عادل الباز: ما هي الخطة (ب) وما مصيرها؟ (1)
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
1 أربك خطاب الجنجويدي أمس حسابات كثيرة في الساحة السياسية، ونقل ملعب الصراع نقلة نوعية وسّع فيها دائرة عداوته وأحبط حلفاءه بخطابه المتناقض، وتركهم يعانون داء (هاء السكت) منذ الأمس، إذ لم ترحب أو تدن (تقدم)، بل لم تعلق على ما جاء في الخطاب.
الخطاب الذي شن فيه هجومًا غير مسبوق على المجتمع الدولي واتهمه بتدمير السودان، ثم أعلن الحرب على مصر والإسلاميين والشايقية، وذكر سبع دول قال إنها داعمة للجيش.
الحقيقة أنني لم أصدق أن حميتي مات إلا بالأمس؛ فقد مات فعلاً حين مات ضميره الذي رضي وبرر كل الجرائم. مات حين فاض خطابه بالأكاذيب وتعامى عن الحقائق المجردة التي يراها الجميع. مثل هذا الجنجويدى باطن الأرض أفضل له وللبشرية من ظاهرها.
2
أهم ما جاء في الخطاب الذي احتوى على كل الإحباطات هو ما أسماه الخطة (ب) حين قال: “سننتقل في معركتنا مع مليشيا وفلول البرهان إلى الخطة (ب)”، ما هي تلك الخطة الجديدة التي سينتقل إليها هذا الجنجويدي؟
يمكننا أن نرى مؤشرات تلك الخطة في عدد من الإشارات التي وردت في الخطاب. فقد أعلن الجنجويدي أمس حالة الطوارئ والاستنفار العام لكل الجنود، ودعاهم للتبليغ فورًا إلى أقرب وحدة. وهذا النداء يشير إلى أمرين: الأول، أن المليشيا تعاني نقصًا هائلًا في الكوادر البشرية والمقاتلين في ساحات المعارك الآن. الثاني، أن هذا النداء يأتي في إطار حشد لتنفيذ مهام الخطة (ب)، وهي الخطة التي قال أمس إنه يحشد لها الآن مليون مقاتل!!
3
في الخطاب، ركز الجنجويدي كثيرًا على قضية الحواضن،فقال: “لماذا لا يقصف الطيران الحربي مواقع انتشار قواتنا في حجر العسل والبسابير بولاية نهر النيل؟”. وهذا يعني أن الحواضن التي تستهدفها الخطة (ب) تقع في مناطقة محددة، مما يشير إلى رغبته في الرد باستهداف الحواضن التي ينتمي إليها (الفلول والشايقية)يعنى نقل الحرب إلى مناطق الشمالية وشندي تحديدا ويعني ايضا أن الخطة (ب) التي يحشد لها مليون مقاتل تستهدف مدن الشمال وليس مناطق بغرب السودان.
ما يؤكد ذلك هو الفيديو الذي انتشر قبل أيام في الوسائط، والذي أظهر مئات العربات المدججة بالسلاح والمقاتلين، والذين تعالت هتافاتهم ـ “كل القوة شندي جوه”. الحديث عن حواضن (الشايقية ) لا يخلو من تحريض لحواضن التمرد بغرب السودان لتدفع أبناءها مجددًا إلى محرقة الحرب، وهنا تأتي خطورة الخطة (ب) التي تسعى فيما يبدو إلى جر الصراع إلى ميدان الحرب الأهلية والقبلية
4.
الإشارات المهمة في خطاب حميدتي التي لها علاقة وثيقة بالخطة (ب) هي خلو الخطاب من أي حديث عن المفاوضات، ثم هجومه على المجتمع الدولي الذى اتهمه بالخداع والرغبة في عودة “الكيزان”، متسائلًا: “أنتو عاوزين تدمروا السودان؟”. الهجوم على المجتمع الدولي ينطوي على هجوم خفي على حلفائه في (تقدم)، باعتبار أن دورهم في هذه الحرب هو دفع المجتمع الدولي إلى جانب المليشيا والدفاع عنها ، يعني ذلك أن الخطة (ب) لن تأبه لنداءات المجتمع الدولي بعدم توسيع رقعة الحرب، ولن تكترث لما يقوله أو يفعله المجتمع الدولي المخادع. (هل كانت تكترث أصلًا حتى للقرارات الأممية التي دعته لعدم مهاجمة الفاشر)؟
5
من ملامح الخطة (ب) أيضًا أن هذه الخطة تبدو أنها الخطة النهائية التي ستحدد مستقبل الدعم السريع، إذ لن تكون بعدها أي خطة أخرى. فإما أن تنجح الخطة (ب) في تحقيق غاياتها أو تفشل، ويندثر معها التمرد نهائيًا.
