الأقباط يشاركون في نهضة «أم النور»
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
احتشد الأقباط خلال الفترة الحالية فى الكنائس الأرثوذكسية بمناسبة فترة صوم السيدة العذراء مريم والذى يتخلل إقامة النهضة الروحية والقداسات الخاصة التى تمتلئ بأجواء إيمانية وتمجيد لـ«أم النور» المحبوبة من جميع الشعوب والدة مخلص الأمة يسوع المسيح.
المسيحيون يحتفلون بصوم العذراءتمتزج دقات قلوب المصلين العاشقة لأم النور مع أصوات الكنائس والقداسات وكلمات المدح والتمجيد، وتعالت أجراس الكنائس الإثنين الماضى بمناسبة بدء الصوم الذى يستغرق 15 يومًا ويختتم باقامة قداسة عيد العذراء مساء يوم 21 أغسطس الجارى.
يرجع تاريخ صوم العذراء إلى زمن الأباء الرسل ويخص الحديث عن هذا الصوم القديس توما الرسول، حين عاد من الهند الذى ذهب إليها لنشر الإيمان المسيحى، وبات يبحث عن السيدة العذراء حتى علم نبأ رحيلها وذهب حيث دفنت ولم يجدوا جسدها وطمئن القوم حينها وأخبرهم أنه رأى جسدها يصعد، قرروا الصيام لمدة 15 يومًا وتزامن مع مطلع شهر مسرى، وتخصص من بعد هذه الواقعة يوم 16 من مسرى عيدًا للسيدة العذراء.
النهضة الروحية فى كنائس مصر بمناسبة صوم «أم النور»تستضيف الكنائس القبطية فى مختلف الإيبارشيات المصرية، فعاليات النهضة الروحية اليومية عى مدار فترة الصوم، وتتضمن إقامة قداسات إلهية وطلمة العظة الروحية للأباء الكهنة وأحبار الكنائس بدءًا من الساعة السادسة مساءً، وهناك فعاليات صباحية تبدأ من الساعة السادسة والسابعة صباحًا، وأعلنت إيبارشية أسيوط، ترتيبات البرنامج الخاص النهضة الروحية لهذا العام، وتتخلل إقامة القداسات اليومية بجميع كنائس الدير، ويترأس نيافة الأنبا يوأنس أسقف الإيبارشية القداس الإلهى المقرر إقامته يوم الجمعة أسبوعًا فى كنيسة الملكة، وتستضيف كاتدرائية أم النور القداس الإلهى يوم السبت أسبوعيًا.
العذراء مريم.. الحمامة الحسنةيتوافد الأقباط إلى الكنائس للمشاركة فى فعاليات النهضة وتمجيد سيرة العذراء وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى فيديوهات بكنيسة العذراء فى منطقة مسطرد المباركة بزيارة العائلة المقدسة، مقاطع سريعه لعدد من الطيور والحمام الأبيض فوق قبب الكنيسة ليلًا، الأمر الذى زرع الأمل فى فؤاد الكثير باعتبار أم العذراء تعرف أيضًا بـ«الحمامة الحسنة».
لطالما ربط الاقباط قصة ظهور الحمام الأبيض ليلًا أو السرب المجمع والأنوار فى السماء بقصة تجلى السيدة العذراء فوق قباب الكنيسة بمنطقة الزيتون عام 1968، فضلًا عن استخدام هذا اللقب للبتول فى كثير من المواضع أبرزهم «السلام لكِ أيتها العذراء مريم الحمامة الحسنة».
اجتماع البابا تواضروس فى كنيسة الإسكندريةلم تفت هذه المناسبة بدون تقديم قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، التهنئة القلبية بمناسبة بدء الصوم فى مستهل الاجتماع العام الإسبوعى الذى أقيم الأربعاء الماضى بكنيسة السيدة العذراء والقديس يوسف النجار فى سموحة بالإسكندرية، ووصفه بأنه صوم محبوب فى الكنيسة القبطية، ذلك لأسباب كثيرة ولعل لمكانة ومحبة البتول أم المسيح لدى الجميع السبب وراء هذه الخصوصية التى يعكسها هذا الصوم والتمجيد فى سيرة هذه السيدة النقية البيضاء التى تعد رمزًا للصبر والقوة والإيمان.
البابا يشيد بخدمة أباء كنيسة العذراء فى سموحةجاءت كلمات قداسته عن صوم العذراء وسط حضور الأقباط فى الإسكندرية الذى أشاد البابا فى مفتتح عظته، بخدمة الكنيسة المتسعة والعريقة وآبائها وخدامها وخادماتها وأراخنتها، والتى تعد امتدادًا لخدماتها المتنوعة، التى تتمثل فى مستشفى الملحقة بالكنيسة حتى إلى خارج حدود المحافظة.
