مرت عشر سنوات منذ مايو ٢٠١٤م عندما قام جهاز الامن والمخابرات حينها باعتقال السيد الإمام الصادق المهدي رحمه الله عقب اتهامه لقوات الدعم السريع التابعة للجهاز حينها- بارتكاب أعمال عنف واغتصاب جماعي في دارفور.

بزغ حينها نجم حميدتي الذي قال مقولته الشهيرة: “نقول أمسكوا الصادق يمسكوا الصادق، فكوا الصادق يفكوا الصادق، الدولة لمن تعملها جيش التتكلم”

ثم لمع نجمه في معركة قوز دنقو بعدها بسنة والتي كسر بها شوكة الحركات المسلحة التي لم يكد يبقى لها مكان تلجأ إليه سوى “السماء ذات البروج” بتعبير مناوي،

زاد توهج حميدتي اكثر باجازة قانون الدعم السريع في سنة ٢٠١٧م بعد أن تمت -لخاطر عيونو- اطاحة ناعمة برئاسة الاركان وابعاد مناوئيه في الجيش،

ثم زاد توهجا في “الخرطوم بروسيس” وتألق ب”عاصفة الحزم” ثم صار حميدتي “حمايتي” بتعبير البشير، وتضخم نجمه منذ ديسمبر نائبا لرئيس المجلس العسكري ثم السيادي ورئيسا للجنة الاقتصادية واضعاً جنرالات الكلية الحربية ودكاترة غردون في فتيل.

تضخم حتى صار عملاقاً أحمر وصل ذروته في حرب الرابع عشر من ابريل ٢٠٢٣م

ان استحق رجل أن يسمى العقد الأخير باسمه فقد عشنا “عقد حميدتي” بامتياز، الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس وملأ قواميسهم السياسية واليومية بمقولاته وأمثاله الشهيرة، النجم الذي دار حول فلكه الاسلاميون والقحاتة وقادة الجيش ومؤسسات الدولة والدول الاقليمية وقبائل من وراء الحدود وحتى غربيو ما وراء البحار، دار حوله الكل ودار هو أيضاً حول الكل.

وكأي نجم يتضخم ليحمر، يأتي يوم ليتقزم ويبيض بتعبير أهل الفلك.. وخطابه بالأمس إيذان بذلك الإبيضاض..
سامح الشامي
سامح الشامي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

