كتبت ميسم رزق في" الاخبار": صحيح أن وليد جنبلاط أوحى أخيراً بأنه يستعدّ لاستدارة جديدة في الاتجاه المعاكس حينَ تحدّث عن «تطبيق القرار ١٥٥٩» وردّ على وزير الخارجية الإيراني، لكنه متنبّه أيضاً إلى المشاريع الانعزالية قيد التحضير، وهو «حرّيف» في التعامل معها. وعليه، ردّ الرجل على كل من ضرب لنفسه موعداً مع انقلاب جنبلاطي جديد يُغطي الحملة السياسية التي بدأت في البلد بعنوان «ما بعد حزب الله»، باتخاذ قرار مقاطعة مؤتمر «معراب» الذي دعا إليه حزب «القوات» اليوم تحت عنوان «دفاعاً عن لبنان لرسم خريطة طريق إنقاذ للبنان».
وعلمت «الأخبار» أن
الحزب الاشتراكي «ناقشَ على مدى اليومين الماضييْن التطورات في البلد، والجو السياسي الذي تُحاول بعض القوى إشاعته عن انتهاء حزب الله والتحضير لمرحلة ما بعده، ودعوة القوات للمؤتمر». ومع أن بعض المحيطين به لا ينفك يروّج للعلاقة مع سمير جعجع، لكنّ جنبلاط لا يبدو في وارد الانضمام إلى أي جبهة تحمل مشروعاً فتنوياً، كما قالت مصادر قريبة. ولفتت المصادر إلى أن «الحزب الاشتراكي قرّر عدم الحضور وعدم إرسال ممثّل عنه»، مشيرة إلى أن «جنبلاط لن يقبل بأن يكون جزءاً من مشروع عزل أو كسر موقع لأي طائفة كانت، وهو جزء من اللقاء الثلاثي في عين التينة الذي كانَ لديه موقف واضح يؤكد على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار ١٧٠١».
يعلم جنبلاط أن حزب الله تلقّى ضربات قوية، لكنه ليس هاوياً ولا مبتدئاً إلى الحد الذي يعتقد فيه بأن الحزب صار خارج الصورة أو المعادلة. كما أنه يدرك أن المعركة لا تزال في بدايتها، وأن إسرائيل وأميركا لا تعملان في خدمة اللبنانيين أياً كانوا، فضلاً عن حسابات كثيرة تتصل بالجبل وناسه في أي فتنة داخلية أو اجتياح إسرائيلي.
كذلك فإن جنبلاط ومعه كثيرون يعرفون صورة
جعجع العصية على التغيير، وقد «خبزوه» وجرّبوه واختبروه، وليس فيهم من يريد أن يُعطيه صورة الزعامة. وهم لن يسمحوا له بقطف الجهود السياسية ضد المقاومة واستثمارها في سبيل مصالحه الشخصية والحزبية. وكلهم يعرفون أن جعجع يريد حسم المعركة بالمعنى السياسي حتى الآن، لكنه سيكون جاهزاً لمواكبة العدوان العسكري بمساندة داخلية متى انزلقت الأوضاع برمّتها نحو اشتباك مسلح يسعى إليه.
تكفّل جنبلاط مرة جديدة بسحب الغطاء الدرزي بالكامل عنه، وطلب من النواب والمسؤولين في الحزب عدم التعليق على المؤتمر مهما كان سقف الخطاب.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
عسكرياً.. أين حزب الله من أحداث الساحل السوري؟
متوقع كان البيان الذي أصدره "حزب الله"، أمس السبت، وأعلن فيه عدم علاقته بالأحداث التي يشهدها الساحل السوري خلال الآونة الأخيرة. بشكل حاسم، نفى "حزب الله" ارتباطه بما يجري هناك، معتمداً مبدأ "النأي بالنفس" عن الأحداث وعدم الغوص في تفاصيلها. فعلياً، لا يمكن لأحداث الساحل السوري القائمة بين فلول نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وقوات الإدارة السورية الجديدة إلا أنَّ تفتح الباب أمام تأثيرات قد تطالُ لبنان وبيئة "حزب الله" بشكل خاص. في الواقع، فإن الأحداث الدائرة هناك ترافقت مع "خطاب طائفي" تمَّ اعتماده خلال اليومين الماضيين وحمل رسائل مفادها إنَّ الضحايا الذين سقطوا إثر عمليات الإدارة السورية الجديدة في الساحل السوري هم من العلويين ومن الطائفة الشيعية. ما يجري هناك بدأ يستنفر بيئة "حزب الله" التي تعتبرُ أن الهجمة الحالية في
سوريا جرى التحذير منها سابقاً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو التالي: كيف سيتصرف "حزب الله" إزاء كل ما يجري في سوريا؟ وهل يعنيه الأمر حالياً مقارنة بالمراحل السابقة؟ وهل بإمكانه الدفاع عن العلويين والشيعة في سوريا؟ لا يُخفي لبنانيون مخاوفهم من الحملة التي تحصل في سوريا، إذ صنفوا ما يجري هناك ضمن خانة "التطهير العرقي" الذي يطال العلويين والشيعة، وهو الأمر الذي يتبنى ترويجه جمهور "حزب الله".
