الكتاكيت المستوردة هل تعيد للمصريين طعم البروتين؟
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
تشهد الأسواق حالة من الارتفاع الجنونى وغير المبرر فى أسعار اللحوم خاصة الحمراء، ما أدى إلى زيادة الإقبال على الدواجن والتى كانت تعتبر البروتين الأرخص والأقرب للبيوت، بعد أن خاصمت اللحوم الحمراء أغلب الموائد، إلا أن أسعار الدواجن أيضاً لحقت بها وتمادت فى الارتفاع حتى أصبحت صعبة المنال على الكثيرين.
هذا الوضع انعكس على صناعة الدواجن نفسها والتى كانت واحدة من أهم الصناعات الوطنية فى مصر، حيث أدى ارتفاع الأسعار ومشكلة الأعلاف إلى تراجعها، حيث أدى ارتفاع أسعار الدواجن فى الفترة الأخيرة أدى إلى انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار جميع السلع، بخلاف زيادة أسعار الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والمواصلات، ما دفع الأسر البسيطة إلى فرض حالة من التقشف فى شراء اللحوم والدواجن.
كذلك أدى ارتفاع الأسعار إلى تراجع الانتاج بنسبة تتجاوز 35%، بعد خروج 40% من المنتجين وجميعهم من صغار المربين بسبب الخسائر الكبيرة خلال العامين الماضيين.
ورغم حالة التراجع والعشوائية التى تعانى منها صناعة الدواجن فى مصر، إلا أن الاستثمار فى تلك الصناعة وتطويرها وإعادة هيكلتها وتحويلها إلى صناعة وطنية خالصة، يمكن أن يحدث طفرة كبيرة فى الاقتصاد المصرى، ويوفر مصدراً جديداً للعملة الصعبة من خلال التوسع فى تصديرها للخارج، لما تمتلكه مصر من بيئة مناسبة وعمالة كبيرة مدربة وموقع استراتيجى بين القارات الثلاثة.، خاصة بعد صدور قرار من وزراة الزرعة بالسماح باستيراد الكتاكيت ليسهم فى حل الأزمة والسيطرة على الأسواق من جشع كبار المُنتجين.
خاصمنا البروتين
وتسبب التباين الواضح فى أسعار الدواجن بين المناطق المختلفة فى سيادة حالة من الغضب لدى المواطنين الذين يتساءلون عن دور الدولة فى الرقابة على الأسواق ومحاربة جشع التجار، وكيفية وصول سعر الكيلو فى بعض المناطق إلى 100 جنيه بينما تباع فى مناطق أخرى بـ88.
التقت «الوفد» مع عدد من المواطنين، فقالت السيدة «خلود» ربة منزل وأم لطفلين إن الارتفاع الجنونى فى أسعار اللحوم الحمراء جعلهم يعتمدون على الدواجن التى ارتفعت أسعارها أيضاً ليصل سعر الكيلو لـ110 جنيهات بمنطقة حدائق الأهرام، فضلًا عن أسعار البيض والتى ارتفعت أيضاً بشكل مبالغ فيه.
وأضافت أن لديها أطفالاً فى عمر التكوين لا بد أن يتناولوا البروتينات حتى تنمو أجسادهم بشكل صحيح، إلا أن ارتفاع الأسعار جعلها تتخلى عن وجودها على المائدة بصفة يومية، مع البحث عن بدائل أخرى.
والتقطت أطراف الحديث أم محمد صاحبة الـ50 عامًا، قائلة: إنها بعد وفاة زوجها لا تمتلك إلا المعاش الذى يعينها على تربية أبنائها الأربعة، وأن الحصول على المتطلبات الأساسية للمنزل أصبح معاناة كبيرة بالنسبة لها بعد الغلاء الجنونى فى كل شىء، وأضافت أن اللحوم الحمراء لم تدخل منزلها منذ زمن بعيد بسبب أسعارها المبالغ فيها، وأنها كانت تشترى الهياكل والكبد والقوانص، ولكن مع الغلاء أصبحت غير قادرة على شرائها أيضا فلجأت لشراء أرجل الفراخ فقط.
