مكانة اليوان، تعمل الصين على تطوير نظام الدفع عبر الحدود (CIPS) واليوان الرقمي، بهدف تقليل الاعتماد على الأنظمة المالية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة مثل سويفت.

ورغم هذه الجهود، فإن حصة اليوان في احتياطيات العالم لا تزال ضئيلة، حيث تمثل نحو 3% فقط مقارنة بحصة الدولار الضخمة.

مستقبل الدولار الرقمي

ويشير التقرير إلى أن العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) قد تعيد تشكيل مشهد العملات العالمية، ولكن هيمنة الدولار تظل قوية، خاصة في عالم التمويل اللامركزي (DeFi)، حيث إن 99% من العملات المستقرة مرتبطة بالدولار. ومن المرجح أن تعزز هذه العملات الرقمية مكانة الدولار أكثر من أن تضعفها.

استمرار هيمنة الدولار

ويعود استمرار هيمنة الدولار إلى سيولته العالية ووفرته الكبيرة، بالإضافة إلى النفوذ الجيوسياسي الذي تتمتع به الولايات المتحدة.

فميزانية الدفاع الأميركية الضخمة التي تبلغ 877 مليار دولار تسهم أيضا في ترسيخ هيمنة الدولار على الساحة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، تسهم القوة السياسية والعسكرية الأميركية في تعزيز موقع الدولار كعملة احتياطية مهيمنة في التجارة الدولية والمعاملات المالية.

ويخلص التقرير إلى أنه رغم التقدم الملحوظ لكل من اليورو واليوان في التجارة والتمويل العالمي، فإن التحديات الهيكلية والسياسية التي تواجهها كلتا العملتين تشير إلى أن هيمنة الدولار الأميركي ستظل ثابتة في المستقبل المنظور.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هیمنة الدولار بالإضافة إلى فی التجارة فی عام 2023 إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير المالية: «البريكس» يمكن أن يلعب دورًا مؤثرًا فى إعادة تشكيل الهيكل الاقتصادي العالمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد أحمد كجوك وزير المالية، أن تجمع «البريكس» يمكن أن يلعب دورًا مؤثرًا فى إعادة تشكيل الهيكل الاقتصادي العالمي لصالح البلدان الناشئة والنامية، موضحًا أننا نتطلع لإصلاح النظام النقدي الدولي، وخلق إطار اقتصادي أكثر توزانًا وشمولًا وإنصافًا للأسواق الناشئة.

قال الوزير، فى أولى مشاركاته على المستوى الوزارى باجتماعات البريكس بموسكو خلال جلسة «تحسين النظام النقدى والمالى العالمى»، إننا نستهدف صوتًا أقوى وتمثيلًا أكبر للاقتصادات الناشئة فى إدارة القضايا العالمية من خلال تطوير المؤسسات المالية الدولية، لافتًا إلى أن تجمع «البريكس» منصة مهمة للتكامل الإقليمي بين أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وخلق فرص استثمارية وتنموية وتجارية جديدة، وأننا نسعى لتعاون أقوى مع كل شركائنا في «البريكس» لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو والتنمية لدولنا وشعوبنا، أخذًا فى الاعتبار أن بنك التنمية الجديد أداة قوية لتجمع «البريكس» فى تمويل مشروعات التنمية المستدامة بالدول الأعضاء.

أضاف الوزير، أننا أوضحنا رؤيتنا الاقتصادية لدفع النشاط الاقتصادى بمصر والتعامل مع التحديات الإقليمية، مؤكدًا أن مصر تتطلع إلى أن تكون مركزًا إقليميًا للاستثمار والتصدير، وإنتاج مصادر الطاقة النظيفة خاصة الهيدروجين الأخضر، ونستهدف جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة فى القطاعات الإنتاجية وأنشطة التصدير والبنية الأساسية والتكنولوجيا، حيث إننا مستمرون فى الإصلاحات الهيكلية لتعزيز نمو القطاع الخاص، وزيادة معدلات الإنتاجية من خلال توفير بيئة أعمال صديقة للمستثمرين.

أشار الوزير، إلى أننا نستهدف الخفض التدريجى لحجم ومؤشرات الدين الخارجى الحكومى والعمل على تحويل جزء من المديونية إلى استثمارات، ونحن حريصون على تنويع مصادر وأدوات وأسواق وعملات التمويل لخفض نسبة وأعباء الدين للناتج المحلي، ونسعى إلى زيادة حجم ونسبة التمويل الميسر متعدد الأطراف من البنوك التنموية والمؤسسات الدولية والشركاء الثنائيين، كما نسعى للاستخدام الأمثل لأدوات التمويل المستدام المتاحة.

دعا الوزير، إلى تعزيز نماذج «التمويل المختلط» لدفع جهود الشراكة العابرة للحدود بين القطاعين العام والخاص، لافتًا إلى أننا نسعى لتوجيه التمويلات التنموية لتطوير البنية التحتية وتلبية الاحتياجات الاجتماعية خاصة فى الصحة والتعليم.

مقالات مشابهة

  • روسيا تسعى لنظام مدفوعات جديد ضمن مجموعة "بريكس" لكسر هيمنة الدولار الأمريكي
  • لكسر هيمنة الدولار.. روسيا تقترح نظاماً جديداً لدول البريكس
  • نظام اقتصادي جديد.. البريكس تفتح آفاقاً جديدة للتجارة المصرية بعيداً عن هيمنة الدولار
  • روسيا تقترح نظام مدفوعات لدول "بريكس" ينأى عن هيمنة الدولار
  • روسيا تقترح نظاما جديدا لدول البريكس يكسر هيمنة الدولار
  • وزير المالية: «البريكس» يمكن أن يلعب دورًا مؤثرًا فى إعادة تشكيل الهيكل الاقتصادي العالمي
  • وزير المالية: «البريكس» يمكن أن يلعب دورًا مؤثرًا فى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي
  • وزير روسي يتحدث عن آلية ستكسر بها “بريكس” هيمنة الغرب على التعاملات المالية
  • أسعار اليورو أمام الجنيه المصري اليوم الخميس