لقاء بزشكيان وبوتين يثير تساؤلات حول تسلّم إيران مقاتلات سوخوي-35
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
طهران – للمرة الأولى منذ انتخابه رئيسا لإيران في يوليو/تموز الماضي، التقى مسعود بزشكيان نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش المنتدى الدولي، الذي تستضيفه العاصمة التركمانية عشق آباد تحت عنوان "العلاقة بين الأزمنة والحضارات.. أساس السلام والتنمية".
وخلال لقائهما أمس الجمعة، أشاد الرئيسان بالعلاقات "الودية والإستراتيجية" التي تربط البلدين، مؤكدين أنها تحظى بـ"الأولوية"، كما ناقشا التطورات في الشرق الأوسط، وشددا على ضرورة إتمام توقيع وثيقة الشراكة الإستراتيجية بينهما قريبا.
يأتي ذلك في خضم التوتر المتصاعد في الشرق الأوسط وتهديد إسرائيل بضرب أهداف حيوية في العمق الإيراني، مما أثار تساؤلات عن مدى جدية موسكو في الوقوف إلى جانب طهران في مواجهة هذه التحديات الحقيقية.
الأوساط الإيرانية طالبت روسيا بتسيم طهران مقاتلات "سوخوي 35" ونظام إس400 للدفاع الجوي (الأناضول) ملفات عالقةوفي ظل الضغوط الغربية على إيران بذريعة تعاونها العسكري مع روسيا خلال حربها على أوكرانيا، أعاد اللقاء بين بزشكيان وبوتين انتقادات الأوساط الإيرانية للجانب الروسي إلى الواجهة، فتساءل مراقبون عن سبب عدم تسليم موسكو الأسلحة الإستراتيجية وعلى رأسها مقاتلات "سوخوي-35" ومنظومة "إس-400" للدفاع الجوي التي سبق أن أتمت إيران صفقة شرائهما.
يرى محمود شوري، الباحث في "مركز الدراسات الإستراتيجية" بمجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، أن العلاقات الثنائية بين طهران وموسكو "متينة وتواصل تعزيزها منذ ثلاثة عقود"، لكنه تحفّظ على وصفها بأنها "إستراتيجية"، مضيفا أن سياسات البلدين "متباينة" إزاء بعض الملفات الإقليمية والدولية رغم تقاطع الرؤى حيال العديد منها، لكن لا يمكن القول إن الجانبين يعتبران أمنهما من أمن الطرف المقابل.
وفي حديث للجزيرة نت، يشير الباحث الإيراني إلى الملفات العالقة بين بلاده وروسيا، ورأى أن توقيت الزيارة يجعل من إثارة بعض الملفات الثنائية والإقليمية والدولية "أمرا لابد منه"، موضحا أنه علاوة على تنفيذ الصفقات التجارية والعسكرية وإتمام التوقيع على اتفاقية التعاون البعيدة المدى، فإن تطورات الشرق الأوسط وموازنة علاقات طهران مع القوى الشرقية والغربية تحتل حيزا مهما من مباحثات الرئيسين.
وتعليقا على مطالبة بعض الأوساط الإيرانية الجانب الروسي بضرورة تسليم مقاتلات سوخوي-35 ومنظومة إس-400 للدفاع الجوي إلى إيران، لاسيما بعد أن تعرضت الأخيرة لضغوط غربية كبيرة لتعاونها العسكري مع موسكو، يقول شوري إن بلاده ترفض الاتهامات الغربية حول مدها روسيا بالسلاح، وإن الجانب الغربي لم يقدم ما يثبت هذه الاتهامات.
الإيرانيون يتوقعون من روسيا المساهمة في رفع مستوى الردع العسكري لمواجهة التهديدات الإسرائيلية (أسوشيتد برس) التعاون العسكريكما يرى شوري أن التعاون العسكري بين طهران وموسكو لم يخرج عن إطاره الطبيعي، ولا يشكل تهديدا لطرف آخر، ذلك بأن إيران رفضت التقارير الغربية حول تسليم الجانب الروسي صواريخ باليستية، وأعلنت بشكل واضح أنها سبق أن أرسلت عددا محدودا فقط من الطائرات المسيّرة إلى روسيا قبل فترة الحرب مع أوكرانيا.
وبرأي المتحدث نفسه، فإن طهران لا تعتبر أوكرانيا عدوة لها، بل تدعو إلى ضرورة وقف الصراع العسكري في كييف فورا، وهذا ما أكده الرئيس بزشكيان خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.
وخلص إلى أن النخب الإيرانية تنتقد العلاقة بين طهران وموسكو لأن الأخيرة لا تقدم ما عليها لإيران إلا بعد فوات الآوان، إذ إن المطالبات الشعبية في طهران بضرورة تنفيذ صفقات الأسلحة تأتي في محلها.
