سودانايل:
2025-02-01@17:27:32 GMT

نحو رؤية جديدة لسودان ما بعد الحرب

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

في ظل الأزمات التي تواجه السودان حاليًا، من الواضح أن البلاد تقف عند مفترق طرق تاريخي يتطلب صياغة رؤية جديدة للسودان ما بعد الحرب. التحولات السياسية الجارية، سواء في الداخل أو على المستوى الإقليمي، تضع القوى المدنية في مواجهة الإسلام السياسي الذي لا يزال يسعى للهيمنة على المشهد السياسي. هذه المواجهة تعكس النزاع الأعمق حول شكل الدولة السودانية في المستقبل وكيفية التعامل مع قضايا الدين والسياسة والحداثة.


التحديات ما بعد الحرب الحرب السودانية الأخيرة ليست فقط مواجهة مسلحة بين الأطراف، بل هي امتداد لصراعات طويلة الأمد حول السلطة والثروة وهوية الدولة. القوى المدنية، التي تسعى إلى إنهاء هذه الحروب، تواجه تحديًا أساسيًا يتمثل في الصراع مع قوى الإسلام السياسي التي ترى في الدين قاعدة للحكم. على الرغم من فشل نموذج الإسلام السياسي في تحقيق الاستقرار أو تقديم حلول عملية للأزمات، إلا أن هذه القوى لا تزال تحتفظ بنفوذ قوي في مناطق عديدة من السودان.
الإسلام السياسي ومعركة السيطرة ويعد الإسلام السياسي أحد الفاعلين الرئيسيين في الساحة السودانية، فهو يمتلك تاريخًا طويلًا من السيطرة على مؤسسات الدولة والحكم من خلال الشريعة الإسلامية. غير أن تجربة الإسلام السياسي في السودان على مدار العقود الماضية كشفت عن أوجه القصور في قدرتها على معالجة الأزمات العرقية والطائفية وتعزيز النمو الاقتصادي. ما نشهده اليوم هو تزايد الرفض الشعبي لنموذج الإسلام السياسي، ليس فقط على مستوى النخبة، بل أيضًا في صفوف الشعب الذي يعاني من تداعيات الفشل الحكومي المستمر.
قوى المدنية نحو دولة حديثة في المقابل، تمثل القوى المدنية الطموحات الشعبية نحو سودان ديمقراطي يقوم على قيم الحداثة والتنوير، دولة مدنية تكون فيها المواطنة هي الأساس ولا يكون للدين دور في التشريعات أو السياسات. هذا المشروع، الذي تسعى إلى بلورته قوى مثل تجمع المهنيين السودانيين والحركات الشبابية والمثقفين، يقوم على ضرورة بناء دولة تتجاوز الماضي الطائفي والديني وتنفتح على العالم الحديث.
مشروع السوداني الجديد والتحول الديمقراطي لا يمكن فهم مشروع السوداني الجديد من دون ربطه بقضية التحول الديمقراطي والنزاع الفكري حول شكل الدولة. القوى المدنية تدرك أن التحول الديمقراطي لا يمكن أن يحدث في فراغ، بل يتطلب إنهاء النزاع حول علاقة الدين بالدولة، وتأسيس نظام يقوم على احترام حقوق الإنسان، والمساواة، والحكم الرشيد.
النزاع الفكري حول شكل الدولة السودانية يتجاوز الانقسامات السياسية البحتة ليشمل مسائل أعمق تتعلق بالهوية الوطنية السودانية وكيفية التعامل مع التعدد الثقافي والعرقي والديني في البلاد. القوى المدنية تسعى إلى تأسيس دولة لا تقصي أحدًا، بل توفر بيئة تعايش للجميع.
التنوير السوداني ضرورة لا مفر منها عندما يتساءل البعض عن ضرورة التنوير في السياق السوداني، يجدر التذكير بأن التنوير ليس فكرة انتهت بانتهاء القرن الثامن عشر، بل هو مشروع فكري لا يزال أمام العديد من المجتمعات الإسلامية التي لم تحقق المصالحة بعد بين الدين والعقل. التنوير السوداني لن يكون نسخة طبق الأصل عن التنوير الأوروبي، لكنه سيحمل طابعًا خاصًا يقوم على المصالحة بين الدين والفلسفة والحداثة.
نحو سودان جديد بناء سودان ما بعد الحرب يتطلب مشروعًا واضحًا للتغيير يتجاوز مجرد وقف إطلاق النار. إن القوى المدنية في السودان بحاجة إلى دعم دولي وجهود محلية مكثفة لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس حديثة. لكن التحدي الأكبر يظل في القدرة على تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي دون إقصاء أو تهميش أي طرف، مع وضع حلول جذرية للصراعات الطويلة حول الهوية والدين والدولة.
المعركة بين القوى المدنية والإسلام السياسي في السودان ليست مجرد مواجهة سياسية، بل هي نزاع على روح الدولة السودانية المستقبلية. القوى المدنية تقدم رؤية تقدمية نحو سودان ديمقراطي حداثي، بينما يظل الإسلام السياسي متمسكًا بنموذجه الديني. التحول الديمقراطي والنزاع الفكري حول شكل الدولة هما التحديات الأساسية التي تواجه البلاد اليوم، وبناء سودان جديد يتطلب توافقًا وطنيًا وشجاعة سياسية لتجاوز هذه الخلافات وتحقيق المصالحة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإسلام السیاسی القوى المدنیة ما بعد الحرب یقوم على

