هل تتحول مدينة مراكش الى قندهار شمال افريقيا ؟
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
بقلم عادل آيت بوعزة
الى حدود بداية شهر شتنبر الماضي ، انتقلت المئات من العناصر الأمنية من مختلف الأجهزة الى مدينة مراكش في عملية وصفت ب (الغير مسبوقة) و هي التي استهدفت حسب اهدافها مكافحة كافة الجرائم الماسة بالاحساس بالامن في الشارع العام و زجر السياقات الإستعراضية و الخطيرة و كذا المخالفات المرورية التي تهدد امن مستعملي الطريق و سلامة المواطنات و المواطنين .
و لأن المصادر الأمنية المتطابقة تؤكد أن التعليمات العليا أكدت على ضرورة تطهير المدينة من كل مظاهر التسيب و ” الدسارة” ، خصوصاً بعد ظهور فيديوهات و صور على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد زيغ بعض ” مغاربة الخارج ” عن القوانين الجاري بها العمل ، ما يظهر المدينة كملاذ للهاربين عن القانون و المتهورين.
و اذ كانت هذه الحملة يُرتبط نجاحها بالحصيلة ، فقد كان من الواضح ان توقيف 2531 شخصاً ليس بالامر الهين ، و هو ثمرة عمل أمني جبار و منسق ، نتج عنه رجة حقيقية على مستوى العقلية السائدة آنذاك .
و حيث ان الأمر يرتبط اساساً بالحصيلة ، فقد زاغت هذه الحملة عن اهدافها بشكل جلي ، عندما تم استهداف ( اللباس غير المحتشم للنساء ) في الشوارع الرئيسية و السياحية بالمدينة ، و تم توقيف العشرات من الفتيات في واضح النهار بتهمة الإخلال بالحياء العام ، حيث لم يكن واضحاً لا أسباب هذا التدخل و لا سياقه و لا اهدافه ، كما لم يكن واضحاً بالنسبة للسيدات ما هو اللباس المسموح به في مراكش ، و لم يكن واضحاً ما إذا كان هذا القانون يطبق فقط على السيدات المغربيات و يستثنى منه السائحات الاجنبيات ، أم أن هذه الحملة لا تفرق بين ابيض و اسود .
علاوة على ذلك فإن المغرب قد صادق على العديد من الاتفاقيات الدولية كالميثاق العالمي الخاص بالحقوق الإقتصادية و الاجتماعية و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ، و ما تبع ذلك من حقوق مدنية و فردية تم التنصيص عليها في الدستور المغربي ، و اذا ما اتفقنا ان بعض النصوص في القانون الجنائي رجعية و مبهمة فإن هذا الاستهداف غير المسبوق لتنورة النساء في الشارع العام بمدينة مراكش يطرح علينا تساؤل حصرية المدينة الحمراء من كل هذا .
فلماذا مثلاً لم نرى هذا الأمر في مدينة الرباط او طنجة او الدار البيضاء او أكادير و هلم جرى ، إذا كان الأمر يتعلق بتطبيق القانون الذي يسري على كافة المغاربة من طنجة إلى الݣويرة .
و بعيدا عن المقاربات الحقوقية و الأمنية المترادفتان في هذا الموضوع ، فإن الآلة الأمنية لم تتوقف عند هذا المقدار ، بل إن المداهمات التي تمت على العشرات من الملاهي الليلية و المطاعم المصنفة و المقاهي من أجل ضبط الشيشا و ضبط المخالفات المرتبطة بالأخلاق العامة و توقيف العشرات من الفتيات بتهم التحريض على الفساد ، و تحرير مخالفات بحق هذه الملاهي و المطاعم ، يجعلنا نتساءل فعلاً ماذا يقع في مراكش ؟
فنادق معروفة تابعة لسلسلات فنادق عالمية مصنفة يتم مداهمتها ، امام السياح الأجانب في ساعات ليلية متاخرة ، بعشرات من العناصر الأمنية من مختلف الأجهزة ، أحد الأجانب علق هذا الموضوع في فندق سوفيتيل في احدى هذه الليالي المرعبة …” إنها القيامة” ، استمرت المداهمات يوما بعد الاخر و بالفعل تم اكتشاف مجموعة من البؤر التي يتعين التعامل معها بحزم و قوة و نجاعة بعيداً عن منطق ” الفزاعة” .
و هكذا فإن هذه الحملة الأمنية انتهت أو قد شارفت على الإنتهاء ، و اذا كانت الحصيلة الأمنية جيدة فإن النتيجة الاقتصادية و الإجتماعية اكبر من ذلك بكثير ، بمراكش التي كان يلتقي ليلها بنهارها في جو احتفالي ، اصبحت تنام باكراً ، و المطاعم فارغة و الملاهي ترقص لنفسها و الشوارع شبه خالية من النساء ، و هكذا تحولت ” الحصيلة” الى ” حصلة ” .
و هنا يتعين علينا التفكير الجماعي فيما نريد لهذه المدينة المعروفة بعاصمة السياحة في المغرب ، فإذا ما كان مدبري الشأن العام و المحلي يريدون لها التحول الى مدينة صناعية أو تجارية فلهم ذلك بتوفير الحلول و البرامج التي تجعل من هذه المدينة يمكن ان تعول على نشاطات اخرى غير ” السياحة و الاحتفال ” مع وضع دراسة للجدوى و حلول عملية بالنسبة للمستثمرين الذين وضعوا اموالهم و ثقتهم في مراكش و كذا بالنسبة للعمال في هذا القطاع ، بيد ان هذه المدينة اذا كان مقدراً لها ان تبقى وجهة سياحية عالمية فلن يكون ذلك بدون ان تلبس الفتيات التنورات و لا بان تعمل الملاهي الليلية بدون موسيقى و لا بدون مقاهي شيشا ، و لا بدون مراكز للتدليك و التجميل ، فليس كل من ياتي لمراكش يريد ان يزور قبور السعديين او اخد صورة مع القردة في ساحة جامع الفناء
المصدر: مملكة بريس
كلمات دلالية: هذه الحملة
إقرأ أيضاً:
بفضل عروضها الثقافية والروحانية الفريدة..مراكش تجذب السياح خلال شهر رمضان المبارك
تواصل مدينة مراكش، الوجهة السياحية الأولى في المملكة، جذب الزوار الوطنيين والدوليين خلال شهر رمضان، حيث تقدم لهم تجربة مميزة تجمع بين التراث الغني والروحانية العميقة.
ورغم تباطؤ النشاط السياحي في بعض الوجهات، تظل المدينة الحمراء حافلة بالحياة على مدار الشهر الفضيل، لتسهم في تعزيز مكانتها كوجهة سياحية رائدة في المغرب.
ويتميز شهر رمضان في مراكش بتوفير فرصة فريدة لاكتشاف المدينة من زاويتين روحانية وثقافية، إذ تزدهر أزقة المدينة العتيقة والأسواق التقليدية بأجواء دافئة ومميزة.
ويستمتع الزوار بتجربة تناول الأطباق المحلية التي تعد خصيصًا لهذا الشهر في الساحة الشهيرة “جامع الفنا”، حيث تتحول إلى مطاعم مفتوحة تستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
وتستمر الأنشطة السياحية في مراكش طوال الشهر، حيث تظل أبرز المعالم السياحية مفتوحة للزوار، كما تواصل المحلات التجارية تقديم عروضها خلال النهار والمساء.
وتنظم جولات ليلية برفقة مرشدين سياحيين، بالإضافة إلى سهرات تقليدية وموائد إفطار جماعية في مواقع تاريخية، مما يمنح الزوار فرصة للتفاعل مع الثقافة المغربية بشكل أعمق.
وبفضل العروض السياحية المتنوعة والتزام مهنيي القطاع، تواصل مراكش إثبات مكانتها كإحدى الوجهات السياحية الأكثر جذبًا في المغرب، متفوقة في توفير تجربة غنية تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ العريق.