قمة آسيان تركز على توترات بحر الصين وتوازن العلاقة مع واشنطن وبكين
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
فيينتيان– هيمن التوتر في بحر جنوب الصين على محادثات سلسلة قمم رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي انعقدت في "فيينتيان" عاصمة لاوس، واختتمت أعمالها الجمعة. حيث أكدت مركزية دورها كمنظمة إقليمية في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة تشهد تدافعا في المصالح والمشاريع الإستراتيجية بين القوى الكبرى لا سيما الولايات المتحدة والصين.
وجاءت قمة آسيان في فترة ترقب لأحداث عديدة، فهي على بُعد شهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وتتزامن مع مرور عام على حرب إسرائيل على قطاع غزة التي توسعت إلى الضفة الغربية ولبنان، واستمرار الحرب في أوكرانيا، وتوتر مشهد التدافع الصيني الأميركي في جنوب شرق آسيا، وهي قضايا كانت حاضرة في القمة.
وفي بيانها الختامي، دعت للالتزام بمعاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 وسط مخاوف من بعض دول المنظمة بشأن ما يدور في بحر جنوب الصين من توتر وتنازع السيطرة على ممراته وكنوزه، لا سيما حوادث التوتر بين الفلبين والصين في بحر غرب الفليبين، والذي شهد في المقابل بعض علامات تخفيف التوتر بين بكين وواشنطن بعد لقاء وزيري خارجية البلدين على هامش القمة.
آسيان تواجه تحدي التعامل مع التدافع الصيني الأميركي في المنطقة (إعلام آسيان) اتهامات متبادلةومرة أخرى، استمع قادة شرق آسيا لمواقف القوى الكبرى بشأن النقاط الساخنة في العالم، فوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كرر انتقاده للحرب الروسية على أوكرانيا، مشيرا إلى أنها تخالف المبادئ المتفق عليها بين دول آسيان.
كما عبر بلينكن عن قلق بلاده تجاه "سلوكيات الصين الخطيرة وغير القانونية في بحر جنوب الصين" التي تسببت في إصابة أشخاص وألحقت أضرارا بسفن تابعة لدول من آسيان.
من جهته، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشدة السياسات الأميركية في منطقة شرق آسيا، كما كان حال الخطاب الروسي في قمم شرق آسيا منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، فقد وصف سياسات واشنطن في المنطقة بـ"المدمرة".
واتهم لافروف واشنطن بأنها وراء "عسكرة اليابان" ودفع دول أخرى لأخذ مواقف ضد الصين وروسيا، منتقدا مساعي حلفاء واشنطن في المنطقة لتعزيز تكتلات إقليمية قوامها بالأساس اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا ودول أخرى.
"إعادة ترتيب أولويات"
وتشير تقارير إلى أن الحرب الروسية على أوكرانيا وحرب غزة أخذتا نصيبا وافرا من الاهتمام الأميركي خلال السنة الأخيرة، على حساب الاهتمام بمنطقة جنوب شرق آسيا، مما سمح للصين بمد نفوذها.
وتحدث موقع بوليتيكو، في تقرير له، عن حدوث "إعادة ترتيب أولويات"، وأن الإدارة الأميركية اضطرت إلى تحريك حاملة طائرات وغير ذلك من تجهيزات من شرق آسيا نحو الشرق الأوسط، ما سبب إرباكا لحلفائها في تعاملهم مع الصين وفي مقدمتهم اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، وهو ما أخر اكتمال تحقق سياسة التوجه نحو المحور الآسيوي الذي حملت رايته إدارة الرئيس جو بايدن خلال السنوات الماضية، بحسب الموقع نقلا عن مسؤولين أميركيين.
وأشار استطلاع، نشر مؤخرا من قبل "مركز دراسات آسيان" في "معهد يوسف إسحق" في سنغافورة، أظهر ميلا في مواقف النخب في جنوب شرق آسيا نحو الصين، حيث قال 50.5% ممن استجوبوا بأنهم سيختارون الصين إن كان عليهم الاختيار بينها وبين الولايات المتحدة، في ظل التدافع الصيني الأميركي القائم، مما يعني أن الذين قالوا إنهم سيختارون الولايات المتحدة قد تراجعت نسبتهم من 61.1% في استطلاع العام الماضي إلى 49.5% هذا العام.
ويرى 59.5% ممن استجوبوا -وهم 1994 شخصا من مثقفي ومسؤولي وإعلاميي دول آسيان- أن الصين هي أكثر قوة اقتصادية تأثيرا في منطقة جنوب شرق آسيا، فيما يقول 43.9% إنها القوة السياسية الإستراتيجية الأقوى في المنطقة، متجاوزة في تصورهم حضور الولايات المتحدة، حسب الاستطلاع.
تسعى رابطة آسيان إلى الحفاظ على علاقة متوازنة مع القوى الكبرى (إعلام آسيان) مصالح مشتركةيشكل التدافع الصيني الأميركي العنوان الأبرز في المشهد الإقليمي، ولا سيما أن التبادل التجاري بين الولايات المتحدة ودول "آسيان" بلغ العام الماضي 395.9 مليار دولار، ما يجعل الولايات المتحدة الشريك الثاني لدول آسيان الـ11 بعد الصين. والولايات المتحدة هي المصدر الثاني للاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذه الدول بإجمالي بلغ 74.3 مليار دولار.
لكن اللافت أن دول جنوب شرق آسيا تجاوزت الصين لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات من حيث جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة العام الماضي، حسب تقرير صادر عن بنك "دي بي إس" قبل شهرين؛ فالاقتصادات الستة الكبرى في دول "آسيان" جذبت 206 مليارات دولار أميركي مقابل 43 مليار دولار جذبتها الصين عام 2023.
