يواجه حزب الله اللبناني "أزمة مالية حادة"، بعد أن أدى الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ أسابيع ضد هذه الجماعة المدعومة من إيران إلى تعطيل ثلاثة من مصادرها الرئيسية للتمويل النقدي، حسبما أفاد موقع "فويس أوف أميركا".
ووفقا لتقارير صادرة عن باحثين أميركيين ولبنانيين، بالإضافة إلى وزارة الخزانة الأميركية، فإن المصدر الرئيسي لتمويل حزب الله هو "القرض الحسن"، وهي مؤسسة شبه مصرفية تديرها الجماعة المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة دون ترخيص مصرفي حكومي.
ويضيف الباحثون أن حزب الله يعتمد أيضا على مصدرين آخرين للتمويل النقدي، وهما البنوك التجارية اللبنانية المرخصة، رغم معاناتها من أزمات مستمرة، بالإضافة إلى الأموال النقدية التي تصل عبر رحلات جوية إلى مطار بيروت.
"القرض الحسن"وأسس حزب الله مؤسسة "القرض الحسن" في عام 1982 كمؤسسة خيرية تقدم قروضا بدون فوائد للبنانيين المحتاجين، خاصة الشيعة منهم، وفقا لمركز المعلومات الاستخباراتية والإرهاب التابع لمركز "مئير عميت" الإسرائيلي، وهو مجموعة بحثية غير حكومية تضم قدامى المحاربين في مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي.
ويقول المركز إن مؤسسة "القرض الحسن"، نمت منذ ذلك الحين لتصبح مؤسسة رئيسية لها فروع في معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وأجزاء أخرى من لبنان يسيطر عليها حزب الله.
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مؤسسة القرض الحسن في عام 2007، ثم عقوبات أخرى عام 2021 على موظفي المؤسسة، مشيرة إلى أنها "جمعت حوالي نصف مليار دولار".
وتعرضت هذه المؤسسة المالية لضربة قوية من الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف حزب الله في الضاحية في أواخر سبتمبر، وفقا لشبكة "إم تي في" اللبنانية.
وأفادت الشبكة، في 30 سبتمبر الماضي، بأن الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت "مراكز تخزين النقد لحزب الله، بما في ذلك جزء كبير من خزائن مؤسسة القرض الحسن"، مما ترك الجماعة في ما وصفته بـ "أزمة مالية".
وكثّفت إسرائيل اعتبارا من 23 سبتمبر غاراتها الجوية على لبنان، مستهدفة معاقل لحزب الله، وبدأت بعد أيام عمليات برية في جنوب لبنان، عقب نحو عام من التصعيد بين حزب الله واسرائيل.
في هذا السياق، يوضح أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، هلال خشان، أن إسرائيل "دمرت" معظم فروع مؤسسة القرض الحسن في الغارات الجوية. مضيفا أن "حزب الله يواجه مشكلة مالية خطيرة جدا".
وتابع في تصريحه لـ"فويس أوف أميركا"، أن الحزب أصبح "غير قادر على دفع رواتب الأعضاء الذين فروا من منازلهم ويحتاجون إلى إطعام عائلاتهم".
الوصول للنظام المصرفيوأشار إعلان وزارة الخزانة الأميركية في 2021، إلى فرض عقوبات على 6 موظفين في مؤسسة القرض الحسن، بسبب استخدامهم حسابات شخصية في بنوك لبنانية مرخصة لتحويل أكثر من 500 مليون دولار من وإلى "القرض الحسن""، خلال العقد الماضي.
وقالت الوزارة، إن هذا النشاط منح مؤسسة القرض الحسن إمكانية الوصول إلى النظام المالي الدولي من خلال الحسابات الشخصية لهؤلاء الموظفين في البنوك اللبنانية.
وقال ديفيد آشر، وهو مسؤول سابق في وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين، عمل على مكافحة شبكات تهريب المخدرات وغسيل الأموال العالمية لحزب الله، إن الجماعة في "ورطة كبيرة" لأنها تفقد إمكانية الوصول إلى النظام المصرفي اللبناني.
