الفاشر- "لقد تركنا منازلنا ومجتمعنا، والعديد منا لا يعرف أين سيذهب"، هكذا تحدثت السودانية ثريا آدم، من مدينة الفاشر، وهي المصابة بإعاقة بصرية، عن واقع ذوي الإعاقة في ظل الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أواسط أبريل/نيسان 2023.

وتذكر ثريا، المطلعة على واقع ذوي الإعاقة بمنطقتها، أن القصف المدفعي الذي تنفذه قوات الدعم السريع على الفاشر وحدها أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 19 شخصا من ذوي الإعاقة.

وأضافت -للجزيرة نت- أن الأوضاع الراهنة في البلاد تسببت في أضرار جسيمة لممتلكات الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن مقرهم ومكتب الخدمات المخصص لهم تعرضا للتدمير الكامل بسبب قصف هذه القوات، مما دفع عددا كبيرا منهم إلى النزوح من الفاشر بحثا عن الأمان.

ولفتت إلى أن بعض النازحين المعاقين لجؤوا إلى دول الجوار بحثا عن الحماية والدعم، لكنهم يواجهون تحديات جديدة هناك، وطالبت جميع الجهات المعنية باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية حقوقهم وتأمين سلامتهم.

معظم ذوي الإعاقة اضطروا إلى النزوح والفرار من قصف الدعم السريع على مدينة الفاشر (الجزيرة) زيادة ملحوظة

ووفقا للتقارير، أدت الحرب المستمرة إلى زيادة ملحوظة في أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان حيث يواجهون ظروفا صعبة للغاية، أبرزها حرمانهم من حقوقهم في الحماية والعيش بسلام.

وحسب محمد آدم إبراهيم، الأمين العام لمجلس الأشخاص ذوي الإعاقة بشمال دارفور، فإنه رغم غياب أرقام دقيقة عن هذه الفئة في السودان، فإن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن عدد ذوي الإعاقة الحركية في ولاية شمال دارفور وحدها يزيد على 16 ألفا.

وعدد المصابين بإعاقات ذهنية في الولاية يبلغ نحو 4 آلاف شخص، بالإضافة إلى 6 آلاف أصم و5 آلاف فاقد للبصر. وقال إبراهيم -للجزيرة نت- إن معظم هؤلاء يعانون من الفقر ويواجهون نقصا في الموارد اللازمة لدعم مؤسساتهم.

بدوره، يُعدّ المغني الشاب "شريف الفاشر" رمزا للأمل والإصرار في السودان. فعلى الرغم من إعاقته الحركية، تمكن من تحقيق نجاح ملحوظ في عالم الموسيقى، واستخدم صوته الفريد وكلماته المعبرة لنقل رسائل إيجابية، ولم تمنعه تحديات الحياة من تطوير موهبته وبدء مسيرته الفنية.

وُلد شريف عبد الكريم إدريس قصب في عاصمة شمال دارفور، لعائلة بسيطة. وسرعان ما ارتقى في خدمة مجتمعه من ذوي الإعاقة، ليصبح الأمين العام لاتحاد المعاقين في الولاية، وأصبح واحدا من أبرز الشخصيات المعروفة فيها، حيث أظهر عزيمة قوية في مواجهة الصعوبات وخدمة الآخرين.

الفنان شريف يقول إن الحرب أحيانا تشعره بالإحباط (الجزيرة) مصدر الأمل

يقول الفنان شريف -للجزيرة نت- إنه أُصيب بإعاقة في الحركة عندما كان طفلا في السادسة من عمره. وواجه صعوبات عديدة ولكنه لم يستسلم، وكان يؤمن دائما بأن الموسيقى هي وسيلته للتعبير عن نفسه وكل أغنية يكتبها تعكس جزءا من قصته ويرغب في مشاركتها مع الآخرين ليشعروا بالأمل.

وأوضح أنه أحيانا يشعر بالإحباط بسبب الحرب الدائرة في البلاد، لكنه يستمد قوته من دعم عائلته وأصدقائه، وأنه يريد أن يكون مثالا للآخرين وأن يثبت لهم أن الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل بداية لشيء جديد ومميز.

