قال محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن من واجب الوقت أن نتحدث عن الإنسان في زمن غيبت فيه الإنسانية، وعن البناء في وقت أشاع فيه الصهاينة الهدم والتخريب، مؤكدا أن الإنسانية التي تدعيها الحضارة الغربية قد ماتت، أو تأكد على الأقل أنها إنسانية «زائفة» ونحن نشاهد كل يوم مشاهد القتل والترويع للعزل والضعفاء والأبرياء من العجزة والأطفال والنساء من أهل غزة ولبنان، دون أن يتحرك ضمير الحضارة المعاصرة، مضيفا "لقد ظهر أنها إنسانية عرجاء؛ ليس في خطتها، ولا من عنايتها أن تقف في وجوه الظالمين، أو حتى تعلن البراءة من أفعالهم المنكرة".

وأضاف وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم، بمؤتمر «القادة الدينيين وبداية جديدة لبناء الإنسان»، والذي ينظمه المجلس القومي للمرأة في إطار المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية «بداية جديدة لبناء الإنسان»=أضاف "لقد غاب عن الإنسانية أحكام العقل وأدوات المنطق وهي تستمع لتلك الترهات والأكاذيب الطائرة في الآفاق عبر الإعلام العالمي المتواصي بالكذب على الإسلام وأهله حول أرض الميعاد، وتحريمها على أهلها الفلسطينيين وإباحتها فقط للصهاينة الغاصبين.

واستنكر الدكتور الضويني الحديث العالمي الزائف عن الإنسانية قائلا:  "عن أي إنسانية نتحدث؟ هل عن الإنسانية المعذبة؟ أو عن الإنسانية المحرفة؟ أو عن الإنسانية الغائبة؟" موضحا أن الإنسانية المعذبة تمثلها غزة ولبنان، وكل أرض لا يملك الإنسان فيها حق تقرير مصيره، ولا حتى حرية رفع الصوت بالشكوى، و«الإنسانية المحرفة» التي في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، تلك الإنسانية التي تتخذ شعارا لتمرير كثير مما لا يقره ديننا، ولا تقبله عاداتنا ولا تقاليدنا ولا تاريخنا، تلك الإنسانية التي تحولت إلى سلعة في أيدي تجار الشعارات، وأما «الإنسانية الغائبة»، فهي التي نرجو أن تكون، وهي التي أعلن تفاصيلها ومقوماتها الكتاب والسنة والترجمة الحضارية لهما عبر قرون طويلة.

وأكد وكيل الأزهر، أن الإسلام في مجمله رسالة إنسانية، جاء ليرعى مصالح الإنسان  ويعنى به في كل جوانبه: عقيدة وعبادة وسلوكا، يراعي إنسانيته، ولا يريده إنسانا خانعا أو ذليلا، بل أراده إنسانا حرا في فكره وقراره واعتقاده، وهو ما أكده الخطاب القرآني في العقيدة والعبادة وفي السلوك والتزكية والتربية، كما جاءت السنة بتفاصيل هذا كله، مؤيدة ومرسخة لمكونات هذا الدين الحنيف من ناحية، وحريصة على بناء الإنسان في كل جوانب حياته.

ولفت وكيل الأزهر إلى أن عالم اليوم عني بالجانب المادي من حياة الإنسان، وتفنن فيه، وأغفل الجانب الروحي، فلم يحظ في الحضارة المعاصرة اليوم إلا بالقليل من الاهتمام والعناية، بل أفرطوا وبالغوا في تقوية الجانب المادي في الإنسان إلى حد أفقده توازنه وإنسانيته، وجعله تحت ضغط النفس وشهواتها وهواها، وأدى إلى تفشي أمراض نفسية وعصبية واجتماعية غريبة عن الإنسان، ربما لم يعرفها من قبل؛ مؤكدا أن الواجب في بناء الإنسان أن تتكامل جوانبه: مادة وروحا، وعلما وعملا، وتنظيرا وواقعا.

وشدد الدكتور الضويني، على أن قضية بناء الإنسان فكريا وروحيا عملية متجددة مستمرة تتطلب الصبر والمثابرة، مؤكدا أنها تعد الاستثمار الأفضل لأي مجتمع يخطط لمستقبله، مثمنا دور  المبادرة الرئاسية«بداية لبناء الإنسان»، والتي تدل على وعي القيادة السياسية بالواجب في هذه المرحلة، مشيدا بحالة الاستنفار التي تشهد همة المؤسسات والأفراد في مسار المبادرة، بما يعبر عن نوع من التناغم والتلاحم الفكري والعملي.