ومع تزايد تساؤلات الأوساط الإيرانية عن مصير هذه الصفقات، نشرت بعض المواقع الإخبارية الناطقة بالفارسية تقارير عن وصول دفعة من المقاتلات الروسية المتطورة ومنظومة إس-400 للدفاع الجوي إلى إيران، وسط صمت رسمي حيال هذه التسريبات، حيث حاولت الجزيرة نت الحصول على تعليق رسمي على هذه التقارير من خلال التواصل مع الأوساط المعنية، لكنها رفضت التعليق.
أما على الصعيد غير الرسمي، فقد كانت الجزيرة نت سباقة في الكشف عن وصول شحنات من الأسلحة الروسية إلى الجمهورية الإسلامية، حيث قال القيادي السابق بالحرس الثوري العميد المتقاعد حسين كنعاني مقدم للجزيرة نت في أغسطس/آب الماضي إن بلاده قد "تسلمت بالفعل من الحليف الروسي أنظمة إس-400 للدفاع الجوي وعددا من مقاتلات سوخوي-35".
الجهات الرسمية الإيرانية رفضت التحدث بالنفي أو التأكيد عن استلامها أنظمة إس-400 الروسية (الجزيرة) صورة ضبابيةيعتبر الباحث في العلاقات الدولية حسن بهشتي بور التقارير عن تنفيذ صفقات الأسلحة بين إيران وروسيا بأنها "ضبابية" ما لم يصدر تصريح رسمي بشأنها، موضحا أن حرص طهران على عدم التعليق حول تسلم أسلحة إستراتيجية من روسيا من عدمه قد يكون مقصودا.
واستدرك، في حديثه للجزيرة نت، أنه قد لا تكون هناك حاجة لتأكيد وصول هذه الأسلحة من عدمها، ذلك بأن منظومة إس-400 إنما هي للدفاع الجوي ولا تستخدم لمهاجمة طرف خارجي، وأن الرادارات الأجنبية ستلتقط أولى الترددات فور تحليق مقاتلات سوخوي-35 إذا بدأت مهمة في الأجواء الإيرانية.
ويشكك بهشتي بور في عدم تسلم أي من الأسلحة التي اشترتها بلاده من روسيا، كما يشكك في تنفيذ كامل الصفقات بين طهران وموسكو، مضيفا أنه لا يستبعد أن تكون سياسة طهران في تجاهل التقارير الإعلامية عن وصول المقاتلات ومنظومة الدفاع الجوي ترمي لتضليل العدو أو في سياق الحرب النفسية.
ورأى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تربطه علاقات شخصية وثيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فضلا عن العلاقات الرسمية بين الجانبين، مشيرا إلى أن موسكو سارعت بإرسال مبعوث إلى طهران عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية ليدعو إيران لضبط النفس، في حين تتساءل الأوساط الإيرانية هذه الأيام عن سبب غياب مثل هذا الموفد ليدعو تل أبيب إلى ضبط النفس بعد الهجوم الصاروخي الإيراني.
وانتقد بهشتي بور غياب روسيا عن تطورات الشرق الأوسط كونها عضوا فاعلا في مجلس الأمن، وعدم تقديمها مبادرة لوقف إطلاق النار في غزة أو لبنان، معتبرا أن العلاقات التي تربط موسكو بتل أبيب أقرب من علاقاتها مع طهران، على حد تعبيره، رغم توتر العلاقات بين روسيا وإسرائيل جزئيا بسبب موقف الأخيرة الداعم لأوكرانيا.
وخلص إلى أن الرأي العام والأوساط السياسية في إيران يتوقعان من روسيا في الوقت الراهن أن تفي بتعهداتها في سياق اتفاقيات الشراكة بين طهران وموسكو، وأن تساهم في رفع مستوى الردع العسكري الإيراني من جهة، والعمل على كبح جماح إسرائيل من جهة أخری، ومنعها من التمادي في مغامرات من شأنها افتعال حرب شاملة في الشرق الأوسط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأوساط الإیرانیة بین طهران وموسکو للدفاع الجوی الشرق الأوسط من روسیا
إقرأ أيضاً:
بعد تنفيذ أكثر من 75 عملية إعدام منذ بداية 2025 في طهران.. سجناء إيران يتحدون قرارات النظام.. واحتجاجات واسعة تجوب البلاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ظل تنفيذ السلطات الإيرانية لما لا يقل عن 75 عملية إعدام منذ بداية هذا العام، يواصل السجناء في مختلف أنحاء البلاد احتجاجهم ضد عقوبة الإعدام من خلال حملة "ثلاثاء بلا إعدامات".
وصرّح محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج، لقناة إيران إنترناشيونال قائلًا: "هذه هي المرة الأولى التي يتحد فيها سجناء من خلفيات سياسية متباينة للاحتجاج بشكل منظم ومستمر ضد الإعدامات".
ارتفاع غير مسبوق في أرقام الإعدامبحسب تقارير مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، شهد عام 2024 تنفيذ أكثر من 900 حكم بالإعدام في إيران، وهو أعلى رقم منذ عام 2015. هذا الارتفاع أثار قلقًا متزايدًا بين خبراء الأمم المتحدة الذين دعوا إلى وقف فوري لعقوبة الإعدام.
وفي أعقاب موجة إعدامات طالت أسرى سياسيين في مدينة كرج بداية العام، أطلق سجناء سجن "قزل حصار"، المعروف بظروفه القاسية وارتفاع معدلات الإعدام فيه، الحملة في 30 يناير.
بدأت الحملة تحت اسم "إضراب ثلاثاء الإعدامات السوداء"، إذ يرتبط يوم الثلاثاء في السجون الإيرانية عادة بنقل المحكوم عليهم بالإعدام إلى الحبس الانفرادي قبل تنفيذ الحكم.
وفي نفس اليوم، انضم سجناء سياسيون من القسم النسائي في سجن "إيفين" سيء السمعة إلى الإضراب، من بينهم الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي، وذلك بعد تنفيذ إعدامات بحق محمد قبادلو وفَرهاد سليمي قبل أسبوع فقط.
توسيع نطاق الحملةوفقًا لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية، شارك مئات السجناء السياسيين من 34 سجنًا على الأقل في حملة "ثلاثاء بلا إعدامات" على مدار عام كامل، ممتنعين عن الطعام والماء كل يوم ثلاثاء.
ويؤكد السجناء أن الجمهورية الإسلامية تستغل عقوبة الإعدام لقمع المعارضة السياسية، وهو ما أيدته منظمات دولية مثل منظمة العفو الدولية. وطالب المشاركون في الحملة بإلغاء ما وصفوه بـ"القتل العمد الذي ترعاه الدولة".
وصف أميري مقدم الحملة بأنها "نقطة تحول" في نضال الشعب الإيراني ضد عقوبة الإعدام، معربًا عن أمله في أن تكون بداية لحركة اجتماعية أوسع. وأضاف: "ندعو النقابات والمجموعات الطلابية والجمهور العام للمشاركة في هذه الحملة، والتعبير عن رفضهم للإعدامات بأي وسيلة ممكنة كل يوم ثلاثاء".
أوضاع السجناء المحكوم عليهم بالإعدامبحسب وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، يوجد في إيران حاليًا 54 سجينًا سياسيًا على قائمة الإعدام، بينهم 19 صدرت بحقهم أحكام نهائية من المحاكم العليا.
ومن بين هؤلاء السجينة الكردية الإيرانية پاخشان عزيزي، وهي ناشطة حقوقية وعاملة اجتماعية، حُكم عليها بالإعدام بتهمة "التمرد المسلح ضد الدولة". وأدانت منظمة العفو الدولية هذا الحكم، معتبرةً إياه جزءًا من سياسة استهداف الأقليات والنشطاء.
إيران: النسبة الأعلى عالميًا في الإعداماتتمثل إيران 74% من عمليات الإعدام المسجلة عالميًا خارج الصين، وفقًا لمنظمة العفو الدولية، رغم أن تعداد سكانها يشكل 1.1% فقط من سكان العالم.
في عام 2024، أعدمت السلطات الإيرانية 31 امرأة، وهو العدد السنوي الأعلى منذ 17 عامًا، أغلبهن في قضايا تتعلق بالعنف المنزلي أو الزواج القسري. كما أن إيران تتصدر قائمة الدول في إعدام الأقليات العرقية، الذين يواجهون تمييزًا منهجيًا ومحاكمات غير عادلة.
وشهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في إعدامات قضايا المخدرات، إذ زادت عمليات الإعدام المتعلقة بهذه القضايا 18 ضعفًا مقارنة بالفترة بين 2018 و2020، بحسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية.
تحذيرات من "مجزرة" وشيكةفي ديسمبر 2024، حذر السجين السياسي أحمد رضا حائري، من سجن قزل حصار، من أن السلطات تخطط لإعدام جميع السجناء المدانين بتهم مخدرات والذين صدرت بحقهم أحكام نهائية قبل حلول السنة الإيرانية الجديدة في 21 مارس.
وقال حائري: "السجون مكتظة بما يفوق طاقتها بثلاثة أضعاف، والمدعين العامين في المناطق المحيطة بطهران قرروا تسريع تنفيذ هذه الأحكام".
مع تصاعد الحملة وازدياد أعداد المشاركين، يبقى الأمل معقودًا على استمرار الضغط الداخلي والدولي لإنهاء عقوبة الإعدام في إيران، التي يصفها الناشطون بأنها أداة للقمع السياسي والانتهاكات الحقوقية الممنهجة.