الثورة نت:
2025-03-31@10:04:10 GMT

فشلت المؤامرة.. فأي شرق أوسط قادم..؟!

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

 

خلال حرب تموز عام 2006م، بين حزب الله والكيان الصهيوني برز مصطلح (الشرق الأوسط الجديد) في قلب المعركة على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية حينها _كونداليزا رايس _التي منعت مجلس الأمن من إصدار قرار بوقف إطلاق النار لمرتين وبررت رفضها بقولها “انتظروا فإن شرق أوسط جديداً يتشكل”، غير أن الحرب التي دامت 33 يوما انتهت بفشل الجيش الصهيوني ودخل الكيان وقيادته في دوامة غير مستوعبين نتيجة الحرب فشكل (الكنيست الصهيوني) لجنة تحقيق عرفت بلجنة ( فينوغراد) التي انتهت توصياتها بعزل رئيس أركان الجيش (دان حالتوس) وإحالة قائد المنطقة الشمالية ومعه قائد لواء جولاني إلى التقاعد المبكر، فيما أولمرت رئيس الوزراء ذهب إلى السجن بتهمة الفساد، فيما تقرير (فينوغراد) اعترف بهزيمة كيانه أمام المقاومة اللبنانية.

اليوم يعيد التاريخ نفسه ويعيد نتنياهو إحياء الحلم الأمريكي بإعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط الذي تريده أمريكا لتعزيز أمن كيانها الصهيوني وإدماجه في المنطقة ولكن وفق رؤية أشمل من رؤية الصهاينة الذين يريدون شرق أوسط تشكله قوة الردع الصهيونية والتفوق الصهيوني فيما أمريكا وحلفاؤها يريدون شرق أوسط يقوم على التفاهمات وتوسيع الاتفاق (الإبراهيمي) وذي هوية اقتصادية وشراكة ثقافية واجتماعية وسياسية بين الكيان ودول المنطقة..؟!

كانت المقاومة في لبنان وفلسطين هي العائق أمام إنجاح هذا المخطط الاستعماري وخلفهما الجمهورية العربية السورية، ويمتد الإسناد إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فبدأ الكيان يخوض مواجهات منفردة مع مكونات المحور المقاوم للهيمنة فأقدم في أيلول/ سبتمبر 2007م على ضرب (المفاعل النووي السوري في دير الزور)، فيما فرضت المقاومة الفلسطينية خياراتها على قطاع غزة فاستبشر العدو خيرا متوهما أن صراعا داميا سوف يشتعل بين الفلسطينيين وهرولت أطراف عربية نحو السلطة الفلسطينية عارضة لها كل أشكال الدعم لمواجهة المقاومة في غزة غير أن أطرافاً عربية أخرى – وفي المقدمة حزب الله وأمينه العام وسوريا والجزائر – عملوا على الحيلولة دون الصدام الفلسطيني _الفلسطيني، وحين أدرك الصهاينة فشل مخططهم في دق الأسفين بين الفلسطينيين شنوا هجومهم على غزة الذي حمل اسم (الرصاص المصبوب) في ديسمبر 2008، واستمر العدوان على غزة حتى يناير 2009م.

ظلت الاستهدافات تأخذ أشكالاً متعددة، اغتيالات لقادة إيرانيين ومقاومين من فلسطين وحزب الله، وحرب استخبارية متعددة الجبهات والساحات واغتيال علماء إيرانيين ومسؤولين وعسكريين وأمنيين، وصولا إلى أحداث عام 2011م، فكانت الفرصة لإسقاط النظام في سوريا الذي تم حشد كل مجرمي وقتلة العالم إلى سوريا وبدعم ورعاية إقليمية ودولية، ولأجل إسقاط النظام القومي في سوريا أنفقت أنظمة الخليج مئات المليارات وقدمت أمريكا والدول الغربية والكيان الصهيوني كل أشكال الدعم اللوجستي للإرهابيين في سوريا الذين تم تقديمهم باسم (ثوار سوريا)..؟!