إقرأ أيضاً:

«تقدم» تعلن رسمياً «فك الارتباط» بين رافضي ومؤيدي تشكيل الحكومة

تنسيقية «تقدم» أقرت بأن الخيارات المطروحة لا يمكن أن تتعايش داخل تحالف واحد رافض للحرب وغير منحاز لأي من أطرافها.

كمبالا: التغيير

أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) رسمياً، اليوم الخميس، توافقها على فك الارتباط بين المصرين على المضي في تشكيل حكومة، وبين المتمسكين بعدم تشكيل حكومة منفردة أو مع أي من أطراف القتال.

وأثار مقترح تكوين حكومة مدنية جديدة جدلاً وانقساماً داخل تنسيقية (تقدم) بين القوى الرافضة لإقامتها بمناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ومن يرونها خياراً أمثل لمحاصرة مؤيدي الحرب، وفرض أجندة للسلام.

وأكد الناطق باسم تنسيقية (تقدم) د. بكري الجاك في تصريح صحفي اليوم، أن الآلية السياسية توافقت في آخر اجتماع لها “على فك الارتباط بين الكيانات والأفراد الذين يصرون على المضي في تشكيل الحكومة، وبين الكيانات والأفراد المتمسكين بعدم تشكيل أي حكومة بصورة منفردة أو مع أي من أطراف القتال”.

وأوضح أنه تم تشكيل لجنة للتوصل إلى صيغة فك الارتباط بما يعظم المتفق عليه بين الطرفين، “ليعمل كل منهما بصورة مستقلة سياسياً وتنظيمياً عن الآخر، مع كامل التقدير للخيارات المختلفة التي بنيت على حيثيات مفهومة لكل طرف”.

وقال: “إلا أن واقع الحال يقول بأن هذه الخيارات لا يمكن أن تتعايش داخل تحالف واحد رافض للحرب وغير منحاز لأي من أطرافها”.

وأضاف الجاك: “نحن نستشعر أثر الحرب البالغ في دفع الجميع نحو الاستقطاب والانقسام، وستظل تنسيقية القوى الديمقراطية غير منحازة لأي طرف من أطراف الحرب، ولا تعترف بشرعية سلطة الأمر الواقع في بورتسودان أو أي سلطة أخرى”.

وشدد على رفض الحرب والعنف كوسيلة لإدارة الصراع السياسي في البلاد، وقال: “سنعمل على بناء جبهة مدنية رافضة للحرب ومؤمنة بوحدة البلاد”.

وتابع الجاك: “كما سنعمل على المساهمة في إيقاف الحرب عبر العمل الجماهيري والدبلوماسي، بالإضافة إلى العمل على إنهاء الحرب عبر حوار شامل لكل القوى الفاعلة، يُؤسس على مشروع متكامل للعدالة والعدالة الانتقالية، ورؤية شاملة للتعافي الاجتماعي من أجل رتق النسيج الاجتماعي ومجابهة مخلفات الحرب الاجتماعية والسياسية من انقسام واستقطاب”.

الوسومالجيش الحرب الدعم السريع السودان بكري الجاك تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدم حكومة كمبالا

مقالات مشابهة

  • هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟
  • لجان المقاومة بتنسيقية «تقدم»: تشكيل حكومة في ظل الحرب يعمّق الانقسام ويطيل أمد الأزمة
  • مدير مديرية الأمن العام في محافظة اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي: في عملية نوعية، تمكنت مديرية الأمن العام في محافظة اللاذقية بالتعاون مع القوى العسكرية من إلقاء القبض على العميد عاطف نجيب، والذي شغل منصب رئيس فرع الأمن السياسي في درعا
  • تداعيات الحرب السودانية تفاقم معاناة جبال النوبة
  • الخطيب: الرسول كان معصومًا من الخطأ في أمور الدين بشكل كامل
  • الورشة التحضيرية للعملية السياسية بعد الحرب: الفرص والتحديات أمام القوى المدنية
  • ومضات توثيقية: أنهضي يا أحزان الحرب العبثية وأتحدي يا أفراح الدولة المدنية
  • «تقدم» تعلن رسمياً «فك الارتباط» بين رافضي ومؤيدي تشكيل الحكومة
  • موسوعة زاهي حواس حول الأهرامات: رؤية مبسطة للأطفال ونظرة جديدة على علم الآثار
  • الحريري يُطلق مرحلة العودة للعمل السياسي والتحضير لهيئة رئاسة جديدة لـالمستقبل