رفضت الأديبة الكورية الجنوبية هان كانغ (53 عاما)، وهي أول كورية وآسيوية تفوز بجائزة نوبل للآداب، عقد مؤتمر صحفي في أعقاب فوزها بالجائزة أمس الخميس، مشيرة إلى المآسي العالمية الناجمة عن الحرب في العالم.

ونقل والدها، الروائي الشهير هان سونغ وون، البالغ من العمر 85 عامًا، رسالتها خلال مؤتمر صحفي في مدرسة هان سونغ وون الأدبية في جانجهيونج، بمقاطعة جولا الجنوبية.

وقال الوالد "قالت لي (هان كانغ) مع تصاعد الحرب وقتل الناس كل يوم، كيف يمكننا أن نحتفل أو نعقد مؤتمرا صحفيا؟".

وأضاف "إنها لن تعقد مؤتمرا صحفيا"، بحسب ما نقلت صحيفة هانكوك إلبو الكورية الجنوبية العريقة ونسختها الإنجليزية صحيفة كوريا تايمز.

وأوضح "كنت أخطط لإقامة حفل هنا من أجل السكان المحليين، لكن ابنتي أخبرتني ألا أفعل. وقالت: من فضلك لا تحتفل بينما نشهد هذه الأحداث المأساوية" (في إشارة إلى حربي أوكرانيا، وإسرائيل على غزة ولبنان).

كما نصحت هان كانغ والدها بعدم إقامة مأدبة احتفالية في المدرسة الأدبية. وتحرص الكاتبة على البقاء بعيدا عن الأضواء.

وتابعت الكاتبة قائلة لأبيها "لم تمنحني الأكاديمية السويدية هذه الجائزة للاستمتاع بها، بل لكي أحافظ على صفاء ذهني".

وبالتزامن، يتسابق الناس في كوريا الجنوبية اليوم الجمعة لشراء أعمال الفائزة نوبل للآداب لعام 2024، في وقت تعطلت فيه خدمات المواقع الإلكترونية بسبب الضغط الشديد.

كتب هان كانغ عرضت اليوم الجمعة في ساحة عامة بالعاصمة الكورية الجنوبية سول (الفرنسية) مبيعات هائلة

وذكر مركز كيوبو -أكبر سلسلة متاجر كتب في البلاد- أن مبيعات كتب هان شهدت قفزة هائلة اليوم الجمعة، إذ نفدت المخزونات على الفور تقريبا.

ووُضعت الجمعة لافتة توضح أن كل كتب هان كانغ باللغة الكورية بيعت، ولم يتبق على الرفوف سوى عدد قليل من الطبعات باللغة الإنجليزية، حسب المركز.

وقال كيم هيون جونغ، الناطق باسم كيوبو، لوكالة الصحافة الفرنسية: "نحن سعداء جدا. من المذهل أن نرى هذا العدد الكبير من الناس دفعة واحدة يرغبون في قراءة كتب".

وفسر حماسة الناس لشراء كتب كانغ بأنها الأولى باللغة الكورية التي تنال جائزة نوبل للآداب، فيما قدرت مصادر عدد المبيعات -حتى نشر هذا التقرير- بقرابة 100 ألف نسخة خلال اليوم الجمعة، أي أكثر بمئات المرات من اليوم السابق.

وارتفعت بنسبة قاربت 30% أسعار أسهم المكتبات عبر الإنترنت على غرار "يس 24″ و"ميلّي سيوجاي" الجمعة، مما أدى إلى تعليق التداول بها.

وقال يون كي-هيون (32 عاما) في أثناء زيارته مكتبة وسط سول إن "هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها كوري جنوبي على جائزة نوبل في الأدب، فيا له من شعور".

وأضاف أن "كوريا الجنوبية لم تحقق إنجازات تذكر في نيل جوائز نوبل، لذا فوجئت بأخبار فوز كاتبة تؤلف كتبا بغير الإنجليزية، أي باللغة الكورية، بهذه الجائزة المرموقة".

وبعد وقت قصير من إعلان أمس الخميس، تعطلت بعض مواقع المكتبات الإلكترونية بسبب التدفق الكبير للزوار. ووفقا لموقع كيوبو صباح اليوم الجمعة، فإن 9 من بين أفضل 10 كتب مبيعا كانت من تأليف هان.

من جهته، قال والد هان كانغ، الكاتب المرموق هان سونج-وون، إن ترجمة روايتها "النباتية" إلى لغات أخرى دفعتها نحو العالمية، وساهمت في حصولها على جائزة مان بوكر الدولية عام 2016، والآن جائزة نوبل.

وأوضح قائلا: "كتابة ابنتي حساسة للغاية وجميلة وحزينة".

BREAKING NEWS
The 2024 #NobelPrize in Literature is awarded to the South Korean author Han Kang “for her intense poetic prose that confronts historical traumas and exposes the fragility of human life.” pic.twitter.com/dAQiXnm11z

— The Nobel Prize (@NobelPrize) October 10, 2024

وتابع "لذا، فإن أسلوب ترجمة هذه الجمل الحزينة إلى لغة أجنبية هو الذي سيحدد إذا ما كنت ستفوز… ويبدو أن المترجم كان الشخص الأنسب لنقل الطابع الفريد للغة الكورية".

ومنذ أمس الخميس، لم تدل هان بأي تصريحات وتجنبت المقابلات المنفصلة ووسائل الإعلام، في حين قال والدها اليوم الجمعة إنها قد تستمر في تجنب الأضواء.

وأضاف أن ابنته قالت "إنه في ظل الحروب الضارية بين روسيا وأوكرانيا وإسرائيل والفلسطينيين وسقوط قتلى كل يوم، كيف يمكنني الاحتفال وعقد مؤتمر صحفي مبهج؟".

وتابع قائلا إن ابنته تلقت خبر فوزها قبل الإعلان بنحو 10 إلى 15 دقيقة، وإنها كانت مندهشة للغاية، لدرجة أنها اعتقدت في لحظة ما أن الأمر قد يكون خدعة.

وأوضحت الأكاديمية السويدية أن هان كانغ، التي تكتب قصائد وروايات باللغة الكورية، نالت الجائزة "عن نثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية".

روايات الهشاشة الإنسانية

في مجمل أعمالها، تتعرض هان للصدمات التاريخية ومجموعات الأعراف والقواعد المجتمعية غير المرئية، وفي كل من أعمالها تكشف عن هشاشة الحياة البشرية.

كما أن لديها وعيا فريدا بالعلاقات بين الجسد والروح، وبين الأحياء والأموات، وقد أصبحت بأسلوبها الشعري والتجريبي مبتكرة في النثر المعاصر، حسب تعبير الأكاديمية السويدية التي تمنح جائزة نوبل.

أتى نجاح هان كانغ الدولي الكبير مع رواية "النباتية" (2007) التي كتبتها في 3 أجزاء، والتي تصوّر العواقب العنيفة التي تنجم عندما ترفض بطلتها يونغ هاي الامتثال لقواعد تناول الطعام.

يُقابل قرارها بعدم أكل اللحم بردود فعل متنوعة تمامًا؛ يتم رفض سلوكها بالقوة من قبل زوجها ووالدها المتسلط، ويتم استغلالها جنسيا وفنيا من قبل زوج شقيقتها، وهو فنان فيديو يستغل جسدها.

في النهاية، تُساق إلى عيادة نفسية، حيث تحاول أختها إنقاذها وإعادتها إلى الحياة الطبيعية. ومع ذلك، تنغمس يونغ هاي في حالة تشبه "الذُّهان" تُعبّر عنها من خلال "الأشجار الملتهبة"، لتكون رمزا لمملكة نباتية جذابة بقدر ما هي خطيرة.

رواية "النباتية" فازت بجائزة مان بوكر الدولية لعام 2016 وترجمها للعربية محمود عبد الغفار سنة 2018 (الجزيرة)

في رواية "أفعال بشرية" (2014)، تستخدم هان حدثا تاريخيا وقع بمدينة غوانغجو بوصفه أساسا سياسيا لها، حيث نشأت، وقُتل مئات الطلاب والمدنيين العزل خلال مجزرة نفذها الجيش الكوري الجنوبي عام 1980.

وفي سعيها لإعطاء صوت لضحايا التاريخ، تواجه الرواية هذا الحدث بتجسيد قاسٍ، وبذلك تقارب نوع أدب الشهادات.

رواية "أفعال بشرية" (2014) تتناول مجزرة 1980 في كوريا الجنوبية حيث قُتل مئات الطلاب والمدنيين العزل (الجزيرة)

في عملها "الكتاب الأبيض" (2016) يسود مرة أخرى الأسلوب الشعري لهان كانغ؛ الكتاب هو مرثية مكرسة للشخص الذي كان من الممكن أن يكون الأخت الكبرى للسارد، ولكنها توفيت بعد ساعات قليلة من ولادتها.

ومن خلال سلسلة من الملاحظات القصيرة، وكلها تتعلق بأشياء بيضاء، يتشكل العمل ككل بصورة ترابطية من خلال هذا اللون الذي يعبر عن الحزن.

رواية "الكتاب الأبيض" ترجمت للعربية سنة 2019 (الجزيرة)

وفي عملها "لا تقل وداعا" (2021)، الذي يتصل من حيث تصويره للألم بـ"الكتاب الأبيض"، تستمر القصة في ظل مذبحة وقعت أواخر الأربعينيات في جزيرة جيجو في كوريا الجنوبية، حيث قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بينهم أطفال وكبار السن، بشبهة أنهم متخابرون مع العدو.

يصور الكتاب عملية الحداد المشتركة التي يقوم بها السارد وصديقته إنسيون، اللذان يحملان معهما صدمة مرتبطة بالكارثة التي حلت بأقاربهما حتى بعد وقت طويل من الحدث.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات کوریا الجنوبیة الیوم الجمعة نوبل للآداب جائزة نوبل هان کانغ

إقرأ أيضاً:

الكورية الجنوبية هان كانج تفوز بنوبل في الأدب لعام 2024

ستوكهولم "أ.ف.ب": مُنحت جائزة نوبل الآداب لسنة 2024 اليوم الخميس للكاتبة الكورية الجنوبية "هان كانج" البالغة 53 عاما، والتي أصبحت الأولى من بلدها تنال هذه المكافأة المرموقة.

وأوضحت لجنة التحكيم في بيان أن "هان كانج" التي تكتب قصائد وروايات باللغة الكورية، نالت الجائزة "عن نثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية".

وكرّست "هان كانج" نفسها للفن والموسيقى أيضا، إلى جانب الكتابة، وهو ما ينعكس في مجمل نتاجها الأدبي.

ولاحظت الأكاديمية السويدية أن "أعمال هان كانج تتميز بهذا التعرض المزدوج للألم، والتوافق بين العذاب العقلي والعذاب الجسدي، في ارتباط وثيق بالفكر الشرقي".

وبذلك، كافأت جائزة نوبل للآداب شخصية أدبية من منطقة في العالم غير أوروبا أو أمريكا الشمالية، مع أن كتّابا منتمين إلى الثقافة الغربية يهيمنون عادة عليها إلى حد كبير.

وقال "ماتس مالم" السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية: "لقد تحدثت معها بالهاتف. كانت تقضي يوما عاديا، وانتهت للتو من تناول العشاء مع نجلها. لم تكن مستعدة حقا لهذا الأمر، لكننا بدأنا الحديث عن الاستعدادات لشهر ديسمبر"، موعد تسليم الجائزة.

وقال رئيس لجنة نوبل "أندرس أولسون" للصحافيين إن الكاتبة المولودة في 27 نوفمبر 1970 في غوانغجو بكوريا الجنوبية، تتمتع "بوعي فريد بالروابط بين الجسد والروح، وبين الأحياء والأموات، ومن خلال أسلوبها الشعري والتجريبي، تعتبر مبتكرة في مجال النثر المعاصر".

استغلال وذهان

وحققت "هان كانج" نجاحا عالميا بروايتها "ذي فيدجيتيريان" أي "النباتية" عام 2007. ويصور الكتاب المؤلّف من ثلاثة أجزاء العواقب العنيفة لرفض بطلة الرواية "يونغ هاي" أكل اللحوم، مما جعل محيطها ينبذها بقساوة.

وتروي الكاتبة في هذه القصة كيفية استغلال "يونغ هاي" شهوانيا من قبل صهرها فنان الفيديو.

ويتبع القارئ بعد ذلك الانزلاق التدريجي للشخصية الرئيسية إلى الذهان الذي سيقودها إلى مصحّة للمصابين بأمراض نفسية.

ورأت عضو الأكاديمية "آنا كارينا بالم" أن "ثمة استمرارية لافتة في المواضيع التي تتناولها" الكاتبة "هان كانج"، لكنها رصدت "في الوقت نفسه تنوعا هائلا في الأسلوب يجعل من كل كتاب بُعدا جديدا أو تعبيرا جديدة عن هذه المواضيع الاساسية".

"قائمة سوداء"

وتتميز "هان كانج" أيضا بكونها امرأة ملتزمة، فهي كانت مدرجة في "قائمة سوداء" تضم نحو عشرة آلاف شخصية ثقافية في كوريا الجنوبية متهمة بانتقاد الرئيسة "بارك غن هاي" التي تولت السلطة بين عامي 2013 و2017، واتُهم عدد من المقربين من السلطة بأنهم أرادوا حرمان هؤلاء الفنانين من أي مساعدة عامة أو أي تمويل خاص، فضلاً عن وضعهم تحت المراقبة.

وباتت "هان كانج" أول كورية جنوبية تفوز بجائزة نوبل الآداب.

وفي عام 2016، حصلت على جائزة "مان بوكر" وهي إحدى الجوائز الأدبية الرئيسية للمؤلفين الذين يكتبون باللغة الإنكليزية.

وكان الرئيس السابق "كيم داي جونغ" الذي تولى السلطة بين 1998 و2003 الكوري الجنوبي الوحيد سبق "هان كانج" عام 2000 إلى نيل جائزة نوبل، ولكن تلك المخصصة للسلام، عن "جهوده من أجل السلام والمصالحة مع كوريا الشمالية".

وهيمنت على جائزة نوبل الآداب منذ إنشائها رؤية غربية وذكورية، إذ من بين 121 فائزا بها، اقتصر عدد النساء على 18، وتستخدم أقلية من المؤلفين الفائزين بها لغات دول آسيا أو إفريقيا أو الشرق الأوسط، أي تلك التي تشذ عن نطاقات الإنكليزية والفرنسية والاسكندنافية والألمانية والسلافية والإسبانية والإيطالية.

ولم يفز بالجائزة إلا كاتب واحد بالعربية هو المصري "نجيب محفوظ" عام 1988، مقابل 16 مؤلفا بالفرنسية، في العام المنصرم، نال نوبل الآداب الكاتب المسرحي النروجي يون فوسه.

عشرة أعوام

وقد منحت الأكاديمية السويدية للعلوم جائزة نوبل للآداب خلال السنوات العشرة الماضية لعدد من الأدباء، لتنظم إليهم الكورية الجنوبية "هان كانج" هذا العام، وفي العام الماضي نال الجائزة الكاتب المسرحي "يون فوسه" من النرويج، وقبله في عام 2022 نالت الجائزة الفرنسية "أنّي إرنو"، وفي عام 2021 نال الجائزة عبد الرزاق قرنح المولود في تنزانيا والمقيم في بريطانيا.

وفي عام 2020 نالت "لويز غلوك" الجائزة وهي من الولايات المتحدة، وفي عام 2019 ذهبت الجائزة لـ "بيتر هاندكه" من النمسا، وفي عام 2018 كانت الجائزة من نصيب "أولغا توكارتشوك" من بولندا، وقد نالها قبل ذلك البريطاني "كازوو إيشيغورو" في عام 2017.

أما في عام 2016 حقق الجائزة "بوب ديلان" من الولايات المتحدة، وفي عام 2015 ذهبت الجائزة للبلاروسية "سفيتلانا أليكسييفيتش"، وفي عام 2014 ذهبت الجائزة للفرنسي "باتريك موديانو".

مقالات مشابهة

  • ماذا تعرف عن الفائزة بنوبل للآداب 2024 هان كانغ؟
  • ماذا يعني حصول الكورية هان كانغ على نوبل للآداب؟.. نخبرك القصة
  • الكورية الجنوبية هان كانج تفوز بنوبل في الأدب لعام 2024
  • جائزة نوبل للآداب تفوز بها الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ
  • بعد فوزها بجائزة نوبل للآداب.. 10 معلومات عن الكاتبة الكورية هان كانغ|تفاصيل
  • من هي الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ الفائزة بجائزة نوبل في الآداب؟
  • من هي الكورية هان كانج الفائزة بجائزة نوبل للآداب 2024؟
  • الكورية الجنوبية هان كانج تفوز بنوبل في الأدب
  • فوز الكورية الجنوبية هان كانغ بجائزة نوبل للآداب