فشلت مؤامرة إسقاط النظام العربي السوري، وكما تم تحميل (دمشق) مسؤولية فشل استهداف حزب الله عام 2006م، تم تحميل حزب الله وإيران مسؤولية صمود النظام العربي السوري وطالت المسؤولية روسيا الاتحادية.

في معركة طوفان الأقصى عادة فكرة الشرق الأوسط الجديد ولكن على لسان رئيس الوزراء الصهيوني الذي أخفق في تحقيق انتصار يذكر على المقاومة الفلسطينية، ناهيكم أن التهم توجهت للحزب بمشاركته في تفجير معركة الطوفان رغم أن كل أطراف المحور أكدت أن المعركة كانت معركة فلسطينية وجاءت بقرار فلسطيني خالص، وقرار الإسناد جاء لاحقا، وقبل أن يكتمل العام من المواجهة وإدراك الصهاينة وأطراف المؤامرة أن الانتصار على المقاومة حلم طوباوي رغم المجازر والتوحش والدمار والحصار وتجاوز كل القيم والأعراف والتقاليد، فكان لا بد من القفز نحو جسر الاتصال والتواصل الرابط بين أطراف محور المقاومة وهو حزب الله وتحديدا قيادته وفي المقدمة أمينه العام السيد حسن نصر الله الذي بمجرد استهدافه تحدث رئيس وزراء العدو عن (شرق أوسط جديد)، على اعتبار أن السيد الشهيد كان هو حجر العثرة الواقف أمام هذا الحلم الصهيوني _الأمريكي المشترك والمطلوب من بعض أنظمة المنطقة، وقد حاول (نتنياهو) إغراء واشنطن بالشرق الأوسط الجديد وآخرين في الغرب، فيما العرب يتطلعون تواقين للقضاء على المقاومة في فلسطين ولبنان كمقدمة للتخلص من (أنصار الله) في اليمن والتخلص من( الحشد الشعبي) في العراق بزعم أن هذه الأطراف هي (مليشيات) وبالتالي لا يجب أن تكون هناك (مليشيات) بل على الأنظمة أن تفرض وجودها وتجريد هذه (المليشيات) من الأسلحة..؟!

واشنطن التي خرجت من فيتنام مثخنة بالجراح والهزيمة – غادرت أفغانستان بعد 20 عاما بطريقة مهينة – تدرك جيدا أن من الصعب على حلفائها في المنطقة الصهاينة وغيرهم التخلص من جيوب المقاومة أو تحقيق انتصارات تذكر رغم حرب الإبادة والكثافة النارية والخراب والدمار والقتل المرعب للأطفال والنساء وتدمير مدن بكاملها على رؤوس سكانها، تدرك واشنطن أن كل هذه الجرائم لن تجدي نفعا لكنها مضطرة لمجاراة حلفائها وشركائها الصهاينة وغيرهم لعوامل داخلية وخارجية أبرزها حالة الانقسام داخل المجتمع الأمريكي، إضافة إلى حرب أوكرانيا والمواجهة مع روسيا عسكريا ومع الصين اقتصاديا، في تنافس جيوسياسي ليس فيه أي أفق ولا مؤشرات ترجح الأطراف الفائزة فيه..؟!

لذلك تتغاضى أمريكا عن كل ما يمارسه الكيان الصهيوني مستغلة الظرف الدولي الراهن بتداعياته والتخاذل العربي أو بمعنى أصح العجز العربي الرسمي والشعبي المسكون بثقافة الارتهان والاستلاب والمحصور كل اهتمامهم في البقاء بعيدين عن الأحداث وإن بلا كرامة وبلا سيادة، فهذا بنظرهم أفضل من الخوض في معارك ينظرون إليها بأنها لا تعنيهم لكنهم للأسف سيدركون قريبا أنهم المستهدفون فيها وأن محور المقاومة يدافع عن رفاهيتهم وعن وجودهم لأن المخطط يستهدف الكل ويسعى للسيطرة على كل مقدرات الأمة وثرواتها لتصبح تحت سيطرته ويكون هو المتحكم فيها من غاز البحر المتوسط إلى نفط الخليج وطرق الملاحة الدولية.

