بين الجبن الهولندي وزيت الزيتون الفلسطيني.. متاحف تروي قصة الطعام
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
للطعام مكانة كبيرة تتجاوز مجرد كونه وجبة على طبقك، فكل مكون يحمل تاريخا وقصة تروي كيفية ظهوره.
منذ أن افتتح أول متحف للخبز في ألمانيا عام 1955، شهد العالم اهتماما متزايدا بإنشاء متاحف مخصصة للأطعمة المختلفة، وهي ليست مجرد أماكن لعرض المأكولات، بل تأخذ الزائر في رحلات عبر التاريخ والثقافة، لتحكي قصة علاقة الإنسان بالطعام منذ القدم.
في هذه المتاحف، يمكننا استكشاف تطور الطهي، واكتشاف أسرار المطبخ التقليدي، وفهم كيف شكّل الطعام هويتنا وحضارتنا.
المتحف الأول في أولملطالما كانت عائلة آيزلين الألمانية مرتبطة بعالم المخابز، فلقد أسهمت لعقود من الزمان في تزويد المخابز بالإمدادات والمعدات؛ هذا الارتباط العميق دفعهم إلى الاعتقاد أن الخبز ليس مجرد غذاء، بل هو جزء لا يتجزأ من تاريخنا وحضارتنا.
فكيف يمكن لمثل هذا العنصر الأساسي في حياة الإنسان أن يفتقر إلى مكان يروي قصته؟
بدافع هذا الاعتقاد، أسس يلي وهيرمان آيزلين جمعية ثقافية لتكريم الخبز عام 1955. وبعد 5 سنوات، افتتح أول متحف للخبز في العالم في مدينة أولم الألمانية، ليصبح ملاذا لعشاق الخبز من جميع أنحاء العالم.
يضم المتحف اليوم أكثر من 18 ألف قطعة أثرية تحكي قصة الخبز منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا.
متحف الجبن الهولنديهل سبق لك أن تذوقت جبنة غودا الهولندية الأصيلة أو تخيلت نفسك وسط عملية صنع الجبن التقليدية؟ إذا كنت من عشاق الأجبان، فإن متحف الجبن الهولندي هو الوجهة المثالية لاستكشاف هذا المنتج الشهي وتاريخه العريق.
تقع هولندا في قلب صناعة الجبن العالمية، إذ يعود تاريخ هذه الحرفة إلى قرون مضت، وكان للجبن دور أساسي في التغذية والتجارة عبر التاريخ الهولندي.
نظرا لأهمية هذا المنتج في ثقافة البلد، تم تخصيص عدة متاحف لتسليط الضوء على تاريخه وتنوع أنواعه، أبرزها متحف الجبن في مدينة ألكمار.
تأسس متحف الجبن الهولندي عام 1983، ويقع في مبنى "دار الوزن" التاريخي المطل على سوق الجبن التقليدي.
يتميز المتحف بعرض شامل لتاريخ صناعة الجبن، بما في ذلك أشهر أنواعه مثل "الإيدام" و"الغودا"، ويقدم تجربة فريدة حيث يمكن للزوار التعرف على عملية إنتاج الجبن ومشاهدة الأدوات التقليدية المستخدمة في صنعه. كما يتيح فرصة للمشاركة في ورش عمل تفاعلية لتجربة صنع الجبن بأنفسهم.
إلى جانب زيارة المتحف، يمكن للزوار الاستمتاع بالتجربة الفريدة لمشاهدة سوق الجبن التقليدي الشهير في ألكمار، حيث يعرض التجار الأجبان بطريقة تقليدية، مرتدين الأزياء الهولندية الأصيلة.
متحف الباستا.. قصة عشق المعكرونة"الحياة عبارة عن مزيج من المعكرونة والسحر"، هذا ما اعتاد المخرج السينمائي فيديريكو فيليني قوله.
عندما تُذكر إيطاليا، تتبادر المعكرونة إلى الذهن بوصفها رمزا بارزا لمطبخها الشهير. وبينما تحظى المعكرونة بشعبية واسعة حول العالم، فإن العلاقة الخاصة التي تربط الإيطاليين بها هي ما يجعلها مميزة حقا.
تاريخ المعكرونة في إيطاليا يعود إلى قرون سحيقة، حتى قبل العصور الوسطى، حيث أصبحت هذه الكربوهيدرات البسيطة جزءا لا يتجزأ من الثقافة الإيطالية وجوهرة مطبخها. ولهذا، ليس من المستغرب أن تجد في إيطاليا عديدا من المتاحف التي تحتفي بتراث المعكرونة وثقافتها العريقة.
بارما.. أرض متاحف الطعامتعد بارما -المدينة الإيطالية الجميلة في منطقة إميليا رومانيا- وجهة مثالية لعشاق الطعام. وتشتهر بأطعمة مثل جبن البارميزان "بارميجيانو ريجيانو"، وتضم متاحف مخصصة لهذه المنتجات.
في هذه المتاحف، يمكن للزوار اكتشاف تاريخ الأطعمة الشهيرة وأساليب تصنيعها التقليدية، مع فرصة لتذوقها.
متحف الباستايقع متحف الباستا ببارما في منطقة ريفية خلابة تسمى "كورتي دي جيارولا"، وهي منطقة اشتهرت على مر التاريخ بإنتاج ومعالجة المعكرونة.
يجمع المتحف بين التاريخ والثقافة والطعام، حيث يعرض تاريخ المعكرونة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، ويستعرض الأدوات التقليدية المستخدمة في صناعتها كما يقدم معلومات عن أنواع المعكرونة الإيطالية وأشهى أطباق المعكرونة، ويقدم للزوار تجربة تفاعلية لاستكشاف عالمها.
تم افتتاح المتحف في العاشر من مايو/أيار 2014 إلى جانب متحف الطماطم الموجود بالفعل.
متحف البد في فلسطينتشكل علاقة الفلسطينيين بزيت الزيتون جزءا أصيلا من تاريخهم وثقافتهم؛ تتجاوز كونها مجرد علاقة اقتصادية أو مصدر دخل.
واشتبك زيت الزيتون مع الحياة اليومية والروحانية الفلسطينية عبر العصور، مما جعله جزءا لا يتجزأ من التراث والهوية الوطنية. شجرة الزيتون، التي يعود ارتباطها بالأرض الفلسطينية لآلاف السنين، تجسد رمزية الصمود والأمل والتجذر في الأرض. ولا تقتصر عملية استخراج الزيت على البعد الاقتصادي فقط، بل تحمل أيضا طابعا اجتماعيا يعزز من قيم التعاون والتكافل داخل المجتمع.
يقع متحف "البَد" في بيت قديم لعائلة جقمان التلحمية، بحارة النجاجرة في البلدة القديمة بمدينة بيت لحم. يشير اسم المتحف إلى "حجر البَد"، وهو حجر دائري كبير كان الفلسطينيون يستخدمونه في المرحلة الأولى من عملية عصر الزيتون، حيث يدور في حوض حجري.
المتحف يُقام داخل مبنى أثري يعود للقرن الـ18، ويُعد مثالا مميزا لفن العمارة الفلسطينية في القرنين الـ18 والـ19.
يستعرض تاريخ الأدوات التقليدية التي استخدمت في عملية استخراج زيت الزيتون، ابتداء من عصر الزيتون وحتى تصدير الزيت، إلى جانب حاجات أخرى كانت مرتبطة بتلك الفترة الزمنية. كما يسلط الضوء على دور زيت الزيتون في الحياة الفلسطينية، سواء في إضاءة المصابيح، أو في الطب والغذاء، أو في إنتاج الصابون ومستحضرات التجميل.
يتمتع المتحف بموقع مميز، حيث يقع على بُعد أمتار قليلة من كنيسة المهد، ويقدم إطلالة رائعة على وسط المدينة.
متحف فريت للبطاطس المقليةمتحف البطاطس المقلية في مدينة بروج ببلجيكا هو المتحف الوحيد والفريد من نوعه للبطاطس المقلية. يحتفي بتاريخ وثقافة البطاطس المقلية التي تُعد رمزا وطنيا في بلجيكا. تأسس المتحف ليحكي قصة هذا الطبق البسيط الذي تحول عبر القرون من خلال معروضاته التفاعلية، ويُقدِّم للزوار فرصة استكشاف تاريخ البطاطس المقلية ومشاهدة الطهاة وهم يعدونها باستخدام طرق تقليدية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للزوار الاستمتاع بتذوق مجموعة متنوعة من البطاطس المقلية بعد جولتهم، حيث يحتوي المتحف على مطبخ مفتوح، ويتيح فرصة التعرف على الأدوات والممارسات القديمة المستخدمة في إعداد البطاطس المقلية، وبه متجر مليء بالمنتجات المستوحاة من البطاطس المقلية، بما في ذلك الكتب، والتوابل، وحتى أجهزة صغيرة لصنع البطاطس المقلية.
ورغم المنافسة الودية بين بلجيكا وفرنسا حول أصل البطاطس المقلية، فإن متحف فريت يبقى مكانا يحتفي بتاريخ هذا الطبق بطريقة تسلط الضوء على مكانته في التراث البلجيكي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات البطاطس المقلیة یمکن للزوار
إقرأ أيضاً:
بعد 100 لقاء.. مخرجة تروي أسرار القتلة في السجون
في حالة غير مألوفة كامرأة، كشفت مخرجة بريطانية عن كواليس رحلتها الاستثنائية في مجال الإخراج، من خلال مقابلة 100 سجين في جرائم متنوعة، من بينهم 13 مداناً في جرائم قتل.
زوي هاينز، التي تعمل في مجال الأعمال الوثائقية، وتعمل كمخرجة ومنتجة للمسلسل الوثائقي "I Am a Killer" الذي يُعرض عبر منصة نتفليكس، تحدثت عن كواليس لقائها مع القتلة في أعمالها الوثائقية، ومقابلاتها مع المدانين في مختلف السجون ذات الإجراءات الأمنية المشددة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وعن شعورها أثناء تواجدها في غرفة واحدة مع المجرمين والقتلة المدانين، قالت زوي لـ "بيزنس إنسايدر" إن الأمر "مربك" للغاية، لدرجة أنها بمجرد أن تكون في غرفة الزيارة مع السجين، تشعر وكأن الفجوة تتلاشى بينهما، وفقاً لتعبيرها.
وأوضحت زوي أنه في كل حلقة من حلقات مسلسلها الوثائقي "I Am a Killer" تحصل هي وفريقها على جلستين مدة كل منهما ساعة واحدة مع النزلاء، لافتةً إلى أن الجزء الأصعب بالنسبة لها هو التأكد من حصول فريق العمل على المعلومات التي يحتاجون إليها من السجين في الوقت المحدود المتاح لهم.
وأشارت أيضاً إلى أن المقابلات تكون "صعبة ومعقدة" في بعض الأحيان لأنها تحتاج إلى جعل السجناء يتحدثون عن "أسوأ شيء فعلوه على الإطلاق"، وأصعب حدث في حياتهم" في ساعة واحدة فقط.
وواصلت حديثها قائلة: "نحن نبحث عن نقطة مثيرة للاهتمام، سواء كانت تلك النقطة هم السجناء أنفسهم ورحلتهم، وما إذا كانوا قد ندموا على ما فعلوه، أو الإجراءات القانونية، التي يمكن أن تكون في كثير من الأحيان موضوعاً في حد ذاتها".
في السياق ذاته، لفتت المخرجة إلى أن اختيار الأشخاص المناسبين لعرضهم في المسلسل هو أمر يتطلب فريق عمل كبير جدا، لأنه بعد الاطلاع على قواعد البيانات والعثور على شخص قد يكون لديه قصة مثيرة للاهتمام لمشاركتها، يتعين عليهم بعد ذلك إجراء عملية طويلة للحصول على إذن من إدارة السجن.
بعد ذلك، يتواصلون مع النزيل عبر الرسائل "لعدة أشهر" قبل أن يقوموا في النهاية بإجراء زيارة شخصية، مع حرص فريق الإعداد على عدم إبراز "القتلة الجماعيين والمعتدين" لمنع التقليد ومنع انتشار هذا النوع من الجرائم في المجتمع.
واختتمت زوي حديثها معربةً عن أملها في عرض "قصص إنسانية" في أعمالها، مشيرةً إلى أن الهدف من عملها هو إبراز الجانب الإنساني الآخر من شخصية المجرم، وربما سرد الرواية من منظور مختلف.