بعثة تقصي الحقائق .. سجال بشأن إكمال المهمة في السودان
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
بينما غادر اثنان من المجموعة منزلنا بعد نهب السيارة، قرر آخران، العودة إلى المنزل، وأشهر أحدهما السلاح في وجهي، وقام الآخر باغتصابي”، تحدثت “سلمى” (اسم مستعار) في تقرير سابق بموقع الحرة عما عانته في منزلها بالعاصمة السودانية، الخرطوم، من قبل مجموعة مسلحة.
التغيير ــ وكالات
“ضحى” (اسم مستعار أيضا)، كانت تبلغ من العمر 15 عاما فقط عندما قالت لـ “الحرة” إنها وأختها تعرضتا للاغتصاب في منزلهما بأم درمان بحضور أمهما وشقيقهما الأصغر في عام 2023 أي بعد شهر من بدء المعارك.
سلمى وضحى لسن الوحيدات فما عاشتاه يتردد في قصص مئات من النساء في السودان بحسب البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان أو ما ذكرته جهات رسمية أو منظمات مجتمعية في السودان.
فيما قدر ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في البلاد، محمد الأمين، تعرض حوالي 7 ملايين امرأة وفتاة في السودان لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في الحرب الدائرة، بحسب تصريحاته في يوليو الماضي.
وحيث تدور المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يتعرض السكان إلى القتل والاستعباد في بعض الحالات، بينما تتوالى التقارير عن تعرض نساء وفتيات للعنف الجنسي على يد مقاتلين، وهو ما توثقه البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان.
واستطاعت البعثة توثيق مجموعة مروعة من الانتهاكات لحقوق الإنسان والجرائم الدولية قد يرقى العديد منها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واتهمت كافة أطراف النزاع في السودان بارتكابها. في حين تنفي تلك الأطراف مسؤوليتها في ذلك، ووصفت الحكومة السودانية البعثة بأنها “هيئة سياسية”.
ومع انتهاء مهمة البعثة في أكتوبر، صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، لصالح تمديد مهمتها.
وأعربت وزارة الخارجية السودانية، الأربعاء، عن رفضها للقرار، معتبرة أنه يتحامل ضد القوات السودانية المسلحة، وذكرت أنه لم يراع الأولويات الحقيقية للبلاد والتي تتطلب “إنهاء التمرد وإيقاف الفظائع المستمرة، وإخلاء مساكن المدنيين وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية”.
ورغم هذا الاعتراض، أكد محللون سودانيون أهمية تمديد عمل البعثة معتبرين أنه سيشكل “رادعا” أمام المزيد من الانتهاكات، ما يعني حماية المدنيين، وأن عملها لا يجب أن يشكل قلقا لأي جهة لا تنتهك حقوق المدنيين.
“رادع”الباحثة السودانية، مها طمبل، وجدت أن تمديد عمل البعثة له أهمية كبيرة على الصراع الدائر في البلاد، إذ وجودها فقط قد يشكل “رادعا من المزيد من الانتهاكات، ما يعني حماية المدنيين”.
وأوضحت طمبل، التي تقيم في العاصمة واشنطن، لموقع “الحرة” أن تصويت مجلس محقوق الإنسان يمثل “نجاحا وتوجيه رسائل للجناة أنه ستتم محاسبتهم على جرائمهم”، وهو الأمر الذي ينادي به قانونيون وناشطون سودانيون يعملون في مجال حقوق الإنسان.
وترى في تمديد مهمة البعثة أمرا بالغ الأهمية لـ “وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته والتزاماته تجاه الحرب المنسية في السودان، ناهيك عن أن توثيق الانتهاكات يمكن أن يوفر فهما موضوعيا للوضع على الأرض، لمساعدة المجتمع الدولي في معالجة الأسباب الجذرية للصراع ومحاسبة الجناة”.
ووجدت البعثة في تقريرها الذي صدر في سبتمبر الماضي أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والقوات الحليفة لهما، مسؤولون عن أنماط انتهاكات واسعة النطاق تضمنت هجمات عشوائية ومباشرة، عبر غارات جوية وقصف مدنيين ومدارس ومستشفيات وشبكات الاتصال وشبكات حيوية لإمداد المياه والكهرباء.
“بعثة تقصي الحقائق واحدة من أهم الآليات والجهات الموثوقة لرصد الانتهاكات ضد المدنيين”، بحسب ما يرى القيادي في قوى الحرية والتغيير السودانية، عمار حمودة.
وأكد حمودة لموقع “الحرة” أن رصد الانتهاكات يشكل ما يشبه “الحصار على طرفي الحرب بما يصب في مصلحة حماية المدنيين”.
ووجدت البعثة أن أطراف النزاع في السودان استهدفت المدنيين من خلال الاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي والاحتجاز التعسفي والاعتقال، بالإضافة إلى التعذيب وسوء المعاملة، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب.
خفض التصعيدوترجح الباحثة طمبل أن يساهم وجود هذه البعثة في “تسهيل الحوار بين الأطراف المتصارعة ووضع الأساس لمفاوضات السلام، مما قد يقلل من التوترات”.
وتابعت أن البعثة الأممية “يمكنها المساهمة في خفض التصعيد في السودان من خلال إيجاد الشفافية وتعزيز المساءلة، وهما أمران ضروريان لحل الصراع” بحيث يمكن لتقاريرها أن “تؤثر على الجهود الدبلوماسية الدولية، وتشجع على الامتثال للقانون الدولي من قبل الجهات الفاعلة السودانية”.
دعا محمد شاندي عثمان، رئيس البعثة، في سبتمبر، إلى نشر قوة مستقلة ومحايدة مكلفة بحماية المدنيين في السودان على الفور.
ويتفق حمودة، وهو مقيم في العاصمة لندن، مع طمبل وقال إن أي “رصد للانتهاكات وتحميله للجهة المسؤولة، يفضح الممارسات لجميع الأطراف، ويجعلها تحت دائرة الضوء بدلا عن استمرارها وتزايدها في حال عدم وجود جهة موثوقة للرصد”.
وذكر أن وجود البعثة وتمديد مهمتها سيساهم بالنهاية “في تقليل الانتهاكات”.
لماذا ترفض الحكومة السودانية تمديد البعثة؟قالت طمبل إنه من المؤكد رفض الخارجية السودانية لمهمة البعثة “لأنها ترى فيها تدخلا في الشؤون الداخلية، بحسب تصريحاتهم الرسمية”.
ولكن السبب الأهم هو “خشية الحكومة المدعومة من الجيش أن تسلط البعثة الضوء على تصرفات القوات المسلحة التي قد تؤدي إلى انتقادات دولية أو عقوبات، ومع التمديد قد يكشف أيضا عن انتهاكات ارتكبت أثناء الصراع، وهو ما قد ترغب الحكومة في تجنبه، وخاصة في سعيها إلى تعزيز سلطتها أو الحفاظ على روايتها للأحداث”.
وأعادت طمبل التذكير بالتجارب السابقة للجيش السوداني مع آليات المساءلة الدولية على رأسها المحكمة الجنائية الدولية، والتي أفضت باستصدار مذكرات توقيف في حق الرئيس المخلوع عمر البشير، وهذا ما تخشى الحكومة من تكراره من قبل بعثة تقصي الحقائق، على حد وصفها.
من جانبها، قالت الحكومة السودانية على لسان وزارة الخارجية في بيان، الأربعاء، إن قرار تمديد البعثة “جانب الصواب في توصيفه لما يجري في السودان، واحتوى على تحامل بالغ ضد القوات المسلحة السودانية”.
وأضافت أن نتيجة التصويت على القرار عكست الانقسام الحاد داخل مجلس حقوق الإنسان حوله “مما يؤكد تماما عدالة موقف السودان”.
وصوتت 23 دولة من الدول الأعضاء في المجلس البالغ عددها 47 لصالح تمديد مهمة البعثة الدولية المستقلة لعام آخر، في مقابل معارضة 12 دولة وامتناع 12 أخرى عن التصويت.
وانتقد حمودة من جانبه رفض الخارجية السودانية لتمديد عمل البعثة، وقال “لا أرى حصافة فيه”.
وذكر أن “عمل البعثة يشكل نوعا من حماية المدنيين، ويجب ألا يكون محل خوف أو قلق من أي جهة لا تنتهك حقوق المدنيين”.
حقائق عن البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودانقرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر من 2023 إنشاء البعثة، حيث تضمنت وجود محمد شاندي عثمان رئيسا، وعضوية: جوي إيزيلو ومنى رشماوي.
وللبعثة تسع مهام أساسية: التحقيق في الانتهاكات بما في ذلك تلك المرتكبة ضد اللاجئين والنازحين، وجمع وتوحيد الأدلة على الانتهاكات والتجاوزات، بما في ذلك إفادات الشهود ومواد الطب الشرعي.
يأتي هذا إضافة إلى تحديد الأفراد أو الكيانات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، وتقديم توصيات حول تدابير المساءلة بما في ذلك المسؤولية الجنائية، وتقديم تقارير إلى مجلس حقوق الإنسان، والتعاون مع مبادرات المساءلة الدولية والإقليمية والمحلية، والتركيز على حالة حقوق الإنسان في المناطق التي تثير قلقا مثل الخرطوم ودارفور.
نقلاً عن الحرة
الوسومالسودان انتهاكات بعثة تقصي الحقائق رفضالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السودان انتهاكات بعثة تقصي الحقائق رفض
إقرأ أيضاً:
سوريا.. «لجنة تقصي الحقائق» تمدد مهمتها وإسرائيل تتحدّث عن «التطبيع» مع دمشق
قالت لجنة تقصي الحقائق بشأن أحداث الساحل السوري، “إن من الصعب عليها أن تنجز مهمتها خلال شهر”، مشيرة إلى أنها “ستمدد فترة عملها، مرجحة إنشاء محكمة خاصة لملاحقة المتورطين”.
وقال ياسر الفرحان المتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل بسوريا في مؤتمر صحافي: إن اللجنة “عاينت 9 مسارح في مواقع الانتهاكات في الأحداث، واستمعت لشهادات الجهات الأمنية والعسكرية والمدنية باللاذقية، ودونت 95 إفادة وفق المعايير القانونية فيما يتعلق بالأحداث”.
وأضاف الفرحان، أن اللجنة “تلقت أكثر من 30 بلاغا بشأن الأحداث واستمعت لشهادات شهود عيان في 9 مواقع شهدت أعمال عنف، وهي تخطط للانتقال لطرطوس وبانياس وحماة وإدلب لتقصي الحقائق”.
وكشف المتحدث أن اللجنة “التقت بممثلين عن المجتمع المدني والأهلي وتعرفت على رؤاهم”، معربا عن تقديره للدور المهم للجهات الإعلامية في دعم شفافية عمل اللجنة، وكذلك، دور الشهود وعائلات الضحايا في التعاون معها”، مؤكدا “احترام خصوصياتهم”.
وقال المتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل في سوريا: “ظروفنا ليست مثالية ونحتاج لتعاون من الجميع للكشف عن الحقائق، وما زال الوقت مبكرا للإفصاح عن نتائج التحقيقات ومن الصعب إنجاز مهمتنا خلال شهر”.
وقال الفرحان إن “الاجتماعات مع أطراف الأمم المتحدة كانت إيجابية جدا، وأن اللجنة رحبت بالتعاون مع الأمم المتحدة في مجال تقديم المشورة والخبرة”، لافتا إلى أن “اجتماع اللجنة مع الوسيط الدولي بشأن سوريا كان إيجابيا جدا وشفافا”.
وأضاف المتحدث: “لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل بسوريا دخلت إلى كل المناطق التي شهدت الأحداث ووقعت فيها اعتداءات، وكان مسلحون من فلول النظام السابق موجودين في المناطق المحيطة بعملنا”.
وقال الفرحان إن “اللجنة دخلت كل المناطق التي شهدت الأحداث وسنستمر في الاستماع للشهود، ونرجح إنشاء محكمة خاصة لملاحقة الضالعين في الجرائم”.
وقال: “نعمل على عودة الأهالي للمناطق التي شهدت الأحداث وهناك من يعرقل ذلك، ونحن منفتحون على العمل مع الزملاء في المجتمع المدني السوري”.
وأكد المتحدث باسم اللجنة، أنه “من الصعب إنجاز مهمتنا خلال شهر واستمعنا إلى 95 شهادة حتى الآن”، مشيرا إلى أن “التحرك في المناطق التي شهدت الأحداث ما زال خطرا”.
وقال:”سنمدد عمل اللجنة حتى يتم الاستماع لكل الشهادات وتلقي البلاغات”.
يذكر أن “اشتباكات عنيفة اندلعت في محافظتي اللاذقية وطرطوس في سوريا يوم 6 مارس الجاري بين القوات الأمنية السورية من جهة، ومجموعات مسلحة في مناطق باللاذقية وطرطوس”، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير له، إن “هجمات شنتها مجموعات مسلحة محلية على مواقع لقوات الأمن وتشكيلات وزارة الدفاع، أدت إلى تصعيد عسكري واسع، وأسفرت عن عدد كبير من الضحايا غالبيتهم من الطائفة العلوية”، “وكانت لجنة تقصي الحقائق تعهدت بإنهاء عملها خلال 30 يوما”.
استخباراتي إسرائيلي: تطبيع العلاقات مع سوريا أسهل منه مع لبنان
صرح ضابط الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية جاك نيريا، “بأن تطبيع العلاقات مع الجمهورية السورية، يعتبر أسهل منه مع لبنان، نظرا للتركيبة المعقدة للشعب اللبناني”.
وأضاف الضابط الإسرائيلي السابق أنه من وجه نظره، “يمكن التوصل الى اتفاق مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بعد فترة، إن بقي في منصبه”.
واعتبر ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، أن “الرئيس السوري أحمد الشرع تغير عما كان عليه في السابق، وأن تطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا مع إسرائيل أصبح احتمالا حقيقيا”.
وأشار ويتكوف إلى أن “تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل، ثم بين سوريا وإسرائيل، يمكن أن يكون جزءا من عملية أوسع نطاقا لإحلال السلام في المنطقة”.