من هيرتزل إلى سموتريتش.. أوهام إسرائيل الكبرى تراود قادة تل أبيب
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
في الفيديو الذي يعود لعام 2016، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وكان حينها عضوا في الكنيست (البرلمان)، في مقابلة مع قناة تلفزيونية إسرائيلية إن "حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وإن على إسرائيل الاستيلاء أيضا على الأردن".
ورغم أن الفيديو قديم، فإن تكرار سموتريتش ومسؤولين إسرائيليين آخرين لهذه التصريحات في مناسبات عديدة لاحقة، يسلط الضوء على أوهام اليمين المتطرف بتوسيع حدود إسرائيل لتشمل أجزاء واسعة من منطقة الشرق الأوسط، وهو طرح تؤيده بعض الأصوات حتى خارج اليمين المتطرف.
ويستند داعمو هذه الأوهام إلى أحد النصوص في التوراة، والتي عززتها أصوات في الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، بحسب مراقبين.
وزير المالية الإسرائيلي المتطرف سموتريتش:
(أريد دولة يهودية تشمل الأردن ولبنان وأراضي من مصر وسوريا والعراق والسعودية
وبالنسبة لكبار حكمائنا قدر القدس أن تمتد حتى دمشق)
خسئت وخابت كل مساعيك
ولن تنال إلا ما كتب الله لكم عاجلا ليس آجلا وسترونه قريبا بإذن الله تعالى pic.twitter.com/wASkQIbID1
— محمد علاء العناسوه (@alaa_tallaq) October 10, 2024
أطماع كل حربويبدو أن الإعلان عن تلك الأوهام يتزايد مع كل حرب تدخلها إسرائيل، إذ تتصاعد حماسة كثير من المسؤولين الإسرائيليين لتحقيق أحلامهم المدفونة.
وهذا ما حدث بالفعل في سياق حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تزامنت مع تصعيد عدوانه على الضفة الغربية وبدء اشتباكات مع حزب الله في لبنان توسعت إلى حرب شاملة مؤخرا.
ففي 19 مارس/آذار 2023، وقف سموتريتش خلال زيارته باريس أمام منصة عليها خريطة لـ"أرض إسرائيل الكبرى" المزعومة، تضم كامل فلسطين التاريخية والأردن، مما أثار حينها موجة من الغضب.
وقد أنكر سموتريتش آنذاك وجود شعب فلسطيني من الأساس، زاعما أن هذا الشعب "بدعةٌ تمّ اختراعها قبل 100 عام لمحاربة المشروع الصهيوني في أرض إسرائيل".
وتفاعلا مع فيديو سموتريتش، نشر الكاتب ديفيد ميلر (يساري)، عبر حسابه على منصة إكس، خريطة تزعم أن "حدود دولة إسرائيل الكبرى تشمل أجزاء من مصر والعراق والسعودية وسوريا، إلى جانب كامل فلسطين التاريخية والأردن ولبنان".
وأرفقها بتعليق: مفاجأة! لقد كان العرب على حق منذ البداية بشأن "إسرائيل الكبرى"، لقد كانت هذه هي الخطة دائمًا.
مسار تاريخيتاريخيا، تعود جذور هذه الأوهام التوسعية لليمين المتطرف إلى معتقدات دينية تفيد بأن الأرض الموعودة تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات بالعراق.
إذ يزعم معهد "التوراة والأرض" الإسرائيلي عبر موقعه الإلكتروني أن "أرض إسرائيل الكبرى تمتد من نهر الفرات شرقا إلى نهر النيل جنوبا".
هذه المعتقدات حملها وأصّل لها قادة الحركة الصهيونية منذ بدايتها قبل أكثر من 120 عاما.
فمؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتزل، حين أعلن مشروعه التوسعي عام 1904، زعم أن "حدود دولة إسرائيل تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات".
على النحو ذاته، طالبت عصابة "أرغون" الصهيونية المتطرفة، التي ظهرت خلال فترة الانتداب البريطاني بأرض فلسطين (1922-1948) والتي أُدمجت في الجيش الإسرائيلي لاحقا، بأن تكون دولة فلسطين التاريخية والأردن دولة يهودية يطلق عليها اسم "إتسل".
ومن أخطر المخططات الصهيونية في هذا السياق خطة "ينون" التي كتبها عوديد ينون، الصحفي والدبلوماسي ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون.
وظهرت هذه الخطة للمرة الأولى في مجلة "كيفونيم" (اتجاهات) التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية في فبراير/شباط 1982، واستندت إلى رؤية هيرتزل ومؤسسي دولة الكيان الصهيوني نهاية الأربعينيات، ومنهم الحبر اليهودي فيشمان.
وأعاد موقع مركز دراسات العولمة الأميركي "غلوبال ريسيرش" نشر الوثيقة بعد ترجمتها إلى الإنجليزية في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
وقال عنها محرر الموقع ميشيل شوسودوفسكي إنها تتعلق بإقامة "إسرائيل الكبرى"، وتشكل حجر الزاوية في سياسات القوى السياسية الصهيونية الممثلة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذلك في سياسات مؤسستي الجيش والاستخبارات بإسرائيل.
وأشار إلى أن هذه الخطة تركّز على إضعاف الدول العربية وتقسيمها لاحقا في إطار المشروع التوسعي الصهيوني، وعلى الاستيطان بالضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من فلسطين وضم الضفة وقطاع غزة لإسرائيل.
وأضاف أن "إسرائيل الكبرى" ستضم أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر والسعودية، وستنشئ عددا من الدول الوكيلة لضمان تفوقها في المنطقة، وأن وثيقة "ينون" هي استمرار لمخطط الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط.
وأوضح أن إقامة "إسرائيل الكبرى" تتطلب تفتيت الدول العربية القائمة حاليا إلى دويلات صغيرة، تصبح كل منها معتمدة على إسرائيل في بقائها وشرعيتها، لأن الأخيرة لا تستطيع الاستمرار في البقاء إلا إذا أصبحت قوة إقليمية مهيمنة "إمبريالية".
وتدعو الوثيقة لتقسيم العراق إلى دولة كردية ودولتين عربيتين، واحدة للشيعة وأخرى للسنة، وأيضا تقسيم لبنان وسوريا وإيران والصومال وباكستان، إضافة لتقسيم دول شمال أفريقيا، وعلى رأسها مصر والسودان وليبيا وبقية المنطقة.
وسيتم تقسيم الدول العربية وغيرها على أسس عرقية أو طائفية وفقا لحالة كل دولة.
ولم يكن سموتريتش الوحيد في طرح هذه الأوهام؛ فقد عرض نتنياهو الذي يتزعم حزب الليكود اليميني، خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 سبتمبر/أيلول الماضي، خريطتين تظهران الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن أراضي إسرائيل.
الخريطة الأولى كُتب عليها "النعمة" والثانية "اللعنة"، وكلاهما اعتبرتهما وزارة الخارجية الفلسطينية "استعراضا يكشف أجندات اليمين المتطرف" التوسعية.
وقبل نتنياهو، قدم الحاخام المتطرف إليعازر ميلاميد تصورا مشابها لهذه الدولة المزعومة على موقع "يشيفا" العبري (يميني متطرف) يوم 15 يوليو/تموز 2023، زاعما في مقال نشره أن حدود "إسرائيل الكبرى" تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق.
وأكد ميلاميد أن "كامل منطقة شبه جزيرة سيناء (شمالي شرقي مصر) هي الجزء الجنوبي لتلك الدولة".
وتوافقت تلك الرؤية مع ما طرحه الكاتب اليميني حاجي هوفرمان، في صحيفة "هاتسوفيه" اليمينية يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، من أن ما وصفه بـ"الإسلام المتشدد لا يريد محاربتنا فحسب، وإنما يرغب في اندلاع حرب دينية".
وأضاف "ما يجب علينا فعله بالاشتراك مع العالم كله هو التحذير منه حتى لا يعرقل خططنا المستقبلية بشأن الشرق الأوسط الكبير".
ومفهوم "الشرق الأوسط الكبير" مصطلح سياسي طرحته الإدارة الأميركية أوائل القرن الحادي والعشرين، وتحديدا عام 2004 خلال فترة ولاية الرئيس الأسبق جورج بوش الابن.
وكان المفهوم مرتبطا بمبادرات سياسية واقتصادية تهدف إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتتماشى مع مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
ورغم فارق الأعوام، يلاحظ تكرر المزاعم نفسها خلال الحرب الحالية على لبنان عام 2024، حيث نشرت القناة 14 الإسرائيلية عبر موقعها الإلكتروني، مؤخرا، مقالا يتبنى فكرة أن القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني وبعدهما إيران سيفتح الباب أمام تدشين "شرق أوسط جديد".
وأضاف المقال أن هذه الرؤية هي امتداد لأفكار طرحها رئيس الوزراء الأسبق شمعون بيريز في تسعينيات القرن الماضي بشأن دمج العقل اليهودي مع الموارد العربية وفرض التطبيع على كل الشعوب العربية لتحقيق السيطرة الاقتصادية على المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات إسرائیل الکبرى إلى نهر الفرات الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
سفير جمهورية سلوفينيا: علاقتنا بمصر تمتد إلي 33 عامًا
قال ساشو بودليسنك، سفير جمهورية سلوفينيا لدى مصر، إن العلاقة المتميزة التي تربط سلوفينيا ومصر تمتد لأكثر من 33 عامًا من العلاقات الدبلوماسية الرسمية وقد شهدت هذه الشراكة تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، تجلى في تبادل الزيارات رفيعة المستوى وتحديد مجالات جديدة للتعاون الثنائي مضيفا أن رئيس الجمعية الوطنية السلوفينية سيقوم بزيارة رسمية إلى مصر الأسبوع المقبل، مما يُعتبر مؤشرًا آخر على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأضاف خلال افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي تحت عنوان ربط علوم التراث بتراث العلوم، والذي تنظمه مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، أن علم التراث يُعتبر مجالًا جديدًا نسبيًا لكنه يشهد تطورًا سريعًا. وأشار إلى أنه يعد أحد مجالات التعاون الثنائي بين البلدين، حيث شمل ذلك تبادل الزيارات، وإنشاء منصة مشتركة لعلوم التراث السلوفينية المصرية، بالإضافة إلى تنظيم ندوات مشتركة لافتا أن سلوفينيا شهدت تدشين أول بعثة أثرية إلى مصر في إطار الدورة الأكاديمية الأولى المخصصة لعلم الآثار المصرية وقد التزم الباحثون من الجانبين بتبادل المعرفة والخبرات على المدى الطويل.
عبّر بودليسنك عن سعادته بالمشاركة في فعاليات توقيع مذكرة التفاهم بين الأكاديمية المصرية للبحث العلمي والتكنولوجيا والهيئة الأوروبية للبحوث في علوم التراث، معربًا عن اهتمامه بمعرفة المزيد حول نتائج هذا المؤتمر البالغ الأهمية واختتم بتأكيد التزامه بدعم الأنشطة الثنائية القائمة، مستندًا إلى روح التعاون الراسخة من أصدقائنا وشركائنا المصريين. كما أعرب عن تطلعه لعقد الندوة السلوفاكية النيلية الرابعة، المقررة في ديسمبر من هذا العام في مدينة الأقصر.
و من جانبها عبرت الدكتورة جينا الفقي، رئيسة أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، عن سعادتها بوجودها في مكتبة الإسكندرية، مشيرةً إلى أنها في كل زيارة لها تُبهر بالفريق المتميز الذي يعمل بالمكتبة، وكذلك بالإرث الواسع من الكتب والأدب وجميع الموارد المتاحة موضحه أن علم التراث يعد من العلوم متعددة التخصصات، حيث يجمع بين جوانب متنوعة من العلوم والتكنولوجيا ومجالات دراسية مختلفة مشيره إلى أن هناك تاريخاً وجوانب غامضة من حياتنا لم تُكشف بعد، مما يدفعنا إلى الرغبة في استكشافها واكتشافها. لذلك، يتم الاستعانة بأحدث التقنيات للتنقيب في ماضينا وكشف ما يجب إظهاره.
في هذا السياق، أضافت الدكتورة عزة عزت، منسقة المؤتمر، أن هذا الملتقى يجمع بين مؤسسات مرموقة وعلماء وخبراء يلتزمون التزامًا راسخًا بالحفاظ على ثقافتنا وتراثنا العلمي وتعزيزهما وقد تم اختيار المكتبة كموقع لعقد المؤتمر بشكل موفق، إذ تمثل مركزًا للمعرفة والثقافة، الذي يجسد الرابط بين الماضي والحاضر والمستقبل مشيره أن مصر ستبدأ تنفيذ أولى خطواتها الرسمية للانضمام إلى مجتمع البنية التحتية البحثية الأوروبية لعلوم التراث، الذي تم تأسيسه الأسبوع الماضي بعد حصوله على موافقة المفوضية الأوروبية بمشاركة 11 دولة مؤسسة وفي و تم توقيع مذكرة تفاهم بين أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر والبنية التحتية الأوروبية للبحث في علوم التراث (E-RIHS).