من تحت قبة الإمام المهدي و حكاية المهدية في زمننا المعاصر

حزب الأمة القومي، أحد أبرز الأحزاب السياسية في السودان، يمر بأزمة متعددة الأوجه نتيجة التعقيدات الداخلية والصراعات على مستوى القيادة في ظل المشهد السوداني الحالي. هذه التعقيدات تتجلى بشكل خاص بعد وفاة الإمام الصادق المهدي، زعيم الحزب السابق، حيث ظهرت اختلافات حادة بين أبنائه وقيادات الحزب، مما يعكس تحديات بنيوية تحول دون استقرار الحزب وتوحد رؤاه حول المستقبل السياسي للسودان.
أولاً واقول الصراع على القيادة والرؤية داخل حزب الأمة
بعد رحيل الإمام الصادق المهدي، نشأ فراغ قيادي داخل الحزب، وبدأ يظهر جليًا التباين بين أبناء الإمام والقيادات الحزبية الأخرى في توجهاتهم السياسية. ويقود هذا التباين حاليًا:
عبد الرحمن الصادق المهدي - الابن الأكبر للإمام عبد الرحمن، المعروف بدوره كمساعد سابق للرئيس السابق عمر البشير، تبنى خلال السنوات الماضية توجهات تصالحية، ورغم ارتباطه بحزب الأمة، إلا أن مواقفه العملية تميل أحيانًا نحو الوسطية والتقارب مع العسكريين. تصريحات عبد الرحمن الأخيرة تعبّر عن رغبة في لعب دور وسيط ومؤثر يحاول التقريب بين الجيش والكيانات المدنية، مما يخلق حالة من الحيرة لدى مناصري الحزب حول توجهاته الحقيقية تجاه التحول الديمقراطي.
الصديق الصادق المهدي - الأخ غير الشقيق وقيادي في حزب "تقدم": الصديق يختلف في رؤيته وأسلوبه عن أخيه عبد الرحمن. حيث اتجه للعمل في إطار مستقل من خلال تأسيس حزب "تقدم"، وهو حزب ينادي بمدنية الدولة والابتعاد عن أي نوع من التحالفات مع الجيش. يُعد الصديق من القيادات التي ترغب في قطع علاقة الحزب بالجيش والبحث عن نموذج سياسي حديث يركز على الديمقراطية وحقوق الشعب السوداني. وتباعد رؤيته عن حزب الأمة الأم يشير إلى رغبة في تكوين حركة شبابية جديدة قادرة على التغيير بعيدًا عن الإرث التقليدي للأنصار.
الأنساب والقيادات الأخرى الداعمة لحزب "تقدم" عن بُعد: دعم بعض الأنساب لحزب "تقدم" يعطي إشارة واضحة إلى تعمق الانقسامات الأسرية داخل أسرة الإمام الصادق المهدي، حيث أن هؤلاء الأنساب يرون في حزب "تقدم" حركة بديلة تجسد تطلعات جديدة وأفكارًا تقدمية بعيدًا عن الانغلاق التقليدي لحزب الأمة. دعم هؤلاء لحزب "تقدم" من بعيد يعكس رغبتهم في الدفع بتغيير سياسي جوهري، إلا أن هذا الدعم عن بعد أيضًا يثير تساؤلات حول إمكانية استقرار هذا الحزب الجديد ونجاحه في ملء الفراغ الذي يعجز حزب الأمة عن ملئه بسبب صراعاته الداخلية.
ثانيًا التحديات السياسية لحزب الأمة في ظل الأزمة السودانية الحالية
التنافس على القاعدة الشعبية: يواجه حزب الأمة تحديًا في الحفاظ على قاعدته الشعبية، خاصةً وأن الصراعات العائلية والسياسية أضعفت قدرته على جذب المؤيدين، في حين تستغل أحزاب أخرى مثل "تقدم" والانشقاقات الجديدة المناخ السياسي الحالي لاستقطاب الشباب والشرائح التي فقدت الثقة في الحزب.
التوجهات المتناقضة حيال الجيش: أحد أهم القضايا التي تسببت في الخلاف الداخلي داخل الحزب هو الموقف من الجيش. إذ أن هناك جناحًا داخل الحزب، يمثله عبد الرحمن الصادق المهدي، يدعو للتقارب مع الجيش حفاظًا على الاستقرار ودرءًا للفوضى. بينما يميل الجناح الآخر، ممثلًا في الصديق الصادق المهدي وقيادات "تقدم"، إلى اتخاذ موقف حازم ضد مشاركة الجيش في السلطة، ويدعون إلى حكم مدني ديمقراطي بحت. هذا التباين يؤدي إلى حالة من عدم الاتساق في خطاب الحزب ويضعف مصداقيته أمام الناخبين.
التحديات التنظيمية والبنيوية: إضافة إلى الصراعات القيادية، يواجه حزب الأمة مشاكل بنيوية، إذ يعاني من انقسامات داخلية وغياب رؤية واضحة لمستقبل الحزب في ظل هذا التشرذم. كذلك، تتسبب غياب هيكل تنظيمي قوي في عدم القدرة على تفعيل قرارات واضحة أو تنسيق الجهود بين القيادات المختلفة، مما يعزز من حالة الفوضى والتشرذم.
التأثير العائلي والتوريث السياسي: تعد النزاعات العائلية داخل عائلة الإمام الصادق المهدي تحديًا كبيرًا أمام تماسك الحزب. هذه النزاعات تجسد مخاطر "التوريث السياسي"، حيث أصبح الحزب رهينة لصراعات العائلة الممتدة. وهذا الوضع يُبعد قطاعات واسعة من السودانيين الذين يرون في الحزب ضرورة لتجاوز المصالح العائلية والتوجه نحو حلول وطنية.
ثالثًا مستقبل حزب الأمة في ظل الصراعات الداخلية
من الصعب أن يحقق حزب الأمة استقرارًا سياسيًا في ظل هذه الصراعات ما لم يتمكن من التوصل إلى رؤية مشتركة تجمع قياداته حول مواقف واضحة ومحددة. إن استمر هذا الانقسام بين أبناء الإمام والقيادات التقليدية، فإن الحزب قد يفقد المزيد من التأييد الشعبي، مما قد يمهّد الطريق لظهور حركات جديدة (مثل "تقدم") تستقطب هذه القاعدة المتزعزعة.
الوضع الحالي داخل حزب الأمة يعكس مأزقًا سياسيًا عميقًا يتمحور حول كيفية التوفيق بين الإرث التقليدي للجماعة الأنصارية وضرورة التحديث لتلبية تطلعات الشعب السوداني في الحكم المدني الديمقراطي. ما لم يتمكن الحزب من تجاوز الخلافات العائلية والسياسية وصياغة رؤية متسقة ومستدامة، فإنه قد يجد نفسه معزولًا في مواجهة أحزاب جديدة قادرة على تمثيل الجيل الجديد وتطلعاته
نحن إذن سنكون أمام حزب جديد في المرحلة المقبلة؛ يستفيد من تجارب المرحلة الماضية ويحدد رؤية جديدة للمستقبل على ضوء المعطيات والتطورات الجارية في السودان و سوف نري الكمثير من تحالفات جديدة القوي المدنية خلال الحرب وبعدها .

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الجيش الذي “لا يرتدي النعال”.. الاستخبارات الصينية تعرض صوراً لعملية استهداف حاملة الطائرات “إبراهام” وكيف اختبأت المدمرات الأمريكية ضمن تشكيلة الأسطول الصيني (تفاصيل مثيرة)
  • شاهد بالفيديو.. رجل سوداني يعبر عن اعجابه و “انبراشه” في الفنانة ندى القلعة ويتغزل فيها بأبيات من الشعر الجميل: (يا دعجاء يا زي حدب الكنار عينيك حور الجنة كان شافوك ببوسوا إيديك)
  • من تحت قبة الإمام المهدي و حكاية المهدية في زمننا المعاصر
  • الشكري … الهوية الأفريقية … قرية سر الكل !!
  • عبد الرحمن الخميسي.. الشاعر الذي اكتشف السندريلا وأضاء سماء الفن
  • الغريب في الأمر اكتفى مكتب حميدتي بالتهنئة فقط. ولكن فشلوك زاد (المحلبية) كثيرا
  • في “أحور” بأبين : طرق تشكل خطراً على حياة الناس .. وتغيب عنها المعالجات ..!!
  • من صاحب المقامات الذي عجز عن تحقيق طلب الأمير؟
  • مشيرب: خطاب “الطرابلسي” كان صحيحاً في محتواه وهذا هو مطلبنا
  • نادين لبكي ببطولة “ما وراء الموج” قريباً