خطة المليون مقاتل، الخطة (ب)، هي الخطة التي يقودها حميدتي بنفسه ولا أحد سواه، وبدأها بدعوة للاستنفار بنفسه وبلهجة حادة: “الماعايزين يبلغوا يقعدوا مع أخواتهم”. هناك تسريب نشره موقع “سودان تربيون” قبل يومين، يفيد بأن حميدتي وصل إلى الخرطوم قبل شهرين. وإذا صح هذا الخبر، فهذا يعني أنه قرر قيادة المعارك النهائية عبر الخطة (ب) بنفسه. ما يعزز احتمال صحة الخبر هو الهجوم على مصر، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يفعله حميدتي وهو في الإمارات، إذ سيخلق ذلك إشكالات كبيرة في العلاقات بين البلدين
6
إذن، تقوم الخطة (ب) على حشد مليون مقاتل،وتعبئة وتحريض القبائل في حواضن التمرد في غرب السودان ،كما تهدف إلى تحويل طبيعة الحرب الجارية إلى حرب أهلية. وهي خطة لا تأبه للمجتمع الدولي، يقودها الجنجويدي بنفسه في الميدان. ما مصير تلك الخطة؟ سنرى في الحلقة القادمة.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المجتمع الدولی فی الخطاب
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي تركي: مستعدون لدعم العملية السياسية في السودان
أكد الممثل الدائم لتركيا لدى الأمم المتحدة أحمد يلدز، أن أنقرة مستعدة لدعم العملية السياسية في السودان، ودعا المجتمع الدولي لتعزيز جهوده في مجال الوساطة إلى جانب المساعدات الإنسانية لهذا البلد، جاء ذلك في جلسة رفيعة المستوى عقدت بمجلس الأمن الدولي برئاسة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لمناقشة التطورات في السودان.
وفي كلمته خلال الجلسة، أشار يلدز إلى أن الصراع في السودان، الذي دخل عامه الثاني، قد تحول إلى كارثة إنسانية.
وأوضح يلدز أن "أكثر من 11 مليون شخص في السودان اضطروا للنزوح، وأن مئات الآلاف فقدوا حياتهم".
وقال: "الصراع تسبب في تدمير مرافق البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المرافق الصحية. وتشعر تركيا بقلق بالغ إزاء استمرار الأزمة الإنسانية والصراع".
وتابع "باعتبارها تتمتع بعلاقات طويلة وعميقة مع السودان وشعبه، تولي تركيا أهمية كبيرة لوحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادته واستقلاله عن أي تدخلات خارجية".
**تركيا تواصل تقديم المساعدات الإنسانية
وأشار يلدز أن تركيا تدعم جميع الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لتخفيف معاناة الشعب السوداني وزيادة المساعدات الإنسانية.
وفي هذا السياق، أشار يلدز إلى أن تركيا تواصل تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوداني، لافتاً إلى أن ثلاث سفن مساعدات تركية وصلت مؤخراً إلى ميناء السودان، محملة بـ 8 آلاف طن من المواد الإغاثية.
وأضاف يلدز أن مستشفى نيالا السوداني التركي للتعليم والبحث العلمي يواصل تقديم خدماته رغم الظروف الصعبة التي يواجهها.
ولفت يلدز إلى أن مواصلة السفارة التركية في السودان عملها من مدينة بورتسودان الساحلية، دليل واضح على التزام أنقرة بالوقوف إلى جانب حكومة وشعب السودان.
وأوضح أنّ أمن واستقرار ورفاهية القارة الإفريقية أصبحت أكثر هشاشة بسبب التأثيرات الأزمات العالمية.
ودعا إلى إيجاد حلول دائمة من خلال معالجة الأسباب الداخلية والخارجية بشكل صحيح.
وأكد السفير يلدز على ضرورة وقف النزاع في السودان بشكل فوري.
وصرّح يلدز بأن تركيا تعتقد أن العناصر الواردة في إعلان جدة تشكل مرجعًا أساسيًا لإنهاء هذا النزاع.
وتحت رعاية السعودية والولايات المتحدة استضافت مدينة جدة غربي المملكة محادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 11 مايو/ أيار عام 2023.
وتوصل الطرفان إلى "إعلان جدة"، وينص على التزامهما بـ"الامتناع عن أي هجوم عسكري قد يسبب أضرارا للمدنيين"، و"التأكيد على حماية المدنيين"، و"احترام القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان".
ولفت يلدز إلى أن تركيا تربطها علاقات قائمة على الثقة المتبادلة مع الدول الإفريقية.
وذكر أن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان أن تركيا عازمة وجاهزة للقيام بدورها في المشاركة بعمليات سياسية من أجل استقرار السودان. .
وجدد يلدز دعوته للطرفين في السودان لضبط النفس لمنع أي أضرار تلحق المدنيين، داعيًا المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده ليس فقط بمجال المساعدات الإنسانية فحسب بل من أجل مواجهة التحديات السياسية
واختتم السفير حديثه قائلاً: "يستحق الشعب السوداني أن يتم إنقاذه من دوامة العنف والموت (...) تؤكد تركيا مرة أخرى دعمها القوي للشعب السوداني، وتدعو المجتمع الدولي إلى تعزيز جهوده في مجال الوساطة السياسية إلى جانب المساعدات الإنسانية".
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
نيويورك/الأناضول