سودانايل:
2025-02-03@04:31:46 GMT

قضيتان سياسيتان خارج السياق التاريخي

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

عندما تكون أي بلد في أزمة أو حرب كما هو في السودان تنشط العقول لتقدم أفكارا بهدف وضع حل للأزمة أو كيفية إنهاء الحرب بما يضمن وحدة البلاد و إستقلالها و إمتلاك قرارها، و في جانب أخر تحاول بعض النخب البحث عن أفكار لكي تخلق بها واقعا جديدا بعد الخروج من الأزمة السياسية أو وقف الحرب.

. بالأمس كان هناك حدثان يتعلقان بمستقبل العملية السياية في البلاد. الأول صدور قرار من رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بتعين ثلاثة نواب له هم " عبد الله محمد عثمان الميرغني و ميرغني عبد الرحمن و البرفيسور البخاري الجعلي" و علل التعين بأنه يهدف إلي اضطلاع الحزب بمسئوليته الوطنية التاريخية، و تعزيزا لمجهودات الحزب في مواجهة الأزمة السياسية في البلاد و أثار حرب ميليشيا الدعم المتمردة على الدولة..
من المسائل الغريبة جدا أن حزب تاريخي مثل الاتحادي الديمقراطي، وقع على قيادته المؤسسة له عبء أن تخوض النضال الوطني من أجل الاستقلال، و الذي تحقق على يديها، أن تجهل قيادته أن تضع المصطلحات في موضعها الصحيح.. هل قبل تعين هؤلاء الثلاثة مع أحترامنا لهم، أن الحزب لم يكن يضطلع بمسؤوليته التاريخية الوطنية، هل كان غائبا و الآن فجأة استيقظ من غفوته، و عين هؤلاء الثلاثة لكي يضطلع بهذه المسؤولية التاريخية.. الأفضل كان أن تستقيل كل القيادة التي كانت قبل تعين هؤلاء حتى الذي عينهم لأنهم من خلال هذا البيان الصادر، قد عجزوا أن يضطلعوا بمسؤوليتهم الوطنية و التاريخية.. و هذا أعتراف من الناطق الرسمي بأسم الحزب، و لا اعتقد أن الناطق يصيغ بيانا و لا يعرضه على الذي أوكل إليه مهمة صياغة البيان.. أن كبر سن السيد محمد عثمان الميرغني و حالته الصحية لا تمكنه أن يتابع أعمال الحزب و يعين نواب له.. يبقى السؤال: من هي الجهة التي تستخدم أسم الميرغني و تعين و تصدر بيانات بإسمه؟
أن زمن السكوت و الهروب من المواجهة بهدف تحقيق مصالح شخصية لنخب سياسية ليس لها أي أجندة غير أجندتها الشخصية قد انتهى، و أن محاولة استخدام الحزب للمصالح الخاصة تحت شعارات الوطنية و المسؤولايات التاريخة أيضا قد ولى و انتهى تماما.. أن مقدرات السيد محمد عثمان الميرغني الآن بحكم كبر السن لا تؤهله أن يلعب أي دور سياسي و لا يستطيع أن يصدر أي قرار.. و هذا ليست إساءة للرجل لكنها سنة الحياة.. يقول القرآن الكريم ( و الله خلقكم ثم يتوفاكم و منكم من يرد إلي أرزل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا أن الله عليم قدير) و هناك الذين يحاولون استخدام أسم الرجل من أجل فرض سيادتهم على الحزب لتحقيق أجندة خاصة.. أن هذه السياسة قد جعلت الحزب الاتحادى على هامش الأحداث و ليس له أي دور مؤثر في العملية السياسية الجارية في البلاد.. أن الحزب الاتحادي لكي يلعب دورا وطنية مرة أخرى و تاريخي لابد من إحداث تغيير يطال أغلبية قياداته ذات المصالح الخاصة فقط ...
القضية الأخرى التي أريد تناولها، أقام مركز "آفاق جديدة للحوار الفكري" الذي يهتم بالقضايا الفكرية، و الذي يشرفي عليه الدكتور صديق الزيلعي جلسة حوار فكري بعنوان " رؤية ماركسية حول الديمقراطية" قدمتها الأستاذة رانية عبيد على خدمة " Zoom" و حضرها جمع من الزملاء في الحزب الشيوعي و المهتمين بقضية الماركسية و الديمقراطية. و بالفعل كان العنوان جاذبا جدا، الأمر الذي جعلني أحرص على حضور الحوار الفكري، و استمع للأستاذة رانيا كيف تربط بين الماركسية التي تؤسس فلسفتها التاريخية على الصراع الطبقي، الذي تقوده قوى البوليتاريا ضد مالكي وسائل الإنتاج، ثم تؤسس البوليتاريا ديكتاتوريتها كمرحلة من مراحل الوصول للمجتمع الشيوعي.. بدأت رانيا محاضرتها بنقد الليبرالية و الرأسمالية حيث استهلكت أكثر من 80% من الزمن المخصص لها في هذا المحور، ثم أنتقلت إلي الديمقراطية التي أطلقت عليها الديمقراطية الشعبية، و لم تخرج من دائرة فلسفة الماركسية، و نظرتها للصراع الطبقي..
قالت رانية: و هي تعلق على موقف الحزب الشيوعي من الديمقراطية، و تبنيه لها في مؤتمره الخامس.. قالت أن أحداث التغيير للوصول إلي الديمقراطية الشعبية مرتبط بالثورة التي يجب أن تقتلع كل المعوقات التي تعترض طريق التغيير، يبقي السؤال ما هي علاقة الثورية بالديمقراطية؟ الثورة أداة هدم و ليست بناء، و الديمقراطية تؤسس على أدوات البناء حتى على مستوى العلاقات الاجتماعية و الاقتصادية لأنها تؤسس على رضى المجتمع.. التاريخ القديم و المعاصر بين أن الثورات لا تؤسس ديمقراطية، لآن الثورة تحاول أن تفرض شروطها على الآخرين بالقوة، و تجعلهم تحت طاعتها فهي تؤدي إلي الشمولية.. لذلك استخدام المصطلح " الثورة البوليتاريا" في الفلسفة الماركسي صحيح لأنه يؤدي إلي الديكتاتورية.. و يعلم الزملاء أن الأحزاب الشيوعية في أوروبا عندما قبلت الديمقراطية اسقطت " ثورة البوليتاريا" و قبلت التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، و أن تسعى للاشتراكية من خلال تدخل الدولة في الاقتصاد حماية للطبقات الدنيا..
الملاحظ في اجتهاد الزملاء لمسألة التوافق بين الماركسية و الديمقراطية، أنهم يصطدمون بأن الفلسفتين متوازيتين و لا تلتقيان، لكنهم يتعللون بالاجتهاد، و في النهاية تصبح قضية الديمقراطية شعار معلق في الهواء.. و هم يعلمون أن الاجتهاد للمقاربة سوف يجعلهم يبتعدون عن الماركسية.. و هم لا يريدون أن يغضبوا القيادات الاستالينية في الحزب.. واجهت رانيا نقدا من عدد من الماركسيين في ندوة.. و يبقى أنه اجتهادا مقدرا و تثاب عليه.. أن شغل الذهن مسألة ضرورية للعملية السياسية.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

التنسيقية: التلاحم الشعبي يُجسد أصالة الموقف المصري التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية

ثمنت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين موقف الشعب المصري العظيم واستجابته الواعية للدعوات الوطنية الرافضة لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته العادلة، مشيرة إلى إن هذا التلاحم الشعبي يُجسد أصالة الموقف المصري التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، ورفضه القاطع لأي محاولات للمساس بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وأعربت التنسيقية عن إدانتها واستنكارها لكافة أشكال التهديد والضغوط التي تستهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة، مؤكدة أن مصر لن تقبل بأي حلول تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني أو تمس بسيادتها الوطنية وأمنها القومي.

كما أكدت التنسيقية، دعمها الكامل للقيادة السياسية المصرية في أي قرار تتخذه لحماية الأمن القومي المصري، وصون الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، والحفاظ على استقرار المنطقة. 

وتابعت أن مصر كانت وستظل دائمًا داعمًا رئيسيًا للقضية الفلسطينية، ومساندًا لكل الجهود التي تضمن تحقيق سلام عادل وشامل يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات مشابهة

  • اليوم العالمي للأراضي الرطبة يرصد الترابط التاريخي بين الأراضي الرطبة وحياة الناس
  • بعد معادلة لامبارد.. كم يحتاج محمد صلاح ليصبح الهداف التاريخي للدوري الإنجليزي؟
  • أمين لجنة العلاقات الخارجية بـ«حماة الوطن»: مصر كانت وستظل السند التاريخي لفلسطين
  • 9 دول تؤسس (مجموعة لاهاي) لمحاسبة إسرائيل وإنهاء الاحتلال
  • 9 دول تؤسس مجموعة لاهاي لمحاسبة إسرائيل وإنهاء الاحتلال
  • جوتيريش يدعم موقف مصر التاريخي: التهجير مرفوض
  • «التنسيقية»: تظاهرات رفض التهجير تعكس أصالة الموقف المصري التاريخي الداعم للقضية
  • التنسيقية: التلاحم الشعبي يُجسد أصالة الموقف المصري التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية
  • الرباط تحتضن الإجتماع السنوي لشبيبة الحزب الشعبي الأوروبي لأول مرة خارج أوروبا.. السعدي: مكسب دبلوماسي
  • مانشستر سيتي يهدد رقم ريال مدريد التاريخي في دوري أبطال أوروبا