بوابة الوفد:
2025-04-16@01:57:04 GMT

لن تموت فى العشرين

تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT

فى فيلم المخرج السودانى «أمجد أبوالعلا» «ستموت فى العشرين» الحائز على عدة جوائز عربية ودولية، حملت سكينة طفلها الوليد إلى الشيخ لكى تحوز منه البركة لوليدها. كان الشيخ يؤم قافلة من الدراويش، تجوب القرى، كما هى عادة التجمعات الصوفية، وهى تقرع الطبول وتنشد المدائح النبوية وترقص رقصا عنيفا كشأن مرتادى طقس الزار المصرى، لطرد الجن والعفاريت والأرواح الشريرة، لأجل علاج المرضى ومباركة الأصحاء والمواليد.

تمر القافلة بشكل عابر فى قرية سودانية فقيرة ونائية، فى منطقة تحفل بأضرحة الأولياء والجماعات الصوفية المنتشرة فى أرجاء السودان طولا وعر ضا، وتضم أكثر من أربعين طريقة صوفية.
وبجانب أوجه التقشف والزهد والدروشة التى شكلت الطابع العام للصوفية، فقد كان لتلك الحركة دور فى المتغيرات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى السودان. وباتت تشكل سلوك معظم السودانيين، وتجذب كثيرين من غير المتعلمين، نحو تصديق خوارق ومعجزات وخرافات شيوخها، التى أضحت ترتبط بطقوس تدينهم ارتباطا وثيقا.فى تلك الطقوس يسمح مشايخ الصوفية بممارسة الرقص والغناء والقرع العنيف للطبول، من أجل جذب مزيد من المريدين لتلقى شئون دينهم على إحدى طرقها الشهيرة، التى يعد من بينها الختمية والتيجانية والأنصار والبرهانية والإسماعلية.
تهلل وجه الشيخ وهو يضفى بركاته على الوليد الجميل «مزمل «- ويعنى المتدثر بثيابه -لاسيما وهو سمى الرسول الكريم. وأثناء ما يمطره بالدعاء ليصبح قرة عين والديه، ويمد الله فى عمره ويجعل له من العمر..هنا يسقط أحد دراويشه من انهاك رقصه صائحا:عشرين. وحين تنكسر روح سكينة من هذا الفأل الشؤم الذى يدمغ حياة طفلها بالموت فى العشرين، يقول لها الشيخ بثقة:الفال من عند الله، وكل شىء مقدر! 
ينخرط الأب والأم فى إعداد كفن مزمل وقبره، ويحصى مزمل بنفسه على حائط غرفة البيت المتواضع سنوات مابقى من عمره، ويعتزل الحياة استعدادا لملاقاة ربه فى العشرين. ويستسلم لعدوان أقرانه الشباب وتنمرهم المبالغ فيه، ويواصل تعبده بقراءة القرآن وحفظه، بعد أن رفض التعليم.أبى الاستجابة لأحلام الفتاة الجميلة نعيمة التى صارحته بحبها له، ورغبتها بالزواج منه. فتتركه وهى مهزومة وحزينة، لكنه ينهار وهو يستمع فى ليلة زواجها بغيره، غناء وزغاريد أهل الحى. 
وحين تعرف مزمل على الفنان الفوضوى المصورسليمان المحب للحياة، عبر له عن رفضه لسلوكه مذكرا إياه أن مآل كل البشرالموت حين ينفذ أمر الله، وقال له بغضب: كل شىء فيك يذكرنى بالموت صوتك.. طيبتك.. رحتك.. لوحد قال لى حاموت بعد عشرين سنة، أقول لهم سيبونى أعيش ملكا، وعند العشرين أطلع لهم لسانى.
يموت الكهل سليمان بعد أن علم مزمل دروس الحساب، فيما يحمله علم الحساب من رمزية أهمية استخدام العقل، فى تناقضه الذكى والخلاق مع الحساب الآخر، لإحصاء مرور الزمن انتظارا للموت. وبعد موته يتجرأ مزمل للمرة الأولى على اغتصاب صديقة سليمان، بعد أن كان قد وصل للعشرين ولم يمت.
وينطوى المشهد الأخير من الفيلم على رسالته الهامة الداعية للتحرر من رواسب التخلف والجهل، والحافزة على الاندماج فى الحياة، واقتحام عبابها. نرى مزمل، الذى أدى دوره بنعومة وحساسية واقتدار لافت للنظرالممثل الشاب «مصطفى شحاتة» وهو يركض مسرعا خلف شاحنة تعبر القرية بسرعة فائقة، مخلفا وراء ظهره الخرافة التى شلت قدرته على الفعل وأغلقت عقله عن التفكير، وحرمته طوال عشرين عاما من انتظار مميت، من الاستمتاع بالحياة، نعمة الله على البشر، ومن الإقدام على بذل الجهد للتأثير فى أحداثها.فياله من ركض جميل نحو محبة الحياة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش فى العشرین