وقالت «عبير» تقيم بإحدى قرى محافظة الجيزة، إن راتبها وراتب زوجها لم يعد يكفى لسد احتياجاتهم الأساسية بسبب الارتفاع الجنونى فى الأسعار، لذلك اعتمدوا على الفراخ البيضاء، التى تذبذبت أسعارها بين ارتفاع مبالغ فيه وانخفاض طفيف يعقبه ارتفاع جديد، وأضافت أنها قاطعت شراء البيض نهائيًا لأنه أصبح يحتاج لميزانية خاصة، فكيف لدخلنا الشهرى أن يلبى كل احتياجاتنا الأساسية فى ظل هذا الغلاء؟
الاحتكار
ومن جانبه، قال الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، إن قرار استيراد الكتاكيت هام جدًا لمواجهة حالة النقص الشديدة فى الأسواق التى تسببت فيها الشركات الكبرى وكبار المُنتجين، بعد ارتفاع سعر الكتكوت إلى 50 جنيهاً وهو لا يتعدى الـ20 جنيهاً، فى حالة الوفرة.
وأوضح أن الشركات الكبرى ترفض رفع قدرتها الإنتاجية استمرار نقص المعروض مما يسهم فى رفع سعر الكتكوت ومضاعفة أرباحهم، مطالباً الحكومة بضرورة معاقبة تلك الشركات وضرورة سحب التراخيص منها، لأنها السبب الرئيسى فى الأزمة.
وأشار إلى أن قرار استيراد الكتاكيت لن ينهى حالة الاحتكار بالأسواق، ولكنه سيسهم فى توفير الاحتياج وسد العجز التى تسببت فيه الشركات الكبرى، كما يمكن أن يساعد فى تثبيت سعر الكتكوت.
وشهدت أسعار الدواجن تراجعاً ملحوظاً خلال الشهر الماضى، حتى وصلت إلى 63 جنيهاً من المزرعة، ويعود ذلك إلى تراجع القوة الشرائية للمستهلكين، والآن ارتفعت مرة أخرى بسبب ارتفاع أسعار الكتاكيت، لتخرج الدواجن من المزرعة بسعر 75 جنيهاً وتصل للمستهلك بما يتراوح بين 88 إلى 90 جنيهاً وتصل إلى 100 جنيه فى بعض المناطق.
وأوضح السيد أن الارتفاع المبالغ فيه فى أسعار بيع الدواجن للمستهلك فى بعض المناطق يعود إلى ضعف الرقابة وجشع التجار الذين يضيفون أكثر من 20 و30 جنيهاً هامشاً للربح فى الكيلو الواحد، فى الوقت الذى قد يتعرض فيه المربى لخسائر كبيرة، لذلك يجب على وزارة التموين تشديد الرقابة على المحلات والتجار لضبط الأسعار فى الأسواق.
وأشار رئيس شعبة الدواجن إلى أن مصر ما زالت تحقق الاكتفاء الذاتى من الدواجن، رغم الانخفاض الكبير فى الإنتاج والذى وصل إلى 900 مليون دجاجة مقارنة بعام 2020 والذى بلغ الإنتاج فيه 1.5 مليار دجاجة، كما وصل الإنتاج الحالى من البيض الى 8.5 مليار بيضة مقارنة بـ14 مليار بيضة فى السابق، وذلك بسبب التراجع الكبير فى القوة الشرائية.
وشدد السيد على أن السبب الرئيسى فى تراجع الإنتاج فى الفترة الحالية هو خروج حوالى 40% من المنتجين من منظومة الإنتاج عقب أزمة الدولار عام 2022، والتى تسببت فى توقف الاعتمادات اللازمة لاستيراد الأعلاف ومستلزمات الإنتاج وتكدس البضائع فى الموانئ لفترات طويلة.
وناشد رئيس شعبة الدواجن وزير الزراعة علاء فاروق بضرورة تشكيل مجلس إدارة لبورصة الدواجن فى بنها من أجل وضع سعر عادل لها، والحد من الخسائر التى يتعرض لها المربى لاستعادة المربين الصغار، بجانب ضرورة دعم الدولة لصغار المنتجين العائدين لمنظومة الإنتاج من خلال تسهيل قروض الـ5% وضرورة العمل على تخفيض تكاليف الإنتاج.
وأشار السيد إلى أن السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار البيض هو قلة الإنتاج وارتفاع التكلفة، فى ظل تراجع أعداد الجدود والأمهات للنصف تقريبًا، بعدما بلغ عدد الأمهات حاليًا 7 ملايين مقارنة بـ14 مليون فى وقت سابق، كما أن عدم وجود رقابة وضوابط بالأسواق، أتاح الفرصة لمحتكرى السوق لاستغلال الأزمات ورفع الأسعار كيفما يشاءون، بالرغم من أن تكلفة البيضة حوالى 3 جنيهات و20 قرشاً ولكنها تصل للمستهلك بأكثر من 6 جنيهات.
وأوضح أن صناعة الدواجن من الممكن أن تصبح أحد أهم مصادر الدخل من العملة الصعبة من خلال تصدير فائض الإنتاج، لذلك لابد من هيكلة وتطوير الصناعة، وعودة صغار المربين الذين خرجوا من المنظومة بجانب توفير مستلزمات الإنتاج داخليًا من خلال استصلاح الأراضى الصحراوية وإنتاج الذرة والصويا بدلًا من استيرادها.
وتوقع السيد ارتفاع أسعار الدواجن فى الفترة القادمة فى ظل ارتفاع سعر الدولار، والذى يترتب عليه زيادة فى أسعار مستلزمات التشغيل التى يتم استيرادها من الخارج مطالبًا الحكومة بضرورة الاستعداد لهذا الأمر حتى لا تتكرر أزمة 2022.
انتظروا انخفاض الأسعار
وأوضح الدكتور مصطفى خليل، خبير الثروة الحيوانية وعضو لجنة الزراعة بحزب الوفد أن قرار استيراد الكتاكيت سيسهم فى انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ ولكن الأمر يحتاج لشهرين على الأقل من بدء تنفيذ اجراءات الاستيراد حتى وصول الشحنات وتوزيعها على الشركات والمربين، ودخولها فى دورة الإنتاج التى تستغرق 40 يومًا، حتى طرحها بالأسواق للمستهلك.
وأضاف أن الفترة الحالية ستشهد ارتفاعاً فى الاسعار نتيجة ارتفاع سعر الكتكوت إلى 50 جنيهاً، ولكن يجب تشديد الرقابة للسيطرة على الأسواق وجشع التجار، حتى طرح الدفعات الأولى المُنتجة من الكتاكيت المستوردة.
وطالب خليل الحكومة بضرورة حث وتشجيع صغار المربين على العودة إلى منظومة الإنتاج من خلال إزالة العقبات التى تواجههم وعلى رأسها شروط إصدار التصاريح، مما يقلص من توغل الشركات الكبرى والمستثمرين الأجانب فى صناعة الدواجن وسيطرتهم على الأسواق، خاصا أن صغار المربين كانوا عصب الصناعة منذ عقود.
زيادة تكلفة الإنتاج
وقال الدكتور مصطفى مخلوف، نقيب البيطريين بمحافظة الفيوم سابقاً، أن الرقابة على مزارع الدواجن ضعيفة للغايه بسبب قلة أعداد الأطباء البيطريين مقارنة بالأعداد الكبيرة للمزارع المنتشرة بمحافظة الفيوم، حيث يتواجد 6 أطباء فقط للإشراف والرقابة الصحية على مئات المزارع.
وأشار مخلوف إلى أن العديد من مزارع الدواجن تعمل بشكل عشوائى ولا تتوفر بها الاشتراطات اللازمة والعديد منها لا يخضع للفحص البيطرى، حيث إنه من المفترض أن تقوم الإدارة الصحية فى كل منطقة بالحصول على عينات من كل مزرعة والاطمئنان على سلامة تلك العينات قبل منحها ترخيص الذبح وخروجها للأسواق.
وأوضح مخلوف أن الارتفاع الجنونى فى أسعار الأدوية البيطرية واللقاحات ساهم فى زيادة تكلفة الإنتاج مما أدى إلى الزيادة الكبيرة فى أسعار الدواجن.
أصحاب المزارع
على الجانب الآخر، أكد أصحاب مزارع الدواجن أنهم ضحايا مثل المستهلكين، والخسائر تلاحقهم من كل اتجاه وهو ما أكده محمد رمضان صاحب مزرعة بمحافظة الدقهلية شاكياً من إهمال الدولة لصناعة الدواجن، وغياب دورها الرقابى على الأسواق وعلى شركات توريد مستلزمات الإنتاج ومصانع الأعلاف وشركات الأدوية البيطرية، مما يكبد صغار المربين خسائر فادحة لأنهم الحلقة الأضعف فى المنظومة والأكثر تأثرًا رغم أنهم عصب الصناعة.
وأوضح «رمضان» أن تكلفة الدوره الواحدة لإنتاج 5000 دجاجة فقط تبلغ حوالى 700 ألف جنيه حيث تشمل 150 ألف جنيه قيمة الكتاكيت و430 ألف جنيه أعلاف و80 ألف جنيه أدوية وتحصينات بخلاف المصاريف الأخرى التى تصل إلى 20 ألفاً.
وطالب «رمضان» الدولة بضرورة القيام بدورها فى تنظيم السوق ووضع أسعار عادلة تحافظ على استمرار صغار المربين من خلال وجود بورصة حقيقية تشرف عليها الدولة وليس مجموعة من السماسرة، بجانب الرقابة على جميع أفراد المنظومة بداية من مستوردى مستلزمات الإنتاج والأعلاف والأدوية مرورًا بالقطاع الطبى من خلال توفير الأطباء البيطريين بما يتناسب مع الأعداد الكبيرة فى عنابر التسمين المنتشرة فى أغلب القرى.
وأشار رمضان إلى أن بعض الشركات الكبرى لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة تستحوذ على نصف سوق صناعة الدواجن، وهذه الشركات لا تكتفى بدورها فى إنتاج الأمهات والكتاكيت ولكنها تتحول إلى مربى أيضاً، للحفاظ على سعر الكتكوت من الانخفاض لأنها تمتلك إمكانيات ضخمة وعمالة مدربة تساعدها على إنتاج كميات كبيره وبأسعار أقل من صغار المربين الذين يتعرضون لاستغلال السماسرة وضعف القوة الشرائية للمستهلك، لأن المُنتج غير قابل للتخزين.
وقال «نادى نايل»، أحد أصحاب محلات بيع الدواجن بالجيزة، إن القوة الشرائية للمستهلكين ضعيفة بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار أغلب السلع والخدمات، موضحاً أن البائع مجبر على وضع 5 جنيهات كهامش ربح على الكيلو لمواجهة الارتفاع الكبير فى الإيجارات والعمالة وتكاليف التشغيل والكهرباء وأن الأسعار قد تزيد فى بعض المناطق الراقية بسبب زيادة القيمة الإيجارية ومصاريف التشغيل.
وأشار نادى إلى أن متوسط الأسعار فى أغلب المحلات بالمناطق الشعبية والريفية فى القاهرة الكبرى يتراوح بين 80 و85 جنيهاً للكيلو، ولكنه يزيد فى المناطق الراقية، مثل التجمع وأكتوبر، بخلاف الزيادة الطبيعية فى الأسعار خلال فترة الشتاء التى تستوجب مصاريف تشغيل أكبر من الصيف.
وأكد نادى أن الكثير من المواطنين البسطاء يلجأون إلى شراء الأجنحة والهياكل بسبب غلاء المعيشة بل وصل الأمر إلى قيام البعض منهم بشراء أرجل الفراخ التى كنا نبيعها لإطعام للكلاب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكتاكيت
إقرأ أيضاً:
ماذا حدث للنفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، هاجمت روسيا أوكرانيا مما أسفر عن تدمير أكبر مصدر للغاز فى أوروبا وصدم أسواق الطاقة العالمية، مما مهد الطريق لتحقيق أرباح أفضل من المتوقع للمنتجين الذين كانوا مستعدين للاستفادة من تقلبات السوق. الآن بدأت هذه الأرباح فى التراجع.
ومع تراجع الأسواق إلى حالة من الاستقرار، حذر كبار التنفيذيين فى قطاع النفط من أن الأرباح بدأت هى الأخرى فى التراجع. قد تعنى وفرة المشاريع الجديدة فى قطاع النفط والغاز، والتى تدعمها أجندة مؤيدة للطاقة الأحفورية من البيت الأبيض، أسواقًا أضعف فى المستقبل أيضًا.
من المتوقع على نطاق واسع أن تحقق شركة شل، أكبر شركة نفط فى أوروبا، أرباحًا أضعف هذا الأسبوع عند الإعلان عن نتائجها المالية السنوية.
كما حذرت أكبر متداول للغاز الطبيعى المسال فى العالم، التى أعلنت عن نتائج تداولها فى الربع الأخير من العام الماضي، من أن أرباحها من تجارة النفط والغاز من المحتمل أن تكون أقل بكثير من الأرباح التى حققتها فى الأشهر الثلاثة السابقة.
من المتوقع أن تنخفض الأرباح المعدلة السنوية لشركة شل إلى ما يزيد قليلًا على ٢٤ مليار دولار للعام الماضي، وفقًا لآراء المحللين فى مدينة لندن.
وهذا يمثل انخفاضًا مقارنة بعام ٢٠٢٣، عندما تراجعت أرباحها السنوية إلى ٢٨.٢٥ مليار دولار من مستوى قياسى بلغ ما يقارب ٤٠ مليار دولار فى العام الذى سبق، عندما بدأت الحرب الروسية.
أما أكبر شركة نفط أمريكية، إكسون موبيل، فمن المتوقع أن تعلن عن أرباح أضعف فى نتائجها السنوية هذا الأسبوع. وقد أخبرت الشركة، التى سجلت ربحًا قياسيًا قدره ٥٦ مليار دولار فى ٢٠٢٢، مستثمريها هذا الشهر أن الأرباح من تكرير النفط ستنخفض بشكل حاد، وأن جميع أعمالها ستواجه ضعفًا.
حتى مع سلسلة الإجراءات التى اتخذها ترامب لدعم قطاع الطاقة الأحفورية، فإن من غير الواضح ما إذا كان بإمكان شركات النفط توقع عودة الأرباح التى حققتها آلة الحرب الروسية.
ففى الأيام التى تلت تنصيبه، دعا الرئيس الـ٤٧ للولايات المتحدة تحالف أوبك لخفض أسعار النفط العالمية بشكل أكبر من خلال ضخ المزيد من النفط الخام. وأشار ترامب إلى أن ذلك قد ينهى الحرب فى أوكرانيا - على الأرجح عن طريق تقليص إيرادات شركة النفط الروسية- متهمًا المنتجين بإطالة الصراع من خلال إبقاء الأسعار مرتفعة.
دعوة ترامب للمزيد من إنتاج النفط من السعودية، ولشركات النفط الأمريكية بـ«الحفر، حفر، حفر»، قد تحقق وعده بخفض التكاليف للأسر، لكن من غير المرجح أن تساعد شركات النفط التى تبرعت بملايين الدولارات لحملته الانتخابية، وفقًا للمحللين.
وقد ظهرت تحذيرات الأرباح الأخيرة من إكسون وشل جزئيًا بسبب أسواق النفط والغاز الضعيفة، التى لا تظهر أى علامة على انتعاش هيكلى فى الأجل القصير.
فى ٢٠٢٣، بلغ السعر المرجعى للغاز فى الولايات المتحدة، المعروف باسم «هنرى هاب»، ٢.٥٧ دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بانخفاض حوالى ٦٢٪ عن متوسط ٢٠٢٢ عندما شهدت أسواق الغاز ارتفاعًا حادًا بعد الغزو الروسى الكامل لأوكرانيا. وفى ٢٠٢٤، انخفضت أسعار الغاز أكثر لتصل إلى ٢.٣٣ دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
القصة مشابهة لأسواق النفط. فقد بلغ متوسط سعر برميل خام برنت الدولى أكثر من ١٠٠ دولار فى ٢٠٢٢ عندما اندلعت الحرب فى أوكرانيا، قبل أن ينخفض إلى ٨٢.٦٠ دولار فى ٢٠٢٣.
وفى العام الماضي، بلغ متوسط الأسعار ٨٠.٢٠ دولارًا للبرميل، رغم تصاعد الصراع فى غزة، حيث تراجعت الأسعار إلى متوسط ٧٤.٤٠ دولارًا فى الربع الأخير.
جزئيًا، يعكس الانخفاض المستمر فى أسعار الوقود الأحفورى «طبيعة جديدة للطاقة» فى أوروبا، حيث تكيفت الدول مع فقدان إمدادات الغاز والنفط من روسيا من خلال الاعتماد بشكل أكبر على الواردات البحرية من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
لكن تراجع أسعار النفط والغاز يثير تساؤلات أعمق حول رغبة العالم فى الوقود الأحفورى ومستقبل مشاريع الطاقة الجديدة التى تسعى لتلبية هذه الرغبة.
وقد أوضحت وكالة الطاقة الدولية أمرين: أولًا، لا تتوافق أى مشاريع جديدة للوقود الأحفورى مع أهداف المناخ العالمية؛ ثانيًا، إن الزيادة فى مشاريع النفط والغاز المسال ستتجاوز الطلب بدءًا من هذا العام، مما سيؤدى إلى انخفاض أسعار السوق لبقية العقد.