"حزب الله" انكفأ نحو لبنان حالياً، فإن التطورات الحالية في سوريا لا تعني "حزب الله" من الناحية الإستراتيجية والعسكرية، وفق ما تقول مصادر معنية بالشأن العسكريّ لـ
"لبنان24"، مشيرة إلى أنَّ الحزب "انكفأ نحو الداخل اللبناني وخطته الأساسية اليوم السعي لترميم جبهته الداخلية". تلفت المصادر إلى أن الحديث عن "تدخل لحزب
الله في سوريا لدعم فلول النظام لا يعتبر منطقياً على الإطلاق حتى وإن كانت لديه القدرة على ذلك"، وقالت: "من سيدعم الحزب وعلى ماذا يُراهن إن فعل ذلك؟ لا نعتقد أن هذا السيناريو سيتكرر لأسباب عديدة أساسها أن الإسناد الذي قدّمه الحزب لنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل سقوطه، كان مبرراً من ناحية الحفاظ على النظام المرتبط بمحور المقاومة. أما الآن، فعمن سيدافع الحزب؟ عن أفراد وجماعات شعبية؟ أين تكمن مصلحته في ذلك؟ من هم حلفاؤه في الميدان هناك؟.. لهذا السبب، كان حزب الله دقيقاً في بيانه الأخير ونأى بنفسه عن الأحداث بشكلٍ واضح". تعتبر المصادر أنَّ "حزب الله سيرى ويسمع كل التطورات من دون أن يتفاعل عسكرياً مع الأحداث"، موضحة أنَّ "الخسائر التي مُني بها والضربات الإسرائيلية الأخيرة التي طالت مخازن أسلحة في جنوب لبنان، كلها عوامل ضغط على الحزب لعدم الإنجرار نحو سوريا على الإطلاق من أجل إعادة إحياء فلول النظام، ذلك باعتبار أن المعركة في هذا الإطار خاسرة تماماً". على الصعيد الآخر، فإن التوتر الذي تشهده منطقة الساحل السوري قد لا يخدمُ "حزب الله" على الإطلاق أيضاً، فالحملة التي تطالُ "فلول النظام" تعني أنها تشملُ من كان يؤيد الحزب أو من كان يعمل معه وإلى جانبه في عهد الأسد. هنا، تلفت المصادر السورية إلى أنَّ كبار التجار الذين تعاطوا مع "حزب الله" في جبلة والساحل السوري، ما زالوا هناك وكانت لديهم أنشطة مختلفة، لافتة إلى أنّ "جماعات فلول النظام يمكن أن تفيد حزب الله بعمليات التهريب أو حتى بتشكيل فصيل مؤيد للحزب داخل سوريا يكون مناوئاً للنظام الجديد وبالتالي إحداث توترات مستمرة في ظل عدم ضبط الحدود بين لبنان وسوريا ووجود إمكانية لتكريس التهريب المُنظّم". أمام كل ذلك، فإنَّ "حزب الله" يقف اليوم أمام مشهدٍ جديد يطال شيعة سوريا.. فكيف سيتصرف إن لم يتحرك عسكرياً؟ هل سيكون الشارع والتظاهرات هي "آخر خرطوشة" تضامنية بعدما كانت الدفة تميل إلى السلاح؟ فلننتظر... المصدر: خاص "لبنان 24"