وبين وكيل الأزهر، إن رسالة الأزهر تنطلق من قناعة تامة بأن بناء الإنسان ليس كلمات تلقى، أو شعارات تعلن فحسب، وإنما هو صناعة ثقيلة في ظل ما يموج به العالم المعاصر من تغيرات وتقلبات في كل مجالات الحياة، موضحا أن التربية هي المفتاح الرئيس لتشكيل مستقبل أفضل للإنسانية، وبناء إنسان يتمتع بالكفايات والجدارات اللازمة التي تضمن قدرته على التعامل مع عالم متعدد الثقافات يتغير بشكل متسارع، بل ولحظي.

وتابع وكيل الأزهر، أن الحضارة الحديثة استخدمت كل أدواتها وتقنياتها للوصول إلى ما تريد، واستحلت في سبيل ذلك كل شيء، حتى زيفت المفاهيم الشريفة الراقية، وباسم الحريات والحقوق تحاول منظمات ودول أن تعبث بأفكارنا، وأن يجعلوا القبيح حسنا، والحسن قبيحا، وبالغوا في ذلك جدا حتى أرادوا أن يجعلوا الأرض لغير أهلها، وأن يستهدفوا عقول شبابنا بأفكار تأباها أحكام العقل وقواعد المنطق، موضحا أن الأزهر قام بالتنبيه والعمل على إظهار فساد هذا التمييع، تارة من خلال كتابات علمية وفكرية، وتارة من خلال مؤتمرات دولية، وغير ذلك، مؤكدا أنه لا بد من تفكيك المقولات التأسيسية التي بنيت عليها هذه المفاهيم، وهذا يكون بالتوازي مع حملات دولية توقظ في الناس فطرتهم السليمة، وتعزز مكانة الدين في المجتمع، وتعلي من قيمة الأسرة والتكوين الطبعي لها.

وكشف الدكتور الضويني، عن أن مجتمعنا ما زال يئن من وجع بعض الممارسات الموروثة، والتي لا يقرها شرع ولا عقل ولا قانون، مبينا أن الأزهر قدم في سبيل نقض هذه العادات ما يمكنه من حضور ميداني بين الناس في مختلف البيئات، مستخدما الترغيب والترهيب، والتعليم والتوجيه والتثقيف ما أمكنه، حتى إننا زاحمنا في فضاء الإنترنت بحملات خاصة للمرأة تعالج مشكلاتها، كان من أشهرها: حملة «نصيبا مفروضا» للتوعية بفلسفة الميراث وأحكامه، وحملة «وعاشروهن بالمعروف»، للتوعية بأسباب الطلاق ‏ومخاطره، وتوضيح الأسس السليمة لبناء أسرة سعيدة ومتماسكة، فضلا عن حملة «أولوا الأرحام» التي استهدفت ‏التوعية بخطورة العنف الأسري، ومعالجة أهم أسبابه، وضرورة نشر قيم الود ‏والمحبة بين أفراد الأسرة.‏

وأضاف الدكتور الضويني أن الأزهر عقد العديد من اللقاءات والمحاضرات حول المرأة المصرية ومواجهة القضايا والعادات الموروثة، وأعد برامج تدريبية لتأهيل المقبلين على الزواج، وإعداد وتأهيل المصلح الأسري، كما أطلق مجمع البحوث الإسلامية مبادرة موسعة لمواجهة التكاليف الباهظة للزواج في محافظات الجمهورية بعنوان: «لتسكنوا إليها»، كما أصدر الأزهر الشريف العشرات من الكتب التي تتناول كل قضايا المرأة والأسرة باعتبارهما عنصرا مهما في المجتمع.

وعن الخطة المستقبلية لمشاركة الأزهر الشريف في مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»، أوضح وكيل الأزهر، أنها متنوعة، ما بين تدريب للكوادر العلمية والوعظية والطلابية، وما بين برامج خاصة بإذكاء الوعي وإعمال العقل، وما بين كتابات علمية توجه الإنسان إلى المسار الصحيح، كل ذلك تقوم عليه قطاعات الأزهر المتعددة، داعيا المؤسسات الوطنية أن تكون عونا على بلاغ هذا الهدف «بناء الإنسان»، مؤكدا أنه لا بد من تضافر الجهود؛ ضمانا لتحقيق ما نصبوا إليه، وتوجيها للطاقات والإمكانات والموارد.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وكيل الأزهر الحضارة الغربية إنسانية زائفة الدکتور الضوینی الإنسانیة التی لبناء الإنسان عن الإنسانیة بناء الإنسان وکیل الأزهر عن الإنسان مؤکدا أن

إقرأ أيضاً:

وكيل صحة المنوفية: خطة متكاملة لضمان خدمات متميزة خلال رمضان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقد الدكتور عماد رمضان، وكيل مديرية الصحة بالمنوفية، اليوم الخميس، اجتماعًا موسعًا لمناقشة استعدادات القطاع الصحي لشهر رمضان المبارك.

شارك في الاجتماع مديرو الإدارات الفنية والطبية، ومديرو المستشفيات على مستوى المحافظة، بحضور صبري حسن، مدير عام الشؤون المالية والإدارية، والدكتور محمد سلامة، مدير إدارة العلاجي، والدكتور مصطفى النعماني، مدير إدارة المستشفيات، حيث جرت مناقشة آليات العمل خلال الشهر الكريم لضمان استمرارية تقديم الخدمات الصحية على مدار الساعة في جميع المنشآت الصحية والمستشفيات.

وأكد وكيل المديرية على ضرورة الالتزام بمواعيد العمل بالعيادات الخارجية وأقسام الطوارئ، مع ضمان توافر الفرق الطبية والتمريضية بشكل دائم لضمان تقديم رعاية صحية متميزة. 

كما شدد على متابعة المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية، خاصة في أقسام الطوارئ والرعاية المركزة، لضمان تلبية احتياجات المرضى، مع استمرار التنسيق مع وزارة الصحة لضمان الإمداد المستمر بالمستلزمات الضرورية.

وفي إطار الحرص على رفع مستوى الخدمات المقدمة، وجّه الدكتور عماد رمضان بتكثيف الزيارات الميدانية لمتابعة سير العمل في المنشآت الصحية، والتأكد من جودة الخدمات المقدمة، مع سرعة التعامل مع أي تحديات تواجه الفرق الطبية.

 كما شدد على ضرورة رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات لاستقبال الحالات الطارئة خلال الشهر الفضيل.

وأشار إلى أن فرق الإشراف والمتابعة ستنفذ جولات دورية للتأكد من الالتزام بالإجراءات القياسية ومعايير مكافحة العدوى، مع تقديم تقارير يومية للمديرية لمتابعة الأداء وتحسين مستوى الخدمات. كما أكد أهمية تفعيل خطط الطوارئ داخل المستشفيات، وتجهيز فرق طبية متخصصة للتعامل مع الحالات الحرجة، مع تعزيز انتشار سيارات الإسعاف في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية لضمان سرعة الاستجابة.

وشدد وكيل المديرية على ضرورة التنسيق المستمر مع غرفة الطوارئ بمديرية الصحة لمتابعة المستجدات والتعامل الفوري مع أي حالات طارئة، بما يضمن تقديم رعاية صحية متكاملة للمواطنين دون تأخير.

وفي ختام الاجتماع، أعرب الدكتور عماد رمضان عن تقديره للفرق الطبية والفنية والإدارية على جهودهم المستمرة، داعيًا الجميع إلى مضاعفة الجهود خلال شهر رمضان، وتعزيز روح التعاون والتفاني لضمان تقديم خدمات صحية تليق بأهالي المنوفية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: «الحوثي» يعوق العمليات الإنسانية للشعب اليمني
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة وتماسكها
  • للعام الرابع.. وكيل الأزهر يشارك الطلاب الوافدين إفطارهم بالجامع الأزهر
  • وكيل تعليم الشرقية يوصي بمتابعة نسب حضور الطلاب والالتزام بمواعيد رمضان
  • الشيخ مصطفى ثابت: الرحمة جوهر الحضارة الإسلامية (فيديو)
  • «عصر المأمون» العصر الذهبي!
  • وكيل أوقاف القليوبية: ملتقيات فكرية بالمساجد خلال شهر رمضان المبارك
  • وكيل صحة المنوفية: خطة متكاملة لضمان خدمات متميزة خلال رمضان
  • وكيل الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بحلول شهر رمضان