ويبقى السؤال أي شرق أوسط جديد قادم؟ ومن سوف يشكله .. أهل الحق أم أصحاب الباطل؟ هذا ما سوف تجيب عنه تداعيات قادم الأيام..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بعد أن انتهيتُ من قراءة كتاب "عبقرية محمد" للمفكرِ العملاقِ عباس محمود العقاد، تذكَّرتُ على الفورِ قول اللهِ جلَّ جلالُهُ للنبيِّ الكريمِ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم: "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ"، فأدركتُ السرَّ في انجذاب كلِّ من اقترب من سيرته العطرة، وتذكرتُ على الفور أنه ليس هناك متشهدٌ ولا صاحبُ صلاةٍ إلا ويلهجُ باسمه... وكلُّ من سيقرأُ ما كتبهُ المفكرون عن شخصية النبيِّ الكريمِ قديمًا وحديثًا، سيعرف أثر كرم الله على نبيَّه برفع ذكره منذ مولده وإلى قيام الساعة.

ولذا، لم يدهشني إهتمام الكُتَّابِ في الشرق والغرب به، وقد قرأتُ بإعجابٍ شديدٍ آخرَ ما صدر من مؤلفاتٍ في الغرب عن خيرِ خلقِ اللهِ أجمعين، للكاتبةِ والمفكرةِ البريطانية "كارن أرمسترونج"،وهي مَنْ ؟ إنها الكاتبة المرموقة والباحثة الماهرة التي تتجنُّب التحيُّز الشخصي، ولا تُصدر الأحكام إِلَّا  بعد فحص ما لديها من أدلَّةٍ وبراهين بتجرُّدٍ وشفافية، وقد كرَّست حياتها لدراسة الأديان السماوية، مثل الإسلام والمسيحية واليهودية، وكان كتابها  "محمد: سيرة النبي"، والذي صدر عام ١٩٩١  وفيه قدَّمت  فكرًا عميقًا،  يُعدُّ هذا المؤلف من أبرزِ الأعمالِ التي قدَّمت رؤيةً موضوعيةً ومنصفةً عن النبيِّ الكريمِ في العالم الغربي. كما يُعدُّ  جسرًا مهمًّا بين الثقافات، ودعوةً للحوارِ والتفاهمِ بين الأديان، بعيدًا عن الصور النمطيةِ والتشويهِ الإعلامي، فقدأَثْبَتَتْ فِي مُؤَلَّفِهَا  هذا بأن النبي العظيم رجلًا ذا رؤيةٍ أخلاقيةٍ عَمِيقَةٍ...

ومن إنصافِها فى كتاباتها  قالت: "كان محمدٌ رجلًا حنونًا، متواضعًا، وقائدًا بارعًا، لم يسعَ للسلطةِ بقدر ما كان يسعى لإحداث تغييرٍ أخلاقيٍّ عميقٍ في مجتمعه."

كما تناولت الكاتبةُ  والباحثة دورَ النبيِّ الكريم في تحسينِ مكانةِ المرأةِ في المجتمع، حيث أشارت إلى أنه منحَ المرأةَ حقوقًا لم تكن موجودةً في الجاهلية، مثل حقِّ الإرث، وحقِّ التعليم، وحقِّ الاختيارِ في الزواج. وكان يسعى لتحريرِ المرأةِ من القهرِ الاجتماعي، ويدعو إلى معاملتها بكرامةٍ واحترام.

ولها أيضًا رأيٌ حرٌّ جريءٌ، إذ أكَّدت أن النبيَّ الكريمَ كان يسعى دائمًا إلى الحلولِ السلمية، وأن المعاركَ التي خاضها كانت دفاعية، ولم تكن من أجل التوسع أو فرض الدين بالقوة... وبذكاءٍ شديدٍ، اختارت صلح الحديبية وقالت عنه: "كان دليلًا واضحًا على براعةِ النبيِّ الكريم في إدارة النزاعاتِ بالسِّلمِ والحكمة، لأنه كان يؤمن بأن السلام هو الوسيلةُ الأقوى لنشرِ رسالته."