ويسعى شريف لإصدار ألبوم غنائي جديد يتناول قضايا مجتمعية مهمة، ويعبر عن آمال وتطلعات الشباب، مؤكدا أنه يؤمن بأن الفن يمكن أن يكون أداة قوية للتغيير، ويرغب في استخدام صوته لإحداث فرق.

تقول الناشطة الاجتماعية أمل إدريس -للجزيرة نت- إن الأعمال التي يقدمها الفنان شريف تجسد رؤية الإعاقة كفرصة للإبداع. وأشارت إلى أن شريف، الذي واجه تحديات كبيرة منذ طفولته، استخدم الموسيقى للتعبير عن مشاعره وتجربته الشخصية، فساعده ذلك في التغلب على الصعوبات. وأوضحت أن الفنون مثل الموسيقى والرسم والتمثيل، تلعب دورا محوريا في تمكين ذوي الإعاقة وإبراز قدراتهم.

وأضافت الناشطة أن الفن لغة عالمية ويمنح المعاقين منصة للتواصل مع الآخرين، فيعزز ثقتهم بأنفسهم ويشجعهم على مشاركة قصصهم.

تحديات

يوضح عبد الوهاب همت، المستشار بحكومة إقليم دارفور وأحد المهتمين بأمر الثقافة، أنه في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الصعبة التي يمر بها السودان نتيجة الحرب المستمرة، يواجه جميع المبدعين، وخاصة ذوي الإعاقة، تحديات كبيرة تعيق مسيرتهم الفنية.

وقال للجزيرة نت إن القدرة على الإبداع لا تعني شيئا إذا لم تتوفر الموارد اللازمة لتحقيق الأحلام. وأضاف أن الحرب تتسبب في تدمير البنية التحتية كلها وفي تراجع فرص العمل، وذلك يزيد من صعوبة حصول الفنانين على التمويل والدعم اللازم لإنتاج أعمالهم.

وبحسب الأمم المتحدة، يُقدر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف أنحاء العالم بنحو 1.3 مليار شخص، منهم ملايين يعيشون في البلدان النامية. ويواجه أغلبهم صعوبات كبيرة في مختلف جوانب الحياة، مثل الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والفرص الوظيفية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأشخاص ذوی الإعاقة للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

قومي حقوق الإنسان والأحزاب يطلقون وثيقة وطنية لدعم حقوق ذوي الإعاقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقدت وحدة الأشخاص ذوي الإعاقة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان  بالتعاون مع لجنة الحقوق المدنية والسياسية بالمجلس
مائدة مستديرة، تحت عنوان "دور الأحزاب في تعزيز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة بالشأن العام" بمقر المجلس بالقاهرة الجديدة بمشاركة رؤساء  وممثلي 22 حزباً سياسياً، بالإضافة إلى ممثلين عن المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، والجهات المعنية بهذا الشأن.


بحضور السفير محمود كارم نائب رئيس المجلس ،والسفير فهمي فايد أمين عام المجلس ،والدكتور محمد ممدوح عضو المجلس والمشرف علي وحدة الإعاقة، والدكتور أيمن زهري عضو المجلس وامين لجنة الحقوق المدنية والسياسية    
افتتح أعمال المائدة السفير محمود كارم، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، حيث أكد في كلمته  على الأهمية البالغة التي يوليها المجلس لهذا الملف. 

وأشار إلى أن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف المجالات، وخاصة السياسية، هو جزء لا يتجزأ من رؤية المجلس لضمان حقوق الجميع. 

وأضاف أن هذه المائدة المستديرة تعد خطوة في إطار الجهود المتواصلة التي يبذلها المجلس لتعزيز المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال التعاون مع كافة الأطراف المعنية.


فيما أعرب فهمي فايد،  أمين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان، على أهمية تلك اللقاءات التي تساهم في رفع الوعي المجتمعي تجاه قضايا الأشخاص ذوي الاعاقة، وبخاصة المشاركة في الشأن العام 
من جانبه، قدم  الدكتور محمد ممدوح الشكر للاحزاب السياسية علي تلبية دعوة المجلس ونقل لهم تحيات السفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس و اعتذارها عن المشاركة لسفرها خارج البلاد  


وأكد على أهمية المشاركة السياسية لذوي الإعاقة، الذين يشكلون نحو عدة ملايين داخل مصر،  إلا أنه ورغم ما يمثله ذلك من ثقل انتخابي كبير ، إلا أن هناك العديد من الصعوبات أمام مشاركتهم السياسية سواءً كناخبين أو مرشحين، مؤكداً أن المجتمع المصري شهد طفرة كبيرة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن التمكين السياسي لهم ما زال يتطلب المزيد من الجهود. وأضاف أن الأحزاب السياسية تُعد بمثابة المدرسة الرئيسية التي تعمل على تأهيل الأفراد للانخراط في الشأن العام.

 

وشدد على ضرورة تبني الأحزاب سياسات داعمة لذوي الإعاقة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لمجلسي النواب والشيوخ، حيث أن المشاركة هي حق مكفول للجميع، وأن الإعاقة يجب أن لا تكون حاجزاً يحرم ذوي الإعاقة من ممارسة هذا الحق ،والذي كفله الدستور والمواثيق والمعاهدات التي صدقت عليها مصر .

وتحدث الدكتور أيمن زهري، عضو المجلس، على الدور الرئيسي الذي تلعبه الأحزاب في تفعيل المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة، قائلاً: "الأحزاب هي الجهة الأقرب للمجتمع، وهي التي تعمل على الأرض لتمكين الأفراد، ومن بينهم الأشخاص ذوي الإعاقة، من المشاركة في صنع القرار السياسي وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب تكثيف الجهود لضمان تحقيق تمكين سياسي حقيقي لذوي الإعاقة
في ختام المائدة المستديرة قامت الأحزاب المشاركة بالتوقيع على وثيقة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي خطوة غير مسبوقة تؤكد التزام الأحزاب السياسية بتعزيز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية. وتضمنت الوثيقة مجموعة من التوصيات الهامة، من بينها التأكيد على استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان، وتخصيص حصص لذوي الإعاقة في الهيئات الحزبية، بالإضافة إلى توفير الدعم المالي والتقني للمرشحين من ذوي الإعاقة، وتشجيع الأحزاب على تبني أجندة حقوق ذوي الإعاقة ضمن برامجها الانتخابية.

 

وأشاد رؤساء وممثلو الأحزاب بدور المجلس القومي لحقوق الإنسان في متابعة وتطوير حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرين إلى أن المجلس يعد الآلية الوطنية المعنية برصد ومتابعة تطبيق تلك الحقوق، كما ثمنوا تشكيل المجلس الحالي الذي يتكون من 27 عضواً تم اختيارهم من بين أكثر من 2000 مرشح، مما يعكس التزام الدولة المصرية بتعزيز حقوق الإنسان على كافة المستويات.

 

يذكر أن الأحزاب التي شاركت هي رؤساء احزاب المؤتمر والشعب الجمهوري والتجمع والإصلاح والتنمية والمصري الديمقراطي الاجتماعي والإصلاح والنهضة وحزب الغد وحزب النور وحزب مصر القومي والحزب العربي الناصري وحزب الشعب الديمقراطي، وحزب حقوق الإنسان والمواطنة وحزب المصريين وحزب الريادة وحزب الحرية وحزب السلام الديمقراطي وحزب مصر الحديثة، وحزب صوت مصر وحزب مصر بلدي وحزب الأحرار الاشتراكيين وحزب الأحرار وحزب المصريين الأحرار .

مقالات مشابهة

  • قومي حقوق الإنسان والأحزاب يطلقون وثيقة وطنية لدعم حقوق ذوي الإعاقة
  • حرب السودان.. هل اقتربت المعركة الفاصلة؟
  • حركة تحرير السودان: مقتل وإصابة مئات المدنيين في هجوم وحرق مليشيا الدعم السريع لـ(١٧) قرية
  • مناوي: بعد ده كله كمان بتبكي يا حميدتي …. ؟
  • "القومي للإعاقة" ينظم المعرض الرابع عشر لمنتجات ذوي الإعاقة بمحافظة السويس
  • "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ينظم المعرض الـ 14 للمنتجات بالسويس
  • مآلات حرب السودان.. هل اقتربت المعركة الفاصلة؟ (تقرير)
  • وزير خارجية إيران للجزيرة: لا نريد الحرب لكننا مستعدون لها ووقف إطلاق النار أولوية
  • منظمات دولية: فتيات في الفاشر تزوجن مقاتلين من أجل لقمة الخبز