وصرّح آشر، وهو أيضا زميل أول في معهد هدسون في واشنطن: "أسمع من مصرفيين لبنانيين، بمن فيهم ممولون لحزب الله، أن بعض أغنى المصرفيين اللبنانيين قد فروا إلى أوروبا والخليج، خشية أن تستهدفهم إسرائيل في المرحلة التالية بسبب مساعدتهم حزب الله".
وتابع المتحدث ذاته أن "هؤلاء المصرفيون الفارون يرون أن الرياح تهب ضد حزب الله، لذلك لن يسمحوا له بسحب ملايين الدولارات من بنوكهم، التي لا تزال تحتفظ بالنقد على الرغم من إفلاسها على الورق.. إنهم يعلمون أنه إذا فعلوا ذلك، فإن إسرائيل ربما ستقضي عليهم أيضا".
نقل الأموالوتعهد الجيش الإسرائيلي بمنع إيران من تزويد حزب الله بالأسلحة عبر مطار بيروت، قائلا إن مقاتلاته تقوم بدوريات في محيطه.
ويشير كل من ديفيد آشر وهلال خشان إلى أن هذا أدى إلى انقطاع مصدر تمويل رئيسي آخر لحزب الله، بعد أن توقفت عمليات نقل الأموال النقدية عبر الرحلات الجوية القادمة، وخاصة من إيران الداعم الأساسي للجماعة.
في هذا الجانب، يوضح آشر: "سمعت من نظرائي الإسرائيليين أن الإيرانيين خائفون من إرسال الأموال إلى لبنان في الوقت الحالي لأن إسرائيل تهدد باستهداف الرحلات الجوية إلى بيروت".
بدوره، أوضح خشان أن إيران اعتادت تنظيم رحلات جوية منتظمة من طهران إلى بيروت لتهريب النقد إلى حزب الله دون المرور عبر دائرة الجمارك الحكومية اللبنانية.
وأضاف: "في الأسابيع التي تلت تصعيد إسرائيل هجماتها على الضواحي الجنوبية لبيروت، فرضت الحكومة اللبنانية مزيدا من السيطرة على المطار، والآن لا يوجد تدفق نقدي إلى حزب الله".
غير أنه يستبعد أن يوقف نقص النقد عناصره عن قتال القوات الإسرائيلية في أي وقت قريب، وأوضح أنه "عندما يكون قتالك مدفوعا بالحماس الديني، فإن لديك قضايا أكثر أهمية للقلق بشأنها من توفر النقد".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: لحزب الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
حكم الاقتراض من البنوك.. أمين الفتوى يجيب
أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن العمل في البنوك جائز شرعًا ولا حرج فيه، طالما أن الموظف يتقاضى أجرًا مقابل عمله المشروع ويلتزم بالقوانين واللوائح المنظمة للعمل داخل المؤسسة المصرفية.
وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، أن البنوك تُعد جهات استثمارية منظمة، ويجوز للمسلم العمل فيها في إطار القوانين السارية، دون مخالفة للضوابط الشرعية، مشددًا على أن الأجر الذي يتقاضاه الموظف مقابل هذا العمل مال حلال.
وفيما يتعلق بالاقتراض من البنوك، أوضح أن حكم القرض يختلف بحسب الغرض منه، فإذا كان القرض استثماريًّا، كأن يُستخدم في إقامة مشروع أو نشاط تجاري يعود بالنفع، فلا حرج فيه شرعًا، طالما يحقق عائدًا يمكن من خلاله سداد القرض والفوائد المترتبة عليه، وأما إذا كان القرض استهلاكيًّا يُؤخذ للإنفاق فقط دون عائد، فهذا لا يُفضَّل شرعًا.
بعد فتوى الهلالي.. رد حاسم من دار الإفتاء على المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث
حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.. أمين الإفتاء يكشف
حقيقة فتوى تحريم الاحتفال بشم النسيم .. الإفتاء ترد
حكم صيام الست من شوال دون تبييت النية ليلا.. الإفتاء تجيب
وكانت دار الإفتاء قالت إن العمل في البنوك جائزٌ شرعًا؛ لأن البنك هو مؤسسة استثمارية وشخصية اعتبارية، والبنك يمارس الاستثمار في صورة الإيداع ويمارس التمويل في صورة العطاء، فالعمل فيه يكون جائزًا.
