رحل الدوش .. والساقية لسه مدورة
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
بقلم : صلاح الباشا
الشاعر والمسرحي والمعلم عمر الطيب الدوش .
يظل تاريخ العاشر من اكتوبر في كل عام يحمل في طياته حزناً دفيناً يحمل في جوفه رحيل أجمل مبدعي بلادنا المعطاءة في كافة المجالات وأجناس الإبداع ، ففي هذا التاريخ غادر الدنيا إلي دارالخلود الشاعر الفلسفي والمؤلف المسرحي ومربي الأجيال الأستاذ عمر الطيب الدوش بتاريخ ١٠ اكتوبر ١٩٩٨م، غادر الدنيا وقد كان يتوكأ علي عكازة بسبب الكسر الذي اصيب به في مفصل الفخذ ، غادر بعد أن أعطي الوطن الكثير ، حيث تم إعفائه للصالح العام من عمله إبان هوجة الفصل الكئيبة الظالمة من الخدمة لكل صاحب رأي متقدم وبلا وازع من دين أو أخلاق ، فكان قطع الأرزاق قد طال رقاب كثيرة بلا سبب جنوه ، وبلغ عددهم(٥٠٠ الف موظف).
مما أعطي ومنذ البداية نهجاً سيئا لحركة الإسلام السياسي الباطشة .. نعم ، فصلوه من وظيفته الأكاديمية كأستاذ بكلية الموسيقي والدراما ( قسم المسرح ) والذي أبلي فيه بلاءً حسناً يشهد له فيه طلابه وزملاؤه حتي اللحظة. .
ونحن إذ نتذكره الآن في ذكري رحيله بتاريخ١٠/١٠ من كل عام فإننا نظل نعيش أجمل مفردات قصائده الفلسفية التي ضمها ديوان شعره الوحيد ( ليل المغنين ) والذي صدر عقب وفاته بقليل . وقد سبق له حين كان معلماً بالمرحلة المتوسطة في حقبة ستينيات القرن الماضي أنه قد أشتهر بتلك الأغنية التي أداها الموسيقار الراحل وإمبراطور الغناء السوداني والأفريقي ( محمد وردي ) بذلك اللحن المتعدد النغمات ( الود ) حيث سبق أن طبعت بالقاهرة في أسطوانة وقد أشرف علي توزيع موسيقاها خبير الموسيقي الإيطالي بالقاهرة والذي كان يعمل بالمعهد العالي للموسيقي العربية ( كونسيرت فتوار) وإسمه ( اندريه رايدر ) طلياني. وبعدها لم يغن له وردي قصيدة إلا بعد مرور عدة سنوات ، فجاءت ( بناديها ) تتبختر في خيلاء وترسل رسائل فلسفية عديدة في تلك الحقبة التي كان الضغط فيها عاليا من نظام مايو الحاكم علي رقاب مجمل القوي السياسية الوطنية .
ولما تغيب عن الميعاد
بفتش ليها في التاريخ
وأسأل عنها الأجداد
وأسأل عنها المستقبل
اللسه سنينو بعاد
بفتش ليها في اللوحات
محل الخاطر الماعاد
وفي الأعياد
وفي أحزان عيون الناس
وفي الضل الوقف
مازاد .... بناديها
وجدت تلك القصيدة رواجا كبيرا حين تغني بها الراحل وردي ، ثم لم تمض سنوات طويلة إلا وتأتي القصيدة الأخري لعمر الدوش ، ليغرد بها وردي ، حيث ظل وردي يعتبر أن هذا النوع من الغناء يعتبر ولوجاً إلي ما كان يسميه وردي شخصيا ( بالقصائد الفلسفية ) والتي لايعرف مضامينها إلا الشاعر نفسه أو إجتهاد المستمعين لفن وردي، والقصيدة هي ( الحزن القديم ) والتي سبق أن حكي موقف معين حولها الأخ الأستاذ الشاعر والمسرحي الكبير والصحفي ايضا ( يحيي فضل الله ) المقيم بكندا حيث ذكر في مقال قديم له أن عمر الدوش لايطيق سماع تلك الأغنية ، وقد حكي فيها يحيي أنه حين كان يعتلي مع الدوش تاكسي اجرة ذات مساء من ندوة بجامعة الخرطوم إلي أم درمان حيث يقيمان ، كيف أن الدوش قد أغلق مؤشر راديو العربة التاكسي حين كان يبث أغنية ( الحزن القديم ) فإحتك الدوش مع سائق التاكسي وأوقفه ونزل منه ، إلي أن قام يحيي بشرح الأمر لسائق التاكسي وأن هذا هو عمر الدوش شاعر الأغنية ، وتم التصافي وركب الدوش السيارة وأغلق سائقها الراديو.
ولكن ، للدوش قصيدة قوية جدا ومعبرة وذات مضامين فيها العديد من الحكاوي ، وقام بإعطائها للأستاذ حمد الريح حيث قام موسيقار ملحن بتأليف لحنها المتعدد الألوان الموسيقية وذلك الملحن الأسطورة السوداني واليمني الأصل الراحل ( ناجي القدس ) وهي التي إخترناها لتكون عنوانا لهذا المقال ( الساقية لسه مدورة ) ... هذه القصيدة فسرها الجمهور بأنها ذات مضامين سياسية بحتة إبان سنوات الضغط المايوي في النصف الأول من سبعينات القرن الماضي ، حتي أن وزير الإعلام والثقافة وقتها الأديب الأريب الراحل العميد عمر الحاج موسي قد أوقف بثها عبر الأجهزة بعد أن تغني بها حمد الريح في سهرة مشهورة علي الهواء من التلفزيون. ولكن كان للدوش رأيا آخر حيث ذكر للصحف وقتها أن القصيدة تحكي قصة حياته منذ كان طفلا في شندي يكابد مع أسرته مشاق الحياة وليس لها علاقة بالسياسة او بالنظام القائم وقتها ، غير أن الجماهير كانت تعتبرها متنفساً ضد النظام وأنها من أشعار المقاومة.
وهنا نود القول أن أستاذنا الكابلي ومن فرط إعجابه بقصائد عمر الدوش قد تغني له بأغنية ( سعاد ) والتي كانت تأخذ إيقاع السيرة (العرضة ) فتمددت ايضا وسط الناس.
وفي مجال الأعمال المسرحية ، فإن الراحل عمر الدوش قد قام بكتابة مسرحية مشهورة تم تقديمها علي خشبة المسرح القومي بام درمان وأخذت حظها من القبول في عدة عروض وقد كانت بعنوان ( ياعبدو.. روق ) .
ومن بعدها غادر الدوش الدنيا الفانية في بيته بامبدة بتاريخ العاشر من اكتوبر 1998م .
ولكن تظل ....
