منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : مركز الالق للخدمات الصحفية
تقرير : سمية المطبعجي

الخرطوم : 11 اكتوبر 2024 - جاهداً يحاول (كامل) اختلاس النظر من خلف باب منزله آملاً في خلو الطريق من أفراد الدعم السريع بسياطهم عله بفلح في الخروج بحثاً عن شربة ماء وعيدان أشجار يوقدها لإعداد شئ من ما تبقى من دقيق لإطعام أطفاله الجوعى.

فيما يركض (عبد الدائم) متسللاً بحذر عبر الطرقات محاولاً الوصول إلى صيدلية المنطقة الوحيدة والمنهوبة، طامحاً في الحصول على قنينة محلول وريدي وحبات (بندول) علها تجدي في تسكين ما ألم بزوجته وإبنه من حمى أعيت أجسادهم الهزيلة وتكاد تلحق بهم بالعشرات من سكان الجزيرة الذين قضوا جرائها خلال أيام .

مشاهد يصعب إستيعاب حدوثها داخل (جزيرة توتي) المحاطة بالخضرة والماء والزرع والضرع، الجزيرة التي تتوسط مدن العاصمة الخرطوم الثلاث وإحدى مصادرها الأساسية لمدها بالخضر والفاكهة والمنتجات الزراعية ويحفها النيل.



" إذا لم تنقذونا سيموت أهل توتي بالكامل خلال أيام .. الاوضاع أسوأ من كل ما يخطر على بال ". عبارة واستغاثة وردت من أحد سكان الجزيرة المنكوبة وتضمن معناها العديد من رسائل الاستغاثات التي خرجت وتعالت مؤخراً من داخل الجزيرة التي تتعرض لحملة إنتقامية من أفراد الدعم السريع، عبر البيانات والرسائل الصوتية لمن استطاع سبيلا.
في رسالة صوتية تكاد تلمس الإنهاك والجوع والعطش في صوت وكلمات محدثها " جنود من الدعم السريع فارون وأضعافهم قادمون إلى داخل الجزيرة . قدموا يحملون القسوة والإرعاب والتجويع حتى الموت.. وجوه جديدة من الدعم السريع دخلت الجزيرة . إنتشرت في الطرقات يحملون السلاح والسياط والعصي، يضربون كل من سولت له نفسه الخروج في الطرقات .. دخلوا البيوت ونهبوها ، يطالبون بالمال والذهب ويتبعون مطلبهم ضربا دون رحمة دون تمييز بين رجل وإمراة إنتهاء بعبارة (خلو الجيش ينفعكم) .. تلك عادة اصبحت كل يوم .. "

الخوف والرعب أصبح الصفة المسيطرة على على سكان الجزيرة خوفا من ردات إنتقامية. بعض من حدثونا غلب عليهم الحذر خوفاً من كشفهم . قالت محدثتنا التي تمكنت من الخروج قبل أشهر الى خارج الخرطوم تاركة خلفها الأهل والجيران " منذ عبور الجيش نحو الخرطوم دخلت اعداد كبيرة من جنود الدعم السريع، نهبوا المحال التجارية ومنعوا دخول السلع التي كان يسيطرون على دخولها، اوقفوا (التكايا) التي أصبح السكان يعتمدون عليها في إطعامهم .. نفذ الوقود ، اصبح الوصول للماء والحصول على الحطب مستحيلاً بعد منع الناس من الخروج الي الشوارع وإلا تعرضوا للضرب والقتل ... إعتدوا على رجل وإمرأة داخل منزلهم ضربا بالجنازير وتركوهم بين الحياة والموت .. اصبحوا أكثر شراسة .. نهبوا الصيدلية الوحيدة وافرغوا المحاليل الوريدية على الأرض .. الغالبية مصابة بحمى مجهولة أودت بحياة الكثيرين ، إثنين وثلاثة أشخاص من أسرة واحدة يموتون، إخوة، أب وأم، بعد أن عز عليهم الحصول على حبة (بندول) واحدة ويفارقون الحياة خلال أيام قليلة .." .

تتواصل أصوات استغاثات مبحوحة أرهقها الجوع والعطش والمرض محاولة تخطي الخوف وربما تكون تلك آخر كلماتهم ما لم يدركهم العالم " تسللت نحو الصيدلية في رحلة ممذوجة بين البطولة والتهور، حملت في طريقي رجاءات الجيران ووصايا من علم عن ذلك الخروج ، باستجلاب المحاليل الوريدية و(البندول) والتي اصبحت حاجة ماسة لكل بيت، حال افلحت ونجوت في رحلتي لمنزل مسؤولة الصيدلية ، لكني لم أجد شئ ، نهبت الصيدلية ولم يستبق التخريب منها شيئاً .. يموت كل يوم نحو ثلاثة أشخاص من حولنا، نجازف للخروج لدفن المتوفين القليل من أشخاص المقربين .. نمر بمشاهد مواطنين ملقيين أرضاً يصطلون بسياط جنود الدعم .." .

لاء ماء ولا طعام ولا كهرباء ولا كرامة ولا حرية في أدنى صورها ، بقعة من أرض انتفت فيها مظاهر الإنسانية قالتها محدثتنا من سكان الجزيرة الصغيرة المنكوبة . حتى فرص الخروج مقابل المال الذي كان يدفع (للعمد) التابعين للدعم السريع أصبحت معدومة، فلا خروج من المنازل ناهيك من عبور الجسر خارج الجزيرة. لتصبح الجزيرة سجن كبير تنتفي فيه مقومات الحياة والكرامة، ينتظر سجناءه الإعدام الذي ينفذ تباعا جوعا وعطشا ومرضاً حتى الموت. لا إبار تتوسط الأحياء بعد أن منع السكان من الوصول الى النيل للحصول على الماء ، تلاشى المركز الصحي والصيدلية الوحيدة بامكاناتهم المتواضعة والمتاجر التي يتحكم الدعم السريع في دخول المواد والسلع إليها وفق ما يرى منذ سيطرته على الجزيرة لأكثر من عام، في حال جعل اصبح فيه كل ذلك من الامنيات، أما الكهرباء فتلك ذكرى من ماض بعيد. لا شئ في الجزيرة الخضراء سوى رائحة الموت وإمتهان الإنسانية في أسوأ صورها والمنع من كل أسباب الحياة في إنتظار إستجابة العالم لأصوات إستغاثات بُحّت .

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

#ساندوا_السودان
#Standwithsudan

 

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع سکان الجزیرة

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء

تحصد آلة القتل الفتاكة لمليشيا الدعم السريع أرواح الأبرياء من المدنيين والأهالي البسطاء في قرى ولاية النيل الأبيض بوسط السودان وتُسيل دماءَهم بالرصاص والقذائف المضادة للدروع التي يطلقها عليهم بصورة عشوائية جنودُ مليشيا الدعم السريع بلا رحمة وبلا تفريق بين كبار السنّ والنساء والأطفال والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.

ويقول بيانٌ صادرٌ من وزارة الخارجية السودانية الثلاثاء 18 فبراير/ شباط، إن 433 مدنيًا، بينهم أطفال رضّع لقوا مصرعهم في هجمات لمليشيا الدعم السريع على قرى بولاية النيل الأبيض، فيما وصفته (بأسلوب المليشيا المعتاد في الانتقام من المدنيين العزّل في القرى والبلدات الصغيرة).

بينما تحدث هذه المشاهد المأساوية الموغلة في القتامة والبشاعة والفظاعة والفظاظة والغلظة والقسوة، يبدو مشهد سوداني آخر نقيضًا لذاك المشهد المأساوي، تدور أحداثه على خشبة مسرح آخر خارج حدود الدولة السودانية المثخنة بجراح حرب ضروس، أوقعت عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المصابين والمفقودين، وملايين النازحين داخل السودان، ومثلهم من اللاجئين خارج السودان.

المشهد الآخر الذي تتزامن أحداثه مع تلك الأحداث الدرامية الدامية في ولاية النيل الأبيض، هو مشهد ثُلة من السياسيين وزعماء أحزاب سودانية في منافيهم الاختيارية خارج البلاد من الموالين لمليشيا الدعم السريع والمناصرين لها سياسيًا بزعامة (حمدوك)، وهم يرقصون داخل إحدى قاعات المؤتمرات الأنيقة في كينيا، وهم مبتهجون ويهتفون فرحين بشعارات وأهازيج تمجد قائد مليشيا الدعم السريع المعروف بحميدتي الذي ارتكبت قواته تلك المجازر البشعة، وتسببت في أسوأ حرب شهدها السودان في تاريخه الحديث، من أجل الوصول إلى السلطة.

إعلان

يرقص هؤلاء ويتمايلون على أنغام وألحان وأغانٍ تنبعث من بين أركان القاعة الأنيقة فرحًا واحتفاءً بما يرونه إنجازًا تحقق تتويجًا لثلاثة وعشرين شهرًا من القتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض والتهجير القسري وتدمير البنى التحتية، التي ارتكبت بحق مواطنيهم وأهليهم بيد حليفهم العسكري؛ الدعم السريع.

إنه (الميثاق السياسي) المحتفى به والإنجاز الذي كان مهرُه عشراتِ آلاف الجماجم والأشلاء وأنهارًا من الدم المسفوح ظلمًا بغير حق، وأحزانًا متراكبة بعضها فوق بعض تئن بها صدور ذوي الضحايا من الثكالى والأرامل واليتامى والحرائر اللاتي فقدن أغلى ما يملكن على أيدي وحوش وذئاب في ثياب بشر أتوا كما قالوا كذبًا وزورًا من أجل جلب الديمقراطية والحكم المدني بزعمهم.

الميثاق السياسي المحتفى به والذي تأجلت مراسم التوقيع عليه، سيصبح أساسًا ومرجعية لتشكيل حكومة موازية للحكومة القائمة التي عجزوا عن إزاحتها ونزع الشرعية عنها بقوة السلاح طوال أشهر الحرب، وهذا هو مبعث فرحهم وابتهاجه.

فبعد أن كان الهدف حكم السودان كله من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، انكمش هذا الهدف وتقلص ليصير مجرد حكومة افتراضية كل وزرائها خارج حدود السودان، حكومة (جوالة) بلا أرض وبلا جماهير، حكومة وزراؤها بلا أعباء حقيقية، أيديهم ملطخة بدماء الضحايا، ولا تستطيع أقدامهم أن تطأ أرض السودان خوفًا وخشية ورهبة من مصير معلوم.

حكومة موازية بلا مقاعد في المحافل الإقليمية والدولية ولا تحمل هوية ولا تاريخًا ولا ثقافة، حكومة مصنوعة وسياساتها معلّبة تخدم مصالح صانعيها ولا شأن لها بمصالح السودان وشعب السودان.

إنها متلازمة حبّ السلطة حتى وإن أتت على الجماجم والأشلاء وأنين الضحايا، لا يهم ما دامت أنها تأتي، حتى وإن جاءت محمولة على أكف أيادٍ أجنبية مردت وتمرّست على نشر الخراب والدمار والموت حيثما حلّت، فأصبح ذاك شغلها الشاغل ومهنتها التي تدفع في سبيل مزاولتها أموالًا طائلة كان يمكن أن توجّه نحو الإعمار والتنمية والبناء والازدهار، فتقوى بها صلات القربى وتوثّق عُرى الأخوّة وروابط حسن الجوار .

إعلان

إن أكثر الأسئلة إلحاحًا وإلحافًا والتي تدور في أذهان السودانيين الذين تلاحقت عليهم الأرزاء، وتكالبت عليهم المصائب والمحن جراء هذه الحرب المصنوعة القادمة من وراء الحدود، ولا يجدون لها جوابًا، هي: لماذا كل ذلك؟ .. ولا جواب.

ما هي الجناية التي اقترفتها أيديهم في حق أولئك الذين يصدرون لهم الموت والدمار والخراب؟

هل من المعقول أن يكون كل ذلك من أجل التسلية؟

هل من المعقول أن يكون كل ذلك من أجل (لا شيء)؟!

ولا جواب..

ولربما الفاعل نفسه لا يعرف الجواب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • العثور على جثث ثلاث مغربيات داخل منتجع سياحي في جزيرة نائية بالكاريبي
  • لجان مقاومة الديوم الشرقية: قوات الدعـم السـريع تنهب وتعتدي على السكان
  • الجيش السوداني يستعيد مدينة القطينة من مليشيا الدعم السريع
  • القوى السياسية والمدنية السودانية خلال اجتماع أديس أبابا: ندين الجرائم التي ارتكبتها ميلشيا الدعم السريع
  • لقاء عبد الرحيم دقلو هو اكبر دليل على هزيمة الدعم السريع
  • الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء
  • دراسة: كمية المياه التي تفقدها الأنهار الجليدية تعادل ما يستهلكه سكان العالم في 3 عقود
  • حكومة الجنجويد ( الجزيرة نموذجا )
  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان
  • قرار بشأن الدراسة والعام الدراسي في ولاية الجزيرة