انتخابات أميركا.. أسواق المال تترقب بحذر سباق ترامب وهاريس
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
أقل من 4 أسابيع متبقة لموعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو حدث يعتبر "الأكثر تأثيرا" على الأسواق المالية العالمية بحسب تقرير لرويترز.
فمع وجود نائبة الرئيس، الديمقراطية كامالا هاريس، والجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، وتقاربهما في السباق للفوز بالانتخابات المقررة في 5 نوفمبر المقبل، تباينت توقعات المؤسسات الاقتصادية بشأن أثر هذه الانتخابات وتبعات نتائجها المحتملة على الأسواق المالية العالمية.
بالنسبة لأسواق الأسهم الأوروبية، قد يعني فوز ترامب مشاكل للقطاعات التي تعتمد على الصادرات، سيما شركات صناعة السيارات الألمانية وغيرها من شركات السلع الفاخرة، مع تزايد المخاوف من تجدد التوترات التجارية.
وحذر البنك الاستثماري الدولي Barclays في لندن، من إمكانية حدوث انخفاض في أرباح الشركات الأوروبية إذا تجددت النزاعات التجارية، بعد أن اقترح ترامب خططًا لفرض ضرائب تتراوح بين 10-20% على جميع الواردات تقريبًا لتعزيز التصنيع الأميركي.
من ناحية أخرى، سيكون فوز هاريس نتيجة أفضل نسبيًا لأسهم الشركات الأوروبية، وقد يُعزز هذا من قطاع الطاقة المتجددة، مما يمثل دعمًا محتملاً للشركات التي لديها مشاريع كبيرة في الولايات المتحدة، لكن على المدى الطويل، فإن خطط هاريس لرفع الضرائب على الشركات من 21% إلى 28% قد تحد من هوامش الأرباح للشركات الأميركية وتلك الأوروبية التي تكسب نسبة كبيرة من إيراداتها بالدولار على حد سواء.
يمكن أيضا أن تكون لهذه الانتخابات تبعات على الحرب في أوكرانيا، إذ تساءل ترامب وبعض الجمهوريين في الكونغرس عن قيمة التمويل الأميركي لهذه الحرب المستمرة منذ عامين، بينما دفع الديمقراطيون لتعزيز الدعم لأوكرانيا.
تُعتبر التعريفات التجارية مفتاحًا للتجار في أكثر العملات تداولًا في العالم، ويُعتبر اليورو الذي يتم تداوله عند حوالي 1.09 دولار، في موقف الخسارة إذا كانت نتيجة فوز ترامب تعني ارتفاع قيمة التعريفات.
بحسب مارك داودينغ، الرئيس التنفيذي للاستثمار في BlueBay Asset Management، فأن "فوز ترامب، في نظر السوق، سيؤدي إلى انخفاض سعر اليورو إلى 1.05 دولار، بينما سيؤدي فوز هاريس إلى ارتفاع السعر في الاتجاه المعاكس، متجاوزًا 1.15 دولار."
ويقول المحللون إن المخاطر الجيوسياسية، وخاصة في الشرق الأوسط، التي تؤدي إلى زيادة أسعار النفط وتضر بالنمو الاقتصادي، تجعل اليورو عرضة للتقلبات.
وتذكر مؤسسة ING المالية أن فوز ترامب قد يؤثر سلبًا أيضًا على الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي، وهما عملتان لاقتصادات تعتمد على التجارة مع الصين، وأشارت إلى أن حوالي 37% من صادرات أستراليا و29% من صادرات نيوزيلندا تتوجه إلى الصين.
كما وُصفت العملات السويدية والنرويجية بأنها عرضة أيضًا لديناميكيات التجارة العالمية، بينما قد يتعرض الدولار الكندي للضرر إذا نُظر إلى فوز هاريس بشكل سلبي بالنسبة للاقتصاد الأمريكي.
تذكر وكالة رويترز لأن هذه المراهنة تُعد واحدة من أكثر الرهانات خطرًا في الأسواق العالمية حاليًا، حيث أعادت تعهدات الحكومة بتحفيز الاقتصاد اهتمام المستثمرين، لكن ذلك قد يتعرض للإلغاء بسبب زيادة التعريفات أو الحروب التجارية تحت إدارة ترامب.
ويتوقع المستثمرون أن تسعى هاريس لفرض تعريفات مستهدفة، بينما يميل ترامب نحو سياسات أكثر عدوانية تسبب حالة من الاضطراب، بحسب وكالة رويترز.
ويقول كريستوف فولي، مدير الأسهم الدولية في Edmond de Rothschild "إذا فاز ترامب، ستكون الخطابات (السياسية) تجاه الشركات الصينية فظيعة" ويتوقع أن يزيد ذلك من شكوك المستثمرين الأميركيين حول الصين، ويُعزز اتجاه الشركات المتعددة الجنسيات لإزالة المواد المصنعة في الصين من سلاسل الإمداد الخاصة بها.
تضيف الوكالة، أن الصين تواجه مزيدًا من الضغوط من إدارة ترامب التي قد تقوم بمنع وصول الشركات الصينية إلى التقنيات الجديدة، مما سيحد من الإنتاجية، وأن فوز ترامب سيضغط على دول الاتحاد الأوروبي أيضًا لفصل علاقاتها مع الصين، لتنخفض أسهم الشركات الصينية بنسبة 13% إذا فرض ترامب تعريفات بنسبة 60% على السلع الصينية.
تبدو أسهم الأسواق الناشئة، بحسب رويترز، جاهزة للتألق بعد أن أدت أداءً أقل من نظرائها في العالم المتقدم لعقد من الزمن. فقد بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في خفض أسعار الفائدة، وتراجعت أسعار الدولار والمواد الغذائية والوقود، مما يمثل دفعة كبيرة للدول المستوردة.
يقول المستثمرون، نقلا عن الوكالة، إن فوز هاريس، قد يمنح الأصول دعمًا إضافيًا، لكن فوز ترامب، قد يؤثر سلبًا على أي تفاؤل مفرط.
فمعظم المستثمرين يقولون إن المكسيك، ذات الروابط التجارية القوية مع الولايات المتحدة، هي الأكثر عرضة للخسارة، وغالبًا ما يتجه أولئك الذين يراهنون على فوز ترامب نحو البيزو المكسيكي.
المؤسسات المالية العالمية ذكرت أن تنفيذ ترامب تهديده برفع التعريفات سيؤدي إلى خسائر تصل إلى 11% لأسهم الأسواق الناشئة عام 2025، في وقت أشارت بنوك عالمية أن مؤشر رغبة المخاطرة في الأسواق الناشئة قريب من أعلى مستوياته منذ 15 عامًا، مما يشير إلى أن المستثمرين لا يقيّمون بالكامل مخاطر الجانب السلبي للتعريفات التي يرغب ترامب بتنفيذها على الأصول في الأسواق الناشئة بشكل عام.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأسواق الناشئة فوز ترامب فوز هاریس
إقرأ أيضاً:
لماذا علّق ترامب الرسوم الجمركية 90 يوما على الحلفاء واستثنى الصين؟
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، عن تعليق مؤقت لمدة 90 يوما للرسوم الجمركية الجديدة التي فُرضت مؤخرا على مجموعة من الدول الحليفة للولايات المتحدة، منها دول أوروبية وآسيوية.
القرار جاء في لحظة دقيقة تشهد فيها الأسواق العالمية حالة من التذبذب الحاد، وسط مخاوف متزايدة من دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، وتزايد الانتقادات الدولية بشأن النهج الحمائي الذي تتبناه الإدارة الأميركية.
ورغم أن هذا التعليق لقي ترحيبا نسبيا من الأسواق وبعض العواصم الغربية، فإن الصين بقيت مستثناة بشكل صريح من هذا القرار، بل تعرضت لزيادة إضافية في الرسوم الجمركية المفروضة على صادراتها، وصلت إلى 125%.
هذا التمييز في التعامل أثار تساؤلات عميقة عن الأهداف الحقيقية وراء هذه المناورة التجارية، وما إذا كانت تمهيدا لتسوية أوسع أو مجرد خطوة تكتيكية لكسب الوقت وتخفيف الضغوط الداخلية والدولية.
ويأتي هذا التطور في سياق تصعيد مستمر بين واشنطن وبكين منذ بداية الولاية الثانية للرئيس ترامب، حيث يشهد الملف التجاري بين القوتين الاقتصاديتين توترا متزايدا، يمتد تأثيره إلى سلاسل التوريد العالمية وأسواق المال، ويعيد رسم ملامح المشهد الجيو-اقتصادي العالمي.
إعلان أسباب القرار.. خلفيات ودوافع محتملةوجاء قرار الرئيس ترامب بتعليق الرسوم الجمركية في توقيت حساس، مما أثار تساؤلات عن الدوافع التي تقف خلف هذا التحول المفاجئ في السياسة التجارية الأميركية.
وبينما اعتُبر القرار تهدئة جزئية، تشير المعطيات إلى أن أسبابه تتجاوز الحسابات الاقتصادية المباشرة، لتعكس تداخلا معقدا بين الضغوط الداخلية، وردود الفعل الدولية، وتكتيكات التفاوض مع الخصوم التجاريين، وعلى رأسهم الصين.
تقلب الأسواق والمخاوف الاقتصاديةأدت الرسوم الجمركية التي فُرضت سابقا إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق، حيث شهد مؤشر "داو جونز" الصناعي تراجعات حادة. وكما ذكرت وكالة رويترز، سادت الأسواق حالة من "بيع كل ما هو أميركي"، وهو تعبير تكرر خلال أزمات مالية سابقة، مما أثار مخاوف من ركود اقتصادي وشيك.
