الانتصار العسكري .. بداية أم نهاية؟!
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
مناظير السبت 12 اكتوبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* يجب ان يفهم الجميع أن الإنتصار العسكري لأي طرف في الحرب الدائرة في السودان الآن، لا يعني نهاية الحرب وانما بدايتها، لأنها ليست حربا بين فرقتين أو جيشين عاديين يقضي المنتصر على المهزوم ويدحره الى الابد، وإنما حرب (مكونات مجتمعية) انتصار أى منهما على الآخر يعني بداية العداء الحقيقي بينهما وليس العكس، كما يفهم الذين يهللون للحرب ويُحرضون عليها.
* صحيح قد تسكت البنادق فترة من الوقت إذا انتصر طرف على الآخر عسكريا، ولكنها يمكن أن تنطلق في أي وقت من الأوقات بسبب ما يشعر به المهزوم من ظلم وعار، أو الغرور الذي يشعر به المنتصر. ويحدثنا التاريخ عن الكثير من التجارب الإنسانية التي إنتصرت فيها فئة ثم عادت وانهزمت، وحتى لو لم يحدث ذلك ستظل حالة العداء والخصومة والثأر وانعدام الأمان قائمة بين الفئتين، الى ان تحين الفرصة لاندلاع الحرب من جديد، وهكذا تستمر دوامة العنف، والحل الوحيد لكى تتوقف هو التصالح والسلام على أسس مقبولة للجميع.
* ولا يختلف الأمر كثير في الحرب الدائرة الآن في السودان التي تكاد تتحول، او تحولت بالفعل، الى حرب (مجتمعية) أو لنطلق عليها إسمها الحقيقيي (حرب أهليه) مهما أنكر البعض ذلك، أو تلاعبوا بالالفاظ والعبارات لإنكار طبيعتها، ولقد ذكرها قائد مليشيا الدعم السريع صراحة في خطابه الأخير عندما أشار الى الاصطفاف القبلي في الجانب الآخر، ووعد بدوره بتجنيد مليون جندي لخوض الحرب في المرحلة القادمة، ورغم أنه لم يذكر مصدر جنوده ومن أين سيأتي بهم، إلا أن المصدر معروف للجميع!
* كما تحدث في غبنٍ واضح عن قصف الجيش للمدنيين في مناطق معينة (دارفور) وقتلهم، بذريعة قصف قوات الدعم السريع، بينما يمتنع عن قصف مناطق أخرى رغم احتلالها بواسطة قوات الدعم السريع لانتماء سكانها مجتمعيا للجيش، قاصدا بذلك انحياز الجيش لمكونات مجتمعية معينة من الشعب مما يعني ان الحرب صارت اهلية .. وأذكر هنا فتوى الشيخ (عبدالحى يوسف) قبل بضعة أسابيع التي أجاز فيها قتل المدنيين في الحرب (حواض الدعم السريع) للقضاء على مليشيا الدعم السريع.
* باختصار شديد صارت الحرب الآن أهلية، أو دعونا نطلق عليها (مجتمعية)، وهذه لا حل لها بانتصار عسكري حتى لو كان ساحقا، كما يدعو ويحرِّض البعض، فالإنتصار الساحق قد يُسكت البندقية بعض الوقت ولكنها تظل جاهزة للإنطلاق في أي وقت ولأبسط الأسباب ما دام الظلم والحقد والإحساس بالعار مخيما في النفوس، خاصة في مجتمعات بدوية قبلية لا تقبل بالهزيمة وتعتبرها عارا لا يمحوه إلا الدم، وهى مجتمعات ضخمة يصل تعدادها الى أكثر من 6 مليون وتحتل معظم غرب السودان بما في ذلك اجزاء من كردفان كما انها تنتشر في معظم بقاع السودان، فضلا عن مثقفيهم ومتعلميهم وأفرادهم الذين اختلطوا بغيرهم من المكونات الاجتماعية الأخرى ولهم اسهامات كبيرة في تاريخ السودان لا يمكن لأحد أن يجادل أو يحاجج فيها، بالاضافة الى انهم يمثلون نسبة لا يستهان بها من السودانيين في الخارج، وينطبق نفس الشئ على المكونات المجتمعية الأخرى سواء في الوسط أو الشمال أو الشرق أو الجنوب، فكلها مكونات مجتمعية سودانية لا يمكن لإنتصار أى مكون منها عسكريا سحق ودحر الآخر، بل العكس تماما وهو إستمرار الحرب وانعدام الأمن والاستقرار والسلام والتدحرج الى الوراء!
* كما يحدثنا التاريخ السوداني القريب جدا عن عدم انتهاء أى حرب بانتصار عسكري للجيش على المتمردين في أى منطقة في السودان، مهما قلَّ عددهم وضَعُف تسليحهم، لانتمائهم لمكونات اجتماعية معينة لا يمكن التعامل معها كفرقة متمردة ودحرها ومحوها من تاريخ وجغرافيا السودان، ولا مناص سوى السلام وتحقيق العدالة الاجتماعية للوصول الى حل.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الخارجية السودانية تندد بالمساعي الكينية لاحتضان حكومة موازية بقيادة “الدعم السريع”
السودان – استنكرت الخارجية السودانية مساعي كينيا لاحتضان حكومة موازية تقودها قوات “الدعم السريع” مؤكدة أن موقف كينيا “يعزلها داخليا وخارجيا ويجعلها بموضع الدولة الخارجة عن الأعراف الدولية”.
وأكدت الخارجية في بيان أصدرته امس الأحد أنها “تتابع بتقدير واهتمام المواقف الدولية المتتالية الرافضة لتهديد سيادة ووحدة السودان والشرعية الوطنية القائمة فيه عبر محاولة إقامة سلطة باسم مليشيا الجنجويد وتابعيها، انطلاقا من كينيا، وبإشراف الراعية الإقليمية للمليشيا”.
كما أشادت خارجية السودان “بالمواقف المبدئية القوية التي عبرت عنها كل من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الكويت، والدول الأفريقية الأعضاء بمجلس الأمن: الجزائر والصومال وسيراليون، ومواقف الدول الأخري الأعضاء بالمجلس روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا وغيانا، والبيان الصادر من تركيا”.
وأضافت الوزارة في بيانها: “تؤكد هذه المواقف الواضحة أن مسلك الرئاسة الكينية غير المسؤول، باحتضان مليشيا الإبادة الجماعية وسعيها لشرعنة جرائمها غير المسبوقة، معزولة خارجيا وداخليا، ووضعت كينيا في خانة الدولة المارقة على الأعراف الدولية”.
وجددت الخارجية الدعوة لكل أعضاء المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية، خاصة الإتحاد الأفريقي، “لإدانة هذا التهديد الخطير للسلم والأمن الإقليمي والعبث بقواعد النظام الدولي الراسخة”.
والأسبوع الماضي، وقعت قوات الدعم السريع وقوى سياسية وحركات مسلحة سودانية، ميثاقا سياسيا لتشكيل حكومة موازية في السودان وذلك بعد مشاورات في العاصمة الكينية، نيروبي.
ويهدف الميثاق إلى تشكيل “حكومة سلام ووحدة” في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع والقوى الداعمة لها.
ورفضت الحكومة السودانية بشكل قاطع مساعي تشكيل حكومة موازية في السودان، واستدعت وزارة الخارجية السودانية سفيرها لدى كينيا كمال جبارة، للتشاور على خلفية استضافة نيروبي للاجتماع.
المصدر: سونا + RT