في الفيديو الذي يعود لعام 2016، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وكان حينها عضوا في الكنيست (البرلمان)، في مقابلة مع قناة تلفزيونية إسرائيلية إن "حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وإن على إسرائيل الاستيلاء أيضا على الأردن".

ورغم أن الفيديو قديم، فإن تكرار سموتريتش ومسؤولين إسرائيليين آخرين لهذه التصريحات في مناسبات عديدة لاحقة، يسلط الضوء على أوهام اليمين المتطرف بتوسيع حدود إسرائيل لتشمل أجزاء واسعة من منطقة الشرق الأوسط، وهو طرح تؤيده بعض الأصوات حتى خارج اليمين المتطرف.

ويستند داعمو هذه الأوهام إلى أحد النصوص في التوراة، والتي عززتها أصوات في الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، بحسب مراقبين.

وزير المالية الإسرائيلي المتطرف سموتريتش:
(أريد دولة يهودية تشمل الأردن ولبنان وأراضي من مصر وسوريا والعراق والسعودية
وبالنسبة لكبار حكمائنا قدر القدس أن تمتد حتى دمشق)

خسئت وخابت كل مساعيك
ولن تنال إلا ما كتب الله لكم عاجلا ليس آجلا وسترونه قريبا بإذن الله تعالى pic.twitter.com/wASkQIbID1

— محمد علاء العناسوه (@alaa_tallaq) October 10, 2024

أطماع كل حرب

ويبدو أن الإعلان عن تلك الأوهام يتزايد مع كل حرب تدخلها إسرائيل، إذ تتصاعد حماسة كثير من المسؤولين الإسرائيليين لتحقيق أحلامهم المدفونة.

وهذا ما حدث بالفعل في سياق حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تزامنت مع تصعيد عدوانه على الضفة الغربية وبدء اشتباكات مع حزب الله في لبنان توسعت إلى حرب شاملة مؤخرا.

ففي 19 مارس/آذار 2023، وقف سموتريتش خلال زيارته باريس أمام منصة عليها خريطة لـ"أرض إسرائيل الكبرى" المزعومة، تضم كامل فلسطين التاريخية والأردن، مما أثار حينها موجة من الغضب.

وقد أنكر سموتريتش آنذاك وجود شعب فلسطيني من الأساس، زاعما أن هذا الشعب "بدعةٌ تمّ اختراعها قبل 100 عام لمحاربة المشروع الصهيوني في أرض إسرائيل".

وتفاعلا مع فيديو سموتريتش، نشر الكاتب ديفيد ميلر (يساري)، عبر حسابه على منصة إكس، خريطة تزعم أن "حدود دولة إسرائيل الكبرى تشمل أجزاء من مصر والعراق والسعودية وسوريا، إلى جانب كامل فلسطين التاريخية والأردن ولبنان".

وأرفقها بتعليق: مفاجأة! لقد كان العرب على حق منذ البداية بشأن "إسرائيل الكبرى"، لقد كانت هذه هي الخطة دائمًا.

مسار تاريخي

تاريخيا، تعود جذور هذه الأوهام التوسعية لليمين المتطرف إلى معتقدات دينية تفيد بأن الأرض الموعودة تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات بالعراق.

إذ يزعم معهد "التوراة والأرض" الإسرائيلي عبر موقعه الإلكتروني أن "أرض إسرائيل الكبرى تمتد من نهر الفرات شرقا إلى نهر النيل جنوبا".

هذه المعتقدات حملها وأصّل لها قادة الحركة الصهيونية منذ بدايتها قبل أكثر من 120 عاما.

فمؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتزل، حين أعلن مشروعه التوسعي عام 1904، زعم أن "حدود دولة إسرائيل تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات".

على النحو ذاته، طالبت عصابة "أرغون" الصهيونية المتطرفة، التي ظهرت خلال فترة الانتداب البريطاني بأرض فلسطين (1922-1948) والتي أُدمجت في الجيش الإسرائيلي لاحقا، بأن تكون دولة فلسطين التاريخية والأردن دولة يهودية يطلق عليها اسم "إتسل".

ومن أخطر المخططات الصهيونية في هذا السياق خطة "ينون" التي كتبها عوديد ينون، الصحفي والدبلوماسي ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون.

وظهرت هذه الخطة للمرة الأولى في مجلة "كيفونيم" (اتجاهات) التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية في فبراير/شباط 1982، واستندت إلى رؤية هيرتزل ومؤسسي دولة الكيان الصهيوني نهاية الأربعينيات، ومنهم الحبر اليهودي فيشمان.

وأعاد موقع مركز دراسات العولمة الأميركي "غلوبال ريسيرش" نشر الوثيقة بعد ترجمتها إلى الإنجليزية في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وقال عنها محرر الموقع ميشيل شوسودوفسكي إنها تتعلق بإقامة "إسرائيل الكبرى"، وتشكل حجر الزاوية في سياسات القوى السياسية الصهيونية الممثلة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذلك في سياسات مؤسستي الجيش والاستخبارات بإسرائيل.

وأشار إلى أن هذه الخطة تركّز على إضعاف الدول العربية وتقسيمها لاحقا في إطار المشروع التوسعي الصهيوني، وعلى الاستيطان بالضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من فلسطين وضم الضفة وقطاع غزة لإسرائيل.

وأضاف أن "إسرائيل الكبرى" ستضم أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر والسعودية، وستنشئ عددا من الدول الوكيلة لضمان تفوقها في المنطقة، وأن وثيقة "ينون" هي استمرار لمخطط الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط.

وأوضح أن إقامة "إسرائيل الكبرى" تتطلب تفتيت الدول العربية القائمة حاليا إلى دويلات صغيرة، تصبح كل منها معتمدة على إسرائيل في بقائها وشرعيتها، لأن الأخيرة لا تستطيع الاستمرار في البقاء إلا إذا أصبحت قوة إقليمية مهيمنة "إمبريالية".

وتدعو الوثيقة لتقسيم العراق إلى دولة كردية ودولتين عربيتين، واحدة للشيعة وأخرى للسنة، وأيضا تقسيم لبنان وسوريا وإيران والصومال وباكستان، إضافة لتقسيم دول شمال أفريقيا، وعلى رأسها مصر والسودان وليبيا وبقية المنطقة.

وسيتم تقسيم الدول العربية وغيرها على أسس عرقية أو طائفية وفقا لحالة كل دولة.

هيرتزل: حدود دولة إسرائيل تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات (مواقع التواصل) خريطتا نتنياهو

ولم يكن سموتريتش الوحيد في طرح هذه الأوهام؛ فقد عرض نتنياهو الذي يتزعم حزب الليكود اليميني، خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 سبتمبر/أيلول الماضي، خريطتين تظهران الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن أراضي إسرائيل.

الخريطة الأولى كُتب عليها "النعمة" والثانية "اللعنة"، وكلاهما اعتبرتهما وزارة الخارجية الفلسطينية "استعراضا يكشف أجندات اليمين المتطرف" التوسعية.

وقبل نتنياهو، قدم الحاخام المتطرف إليعازر ميلاميد تصورا مشابها لهذه الدولة المزعومة على موقع "يشيفا" العبري (يميني متطرف) يوم 15 يوليو/تموز 2023، زاعما في مقال نشره أن حدود "إسرائيل الكبرى" تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق.

وأكد ميلاميد أن "كامل منطقة شبه جزيرة سيناء (شمالي شرقي مصر) هي الجزء الجنوبي لتلك الدولة".

وتوافقت تلك الرؤية مع ما طرحه الكاتب اليميني حاجي هوفرمان، في صحيفة "هاتسوفيه" اليمينية يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، من أن ما وصفه بـ"الإسلام المتشدد لا يريد محاربتنا فحسب، وإنما يرغب في اندلاع حرب دينية".

وأضاف "ما يجب علينا فعله بالاشتراك مع العالم كله هو التحذير منه حتى لا يعرقل خططنا المستقبلية بشأن الشرق الأوسط الكبير".

ومفهوم "الشرق الأوسط الكبير" مصطلح سياسي طرحته الإدارة الأميركية أوائل القرن الحادي والعشرين، وتحديدا عام 2004 خلال فترة ولاية الرئيس الأسبق جورج بوش الابن.

وكان المفهوم مرتبطا بمبادرات سياسية واقتصادية تهدف إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتتماشى مع مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

ورغم فارق الأعوام، يلاحظ تكرر المزاعم نفسها خلال الحرب الحالية على لبنان عام 2024، حيث نشرت القناة 14 الإسرائيلية عبر موقعها الإلكتروني، مؤخرا، مقالا يتبنى فكرة أن القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني وبعدهما إيران سيفتح الباب أمام تدشين "شرق أوسط جديد".

وأضاف المقال أن هذه الرؤية هي امتداد لأفكار طرحها رئيس الوزراء الأسبق شمعون بيريز في تسعينيات القرن الماضي بشأن دمج العقل اليهودي مع الموارد العربية وفرض التطبيع على كل الشعوب العربية لتحقيق السيطرة الاقتصادية على المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات إسرائیل الکبرى إلى نهر الفرات الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

(طُـوفان الأقصى) امتدادٌ لغزوة بدر الكبرى

 

الثورة / د. تقية فضائل
في المحاضرات الرمضانية القيّمة للسيد القائد عبدالملك الحوثي -سلام الله عليه- التي تناول فيها غزوة بدر برؤية قرآنية تجلَّت من خلالها دوافعُ الغزوة وأهدافها والتهيئة الربانية لها، وكذلك وضع المسلمين ووضع أعدائهم، وإصرار رسول الله على المضي قُدُمًا للتحَرّك والخروج، رغم المثبطين وَالكارهين للقتال من المسلمين، إضافة إلى مجريات الغزوة ونتائجها، يأتي هذا المقال محاولة للربط بين حدث تاريخي عظيم ومفصلي في تاريخ الإسلام والمسلمين وَهو غزوة بدر الكبرى كما تناولها السيد عبدالملك -سلام الله عليه- مقارنة بحدث مهم في التاريخ الإسلامي المعاصر وهو (طُـوفان الأقصى) كما حدث ويحدث حَـاليًّا على أرض الواقع؛ سعيًا لفهم أعمق وربط الأحداث المهمة في تاريخ الأُمَّــة ببعضها، لإدراك ما حدث فيما مضى وَأثره فيما يحدث في الحاضر، كذلك استشراف المستقبل لما سيحدث -بإذن الله- وكل ذلك من خلال تحليل منطقي يأخذ في الاعتبار العناصر الواقعية الرئيسة مع مبرّراتها ونتائجها، وهذا نابعٌ من الإيمان بأنه لن يصلح أمر هذه الأُمَّــة في حاضرها ومستقبلها إلا ما أصلح أمرها في ماضيها وهو السير وفق هدى الله والتأسي برسول الله الذي جسّد هدى الله تجسيدا صحيحا، وبالتالي لا بُـدَّ من استلهام العبر والدروس من ماضي الأُمَّــة لتجاوز ما تعانيه في حاضرها.
ولا يخفى على المتأملين في الأمر أن وجوهَ الشبه بين غزوة بدر من جانب وَ(طُـوفان الأقصى) من جانب آخر جلية وواضحة للعيان، وهذا يجعلنا ندرك أن أسباب الانتصارات التي يحقّقها المجاهدون على أرض الواقع في غزة، ترجع إلى استيعاب المجاهدين الفلسطينيين لدروس غزوة بدر جيِّدًا وَتنفيذ أوامر الله وَالتأسي بالرسول الأعظم -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- والمجاهدين من المسلمين الأوائل.
وحتى يزداد الكلام وضوحًا نعقد المقارنة بين غزوة بدر وَ(طُـوفان الأقصى) من جوانب عدة، أولها الدوافع التي أَدَّت إليهما: فنجد أن كليهما كانتا استجابة لقوله تعالى ” أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير” فالأمر بالتحَرّك إلهي وليس اجتهادا شخصيًّا من الرسول أَو المجاهدين الفلسطينيين وهو أمر بالتحَرّك العسكري لمواجهة التحديات والمخاطر، كما نجد أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-.
تحَرّك حركة استباقية ولم يبق هو والمسلمون منتظرين حتى يأتيَ العدوّ ويهجم عليهم؛ فبمُجَـرّد علم رسول الله بنية قريش للاستعداد للهجوم على المسلمين وإعدادها العدة لذلك وتوفير مصدر تمويل الهجوم بواسطة قافلة أبي سفيان قرّر صلوات ربي عليه وعلى آله الأطهار المبادرة والسبق في الهجوم، وكذلك كان انطلاق (طُـوفان الأقصى) بصورة استباقية لمواجهة خطر جديد يعد له الصهاينة سرا وهو تهجير أهل غزة كليًّا إلى سيناء والأردن تنفيذا لمخطّطات الاستيلاء على أرض غزة لصالح الصهاينة، وكما أشار السيد إلى أن المبادرة الاستباقية إلى مواجهة الخطر والتصدي للأعداء هي من تربية الإسلام لأتباعه، حَيثُ ينبغي أن تتحَرّك الأُمَّــة قبل أن يداهمها الخطر.