الضغوط الدبلوماسية ومباحثات مجموعة السبعقال وزير الاقتصاد الإيطالي، جانكارلو جيورجيتي، لوكالة رويترز إن وزراء مالية مجموعة السبع، باستثناء الولايات المتحدة، ناقشوا ردا جماعيا على الإجراءات الأميركية، وأضاف أن "التعليق خطوة إيجابية من شأنها أن تفتح المجال لحوار بناء".
هذا الضغط الدولي لعب دورا على الأرجح في قرار البيت الأبيض بتجميد الرسوم مؤقتا، بحسب وسائل إعلام أميركية.
التركيز الإستراتيجي على الصينوأوضحت صحيفة وول ستريت جورنال أن الإدارة الأميركية تسعى من خلال رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 125% إلى معالجة ما تعتبره اختلالات مزمنة في الميزان التجاري مع بكين، إضافة إلى انتهاكات حقوق الملكية الفكرية.
وتعكس هذه الإستراتيجية توجها لممارسة أقصى درجات الضغط على الصين، مقابل تهدئة التوتر مع شركاء تجاريين آخرين.
ردود الفعل الفورية في الأسواقأدى إعلان التعليق إلى ارتفاع قوي في الأسواق الأميركية، حيث ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 9.5%، في حين صعد مؤشر ناسداك بنسبة 12.2%، في أحد أكبر المكاسب منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب وول ستريت جورنال.
إعلانوتعكس هذه الطفرة تفاؤل المستثمرين بأن التراجع المؤقت عن التصعيد قد يساهم في تجنب ركود اقتصادي.
في المقابل، أشعلت الرسوم الإضافية على الصين مواجهة جديدة. ونقلت رويترز عن مصادر صينية أن بكين رفعت رسومها إلى 84% على عدد من المنتجات الأميركية، كما وضعت شركات أميركية على "القائمة السوداء".
وعلّق الخبير الاقتصادي زانغ وي، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، قائلا: "نحن أمام مواجهة طويلة الأمد، وكل طرف يراهن على إرهاق الطرف الآخر اقتصاديا".
ردود الفعل الدوليةوأشاد المستشار الألماني المقبل، فريدريش ميرتس، بما وصفه "فعالية الموقف الموحد لأوروبا في التأثير على قرارات واشنطن"، داعيا إلى اتفاق تجارة خالٍ من الرسوم بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقال في تصريح لـ"رويترز": "نحتاج إلى بناء علاقات إستراتيجية طويلة الأمد مع واشنطن، تتجاوز المواجهات الظرفية".
أما في آسيا، فقد شهدت الأسواق اليابانية والكورية الجنوبية ارتفاعا ملحوظا عقب الإعلان، في ظل تفاؤل بأن التعليق سيمنح فرصة لمفاوضات أعمق.
وأوضح كبير المحللين في بنك ميزوهو الياباني، هيروشي كاتو، لبلومبيرغ: "الأسواق تنظر إلى التعليق على أنه خطوة تكتيكية وليست تغييرا جوهريا في توجه ترامب".
تداعيات مستقبلية محتملةورغم أن قرار تعليق الرسوم الجمركية لاقى ترحيبا أوليا في بعض الأوساط الاقتصادية والدولية، فإن تأثيراته الفعلية لن تتضح بالكامل إلا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. فالمشهد التجاري العالمي لا يزال هشّا، والتوتر مع الصين آخذ في التصاعد.
وبناء على المعطيات الحالية، يُتوقّع أن تترتب على هذا القرار مجموعة من التداعيات الاقتصادية والجيوسياسية، بعضها قصير المدى، والآخر قد يمتد ليعيد تشكيل موازين القوى في التجارة الدولية.
إعلان عدم اليقين الاقتصادي: رغم الارتياح المؤقت، فإن استمرار التصعيد مع الصين قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار داخل الولايات المتحدة وتباطؤ النمو الاقتصادي، بحسب تحليل وول ستريت جورنال. اضطراب سلاسل التوريد العالمية: قد تضطر الشركات الأميركية إلى البحث عن بدائل للتوريد خارج الصين، مما يستلزم استثمارات ضخمة وإعادة هيكلة قد تستغرق سنوات، وفقا لتحليل رويترز. توتر دبلوماسي متصاعد: قد تؤدي استثناء الصين من التعليق إلى تعقيد مفاوضات مستقبلية، كما يُحتمل أن تتوسع رقعة الخلافات لتشمل مجالات أخرى كالتكنولوجيا والطاقة.وربما تعكس خطوة ترامب بتعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما تحولا تكتيكيا في السياسة التجارية الأميركية، مدفوعا بضغوط السوق وتفاعلات دبلوماسية حساسة.
وبينما يفتح التعليق الباب أمام مفاوضات مع بعض الشركاء، فإن التصعيد مع الصين يبقى عامل توتر مركزيا قد تكون له تداعيات بعيدة المدى على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
وينتظر المراقبون ما إذا كانت هذه الهدنة بداية لحل شامل أم مجرد هدنة مؤقتة في حرب تجارية طويلة.