«الموسيقى العربية» يجدد شبابه
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
دائما كنت أسعى منذ أن أصبحت عضوا فى اللجنة التحضيرية لمهرجان الموسيقى العربية، «العليا» حاليا، إلى أن يكون للشباب الدور الأكبر فى مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، وتحديدا فيما يخص ليالى المهرجان الغنائية، ليكون الشباب جنبا إلى جنب مع كبار النجوم، بغرض تواصل الأجيال التى تحرص عليه كل الدول المتحضرة. إن الأساس فى بناء حضارة الأمم هو تواصل الأجيال وألا تكون هناك مسافات أو فجوات كبيرة بين كل جيل وآخر، حتى لا يحدث هبوط فى مستوى ما يقدم من فنون خاصة فى مجال الغناء، لأن الموسيقى مثل أى بناء هندسى، لابد أن يكون له قواعد وأساس متين حتى يتحمل عامل الزمن، ولا ينهار أمام أى هزات.
طوال مسيرته، يحرص المهرجان على ميزة تواصل الأجيال باستثناء بعض الدورات التى ظهرت فيها أصوات تنادى بضرورة مشاركة النجوم، كما اضطرت إدارة المهرجان لبعض السنوات إلى الرضوخ خاصة عندما تدخّل شباك التذاكر ليكون أحد عناصر تقييم الفنان، فالمطرب الجيد من وجهة نظر شباك التذاكر هو من يبيع أكثر، وبالتالى حرصت إدارة المهرجان على استقطاب النجوم. لكن هناك مثل يقول «المتغطى بالنجوم عريان» لأن النجم لا يهمه سوى مصلحته وأحيانا يذهب لمن يدفع أكثر، وبالتالى كان الحل السحرى دائما من وجهة نظرى هو الاعتماد على الشباب، وبناء أجيال جديدة نعتمد عليها فى المستقبل، مع وجود أسماء تقدر قيمة المهرجان وأهميته من كبار النجوم مثل على الحجار وهانى شاكر ومحمد الحلو ونادية مصطفى ومدحت صالح ومحمد ثروت.
هذا العام وفى دورة المهرجان الـ32 اهتمت إدارة المهرجان بأن يكون هناك مساحة كبيرة للشباب مثل ريهام عبدالحكيم ومروة ناجى ومى فاروق ومحمد محسن وأحمد عفت وعبير نعمة ولينا شاماميان وغيرهم من نجوم شابة يُعتمد عليهم فى المستقبل لقيادة الحركة الغنائية فى مصر والعالم العربى، مما يؤكد أن المهرجان عاد ليجدد شبابه من جديد.
هل معنى ذلك أن المؤتمر والمهرجان نسيا الجذور؟ بالعكس، ففى هذه الدورة حاولت إدارة المهرجان مع اللجنة العليا واللجنة العلمية أن يعود للمؤتمر بريقه وريادته التى تعود إلى عام 1932 حيث عقد أول مؤتمر للموسيقى العربية على يد الدكتور محمود أحمد الحفنى وحضرته نخبة من كبار الموسيقيين العرب والأجانب. لقد اجتمع فى هذا المؤتمر التاريخى حشد من الموسيقيين والمؤرخين والنقاد من جميع أنحاء العالم، وكان حوارا جادا بين مختلف الثقافات والحضارات، شارك فيه بيلا بارتوك وباول هيند ميث وهنرى رابو ومورتيتز وروبرت لاخمان، إلى جانب مُستشرقين أمثال هنرى جورج فارمر وألكسيس شوتين، فضلًا عن شخصيات عربية أثرت ساحة الغناء منهم -على سبيل المثال لا الحصر- موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب من مصر، وسامى الشوا من الشام، ومحمد القبانجى من العراق، كما شاركت فرق متخصصة فى التراث العربى من العراق ولبنان والمغرب وتونس، وبالتأكيد من مصر، ولهذا يظل ذلك المهرجان هو العُرس العربى الأهم بحكم الزمن وبحكم مَن شاركوا فيه وبحكم القضايا التى تناولها.
من هنا حرص مهرجان هذا العام على مد جسر طويل يربط الماضى بالحاضر، الجد بالحفيد، يصل المقام بالمقام والنغمة بالنغمة، والإيقاع بالإيقاع، فالموسيقى هى فن تراكمى يزداد توهجا ولمعانا كلما ارتبط بالماضى، هكذا تعلمنا الأصالة وهكذا عاشت الأصالة، ولا حياة لفن ليس له ماض، ولا حياة لوطن بلا تاريخ.
إن الثقافة والحضارة هى نتاج ما صنعته الأمم من إبداع، وهى خيال مبدع تحول إلى واقع ملموس. لذلك بقاء مؤتمر ومهرجان الموسيقى مرهون بتواصل الأجيال، مرهون بمدى الانسجام بين الأصوات وبعضها، حيث إنه فى الموسيقى والغناء تشعر بالنشاز لو خرجت الآلة أو الصوت عن أبعاد الجملة الموسيقية المكتوبة، لأنها علم يقوم على التناسق بين الآلات وبعضها البعض من جانب وبينها وبين الصوت البشرى من جانب آخر. وأجمل ما فى مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية على مدى تاريخه هو منع دخول النغمة النشاز بين أروقته.
تحية إلى الدكتور خالد داغر مدير المهرجان والدكتورة لمياء زايد رئيس الأوبرا والمهرجان، لأنهما اهتما واعتمدا هذا العام على الشباب بمنحهم مساحة تليق بمواهبهم، لتظل مصر قبلة الغناء العربى تتحدث عن نفسها، بما تقدمه للساحة العربية من أفكار وأسماء ومواهب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أمجد مصطفى الزاد اللجنة التحضيرية العليا الموسيقى العربية الدول المتحضرة الموسیقى العربیة إدارة المهرجان
إقرأ أيضاً:
مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد الروساء بالمجمعة
المناطق_واس
يواصل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية دوره في العناية بالمساجد التاريخية، واستعادة الدور الديني والثقافي والاجتماعي لها، والمحافظة على إرثها الإسلامي، حيث ضمت مرحلته الثانية مسجد الروساء في محافظة المجمعة ضمن أعمالها لتجديده بعد نحو 70 عامًا من بنائه.
وسيطور مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مسجد الروساء ( https://goo.gl/maps/abVDVfTdfHoh1jTe9 ) الذي يقع غرب سفح جبل منيخ، وبني بين العامين 1365_1370هـ، على الطراز النجدي، حيث سيعمل المشروع على زيادة مساحته من 663 م2 إلى 705.76 م2، ليصل عدد المصلين فيه إلى 210 مصلين، فيما سيستخدم المشروع تقنيات البناء بالطين وتوظيف المواد الطبيعية.
أخبار قد تهمك مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد فيضة أثقب بحائل 9 مارس 2025 - 4:13 مساءً مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد مسجد الفتح إلى سابق عهده كتحفة معمارية 7 مارس 2025 - 4:11 مساءًويأتي مسجد الروساء ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية التي شملت 30 مسجدًا في جميع مناطق المملكة الـ13، بواقع 6 مساجد لمنطقة الرياض، و5 مساجد في منطقة مكة المكرمة، و4 مساجد في منطقة المدينة المنورة، و3 مساجد في منطقة عسير، ومسجدين في المنطقة الشرقية، ومثلهما في كل من الجوف وجازان، ومسجدًا واحدًا في كل من الحدود الشمالية، تبوك، الباحة، نجران، حائل، والقصيم.
يذكر أن إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تطوير المساجد التاريخية جاء بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، حيث شملت إعادة تأهيل وترميم 30 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق.
وينطلق المشروع من 4 أهداف إستراتيجية، تتلخص بتأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية، وإبراز البعد الحضاري للمملكة، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية، ويسهم في إبراز البُعد الثقافي والحضاري للمملكة الذي تركز عليه رؤية 2030 عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.