قال الكاتب الصحفى شريف عارف إن الحروب الحديثة هدفها ضرب «الهوية الوطنية» وموسوعة «عبقرية أكتوبر» التي أصدرها مؤخراً عبارة عن «متعة بصرية» تستهدف الأجيال الجديدة.

المعركة الكبرى للوعي تدور في الإنترنت لاستهداف العقول

وقال «عارف»، في حوار لـ«الوطن»، إن التوثيق عملية مرهقة وشاقة تحتاج إلى مجهود وعمل مؤسسى جماعي.

أهم أحلامى إيجاد مشروع قومي لحفظ الذاكرة البصرية لمصر  

وتابع: أهم أحلامي إيجاد مشروع قومى لحفظ الذاكرة البصرية لمصر، والمعركة الكبرى للوعى تدور فى ميدان «الإنترنت» لاستهداف العقول، والمنصات المعادية لمصر هدفها صناعة «تاريخ موازٍ» يُسهل عمليات التضليل والخداع.

 أبناء سيناء ركيزة أساسية

وأضاف أن «أبناء سيناء كانوا الركيزة الأساسية فى المعلومات للقيادة العامة للقوات المسلحة، والمشير أحمد إسماعيل كرّمهم بعد الحرب».

الـ«نيوميديا» هى المعركة الجديدة

وأشار إلى أن الـ«نيوميديا» هى المعركة الجديدة منذ بداية الألفية الثالثة من خلال الواقع الافتراضى لتحقيق خسائر فكرية تؤثر على الموقف العام للدول وروح أفرادها المعنوية، والرد المناسب لا بد أن يكون بنفس أدوات الميديا الجديدة عبر حقائق بصرية وتوثيقية وتاريخ شفاهى، منها البودكاست ومنتجات لا تتعدى مدتها 180 ثانية بعناصر الإبهار.

حرب أكتوبر مجموعة عبقريات لا تُنسب لشخص أو جيل وإنما للشعب بالكامل

وأوضح أن «حرب أكتوبر مجموعة عبقريات لا تُنسب لشخص أو جيل أو جماعة وتُنسب للشعب المصرى بالكامل».

المخابرات الحربية كان لها دور كبير جداً

ولفت إلى أن إدارة المخابرات الحربية كان لها دور كبير جداً، وقدمت المجموعة القتالية «39 قتال» بقيادة إبراهيم الرفاعي ومنظمة سيناء العربية، وبعض الصور كانت من ألبومات القادة ومن تصوير المصور العسكرى داخل الوحدة نفسها وتُعرض لأول مرة، ومن أجملها ألبوم الفريق عبدالمنعم واصل واللواء فؤاد نصار»، وإلى نص الحوار:

  لماذا «عبقرية أكتوبر» الآن؟

- الحروب الحديثة لم تعد قائمة على فكرة الغزو أو تحريك القوات أو الأعمال العسكرية بصفة عامة، لكنها تقوم على خطط ممنهجة لغزو العقل، لضرب الهوية الوطنية، ومصر بتاريخها الكبير والعميق مستهدفة لأول مرة من الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، وكما هو معلوم أننا عشنا لعقود طويلة على أن التهديد الرئيسى من الاتجاه الشرقى، ولكن الأحداث على مدى السنوات العشر الماضية أثبتت أن مصر، لأول مرة فى تاريخها القديم والحديث، أصبحت مهددة من الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، وهنا فإن الحروب الحديثة هدفها الرئيسى ضرب الهوية الوطنية واحتلال العقول، من خلال طرح رؤى مغايرة للرؤى الوطنية التى أجمع عليها المصريون.

وأرى أن هناك بُعدين لصدور «عبقرية أكتوبر» كمجلد تذكارى، الأول هو المشاركة فى معركة الوعى لتوضيح وتسليط الضوء على أحداث معينة تستهدف مصر وضربها من خلال التشكيك والتدليس ودفع المعلومات المغلوطة، وكل هذه الأساليب تأتى ضمن الحروب الحديثة لضرب الهوية الوطنية، والبُعد الثانى يتعلق بالشأن المهنى، وهو أن مجلد «عبقرية أكتوبر» هدفه المهنى المتعة البصرية، وهى جزء من الرؤية الإعلامية الحديثة، لأن كل ما يُقدَّم من مواد إعلامية قائم على المتعة البصرية وتحقيق الإبهار وجذب المشاهد، وحينما نقدم مجلداً مطبوعاً لا بد أن يعتمد بالدرجة الأولى على الصورة التى لم تشاهدها أجيال كثيرة جديدة ممن لم يعاصروا حرب أكتوبر كمعركة مصير وكجزء مهم وكبير من الحركة الوطنية المصرية.

كيف استهدفت المنصات المعادية لمصر العقل المصري على مدى السنوات العشر الماضية؟

- للحقيقة هي لم تبدأ منذ 10 سنوات فقط، ولكنها بدأت قبل 2011 لهدف معروف وهو تمهيد الأرض، فى أسلوب قديم يسبق إسقاط الأنظمة، بمعنى أن يتم الدفع بمجموعة هدفها إحداث القلاقل وبث الشائعات وإشاعة التشكيك، وهذا حدث بالفعل، ولكن وعى الدولة المصرية أسهم بشكل كبير فى تماسك ووحدة الشعب وقواته المسلحة فى الحفاظ على سلامة الجبهة الداخلية ضد هذه المخططات الممنهجة، وعليه انتقلت المعركة إلى ما يُعرف بصناعة التاريخ الموازى، وهي كتابة التاريخ المصرى بصورة أخرى على غير الحقيقة للترويج لعمليات تضليل حول معلومات تاريخية محددة وشبه محسومة، والهدف من كتابة التاريخ الموازى إحداث حالة من التشكيك بين الحقيقة والضلال، والدفع بكمية من المعلومات المغلوطة بحيث تتضاعف كمياتها وأدوات نشرها، ما يجعلها مع الوقت فى حكم التاريخ الحقيقى، بينما التاريخ الحقيقى فى حد ذاته يتراجع ويتوارى.

وما أسلوب المواجهة فى هذه الحالة؟

- في اعتقادى أن مصر تحتاج إلى مراكز متخصصة فى التوثيق البصرى والتاريخ الشفهى، وهو تاريخ من نوع خاص يعتمد على الأدوات البصرية، ومنها الصور المتحركة، والذاكرة الفوتوغرافية لمصر، لأننا الآن فى إطار سلسلة من الاحتفالات والمناسبات التى تتعلق بمناسبات الدولة المصرية الحديثة فيما جاء بعد عام 1922، وهو العام الذى حصلت فيه مصر على الاستقلال بموجب دستور 1922 وإن كان رمزياً، إلا أنه كان سبباً فى ظهور مصطلح الدولة المصرية، وظهور واحدة من أبرز القوى الناعمة وهى وزارة الخارجية التى تأسست فى هذا التاريخ.

وماذا تعني بمئويات الدولة هنا؟

- أعنى ببساطة أننا أمام أحداث تاريخية تؤكد عمق هذه الدولة وقوتها فى المنطقة، وعلى سبيل المثال يمكن أن نتحدث أن العام الحالى وحده يمثل حدثاً مهماً وهو مئوية المجلس النيابى المنتخب كأول مجلس نواب منتخب من الشعب المصرى فى انتخابات حرة عام 1924، والسنوات المقبلة تحمل كل توابع الدولة الحديثة ومئوياتها التى يجب أن تحتفل بها مصر.

التوثيق عملية شاقة

كيف ترى عملية التوثيق البصري والتاريخ الشفاهي وتأثير ذلك في قضية الوعى المصرى؟

- التوثيق عملية شاقة ومرهقة وتحتاج إلى مجهود كبير وليست عملاً فردياً، فهى قائمة على الشكل المؤسسى، وبالتالى فإن أى عمل يتعلق بالتوثيق، خصوصاً التوثيق البصرى، هو عمل شاق، لأنك تقدم تاريخاً بصرياً للأسف ليس موجوداً فى معظم المؤسسات، وبالتالى أنت تصنع شيئاً جديداً يمكن أن يشارك فيه التاريخ الشفاهى، الذى يقدم شهادات شفهية تاريخية عن مراحل زمنية فى تاريخ مصر الحديث.

كيف طبقت ذلك كنموذج في المجلد التذكاري «عبقرية أكتوبر»؟

- قد يقول بعض غير المتخصصين إن المجلد التذكارى أو السجل المصوَّر «عبقرية أكتوبر» هو مجرد مجموعة من الصور تم نشرها بصورة مسلسلة وتحقق متعة بصرية، لكن الموضوع أكبر من ذلك بكثير لأن تحقيق الصورة أصعب بكثير من تحقيق النص، لأنك مطالب بأن تحدد كل شخص فى هذه الصورة، وما المناسبة التى التُقطت فيها، وما سياق الزمن فى هذا الموضوع، وهذه عملية شاقة لأبعد الحدود.

وراء كل صورة حكاية.. ما حكايات مجلد عبقرية أكتوبر وكيف فكرت فى تنفيذه؟

- الحكاية بسيطة ولكنها بدأت من 30 عاماً عندما كنت محرراً عسكرياً، فقد تشرفت بالعمل فى ظل وجود قادة وعسكريين منهم الكثيرون ممن حاربوا فى «أكتوبر»، وأجريت العديد من الحوارات معهم، وسجلت المذكرات الخاصة باللواء فؤاد نصار، مدير جهاز المخابرات الحربية وقت حرب أكتوبر، وكنت حريصاً على الاحتفاظ بألبوم الصور الخاص بهم، وفى عام 2021 كنت أعمل مع الكاتب الصحفى الكبير ياسر رزق على مشروع كبير للتوثيق من خلال عمل تليفزيونى، وكان ياسر رزق يكتب مقدمات للعمل، وبعد فترة مرض ياسر رزق وأعطانى المقدمات وقال لى انشرها عندما يأذن الله بذلك، احتفظت بها.

بعد وفاة ياسر رزق بدأت العمل على المشروع الحالي، وبالمناسبة هناك جزء مرئى وشهادات قمت بجمعها من وجهة النظر الشعبية، من خلال ضيوف معاصرين للحرب جميعهم من المدنيين، فالذى عبر فى 73 هو الشعب المصرى، والقوات المسلحة هى جزء من الشعب المصرى، واللقاءات التى أجريتها مع مجموعة من الفنانين والمثقفين والصحفيين، مثل الدكتور عماد أبوغازى، والكاتبة اليسارية أمينة شفيق، والفنان حسين نوح، الشقيق الأصغر للفنان محمد نوح، وغيرهم، منهم من روى تفاصيل لقائهم بالسادات، ومنهم من تحدّث عن وقت الحرب، وكان هناك مشروع كبير لم يرَ النور حتى الآن.

ماذا عن مجلد عبقرية أكتوبر.. وكيف تم إنتاجه؟

- هو أسرع تصديق عسكرى على كتاب يصدر عن حرب أكتوبر، وتلقيت إشادة من كل هيئة من الهيئات التى راجعت الكتاب ووثقته، ومعظم الصور الموجودة تم التحقيق فيها بالطريقة الأكاديمية، بمعنى أنه تمت كتابة المراجع ومصادر المعلومات، وإحقاقاً للحق كتبت مصادر الصور، سواء كانت الألبومات الخاصة بالقادة العسكريين، مثل ألبوم صور الفريق عبدالمنعم واصل، والفريق عبدالمنعم خليل، واللواء فؤاد نصار، وغيرهم الكثير، من أجل التوثيق، كذلك حاولت تحرِّى الصور فى أرشيف الصحف القومية، وبالمناسبة بعض هذه الصور كانت من تصوير المصور العسكرى داخل الوحدة نفسها، ولذلك تجد صوراً تُعرض لأول مرة.

وما أكثر الألبومات التى سعدت بها؟

- من أجمل ألبومات الصور التى استمتعت بها كان ألبوم الفريق عبدالمنعم واصل، لأنه كان محباً لجمع الصور والتاريخ، يليه اللواء فؤاد نصار، وهناك صور نادرة لعملية اغتيال موشيه دايان، وهى عملية تم تنفيذها ولم تنجح، وبالمناسبة كانت ليلة 17 أكتوبر وقت الثغرة.

وكيف وثقت الصور وكتبت التعليق عليها؟

- كنت حريصاً على كتابة التعليق فى كل الصور، حتى تعلم المناسبة والشخصيات والسياق التاريخى للصورة وفى أى زمن وما هو السبب، وهذا كان أكثر شىء مرهق فى الموضوع، وأن تشرحها بالسياق الزمنى أيضاً، وهو شىء صعب يحتاج إلى مجهود كبير، فمثلاً وزير الدفاع السوفيتى كنت أحتاج معرفة من هو الوزير وقتها ومتى زار مصر، ومتى زار الوفد روسيا، وهذا ما يسمى بتحقيق الصورة، لذلك كنت حريصاً على كتابة توثيق وتحقيق على هذا المجلد، والتوثيق هو تجهيز الصورة، والتحقق يكون من كل المعلومات الموجودة فيها، وهل هى صحيحة أم لا، وبذلت جهداً كبيراً لتحقيق ذلك، والحصول على هذه الصور كان صعباً جداً.

لماذا قدمناها في شكل ألبوم صور؟

- لسبب بسيط، وهو أن الصورة بألف كلمة، وكنت حريصاً على التدرج الزمنى، لذلك ستجد الصور تبدأ من 1967، فالكتاب سجل مصور لحرب أكتوبر المجيدة ومراحل الإعداد لها، وهذا أكبر دليل على أن حرب أكتوبر لم تأتِ مصادفة وإنما تم الإعداد لها منذ النكسة، فالرئيس السادات اتخذ قرار حرب أكتوبر قبل أن يكون رئيساً للجمهورية.

كيف ذلك؟

- فى عام 1967 وقت حكم الرئيس جمال عبدالناصر، كان اللواء كمال حسن على، وهو أحد أساتذة المدرعات فى الشرق الأوسط، أصيب فى عمليات 1967 وكان فى مستشفى المعادى العسكرى، وجاءت السيدة جيهان السادات تزور المصابين مع وفد من الهلال الأحمر، وأثناء زيارتها للواء كمال حسن على، قال لها أريد أن ألتقى أنور السادات، وكان فى رتبة قريبة منه، فذهب السادات فى صباح اليوم الثانى لزيارته، فشرح له كمال حسن على ما حدث فى 1967 بالكامل، وهنا أدرك السادات أن الجيش المصري لم يحارب من الأساس، وإنما تم الغدر به، وعندما أتيحت له فرصة القتال قاتل فى معركة رأس العش وانتصر، وكتيبة صاعقة واحدة تمكنت من إيقاف قوات العدو، وعلى هذا الأساس اتخذ السادات قرار حرب أكتوبر وهو فى المستشفى مع كمال حسن على، ولاحظ أن السادات وقتها لم يكن رئيساً أو نائباً لرئيس للجمهورية، ولكنه قال: يا كمال إحنا مفيش أمامنا غير الحرب، فالسادات شخصية محورية فى تاريخ مصر، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى أكثر من مرة، عندما قال إن القيادة السياسية فى هذه المرحلة كانت قيادة سابقة لعصرها، وهذا حقيقي، ففى كل وقت يمر يعطى لأنور السادات حقه التاريخى فى هذا البلد، فهو من حارب، وهو من سعى للسلام، وليس أى سلام وإنما السلام العادل، فهو صاحب هذا المصطلح، وهو من قام بإعداد القوات المسلحة، وإعداد الدولة المنهكة للحرب، والأخطر من كل هذا أنه فى كل خطاب كان يقول إن القوات المسلحة ستعبر قناة السويس، فكيف يمكن لهذا الرجل السابق لعصره أن يوصل رسالة للشعب المصرى أننا سنعبر، وفى نفس الوقت يوصل لإسرائيل رسالة أننا لا نستطيع أن نفعل ذلك؟! وبالوقائع فإنه صنع الشىء وعكسه فى نفس الوقت، بدليل أن قوات الاحتلال على الجبهة لم تشعر بأن الجنود المصريين يتدربون، فحرب أكتوبر مجموعة من العبقريات لا تُنسب لشخص أو لجيل أو لجماعة، ولكن تُنسب للشعب المصرى بالكامل، وإدارة المخابرات الحربية مثلاً كان لها دور كبير جداً قبل الحرب وأثناء الحرب، فقدمت من كانوا سبباً رئيسياً فى نجاح الحرب، وهم المجموعة القتالية «39 قتال» بقيادة إبراهيم الرفاعى، والمجموعة الثانية كانت منظمة سيناء العربية.

ممن كانت تتكون منظمة سيناء العربية وما هي مهمتها؟

- هى مجموعة تم تشكيلها من مجموعات من أبناء القبائل والعواقل السيناوية، تحت إشراف المخابرات الحربية بالكامل، وتم استقدام مجموعات كبيرة منهم وتدريبهم على أعمال المراسلة باللاسلكى وغيرها، وأبناء سيناء كانوا هم الركيزة الأساسية فى المعلومات التى ارتكزت عليها القيادة العامة للقوات المسلحة، والإمداد المعلوماتى، ولولاهم ما كانت مصر علمت كل ما هو خلف خطوط العدو، والصعوبة كانت فى نقل المعلومة باللاسلكى، فقاموا بإيواء ضباط المخابرات الحربية والاستطلاع الذين يتم إسقاطهم خلف خطوط العدو، وكان ذلك له دور فى أن يكون هناك إمداد معلوماتى جيد وتوصيل المعلومة، وكان هناك أفراد يوصلون المعلومة لبعضهم، بين كل شخص والآخر مسافة خمسة كيلومترات، للتغلب على مراقبة اللاسلكى، لذلك تجد فى كتاب «عبقرية أكتوبر» صورة مهمة لتكريم عواقل سيناء من الفريق أحمد إسماعيل، وكان حفل تكريم كبيراً جداً، وهى صورة تُنشر لأول مرة، فالقبائل السيناوية استطاعت أن تمد المخابرات الحربية بمعلومات مكَّنتها من أن تعد للحرب بشكل كبير، ومكَّنتها كذلك من عمل ماكيت كامل لخط بارليف تم تدريب الجيش المصرى عليه، لذلك أصعب مراحل الحرب هى التدريب على الحرب.

ما قصة صورة السادات في المخابرات الحربية يتفقد أجهزة الاتصال؟

- فى هذه الصورة كان السادات يتفقد مجموعة من الأجهزة المتطورة للاتصالات، لأنهم اكتشفوا أن كل المكالمات الخاصة بين السادات والمشير أحمد إسماعيل كانت مرصودة، لدرجة أن اللواء فؤاد نصار دخل على الرئيس السادات ومعه تسجيل مكالمة بينه وبين وزير الحربية، وهو شىء مزعج، وهذا الموقف فى حد ذاته أجَّل الحرب لمدة عام، حتى يتم تغيير أجهزة الاتصال بالكامل.

حكاية صورة اغتيال موشيه ديان

وما قصة صورة اغتيال موشيه ديان؟

- تم تصوير الصورة من قبَل عناصر الاستطلاع المصرية أثناء قيادة ديان للقوات، ذهبت المعلومة للقيادة العامة، واللواء فؤاد نصار أوصلها للسادات، فطلب منه تحديد موقعه بالضبط، وأعطى السادات أمراً بضرب المكان، ولكنه كان تحرك من موقعه لمنطقة أخرى، وكان قريباً من القصف، والصور الموجودة فى الكتاب هى صور مصرية وليست أجنبية.

وما قصة صورة البابا شنودة؟

- البابا كان فى الأصل قبل الرهبنة ضابط جيش، وكانت هناك زيارة شهرية إلى جبهة القتال، وكان حريصاً على حضورها، وكان يطلب نظارة مُعظمة لمشاهدة تحصينات العدو، لما لديه من خبرة عسكرية.

ما أحلامك القادمة؟

- أحلامى أن يكون هناك مشروع قومى للتوثيق المرئي، والذاكرة الفوتوغرافية لمصر، والجهة الرئيسية المسئولة عن ذلك هى وزارة الثقافة، لأن معظم المرئيات تتبع وزارة الثقافة، فى إطار مشروع قومى لحفظ الذاكرة البصرية لمصر.

 معركة النيوميديا

وأشار إلى أن المعركة منذ بداية الألفية الثالثة هى معركة النيوميديا، وبالتالى أصبحت ميادين القتال، إذا جاز لنا أن نطلق عليها هذا التعبير، على الواقع الافتراضى، ولم تعد على الأرض، فكل العمليات التى يتم التخطيط لها يتم تنفيذها بالتوازى مع مخططات هدفها الوصول إلى العقول فى الدول المستهدفة، وبالتالى فإن المعركة الكبرى للوعى الآن تدور فى ميدان الإنترنت، وهدفها إصابة العقول وتحقيق خسائر فكرية كبيرة تؤثر على الموقف العام للدول وروح أفرادها المعنوية، وهنا فإن الرد المناسب لا بد أن يكون بنفس أدوات النيوميديا، بمعنى أن نقدم حقائق بصرية وتوثيقية وتاريخاً شفاهياً باستخدام وسائل النيوميديا، وربما من بينها، على سبيل المثال، البودكاست والمنتجات التى لا تتعدى مدتها 180 ثانية، والتى يكون فيها عنصر الإبهار وغيره من العناصر التى تؤثر فى المتلقى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عبقرية أكتوبر الهوية الوطنية القوات المسلحة الباسلة المخابرات الحربیة الفریق عبدالمنعم الحروب الحدیثة الهویة الوطنیة عبقریة أکتوبر کمال حسن على حرب أکتوبر هذه الصور مجموعة من یاسر رزق لأول مرة أن یکون من خلال فى هذه

إقرأ أيضاً:

رسّام الحياة الحديثة .. الحداثة والعبقرية كما يعرّفهما بودلير

أذكر كنت فـي مكتبة «لوتس» أنبش الكتب بحثًا عن كتاب لقراءته وقتها، إلا وتتلقف يدي بغتة كتابًا كان على وشك السقوط، ابتهجت لحظتها لأنني عثرت على اسم كاتب أحبه، شارل بودلير أحد أعمدة القرن التاسع عشر وأبرز رواد الحداثة والرمزية، ثم استغرقت فـي عنوان الكتاب الطويل نسبيا، «نسبيا» هذه الكلمة التي ستتكرر فـي ثنايا الكتاب، «رسام الحياة الحديثة/الجمال المطلق للحظة الراهنة»، ترجمة الدكتور قاسم المقداد، وتقديم جيرالد فروادوفو الذي أرفق دراسة حول الحداثة البودليرية عنونها بـ«الحداثة والنزعة الحداثية، بودلير إزاء عصره».

وأذكر أنني كنت أقرأ الكتاب فـي أحد كراسي المكتبة المريحة، فقرأت فـي غلاف الكتاب الفقرة، وليست كأي فقرة، التي قالها جيرالد فـي تقديمه: «بودلير يقابل الحداثة العلمية والصناعية فـي عصره بنظريته حول الحداثة الثقافـية.

بهذا تراه يرفض السلطة المولدة ذاتية لأي شيء حديث، وكذلك لفكرة الحداثة. عندئذ نفهم أن الحداثة البودليرية ليست تمجيد إنجازات الإنسان المعاصر، فتبدو بمثابة مشروع إنقاذ، ويعبر عنها، إن لم يكن بإرادة العودة، فعلى الأقل بالرغبة فـي ترويض الشياطين التي أعتقها العقل الخلاق للإنسان الحديث».

لكن كل ذلك لم يشبع ظمئي وفضولي، فضلا عن أن الكتاب ثقيل بمحتواه الفكري، نوعا ما، ويحتاج إلى تركيز ووقت.

وأذكر أنني كنت ممسكًا بكتاب آخر لبودلير «الفراديس المصطنعة فـي الحشيش والأفـيون»، فعضضت عليهما بالنواجذ، وابتعت الكتابين مثلما يبتاع الأب لأبنائه سكاكر حلوة من السوق.

رسام الحياة الحديقة هو ثلاث عشرة مقالةً، فقط، يلخص فـيها بودلير رؤاه وهواجسه إزاء الإبداع والعبقرية والحداثة والجمال.

فحداثة بودلير لا ثابت ولا مطلق لها سوى التجديد، فحداثي اليوم سيصبح قديم الغد، وثمة مثال فـي ذهني يعزز رؤية بودلير، هو أن بودلير نفسه الحداثي الكبير فـي زمنه، أو المتقدم على عصره، غدا أدبه اليوم يصنف ضمن الكلاسيكيات القديمة.

فـي ذات الوقت لم تكن نظرة بودلير بمتطرفة إزاء الجميل القديم، فهو يؤمن بخلود الجمال الأصيل والعبقرية، فنجده يستشهد بعباقرة التاريخ والمبدعين القدامى والحديثين، هو المولع بمنابع العبقرية ومحاولة فهمها وتحليلها.

فـيشرح بودلير فلسفته إزاء الحداثة على نحوٍ مبسط فـيقول: «البكرات كلهن جذابات، أو بالأحرى كُنَّ جذابات بشكل مشروع فـي وقتهن قبل أن تدور العجلة، وتحلُّ بكرة جديدة محل البكرة السابقة، وتأتي بجميل مشروع بعد السابق ويحل مطلق محل آخر». فـي حين يقول فروادوفو فـي التقديم: «بودلير لا يخشى التناقض، لأن هذا التناقض، هو الحداثة نفسها».

كل هذا جعلني أستحضر ديلاكتيك هيغل ونهر هيراقليطس وتطور داروين، وأمورا أخرى كالهدم والتخريب لبناء الجديد.

وفـي رؤية أخرى لبودلير، يثبت فـيها أن كل جميل يتكون من عنصر ثابت دائم، وعنصر نسبي ظرفـي، فـيردف: «من دون العنصر الثاني، الذي قد يشكل غطاء مسليًا، أو مدغدغا، ومشهيًا للكعكة الإلهية، سيكون العنصر الأول عسير الهضم، ولا يناسب الطبيعة البشرية». وفـي سياق مشابه يقول: «تأملوا، إذا شئتم، ذلك الجزء الثابت أبدًا بوصفه روح الفن، والعنصر المتغير باعتباره جسده». نلاحظ أن لغة بودلير فـي الكتاب لا تخلو من الشعرية والصور الجمالية العذبة.

وينتصر بودلير لجماليات الهامش مستطردًا: «هناك أناسٌ ممن قرؤوا، ذات يوم، بوسويه وراسين فـيعتقدون أنهم امتلكوا تاريخ الأدب. لكن، لحسن الحظ، يبرز من وقت إلى آخر، من يصحح مثل هذه الأخطاء، من نقاد وهواة، وفضوليين، ليؤكدوا أن رافائيل لا يختصر الفن، وأن راسين لا يعني كل شيء، وأن لدى الشعراء الصغار ما يقولونه من جديد، ومتين ولذيذ».

والجمال فـي الأدب والفن بالنسبة لبودلير لا ينحصر على فئة أو مذهب أو شخوص، إلا أنه يميل دائما للأدب والفن اليومي الذي يمثل طبقة العامة والبسطاء والحياة المعيشة مجسدًا الحياة الحقيقية فـي تلك الفترة، وينتقد الفنون والآداب الشائعة فـي زمنه تلك التي تصور الطبقة المخملية من برجوازيين وأرستقراطيين ونبلاء وغيرهم.

وأنا أقرأ هذه الفكرة عدتُ بلا إرادة مني لتاريخنا العربي، التاريخ الأدبي على وجه التحديد، فضربت مثالا، ربما ينطبق على ما قاله بودلير، قد لاحظته سابقا، وهو أن السرد العربي كان دائما يمثل ويعكس هذه الطبقة الدنيا على عكس الشعر الذي كان معظمه يتغنّى ويمجّد بطبقات السلاطين والملوك والفرسان والنبلاء وهلم جرا، فإذا بكُتّاب السرد مكروهين منبوذين ومهمشين من البلاط على عكس الشعراء المقربين، باستثناء الشعراء الصعاليك طبعًا. فـي المقابل هذا لا يبخس أهمية ديوان العرب ليس للحضارة العربية بل حتى فـي تاريخ الآداب والفنون العالمية.

يحدثنا بودلير فـي معظم الكتاب عن هذه الشخصية العجائبية، هذا المثال الشامل الذي ينطبق على أغلب رؤى بودلير. وهو فنان، رسام ويكتب الشعر أحيانا، يرفض عادة ذكر اسمه، يسميه بودلير «بالإنسان العالمي»، ولا يمل بودلير من وصفه وسرد قصص عنه، فالذي يتمتع بثقافة موسوعية تتقصى الجمال فـي كل شيء، نذر حياته كلها للجمال اللحظي وللفن والأدب والإبداع. هذه الشخصية الفريدة التي ألهمت بودلير فـي كتابة هذا الكتاب الذي أخال أن روحه تحضر حتى فـي العنوان» رسام الحياة الحديثة/الجمال المطلق للحظة الراهنة».

وبالنسبة لبودلير تقف العبقرية جنبًا إلى جنب مع الطفولة، ذلك الفضول والدهشة الأولى عند الطفل والحساسية المرهفة هي ما يحتاجها المبدع، فـيقول: «العبقرية يمكن أن تنطلق من الفضول». ويقارن فـي سياق آخر بين العبقري والطفل فـيردف: يتمتع العبقري بأعصابٍ متينة؛ أما أعصاب الطفل فضعيفة. لدى الأول شغل العقل مكانًا كبيرًا، أما لدى الطفل فتشغل الحساسية كيانه كله. لكن العبقرية ليست سوى الطفولة المستعادة إراديًا».

وأختم هذا المقال باقتباس لبودلير حول الإلهام الذي يجتاح العبقري:

«أؤكد أن للإلهام علاقة معينة بالاحتقان، وأن أي فكر سامٍ يترافق بهزة عصبيةٍ قوية، إلى حد ما، يصل دويها إلى المُخيخ».

مقالات مشابهة

  • أنت أول مرة تقدم برنامج؟.. مجدي عبد الغني يفقد أعصابه بسبب مذيع بروود كاست
  • رسّام الحياة الحديثة .. الحداثة والعبقرية كما يعرّفهما بودلير
  • مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام لـ سانا: ننفي الشائعات التي تنشرها وسائل إعلام إيرانية حول هروب أبناء الطائفة العلوية في دمشق إلى السويداء، ونؤكد أن الخبر ضمن سياق الحرب الإعلامية التي تستهدف سوريا الجديدة ووحدتها
  • مستشار بالأكاديمية العسكرية: حرب أكتوبر كانت ثمرة سنوات من الكفاح العسكري والعلمي
  • هشام الحلبي: حرب 6 أكتوبر كانت ثمرة جهد 6 سنوات من التخطيط الاستراتيجي
  • هكذا أصبح متعة السلطان واحدا من أشهر الأطباق التركية.. إليك طريقة تحضيره
  • واشنطن: الضغوط القصوى على طهران هدفها إنهاء التهديد النووي
  • استعراض مستجدات مشروع تطوير قرية وكان
  • ظاهرة المؤثرين: بين التغيير الثقافي وهدم الهوية الوطنية .
  • عماد حمدان: المرأة الفلسطينية هي الأساس في تشكيل الهوية الوطنية والثقافية