وهذه الشهادةُ من هذه الباحثة والتي تُعَدُّ واحدةً من أبرز الْباحثين في الأديان المُقَارَنَةِ  تدحضُ الصورةَ السلبيةَ التي رسمها بعضُ المستشرقين لهذا النبي العظيم...

وقد تصدى لهؤلاء المستشرقين والشانئين  المفكر الكبير عباس محمود العقاد في مواجهة هذه الافتراءات، حيث قال في كتابه الهام "عبقرية محمد": “إن التاريخ هو فيصل التفرقة بين محمدٍ وشانئيه، فحكمُه أنفذُ من حكمِ الشانئين والأصدقاء، وأنفذُ من حكمِ المشركين والموحدين، وأنفذُ من حكمِ المتدينين والملحدين... إنه حكم الله، وقد حكم له أنه كان في نفسه قدوة المهذَّبين، وكان في عمله أعظمَ الرجال أثرًا في الدنيا، وكان في عقيدته مؤمنًا يبعث الإيمان، وصاحبَ دينٍ يبقى ما بقيت في الأرض أديان، وسيطلع في الأفق هلالٌ، ويغيبُ هلالٌ، وسيذهب في الليل قمرٌ، ويعودُ قمرٌ، وتتعاقب هذه الشهور التي كأنها جُعلت التاريخَ ما بين الصدور، لأن الناس لا يؤرخون بها مواسمَ الزرع، ولا مواعيد الأشغال، ولا أدوار الدواوين والحكومات، ولا ينتظرونها إلا هدايةً مع الظلام، وسكينةً مع الليل: أشبه شيءٍ بهداية العقيدة في غياهب الضمير”.

وقبل أن يَخْتِمَ  الكاتب الكبير عباس محمود العقاد صفحات كتابه  "عبقرية محمد"، اختار يوم هجرة النبي إلى المدينة فكتب: "ستطلع الأقمار بعد الأقمار، وتقبل السنة القمرية بعد السنة القمرية، وكأنها تقبل بمعلمٍ من معالم السماء يوميء إلى بقعةٍ من الأرض: هي غار الهجرة، أو يوميء إلى يومٍ لمحمدٍ هو أجملُ أيامِ محمد، لأنه أدلُّ الأيام على رسالته، وأخلصها لعقيدته ورجاء سريرته، وهو يوم التقويم الذي اختاره المسلمون بإلهامٍ لا يعلوه تفكيرٌ ولا تعليم..."

ختامًا.. لقد عشتُ أوقاتًا ممتعةً مع كتاب "عبقرية محمد" للمفكر الكبير عباس محمود العقاد، ومن خلال صفحات هذا الكتاب شاهدت  التاريخ يقف إجلالًا وتعظيمًا لهذا اليتيمِ الذي بُعث رحمةً للعالمين.. صلى الله عليك وسلم يا خير خلق الله أجمعين...

اللهم إنا نُشهدك أنه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فاللهمَّ اجزه عنا خير ما جزيتَ نبيًّا عن قومه، ورسولًا عن رسالته...

 

ولنا لقاء الأسبوع القادم، بإذن الله، مع قراءة فى كتاب ممتع جديد...

 

مقالات مشابهة

  • اليمن وغزة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
  • حماس: المقاومة وسلاحها مسألة وجودية.. ونتنياهو يقود المنطقة للدمار
  • بيان هام للقوات المسلحة.. وهذا ما تم استهدافه في عمق كيان العدو الصهيوني
  • حكومة العدو الصهيوني تقر طرقاً استيطانية تعزز فصل شمال الضفة عن جنوبها
  • حركة حماس تؤكد: وافقنا على مقترح الوسطاء ونأمل ألّا يعطله العدو الصهيوني
  • خليل الحية: وافقنا على مقترح الوسطاء ونأمل ألّا يعطله العدو الصهيوني
  • اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له
  • نيويورك تايمز: أمريكا غارقة في حالة ضارة من الهوس بنظريات المؤامرة
  • الدعم الحوثي لغزة: بين المواجهة مع واشنطن ومعادلة الصراع الإقليمي
  • مسيرات شعبية في عدة محافظات تؤكد التمسك بخيار المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني