ثورة 14 أكتوبر درس السيادة الأول ورد اعتبار للكرامة العربية
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
في الثورة الأكتوبرية عام 1963 تتجلى قصةُ شعب جسور أراد السيادة فاستجاب القدر، وسيرة نضال طويل أمكنه بشراكة الدم والمصير أن يحقق مكاسب عديدة فقد حمى ثورتين؛ وأنهى أزمنة الوصاية؛ ورد الاعتبار لكرامةٍ عربية جريحة تكالب عليها تحالف استعماري متجبر ضد مصر العروبة ذات نكسةٍ حُزيرانية حزينة عام 1967م
وُلدت في جنوب اليمن ثورة جبارة؛ أوقد جذوتَها إعصارُ قوميةٍ عروبية اجتاح الوطن الأكبر من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، في زمن عبدالناصر، وهبت رياحها على يمنٍ غارق في الشقاء والتشظي، لتشعل ثورة سبتمبرية شمالا، وثورة أكتوبرية جنوبا، انطلقت رصاصتها الأولى من جبال ردفان فتردد صداها في اليمن كله ليلتحم شطراه في كفاح مشترك نسف الإمامة والاحتلال البريطاني معا، وأرغم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ان تحمل عصاها وترحل، بعد 129عاما من الوصاية.
ظل عار الاحتلال يقض مضاجع اليمنيين جنوبا وشمالا، لكنهم لم يكونوا مهيأين لمواجهة مستعمر مدجج بالترسانة المتطورة في زمن الوهن العربي.. غير أن سببين أساسيين أيقظا المارد النائم واشعلا جذوة التحرر: الأول الثورة المصرية عام 1952م وسطوع نجم الزعيم جمال عبدالناصر الذي تبنى مشروعا قوميا رائدا لطرد الاستعمار من المنطقة العربية وتحقيق وحدتها، وكان لشخصيته الكارزمية اكبر الأثر في اشعال حماس الجنوبيين.
أما السبب الثاني فكان انفجار ثورة سبتمبر التي اعتبرها الجنوبيون أساسا لخلاصهم، فقد دعوا لإقامة جبهة قومية في كل اليمن لتعمل على إقامة نظام جمهوري شمالاً، ومن ثم الانطلاق لتحرير جنوبه من الاستعمار.. فكانت عدن منطلقا لثوار الشمال، والشمال منصة لثوار الجنوب، وتلاحموا في نضال مشترك تقاطرت دماؤه من جبال ردفان إلى شواهق المحابشة بمشاركة لبوزة ورفاقه.
فوجئت صنعاء بأفواج المتطوعين من ردفان وأبين وشبوة والضالع ويافع وحالمين والأزارق والصَبَّيحة لمؤازرة سبتمبر، ويوم أن تشارك لبوزة ونجل السلال في جبهات التطوع معاً، ويوم أن رفض لبوزة ورفاقه استلام رواتبهم من الشمال واكتفوا بالسلاح فقط عرفانا للثورة الأم، والشماليون يرسلون قوافل الدعم للجنوب، ويوم أن كان قحطان الشعبي والسلال في صنعاء يجتمعان على طاولة واحدة لإدارة ثورتين، ذاك يمده بمتطوعي الجنوب، والآخر بالسلاح ومعسكرات التدريب، فكان أن اتفقا على عودة لبوزة إلى ردفان ليفجر الثورة ضد المستعمر.
استشهد لبوزه فور عودته إلى ردفان في معركة أسطورية خاضها ببندقيته ضد مستعمر مدجج بالطائرات والمدافع، لكن استشهاده أشعل الجنوبيين وأعلنوا الكفاح المسلح.
حينها أدركوا عدم جدوى النضال السلمي ضد مستعمر عنيد، وأن مَن طلب الحرية وَهَبَ الدم، فهبت المسيرات الغاضبة من عدن الى الجنوب كله، ثم تحولت إلى عمليات فدائية تقتطف رؤوس المحتل وجنوده، فتوحشت بريطانيا ضربا وقتلا واعتقالا، ودمرت مناطق وقرى بأكملها، ما أغضب المجتمع الدولي الذي ظلت توهمه بأن الوضع مستقر، فأرسل المراقبين لتقييم الأوضاع، ليتفاجأوا بحرب شوارع امتدت لخمس سنوات اذلت كبرياءها.. إلى أن أذعنت مرغمة، واعترفت باستقلال الجنوب في30 نوفمبر 1967م، لتتجلى ثورة جبارة انهت أزمنة الوصاية؛ وردت الاعتبار لكرامة عربية جريحة اهدرها تحالف استعماري اوجع مصر العروبة، ذات نكسةٍ حُزيرانية حزينة!
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
في الذكرى السادسة للثورة والاستقلال معاً لوقف الحرب
في الذكرى السادسة للثورة والاستقلال معاً لوقف الحرب
تاج السر عثمان بابو
1تتزامن الذكرى السادسة لثورة ديسمبر مع الذكرى 69 للاستقلال من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955، التي تتطلب تكثيف النضال الجماهيري لوقف الحرب واسترداد مسار الثورة، في ظروف تعاني فيها البلاد من ويلات الحرب التي شردت الملايين وأدت لمقتل وفقدان الآلاف، وتدمير البنية التحتية، والابادة الجماعية ونهب الأراضي ومناجم الذهب وممتلكات المواطنين واحتلال منازلهم، وتوقف عجلة الاقتصاد، وتدهور مريع في الأوضاع الإنسانية والمعيشية، اضافة لخطر تقسيم البلاد وتمزيق وحدتها باطالة أمد الحرب، والاعلان عن تكوين إدارات محلية في مناطق سيطرة الدعم السريع موازية لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، والإعلان عن تكوين جكومة منفي، في غياب الجماهير ومؤسساتها الدستورية،، اضافة للخطر من إطالة أمد الحرب ، مما يهدد السيادة الوطنية، ويزيد من حمى التدخل الدولي للمحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب، بهدف نهب ثروات البلاد ،هذا إضافة لخطر المجاعة التي تهدد حوالي 26 مليون مواطن سوداني، فضلا عن مصادرة الحريات والحقوق الأساسية من طرفي الحرب، وحالات التعذيب للمعتقلين حتى الموت، وقصف الجيش والدعم السريع لمواقع المدنيين، مما يؤدي للزيادة المستمرة في ضحايا وجرحي الحرب، كما يحدث في الفاشر، الخرطوم وامدرمان وبحري، والجزيرة. الخ..
2كما اوضحنا سابقا لم تكن ثورة ديسمبر حدثا عفويا، بل كانت تحولا نوعيا لتراكم كمي طويل من المقاومة الباسلة لشعب السودان ضد نظام الانقاذ الفاشي الدموي لحوالي 30 عاما التي عبرت عنها الهبات والاضرابات والمظاهرات، والاعتصامات التي واجهها النظام باطلاق الرصاص الحي مما أدي إلي مئات الشهداء كما حدث وسط الطلاب وأبناء البجا وكجبار والمناصير وهبة سبتمبر 2013 ويناير 2018، وشهداء التعذيب الوحشي في سجون وبيوت أشباح النظام، والالاف المشردين من أعمالهم والمعتقلين، وضحايا التعذيب الوحشي في المعتقلات، والشهداء في حروب الابادة في الجنوب حتى تم انفصاله، اضافة لقمع المرأة التي لعبت دورا كبيرا في مقاومة نظام الانقاذ الذي استهدفها، وفي جرائم الابادة الجماعية في دار فور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وثورة ديسمبر التي استشهد فيها المئات من الشباب والكنداكات، كل ذلك لم يفت في عضد جماهير شعبنا، التي ما زالت تواصل نضالها لوقف الحرب واستكمال مهام الثورة.
3كما جاءت ثورة ديسمبر رغم خصوصيتها علي خطي تجربة الثورة المهدية وثورة اكتوبر 1964م وتجربة انتفاضة مارس- ابريل 1985 في السودان التي اوضحت أن الثورة تقوم عندما تتوفر ظروفها الموضوعية والذاتية التي تتلخص في:
– الأزمة العميقة التي تشمل المجتمع باسره، ووصول الجماهير لحالة من السخط بحيث لا تطيق العيش تحت ظل النظام القديم.
– تفاقم الصراع داخل النظام الحاكم الذي يشمل الطبقة أو الفئة الحاكمة والتي تؤدي الي الانقسام والصراع في صفوفها حول طريقة الخروج من الأزمة، وتشل اجهزة القمع عن أداء وظائفها في القهر، وأجهزة التضليل الأيديولوجي للجماهير.
– وأخيرا، وجود القيادة الثورية التي تلهم الجماهير وتقودها حتى النصر.
4طرحت ثورة ديسمبر شعارات الحركة الوطنية و الجماهيرية التي رفعتها بعد انفجارها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فى معركة الاستقلال 1956، وثورة اكتوبر 1964 كما في:
– الحرية والديمقراطية والحياة المعيشة الكريمة، وتوفير حق العمل للعاطلين.
– العدالة والسلام ووقف الحرب والسيادة الوطنية.
– استعادة أموال وممتلكات شعب السودان المنهوبة.
– محاسبة الفاسدين الذين دمروا البلاد ومشاريعها الصناعية والزراعية والخدمية.
– قومية الخدمة المدنية والنظامية، وعودة المفصولين من الخدمة المدنية والنظامية.
– حل المليشيات (الكيزان والجنجويد، وجيوش الحركات)، وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية.
وغير ذلك من الأهداف التي تم التوقيع عليها في ميثاق قوي الحرية والتغيير الموقع عليه في يناير 2019 الذي تم الانقلاب عليه بالتوقيع على” الوثيقة الدستورية” المعيبة التي كرست الشراكة مع العسكر وقننت الجنجويد دستوريا، وحتى” الوثيقة الدستورية” كما أوضحنا سابقا تم الانقلاب عليها، كما في التوقيع على اتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات ومناصب، وأخيرا تم إطلاق رصاصة الرحمة عليها بتدبير انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي وجد مقاومة جماهيرية كبيرة، وفشل حتى في تشكيل حكومة، وجاء الاتفاق الإطارى بتدخل إقليمي ودولي، الذي أدي للصراع بين الجيش والدعم السريع حول مدة دمجه في الجيش، واشعل نيران الحرب الجارية حاليا، التي تتطلب مواصلة المقاومة الجماهيرية لوقفها ومنع تمددها واطالة أمدها، واسترداد الثورة في ذكراها السادسة وذكرى الاستقلال من داخل البرلمان..
5في ذكرى الاستقلال من داخل البرلمان وثورة ديسمبر نستلهم تجربتها في عدم تكرار انتكاسة ثورة اكتوبر 1964، وانتفاضة مارس – أبريل 1985، مهم مواصلة الثورة في أوسع حراك جماهيري حتي تحقيق أهدافها في الآتي:
المحاسبة وعدم الافلات من العقاب في جرائم الحرب، ومجزرة فض الاعتصام وبقية الجرائم ضد الإنسانية.
تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة
– أن تضع الدولة يدها علي كل الشركات العاملة في الذهب والبترول، وتخصيص جزء من عائداته لتنمية مناطق الانتاج والمحافظة علي البيئة، ومراجعة كل الاتفاقات حول تأجير الأراضي الزراعية التي تصل الى 99 عاما، لمصلحة شعب السودان والمناطق المحلية.
– رفض سياسة التحرير الاقتصادي، وتحسين الأوضاع المعيشية وتركيز الأسعار ودعم السلع الأساسية، ومجانية خدمات التعليم والصحة وتوفير خدمات المياه والكهرباء، وإعادة تأهيل المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية لدعم الإنتاج وتقوية الصادر والعملة المحلية وتوفير العمل للعاطلين، الخ. وتقليل الصرف علي جهاز الدولة وميزانية الأمن والدفاع التي تصل 76%، وزيادة ميزانية التعليم والصحة والتنمية، ووقف الحرب التي اورث شعبنا الفاقة والمسغبة.
– تحقيق السلام والحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة بالأتي:-
* الديمقراطية وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات.
* رفع حالة الطوارئ، واطلاق سراح كل المحكومين.
*الترتيبات الأمنية بحل كل المليشيات “دعم سريع، جيوش الحركات.. الخ”، وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية..
* تسليم البشير والمطلوبين في جرائم الابادة الجماعية للجنايات الدولية.
* عودة النازحين لمنازلهم وقراهم، وإعاد تأهيل واعمار مناطقهم وتعمير ما دمرته الحرب، وعودة المستوطنين لمناطقهم، والتنمية المتوازنة.
* قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة، وحماية ثقافة ولغات المجموعات المحلية.
* قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية، الذي يقرر كيف تحكم البلاد؟، ويضع الإطار لدستور ديمقراطي بمشاركة الجميع، وقانون انتخابات ديمقراطي ولجنة مستقلة تضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
– الغاء كل الاتفاقيات العسكرية التي تفرط في سيادتنا الوطنية، والخروج من محور حرب اليمن وعودة قواتنا منها، وقيام علاقاتنا الخارجية على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري، التفاوض لعودة كل الاراضي السودانية المحتلة. وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.
الوسومالاستقلال البترول البشير الجنائية الدولية الجنجويد السودان الفترة الانتقالية الكيزان المليشيات اليمن انتفاضة مارس أبريل 1985 تاج السر عثمان بابو ثورة اكتوبر 1964 ثورة ديسمبر