وقبل أن يستهل الاجتماع شكر القمص أبرآم إميل وكيل البطريركية، لقداسة البابا من خلال الآية «بِبَرَكَةِ الْمُستَقِيمِينَ تَعْلُو الْمَدِينَةُ» (أم ١١: ١١) وأشار إلى ثلاث بركات نالها أبناء الكنيسة بزيارة قداسة البابا لكنائسهم فى الأسابيع الأخيرة، وتتمثل فى: «بركة التعليم، بركة الأبوة، بركة الفرح بالمحبة»، وليست هذه المرة الأولى التى تعبر فيها الكنيسة وأبنائها عن ترحاب واستقبال البابا بل هناك بسطاء يتنظرون زيارة قداسته التى تُعيد لقلوبهم حياة الإيمان والروحية السليمة.
اصحاح الرعاية موضوع عظة البابا فى الإسكندريةاستكمل البابا فى هذا الاجتماع «سلسلة صلوات قصيرة من القداس»، والتى تحمل عنوان «الرعاة اضبطهم»، وتناول جزءًا من الإصحاح العاشر «إصحاح الرعاية» فى إنجيل المعلم يوحنا من أعداد (١٠ - ١٤)، وأشار إلى طلبة قصيرة من الطلبات التى ترفعها الكنيسة بعد صلوات التقديس، وهى: «الرعاه اضبطهم»، وأن الكتاب المقدس استخدم صورتين من صور الحياة الاجتماعية بشكل متكرر، وفسر البابا المثل قائلًا: «الراعى» و«العريس» لأن السيد المسيح هو راعى النفوس وعريس لكل نفس، وأوضح أن حروف كلمة «ضبط» هى اختصار لثلاثة كلمات.
شرح البابا المعنى الخفى فى حروف كلمة «ضبط» والتى تبدأ بحرف الـ«ض» وتعنى ضمير الراعى لا بد أن يكون مستيقظًا أينما كان موضع مسئوليته، والحرف الثانى الذى يعنى «بر» أى فضيلة الراعى الصالح لابد أن يكون سلوكه صحيحًا، واخيرًا حرف الـ«ط» وتعنى طموح أى يكون الراعى الصالح لديه طموح للأفضل ويرغب فى التطوير.
صفات الراعى غير المنضبطأما عن «الراعى غير المنضبط» فقد وضع البابا بعض الصفات التى تُظهر وتفرق بينه وبين المنضبط، من خلال 4 أشكال، وهى: «عدم الإحساس بالمسئولية، دائمًا يُقدم أعذار وتبريرات لأخطائه، غير راضٍ ومتذمر على حاله دائمًا، ويهتم بالشكليات والمظاهر فقط» وهذه الصفات التى تشير إلى وود أب غير قدير بهذه المسؤولية الكبيرة لرعاية وخدمة الكنيسة.
وفسر قداسته صفات للراعى المنضبط، المتمثلة فى «ضبط الفكر» أى يطلب من الله باستمرار أن يختبره ليتخلّص من أى فكر باطل كما هو ذكر فى (مز ١٣٩: ٢٣، ٢٤) «اخْتَبِرْنِى يَا اَللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِى. امْتَحِنِّى وَاعْرِفْ أَفْكَارِى. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهْدِنِى طَرِيقًا أَبَدِيًّا».
وأيضًا يكون لديه «ضبط الفم والقلب والنفس» لا يتفوّه بكلمات قاسية وشديدة مع رعيته، «أَمَّا الضَّابِطُ شَفَتَيْهِ فَعَاقِلٌ» (أم ١٠: ١٩)، وأن تكون لديه علاقة قوية مع الله ويصلى من أجل الرعية، ولا يفتخر بذاته، «الرَّاعِى الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ» (يو ١٠: ١١)، لديه إحساس وشعور داخلى بالمسئولية، وأخيرًا ان يستطيع أن يتحكم فى نفسه ويضبط سلوك الانفعال والتسرع وإصدار الأحكام، «مَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً».
صورة الراعى المنضبط فى الكنيسةيحرص الأقباط منذ نعومة أظافرهم أن يشاركوا فى خدمات الكنيسة وأبنائها وتقديم الرعاية لبعضهم البعض، وخلال العظة الأسبوعية لقداسة البابا وضع صورة مُثلى لكل من يرغب أن يكون الراعى المنضبط صالح، أولًا أن يرعى بدافع الحب وبأسلوب الخدمة، ويرعى بفرح، ويعتبر أن الرعية هم سبب سعادة له، وأن يضع قلبه من أجل الرعية، ولا يهرب وقت الأزمات بل يواجه المواقف بشجاعة، ويعيش بالأمانة الشاملة، «كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤ ٢: ١٠)، وأيضًا أن يستطيع إشباع الرعية ويكون مفيدًا لهم، ان يتحلى بالحكمة والتعقل والإنسانية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكنائس الأرثوذكسية السيدة العذراء مريم كنيسة العذراء العائلة المقدسة البابا تواضروس كنيسة الإسكندرية البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية عظة البابا السیدة العذراء التى ت
إقرأ أيضاً:
«ترامب».. لا بد منه!
حتى أربع سنوات مضت لم أكن أتخيل أن أعاود الكتابة عن دونالد ترامب الرئيس الأمريكى الذى رحل عن السلطة آنذاك ليخلفه بايدن بعد أن كنت قد أشبعت فترة توليه الحكم كتابة عنه وعن طباعه المغايرة لطباع الرؤساء.. أى رؤساء! حمدت الله على أن ودعنا فترة تصورتها قلقة إن لم أقل مزعجة فى مسار العلاقات الدولية وفى القلب منها الشرق الأوسط. تصورت أنه رحل غير مأسوف عليه بغير رجعة.. لكن التصويت العقابى لبايدن أو بمعنى أصح سوءات بايدن لكبر سنه بشكل أساسى والتشخصيات بأنه وصل لمرحلة المعاناة من الزهايمر، فضلا عن ترشيح نائبته كاميلا هاريس قليلة الخبرة والمفتقدة للكاريزما، بالإضافة بالطبع إلى ما يمكن اعتباره لغز اتجاهات الناخب الأمريكى التى يبدو من الصعب توقعها، كل ذلك عزز فرص ترامب، فكانت عودته إلى البيت الأبيض مرة ثانية.
لم يمض ترامب فى كرسيه حتى كتابة هذه السطور أكثر من عشرة أيام، كأنها سنة بل سنوات، بالضجيج الذى أحدثه، والتوتر الذى سببه عالميا بحكم أنه رئيس أقوى دولة فى النظام الدولى. الرجل لم يترك اتجاها، يمنة أو يسرة، شرقا أو غربا، فوق أو تحت، إلا وامتدت مواقفه اليه بالسلب وليس بالإيجاب. فهو يتمنى لو أصبحت كندا الدولة الكبرى الولاية الأمريكية رقم 51، ولا يتوانى عن أن يعلن استعداده لاحتلال قناة بنما، و.. و. إلى آخر قائمة المواقف "غريبة الأطوار" التى صدرت عن ترامب خلال الأيام القليلة الماضية!
فى تقديرى – وأرجو ان تراجع مقالى فى الوفد فى 17 يونيو 2019 بعنوان «فى بيتنا ترامب» – أن الرجل يدفع ببلاده وبقوة إلى الهاوية، مع إقرارى بحقك وحق الآخرين فى أن يختلفوا مع هذا الرأى. هناك ملامح جبهة دولية تتشكل من الصديق قبل العدو للوقوف فى وجه غرائب ترامب إن لم نصف مواقفه بتوصيفات أخرى! مستقبل هذا التوجه الذى يبنى عليه ترامب سياساته يتوقف على الدولة العميقة التى يقف لها هو بالمرصاد، ومحاولتها عرقلة هذه السياسات، بمعنى آخر أن الولايات المتحدة على محك الحقيقة التى تؤكد دوما أنها دولة مؤسسات! والتى يسعى الرئيس الأمريكى إلى جرها لما يمكن اعتباره «حقبة ترامبية» محضة!
فى القلب من هذه السياسة تأتى قضايا المنطقة، وعلى الأخص القضية الفلسطينية. نقول ونعيد التأكيد على أن الكثيرين أخطأوا عندما تصوروا أن ترامب يحمل بعض الخير لتلك القضية حينما دفع بوقف النار – على نحو ما أوضحنا فى مقالنا الأسبوع الماضى. نقول ونعيد القول أن ترامب لن تنقضى عجائبه، وأن حديثه عن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن ليس سوى عينة من تلك العجائب.
لو فكرت فى حديثه جيدا وتأملته بهدوء، دعك من كونك عربيا، وتخيلت أنك أمريكيا لشعرت بالخجل. هو حديث يفتقد المنطق، ويغيب عنه أبسط قواعد بروتوكولات العلاقات الدبلوماسية قبل العلاقات الإنسانية! هو كلام «ملغم» ويحمل من التزييف الكثير، وأى شخص لديه قدر من اتساق الفكر لم يكن ليطرحه، بغض النظر بالطبع عن كونه يصب فى صالح إسرائيل أم غيرها.. فهذا ليس موضوعنا فى هذه الكلمات.
إن ترامب بما قدمه هنا يضعنا ويضع المنطقة بأكملها على صفيح ساخن، وليس هناك مبالغة فى أن الأيام القادمة حبلى بالكثير من المفاجآت ليس على صعيد منطقتنا فحسب وإنما على صعيد العالم ككل بما فى ذلك علاقات أمريكا مع روسيا والصين، القوى الرئيسية المناوئة للولايات المتحدة.. واذا كان المثل العامى يقول إن هناك من الشرور ما لا بد منها، فإن ترامب ربما يكون مما لا بد منه فى عالمنا الذى نعيشه!
[email protected]