وشهدت دول جنوب شرق آسيا المنضوية تحت مظلة "آسيان"، التي تتوسط المسافة بين كبار المصنعين في شمال شرق آسيا ( الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان) شرقا، والهند ودول المحيط الهندي والمنطقة العربية غربا، صعودا في ناتجها المحلي الإجمالي خلال العقود الماضية، بل إنها قفزت من كونها مجتمعة سابع أكبر اقتصاد في العالم عام 2015، بناتج محلي إجمالي لـ10 دول آنذاك (قُدر بـ2.5 تريلون دولار أميركي)، إلى أن أصبحت اليوم خامس أكبر منطقة اقتصادية في العالم، بناتج محلي إجمالي يُقدر بـ 3.8 مليارات دولار.
خريطة بحر جنوب الصين (الجزيرة) فلسطين حاضرةوبعيدا عن الملفات الإقليمية، كان لافتا حضور القضية الفلسطينية في قمة آسيان؛ فنائب الرئيس الإندونيسي معروف أمين، الذي تنتهي فترة ولايته مع الرئيس جوكوي ويدودو خلال أيام، دعا دول شرق آسيا إلى الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكدا على ضرورة احترام القانون الدولي من قبل جميع الدول بلا استثناء.
وأشار إلى أن هناك عجزا متزايدا في الثقة بين الدول بسبب ما يشهده العالم من حروب، مما يعرقل أي تعاون بنّاء حسب قوله، وذكّر بما يتعرض له سكان غزة والضفة الغربية من ظلم وأزمة إنسانية وانتهاكات صارخة للقانون الإنساني الدولي.
وكان لافتا إشادة معروف أمين -وهو رئيس سابق لمجلس العلماء الإندونيسي- بالموقف الصيني من القضية الفلسطينية وسياسات الاحتلال الإسرائيلي، ومساعي بكين في المصالحة الفلسطينية، معبرا عن أمله بأن تستمر الصين في دعم تحقيق وقف لإطلاق النار وإيصال المساعدات للفلسطينيين.
وحتى الفلبين، الحليف الأقرب إلى واشنطن من بين دول آسيان، كان لها موقفها في القمة بشأن فلسطين، حيث عبر الرئيس فيردياند ماركوس الابن، إلى جانب قادة آخرين، عن قلق بلاده من الوضع الكارثي في قطاع غزة، وتزايد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، داعيا إلى المفاوضات مجددا لوقف الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة بحر جنوب الصین جنوب شرق آسیا فی المنطقة دول آسیان فی منطقة إلى أن فی بحر
إقرأ أيضاً:
أزمة السودان.. جهود دولية إنسانية دون حل سياسي في الأفق
مع استمرار الحرب في السودان تزداد معاناة ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، بينما لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لحل سياسي ينهي القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل 2023.
الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون أكد أنه لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان.
ويرى أن تركيز الجهود الدولية حاليا يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، ولا جهود تتعلق بالعملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في جمع الأطراف المتحاربة في السودان لم تنجح.
وأعلنت واشنطن الخميس عن تخصيصها مبلغا إضافيا بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار.
وأضاف هدسون أن واشنطن أيضا لم تنجح في وضع حدود للقوى الدولية التي تغذي الصراع في السودان، لافتا إلى أن الولايات المتحدة “في وضع صعب” فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة في السودان، خاصة مع تبقي شهر واحد لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
ولا يعتقد أن الأزمة في السودان تتصدر أولويات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
منذ أبريل 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.
وقال هدسون إن تقديم المساعدات لوحدها للسودان غير كافية، ولكن ما نحتاج إليه هناك هو حل سياسي للأزمة، مشيرا إلى أن واشنطن لم تستخدم كل الأدوات المتاحة لها للضغط في هذا الإطار، إذ لم تفرض عقوبات، ولم يتم إيقاف تغذية الصراع من قوى إقليمية.
والخميس، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص في البلد إما يعانون الجوع أو هم معرضون له، إضافة إلى ذلك، يعاني حوالي 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في البلد.
وأوضح هدسون أنه تم فرض عقوبات على بعض الأفراد في قوات الدعم السريع، والتي لم تكن فعالة لتغيير سلوكيات هذه القوات، وفي الوقت الذي ظهرت فيه دلائل على تقديم دولة الإمارات لأسلحة في السودان إلا أن واشنطن لم تتحدث بصرامة معها بهذا الشأن، تم الاكتفاء بنفي أبو ظبي إرسال أسلحة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تفضل علاقاتها مع الإمارات وإن كان ذلك على حساب مقتل العديد من المدنيين في السودان.
وقال هدسون إن رد وكالات الأمم المتحدة لم يكن كافيا في السودان، وهذا يعود للتمويل وللأولويات التي تفرضها الدول الأعضاء على المشهد، إذ أنها لا تحظى بذات الأولوية مثل ما يحدث في حرب أوكرانيا، أو حرب إسرائيل في غزة.
وتسيطر قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، بينما يسيطر الجيش النظامي على شمال وشرق البلاد.
وحتى الآن، لم يتمكن أي من المعسكرين من السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم التي تبعد ألف كيلومتر شرق مدينة الفاشر.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 11 مليون شخص وتسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.
ويتهم الجيش وقوات الدعم السريع باستهداف المدنيين والمرافق الطبية بشكل عشوائي، وبقصف مناطق سكنية عمدا.
الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتساب