يشهد العالم زيادة في وتيرة وشدة الأعاصير، بسبب التغيرات المناخية، فخلال شهر أكتوبر فقط، شهدت أوروبا إعصار «كيرك» والولايات المتحدة إعصاري «هيلين» و«ميلتون»، اللذان خلفا أضرارًا جسيمة وراءهما، حيث ضرب الأول عددًا من الدول أبرزها البرتغال وفرنسا وإسبانيا، وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن 400 ألف شخص، وانهيار البنية التحتية في العديد من المدن واقتلاع الأشجار وغلق الطرق، ما دفع السلطات في فرنسا إلى إصدار تحذيرات عاجلة بشأن فيضانات أوسع في أكثر من 30 منطقة في البلاد، حيث توقعت الأرصاد الجوية أن تصاحب الإعصار رياح شديدة وأمطار غزيرة تزيد من مخاطر الفيضانات.

While Hurricane Helene and Milton ripped thru the U.S. France has been flooded out as well.

Heavy rainfall as remnants of storm Kirk sweep across France and Belgium.https://t.co/729MuYdGdV pic.twitter.com/30EDIhWO3h

— OutsideTheMatrix (@PaTrumpGirl) October 10, 2024

ورغم أن سرعة «كيرك» بلغت 225 كيلومترا في البرتغال، فإنه يعتبر من الأعاصير قصيرة العمر مقارنة بإعصار ميلتون، حيث إنه يغطي مساحة أصغر ويمتلك طاقة أقل، مما قلل من مدة تأثيره.

ميلتون يضرب الولايات المتحدة

وواجهت الولايات المتحدة إعصار «ميلتون» الذي ضرب ولاية فلوريدا بقوة كإعصار من الفئة الرابعة بسرعة رياح بلغت 193 كم، ما تسبب في فيضانات واسعة وانقطاع للكهرباء في جميع أنحاء الولاية، ما أثر على حياة أكثر من 3 مليون شخص، إلى جانب الدمار الهائل في الممتلكات.

وكانت آخر حصيلة معلنة للوفيات هي 17 شخصًا على الأقل حتى الآن، وذلك بعدما ولدت العاصفة «ميلتون» أكثر من 30 إعصارًا صغيرًا داخل الولاية، ما زاد من حجم الخسائر، أما التقديرات المالية، فتشير إلى أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الإعصار قد تصل إلى 50 مليار دولار، وفقًا لتصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى جانب خسائر شركات التأمين البالغة 100 مليار دولار، وفقًا لشبكة «nbc news» الأمريكية.

فرق الإنقاذ تواصل عملها

ومع بدء تراجع مياه الفيضانات في بعض المناطق، لا تزال فرق الإنقاذ تواصل جهودها في الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا وإنقاذ العالقين، حيث أن الكثير من الطرق ما زالت مغلقة بسبب الفيضانات وسقوط الأشجار، ما أعاق حركة المرور وعمليات الإجلاء، كما أعلن حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس، أن الجهود مستمرة لاستعادة الكهرباء وإعادة فتح المدارس والمرافق العامة، وأن فرق الإنقاذ تمكنت من استعادة الكهرباء لمليون شخص حتى مساء الجمعة.

وتواصل الفرق الأخرى العمل على فتح الطرق والمساعدة في إعادة الحياة تدريجيًا إلى بعض المناطق، وعلى الرغم من ذلك، يتوقع أن تستمر تداعيات الإعصار لفترة طويلة، مع تقديرات حجم الأضرار الهائل.

وحسب شبكة «cbs news» الأمريكية، أثار «ميلتون» جدلًا حادًا بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، حيث وجه المرشح الجمهوري دونالد ترامب انتقادات حادة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، مشيرًا إلى أن خطة الإنقاذ كانت غير فعالة وتسببت في ظلم كبير للناخبين الجمهوريين، خصوصًا في الولايات المتضررة، وأنهم تركوا «الأمريكيين يغرقون»، قائلًا: «لقد تركوا الناس يعانون ظلمًا»، فخرجت هاريس والبيت الأبيض وانتقدا تلك الاتهامات متهمين ترامب بأنه يحاول تحويل العواصف المميتة إلى مصلحته السياسية.

ومن المتوقع أن تشكل هذه الكارثة ضغطًا كبيرًا على الموارد الفيدرالية المخصصة للتعامل مع الكوارث الطبيعية، خاصة بعد أن واجهت الولايات المتحدة إعصار «هيلين» قبل أسبوعين فقط من إعصار «ميلتون»، والذي خلف وراءه هو الآخر أضرارًا جسيمة.

وكشف إعصار «ميلتون» مرة أخرى حجم التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في التعامل مع الكوارث الطبيعية المتزايدة في ظل تغير المناخ، ورغم أن بعض القطاعات بدأت في التعافي، مثل صناعة السياحة التي شهدت انتعاشًا بعد إعادة فتح المتنزهات الترفيهية الكبرى مثل «ديزني لاند»، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه السكان، لا سيما في ظل نقص الوقود وإغلاق بعض محطات الوقود.