وكما كان المسلمون يعانون ضعف الإمْكَانات بينما كان أعداؤهم من كفار قريش ومن معهم يملكون إمْكَانات ضخمة على المستوى العسكري والمادي والعدة والعدد، كذلك هو حال حركة حماس بمعية حركات المقاومة في فلسطين فهي تعاني ضعفا كَبيراً في الإمْكَانات مقارنة بما يمتلك العدوّ الإسرائيلي الذي لديه أحد أكبر الجيوش في العالم عدة وعتادا وَفوق هذا تدعمه أنظمة الاستكبار العالمي بكافة ما يحتاج من الأسلحة والخبرات والجنود وغير ذلك، وهذا الأمر المتمثل بالفارق الكبير بين الطرفين في تكوينهما وإعدادهما يعد سببا رئيسا في قلق الكثيرين من طرف المجاهدين قديما وحديثا من الدخول في حرب ضد أعدائهم؛ لأَنَّ الوضعية الصعبة للمسلمين تجعل هذا الدخول كأنه شيء من المستحيلات، أَو كما يقولون عملية انتحارية، ولا يمكن أن يعود بنجاح وظفر ونصر، ومع هذا قرّر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- التحَرّك رغم كُـلّ ذلك ولم يقبل الاعتراضات من الكارهين والمثبطين والمنافقين ومن في قلوبهم مرض وَالمرجفين، كذلك هو الحال مع المجاهدين في (طُـوفان الأقصى) الذين انطلقوا دون أن يلتفتوا إلى الأصوات المثبطة لهم، والمنافقين والمرجفين على كثرتهم من مختلف البلدان وبمختلف التوجّـهات والأهداف، وها هم المجاهدون في الميدان يذهلون العالم بصمودهم واستمرارهم في المواجهة، بل تغلبهم في الميدان على الجيش الإسرائيلي، وما يحدث من جرائم ومجازر وحشية بحق المدنيين الفلسطينيين العُزل سوى وسيلة يخفي بها العدوّ فشله العسكري على أرض الواقع ومحاولة بائسة لردع المجاهدين، وكذلك ورقة للضغط على المجتمع الفلسطيني للتخلي عن المجاهدين والسعي لإيقافهم.
وأما الأهدافُ لكلتا المواجهتين العسكريتين، ففي غزوة بدر كان للكفار أهداف منها، القضاء على النبي ومن معه من المسلمين وتعزيز نفوذ قريش وهيبتها بين القبائل في الجزيرة العربية وبقية القبائل العربية، وقد خرجوا بطرا وأشرا ليستعرضوا إمْكَاناتهم وقدراتهم، ومهمتهم الرئيسة هي الصد عن سبيل الله،
وفي الجانب الآخر كان المسلمون يطمحون في البداية بخروجهم للحاق بقافلة أبي سفيان والاستيلاء عليها لاسترداد بعض من أموال المهاجرين التي استولى عليها الكفار في مكة وكذلك لإفشال تمويل هجوم عسكري على المسلمين كان قد خططت له قريش كما أسلفنا، ولكن الله أراد أن يهيئهم لمواجهة عسكرية يحرزون من خلالها نصرا عسكريًّا له نتائجه في واقعهم ومستقبلهم.
وكأن التاريخ يعيد نفسه؛ فالصهاينة يهدفون بكل عنجهية لإبادة الفلسطينيين إبادة جماعية وتهجير من تبقى إلى سيناء والأردن، ومن بعده ينطلقون إلى السيطرة على الدول المجاورة وغيرها لتكوين “إسرائيل الكبرى” التي يخططون لها منذ زمن طويل؛ بينما المجاهدون في بادئ الأمر لم يطمحوا إلا إلى الحصول على بعض الأسرى الإسرائيليين ليمكنهم ذلك من التفاوض مع العدوّ حول عدة قضايا تخدم القضية الفلسطينية، ولكن الله أراد لهم مواجهة عسكرية مع العدوّ وهي بالتأكيد سيكون لها أثر عظيم في واقعهم ومستقبلهم بإذن الله.
أيّد الله المسلمين في غزوة بدر بعدة عوامل ساعدت على النصر منها الملائكة وكان دورهم هو إضفاء حالة السكينة في نفوس المؤمنين ورفع روحهم المعنوية، كذلك بث الرعب في قلوب الكفار وقد أكّـد السيد -سلام الله عليه- أن تأييد الله عبادَه المؤمنين بالملائكة أمرٌ مفتوحٌ وليس مقتصرًا على غزوة بدر ما داموا يتحَرّكون حركة الإسلام في رسالته وفي أهدافه وَفي تعليماته وفي تشريعاته، وهذا ما يؤكّـده واقع (طُـوفان الأقصى)، حَيثُ شهد بعض الصهاينة أن هناك أشباحا تقاتلهم مع الفلسطينيين وهذا مما أرعبهم وأفزعهم وشجع المجاهدين. والتأييد الإلهي بالتأكيد هو السبب الرئيس في ارتفاع المعنويات للمجاهدين وصمودهم وعدم اهتمامهم بمن خذلهم أَو تآمر عليهم من العملاء المحليين أَو العرب أَو الغرب والأمريكان.
وبالتأكيد فَــإنَّ المطر الذي هطل في غزوة بدر وكان من عوامل النصر؛ لأَنَّه وفر احتياجات المجاهدين من جانب وهيأ لهم البيئة وأرضية المعركة من جانب آخر، هو من عوامل تفوق المجاهدين الفلسطينيين والمجتمع الفلسطيني المحاصر للحصول على ما يحتاجونه بشكل ضروري من الماء، وهناك من لطف الله ما لم يكشف لنا؛ نظرًا لاستمرار المواجهات وحدتها وصعوبة مقابلة المجاهدين الفلسطينيين والحديث معهم.
وإن كانت غزوة بدر قد انتهت بنصر مؤزر للإسلام والمسلمين وكان لها بالغ الأثر على واقع المسلمين ومكانتهم، وأن ذلك النصر كان منعطفا مهما في تاريخ الإسلام، يؤكّـد الواقع والخبراء والمحللون أن نصر (طُـوفان الأقصى) محسوم لا محالة منذ بدئه في السابع من أُكتوبر 2023م وأنه سيفرض معادلة جديدة على أرض الواقع، خَاصَّة وأن العدوّ مهزومٌ نفسيا وجيشه محبط ومتخاذل ومنهم الكثير من القتلى والجرحى والمصدومين نفسيا والرافضون للتجنيد، إضافة إلى انهيار الجبهة الداخلية في أوساط المجتمع، كما أن آلياته وأسلحته الحديثة تتعرض للحرق والتدمير المُستمرّ، وكما يقول الكثير من الخبراء والمحللين إنه لولا وقوفُ أمريكا والأنظمة الغربية ودعمها للصهاينة وتشجعهم للاستمرار لَكان الكيان قد انتهى كليًّا، وأن هزيمته بدأت منذ السابع من أُكتوبر.
في ضوء ما سبق يمكن القول إنه من خلال المقارنة اتضح التشابه الكبير القائم بين غزوة بدر من جهة وَ(طُـوفان الأقصى) من جهة أُخرى، وذلك في الدوافع والأهداف وظروف الطرفين المتحاربين والقرارات التي تم اتِّخاذها والتهيئة الربانية ومجريات الأحداث ومن ثم النتائج الفعلية والمتوقعة، ونخلص إلى أن ذلك يرجع إلى أن العلاقة بينهما علاقة امتداد طبيعي؛ كونهما انطلقا من نفس المنطلق وهو الثقة بالله وسارا بنفس المنهج المستمد من هدى الله وحملا نفس الروحية الجهادية القوية، وعدم التخاذل أَو التفريط أَو التراجع مهما كانت الأسباب.

مقالات مشابهة

  • كاتب من تل أبيب: انتصار إسرائيل «وهم خطير» والفلسطينيون باقون بأرضهم
  • (طُـوفان الأقصى) امتدادٌ لغزوة بدر الكبرى
  • القدس الكبرى مشروع يهدف لتوسيع سيطرة إسرائيل على القدس
  • آلاف الإسرائيليين يتوجهون إلى مصر رغم تحذيرات تل أبيب
  • قناة “كان” الصهيونية: سلاح الجو يستنفر تحسباً لصواريخ ومسيّرات من اليمن
  • ذنب العرب وخطيئتهم الكبرى
  • الجولاني.. من “ذَبّاح” إلى “دبلوماسي” أحدثُ منتجات الصهيونية متعددة الاستخدام!
  • تقرير من تل أبيب: إسرائيل تصرّ على التطبيع مع لبنان
  • جبهة تحرير فلسطين: القرار اليمني بحظر عبور السفن الصهيونية يعكس تضامناً قوياً مع فلسطين
  • المعارضة الصهيونية: نتنياهو يرفض دفع الثمن السياسي لوقف الحرب