وأضافت أن إيداع الأموال في البنوك من قبيل الاستثمار القائم على الرضا بين الأطراف، وتحكمه القوانين وتمنع عنه الضرر والغرر، فهو جائز شرعًا وليس في الشرع الشريف ما يمنعه، كما أن طرفه وهو البنك شخصية اعتبارية تختلف أحكامها عن الشخصيات الطبيعية والأفراد.
ونوهت بأن الوديعة في جملتها تُعدُّ من العقود الجديدة التي لم تكن معروفة لدى الفقهاء بمعناها الفقهي الموروث؛ فهذه الحسابات عقود لها أحكامها الذاتية الخاصَّة التي لا تنطبق على العقود المسمَّاة المعروفة؛ فليس في الفقه الموروث ما يسمَّى بـ"الوديعة الاستثمارية أو غير الاستثمارية"؛ فهي وإن كانت تُشبهها لبعض الاعتبارات إلا أن لها وجوهًا تجعلها مختلفة عنها، بالإضافة إلى أنَّ عدَّها من العقود الجديد هو الأقل إشكالًا والأسلم إيرادًا.
وأوضحت “الوديعة تشبه باعتبار أن المودع يهدف من خلالها إلى حفظ ماله وصيانته، وأن المال المودع فيها مضمون على البنك مع ردِّ الفائدة القانونية المقررة؛ كلٌّ بحسب طبيعته وما يتماشى مع العرف المصرفي، بينما تخالف الوديعة بمعناها الفقهي، باعتبارها أمانة تُحفظ بعينها لتُرَد إلى أصحابها، ولا تُضْمَن إلا بالتعدي أو التقصير؛ فضلًا عن أن البنك يستهلك عين هذه المبالغ المالية ولا يبقيها كما هي”.
وتابعت أن الوديعة تبقى على ملك المودع (صاحب المال)، ولا يجوز للوديع (المؤتمن) التصرف فيها، وهو ما يتعارض مع طبيعة هذه الحسابات، فإن ملكية المال المودع في الحساب تنتقل للبنك وله التصرف فيه بتنميته واستثماره ضمن إدارته لسائر النقود والأموال.
وأشارت إلى أن هذه العقود أيضًا تشبه القرض؛ باعتبار أنَّ ملكية المال في كلٍّ منهما تنتقل إلى المقترض، ويحق له التصرف فيه، ولكنها تفترق عن "القرض" بمعناه الشرعي من جهة أنَّ القرض تحظر فيه الزيادة، بل إن المنفعة المشروطة فيه محظورة مطلقًا؛ أمَّا الودائع البنكية فإن الزيادة فيها حاصلة وموجودة، والمنفعة فيها مقصودة من كِلَا الطرفين؛ حيث يقصدها كلُّ طرفٍ كأثرٍ من آثار العلاقة، ونتيجة مترتبة عليها بصورة تلقائية.
وأفادت بأن واقع البنوك يشهد أنها تستقبل ودائع بصورة يومية وبمبالغ مالية متفاوتة، وتدمج بين هذه الودائع في سلة عامَّة أو حوضٍ واحدٍ أشبه بالنهر الجاري الذي تمول منه عقودًا وصورًا متنوعة، وهذه العمليات يتم خلط فيها أموال المودعين وأموال المساهمين خلطًا متداخلًا غير مميز لمال مُودِع عن آخر؛ فهي كالتيار المستمر لا يمكن معه تتبع العمليات المختصة بوديعة بعينها للوقوف على حصتها في الربح أو الخسارة.
وأما المال الذي يأخذه الشخص من البنك، فأكدت أنه عبارة عن تمويل وليس قرضًا، والتمويل من العقود المستحدثة التي يبرمها أطرافها بقصد الاستثمار، ممَّا يرفع عنها مادة الغرر والضرر، ويحسم النزاع، ويحقق مصلحة أطرافها، وليست من باب القروض التي تجرُّ النفع المحرم، ولا علاقة لها بالربا المحرم شرعًا في صريح الكتابِ والسُّنة وإجماع الأمة، والتمويل العقاري هو أحد صور عقود التمويلات التي يبرمها البنك مع العملاء، وهي صورة جائزة شرعًا أيضًا ولا علاقة لها بالربا المحرم شرعًا.