ويقدر الخبراء أن الأضرار المجمعة قد تشكل ضغطًا على الموارد الفيدرالية المخصصة للتعامل مع الكوارث، مع ارتفاع عدد القتلى بشكل غير متوقع بلغ 230 شخصًا، وهو أعلى مستوى منذ أن ضرب إعصار كاترينا نيو أورليانز في عام 2005، وتسبب في أضرار من الفيضانات والرياح العاتية إلى 10 ولايات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إعصار ميلتون إعصار كيرك أوروبا الولايات المتحدة فلوريدا إعصار هيلين الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

ميلتون وهيلين.. لم باتت الأعاصير الأميركية أشد تدميرا؟

ضرب إعصار ميلتون ولاية فلوريدا الأميركية في نطاق الفئة الثالثة يوم الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول برياح بلغت سرعتها 160 كيلومترا في الساعة، الأمر الذي ضغط بشدة على الساحل الذي لا يزال مدمرًا بسبب إعصار هيلين.

ولا يزال الوضع يشكل حالة طوارئ كبرى حيث سجلت مناطق عدة كميات شديدة من الأمطار دفعت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الأميركية إلى التحذير من حدوث فيضانات مفاجئة، وانقطع التيار الكهربائي عن أكثر من مليوني منزل وشركة في ولاية فلوريدا.

لم يعلن عن عدد القتلى بسبب الإعصار ميلتون بعد، لكن على الجانب الآخر كان إعصار هيلين مدمرًا بشكل لا يصدق، حيث وصل إلى في الفئة الرابعة برياح بلغت سرعتها 210 كيلومترات في الساعة، وتسبب في فيضانات هائلة، ولقي ما لا يقل عن 45 شخصًا حتفهم، وانقطعت الكهرباء عن أكثر من 4.5 ملايين شخص في 6 ولايات، مع أضرار بقيمة مليارات الدولارات.

ازدحام أمام محطات الوقود في فلوريدا قبل إعصار ميلتون بيومين (الجزيرة) المخاطر تزداد

بالطبع، ذلك هو موسم الأعاصير في تلك المنطقة من العالم، لكن قبل سنوات سجلت مراكز بحوث الأعاصير رقمًا قياسيا جديدًا، إذ حدث لأول مرة أن اجتمع إعصاران معًا تتخطى سرعة كل منهما 240 كيلومترا في الساعة، إنهما إعصارا إيرما وخوسيه اللذان ضربا سواحل المحيط الأطلسي في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

كان إيرما قد سجل منفردًا رقمًا قياسيا جديدًا بالاستمرار في الضرب بسرعة تقترب من 300 كيلومتر في الساعة لمدة تزيد على 65 ساعة متواصلة، وهو بذلك يكسر رقما كارثيا سابقا لإعصار ألين في المكسيك بالاستمرار في مرحلة الذروة لمدة 18 ساعة فقط.

وقد ارتفع عدد الأعاصير من المقياس 4 و5 -تلك التي ترتفع سرعة الرياح فيها عن 200 إلى 250 كم في الساعة- من معدل 10 أعاصير في السنة في سبعينيات القرن الفائت ليصل في التسعينيات إلى 18 إعصارًا في السنة.

لكن لم تتطور الأعاصير فتصبح أشد قوة وتدميرا؟ يعتقد العلماء أن التغير المناخي له دور كبير في هذا الأمر، فلا يمكن بالطبع التحديد إن كان إعصار بعينه قد تأثر بالتغير المناخي، لكن في المجمل يبدو أن هذا هو ما يحدث.

ويجري ذلك على كل المناطق التي تضربها الأعاصير في العالم وبشكل خاص شمال غربي المحيط الأطلسي (الولايات المتحدة) ومنطقة البحر الكاريبي وأميركا الوسطى، وكذلك شمال غربي المحيط الهادي، بما في ذلك دول مثل اليابان والصين والفلبين، إلى جانب عدد آخر من المناطق المتفرقة التي تطل على محيطات العالم.

إعصار مايكل من الدرجة الرابعة الذي ضرب فلوريدا في أكتوبر 2018 (ويكميديا) 3 عوامل

هناك 3 عوامل أساسية تربط بين التغير المناخي وشدة الأعاصير، أولها ذو علاقة بارتفاع درجة حرارة سطح الماء في بحار العالم ومحيطاته، وما يربطه بالأعاصير هو ببساطة أن أي إعصار يستقي طاقته من تلك الحرارة حيث يستخدمها لتغذية ماكينته الضخمة.

لذلك أصبح من المؤكد لنا أنه كلما ارتفعت متوسطات درجة الحرارة في العالم (درجة الاحتباس الحراري)، أصبحنا عرضة لأعاصير، لأن مياه المحيطات تصبح أسخن، وربما يشرح ذلك التأثير التدميري المتعاظم للإعصار إيرما تحديدا الذي نشأ في منطقة من المحيط ترتفع درجة حرارة سطحها بمقدار درجة مئوية واحدة عن المتوسط.

أما العامل الثاني الذي يتدخل في تلك العلاقة فيرتبط بارتفاع مستوى سطح البحر، وتشير دراسة نشرت في دورية "بي إن إيه إس" إلى ارتباط وثيق بين ارتفاع مستوى سطح البحر ودرجة قوة الأعاصير وكارثيتها في أماكن عدة.

يحدث ذلك لأن ارتفاع مستويات سطح البحر يسمح للأعاصير بأن تدفع مزيدا من المياه إلى الشاطئ أثناء العواصف، مما يؤدي إلى فيضانات أشد. ومع ارتفاع مستويات سطح البحر، يمتص المحيط مزيدا من الحرارة، ومن ثم ترتفع درجات حرارة المحيط.

يرفع ذلك من معدلات الأعاصير الكبيرة التي تحدث بمعدل "مرة في القرن" لتصبح "مرة كل 10 سنوات"، كذلك مع زحف البحر والمحيط على المدن الساحلية ترتفع خطورة ضرب تلك السواحل بأعاصير كارثية بمعدلات كبيرة.

أما العامل الثالث الذي يساعد في رفع كم الفيضانات المحتملة بسبب الأعاصير إلى أرقام كارثية فيتعلق بارتفاع درجة حرارة الهواء، إذ إن ارتفاع درجة حرارة الهواء يساعد على تحمل درجات أكبر من الرطوبة. فحسب معادلة "كلاوزيوس-كلابيرون"، يرتفع متوسط نسبة الرطوبة بمعدل 3% مع كل ارتفاع بمعدل 0.5 درجة مئوية في حرارة الطقس، وذلك يعني أكثر من 7% تقريبًا بالنسبة للوضع العالمي الحالي الذي ارتفعت فيه الحرارة بمقدار أكبر من درجة.

ويعني هذا الارتفاع في نسبة الرطوبة ارتفاعا مماثلًا في كم الأمطار الساقطة أثناء الإعصار والتي تتسبب في فيضانات غير مسبوقة.

بقايا مدمرة من أحد الأعاصير في ولاية فلوريدا الأميركية (الفرنسية) مشكلات إضافية

في هذا السياق، رصد العلماء عددا من الظواهر المقلقة، فمثلا أصبحت الأعاصير الآن أكثر عرضة للتكثف السريع، مما يعني أنها يمكن أن تشتد بسرعة تزيد على 56 كم/ساعة في أقل من 24 ساعة، هذا التكثف السريع للإعصار يجعله أخطر لأنه يمنح المجتمعات وقتًا أقل للاستعداد للظروف القاسية.

أصبحت هذه الظاهرة أكثر شيوعًا لأن المياه الأكثر دفئًا والظروف الجوية المواتية توفر زيادة في الطاقة، مما يتسبب في تطور العواصف إلى أعاصير قوية بسرعة كبيرة.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الأعاصير تتحرك بشكل أبطأ مما كانت عليه في السابق، أي إنها تقضي وقتًا أطول في مكان واحد، مما يؤدي إلى هطول مزيد من الأمطار والتسبب في فيضانات مطولة.

إلى جانب ذلك، يؤثر الاحتباس الحراري العالمي على أنماط الرياح في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يسمح بتكوين مزيد من الأعاصير وزيادة قوتها، واستمرارها مدة أطول.

ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يبدأ موسم الأعاصير مبكرًا عن المعتاد، ويستمر مدة أطول، مما يمنح العواصف مزيدا من الوقت للتكون والقوة.

في النهاية، وعلى الرغم من أن الفرق البحثية قد تختلف في قوة هذا العامل أو ذاك في التأثير على الأعاصير، فإنهم يتفقون جميعا على أن الأعاصير أكثر قوة في المقام الأول لأن المحيطات أصبحت أكثر دفئًا بسبب تغير المناخ ومعها الغلاف الجوي، ويشكل ذلك تهديدا متزايدا للمجتمعات الساحلية ويتطلب تخطيطًا أفضل وإستراتيجيات تكيف للحد من التأثيرات المحتملة.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة.. ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار “ميلتون” في ولاية فلويدا إلى 16 قتيلا
  • إعصار ميلتون: خسائر فادحة في فلوريدا وتأثيرات على شركات التأمين
  • الولايات المتحدة.. ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار "ميلتون" في ولاية فلويدا إلى 16 قتيلا
  • خسائر فادحة..الملايين من سكان فلوريد بلا كهرباء بسبب "ميلتون"
  • حصيلة صادمة.. خسائر أمريكية فادحة بسبب إعصار ميلتون| صور
  • الولايات المتحدة.. أزيد من 3 ملايين منزل دون كهرباء بعد مرور إعصار “ميلتون”
  • خسائر فادحة و2.5 مليون شخص بلا كهرباء.. إعصار ميلتون يضرب سواحل فلوريدا ”فيديو”
  • ميلتون وهيلين.. لم باتت الأعاصير الأميركية أشد تدميرا؟
  • بعد «ميلتون» الأمريكي.. كل ما تود معرفته عن الأعاصير الاستوائية