الساقية لسه مدورة ،،،،،
abulbasha009@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ثقافة أسيوط الجديدة تكرم رموز الإبداع الأدبى فى احتفالية ثقافية متميزة
شهدت ثقافة أسيوط الجديدة، احتفالية ثقافية إبداعية متميزة تحت عنوان " أقلام من ذهب.. احتفاء بصناع الكلمة " بمقر المكتبة، جاءت لتسلط الضوء على مسيرة نخبة من الأدباء الذين أثروا الحياة الثقافية والفكرية بإنتاجهم المميز، وكرسوا أقلامهم لخدمة الكلمة الصادقة والفكر البناء، ضمن برامج وزارة الثقافة
تحت رعاية ا.د احمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وانطلاقاً من أهمية دعم الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، د.مسعود شومان رئيس الادارة المركزية للشئون الثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، للأدباء والكتاب والمفكرين في صعيد مصر
شهد الاحتفال الكاتب والأديب المسرحي درويش الاسيوطى، الكاتب المسرحي نعيم الاسيوطى عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر، د.جمال عبد الناصر مدير عام الإقليم، وخالد خليل مدير عام فرع ثقافة أسيوط، والشاعر والمترجم محمد شافع مدير إدارة الشئون الثقافية، الشاعر وليد حشمت، الأديب ايمن رجب طاهر، شيماء عبد العال مدير المكتبة، ونخبة من أبرز المبدعين الأدباء والشعراء فى صعيد مصر
بدأت فعاليات الإحتفال بالسلام الوطني، بينما أشار د.جمال عبد الناصر مدير عام الإقليم، إلى أن التكريم جاء إعلانًا لاستمرار مسيرة الأدب في قلب الصعيد، وسط حضور رموز الأدب، وتأكيدًا أن للكلمة وزنا لا يستهان به في تشكيل الوعي وبناء الإنسان.
بينما أكد خالد خليل مدير عام فرع ثقافة أسيوط أن الإحتفال بمثابة مثالًا حيا على أن الإبداع لا يموت، وأن الكلمة النبيلة تجد دوماً من يحتفي بها، خاصة حين تجتمع الإرادة المؤسسية مع شغف المثقفين، والاحتفاء بالجمال والإبداع الأدبى
وأشار الشاعر محمد شافع مدير إدارة الشئون الثقافية بالفرع والمشرف العام على الانتخابات، إلى مواصلة ماراثون إنتخابات نوادي الأدب، فعالياته ضمن تفعيل دور نوادي الأدب بقصور الثقافة، لتعزيز دور الكلمة والإبداع، وتشكيل وجدان المجتمع، حيث أجريت انتخابات مجلس إدارة نادي أدب أسيوط الجديدة برئاسة الأديب نعيم الأسيوطي الأسيوطي، وعضوية الشاعر وليد حشمت وبحضور أعضاء الجمعية العمومية للنادى
وقد فاز بالتزكية الشاعر أحمد الشافعى رئيساً، والاديب مصطفى البلكى عضواً، الشاعرة كريمة ثابت عضواً، الشاعرة ثناء عبد الوهاب عضواً، الاديبة عبير كيلانى سكرتيراً، ومينا فخرى العضو المعين لنادى أدب أسيوط الجديدة
وقدم الأديب الدكتور سيد سليم رئيس مجلس إدارة نادي الأدب السابق التهنئة إلى الشاعر احمد الشافعي عضو اتحاد كتاب مصر، متمنياً دورة أدبية جديدة مليئة بالمشاركات الأدبية واستكمالا لمسيرة العطاء الأدبى لنادي ثقافة أسيوط الجديدة، والذي يتميز بنخبة من أدباء الصعيد الثقافى ويزخر بقامات الشعر والأدب على مستوى الصعيد
كما قدمت شيماء عبد العال مديرة المكتبة الشكر والتقدير إلى الأديب الدكتور سيد سليم وأعضاء الدورة السابقة التي قدمت على مدار عامين متتاليين أروع الأمسيات الشعرية التي ساهمت في إثراء المحتوى الأدبى والثقافي باسيوط الجديدة، متمنية التوفيق والنجاح لمجلس إدارة نادي الأدب الحالي
واختتمت الفاعليات بتكريم الأدباء بمجلس الإدارة السابق بمنحهم شهادات تقدير لما قدموه من إرث أدبى، إلى جانب تكريم الأدباء الحاصلين على جوائز متنوعة، الشاعر صهيب شعبان، والاديبة الدكتورة هند محسن، والشاعرة سناء عبد الوهاب، والقاصة عبير الكيلانى، والأديبة آيات الشريف، حيث تم منحهم درع إقليم وسط الصعيد الثقافي، تقديراً لجهودهم فى إثراء الحراك الثقافي والإبداعى بصعيد مصر