إقرأ أيضاً:

السياحة.. و"فرض العشوائية"

مشهد الفيديو المنتشر على صفحات السوشيال ميديا قبل أيام لسائحة أجنبية وهي تعتدي بالضرب على شاب في منطقة نزلة السمان بالجيزة، بعد أن شاهدته يضرب حمارًا في الشارع، هو مشهد يلخص كثيرا من التجاوزات فى قطاع السياحة فى بلد تمتلك ثلث آثار العالم، وتعتمد فى دخلها القومي بشكل كبير على هذا القطاع المهم.

السيدة هي مواطنة هولندية تقيم في مصر منذ سنوات، وتدير مركزًا تطوعيًا لعلاج الحمير والخيول بالقرب من منطقة الاهرامات، يقدم خدماته مجانًا لأصحاب الحيوانات، ويعتمد على التبرعات والدعم الذاتي. انقسم رواد مواقع التواصل حول رد فعلها، فالبعض اعتبره إهانة للسائس فى بلده وطالبوا بضرورة معاقبة السائحة قانونيا.والبعض الآخر اعتبره موقفا إيجابيا منها تجاه ما يحدث من تجاوزات من أصحاب الخيول والحمير العاملين فى تلك المنطقة الأثرية.

وبغض النظر عن الانحيازات، يمكننا اعتبار هذا الموقف انعكاسا مهما ومؤشرا خطيرا لكل ما يتعرض له السياح من تجاوزات هذه الفئة، نتيجة عدم وعيهم الكافي وجهلهم بطريقة التعامل الحضاري مع السياح، ولنا بالطبع فى تجاربنا الكثير مما يقال فى هذا الشأن.

قبل ما يزيد على عامين وخلال جلسة عامة لمجلس النواب مخصصة لتقديم طلبات إحاطة لوزير السياحة والآثار، وقفت النائبة أميرة أبو شقة لتحكي عن معاناتها أثناء زيارة منطقة الاهرامات، التى قامت بها عندما علمت بقدوم الوزير الى مجلس النواب وأرتات القيام بتجربة شخصية، فقالت يوم السبت قررت زيارة الأثر الأعظم فى العالم، فعانيت أشد معاناة من أربعة أمور: أولها أنني توقفت بالسيارة لمدة تزيد على 45 دقيقة حتى أخضع للتفتيش الذى تم بطريقة عشوائية ويفتقد للدقة والاحترافية، ثم وصلت لشباك التذاكر الذى يجلس فيه موظف عجوز لايهمه فى الأمر سوي سؤالى اذا كنت مصرية أو أجنبية، دون أن يفيدني بمعلومة عن المكان، ثم تفاجأت بما يسمي"الخرتية" الذين يلحون على الزائر بشتى الطرق لعمل جولة بالاهرامات بصحبتهم، وكذلك الذين يبيعون تذكارات مستوردة من أردأ الخامات، والكارثة الكبرى تتمثل في باعة المياه والمشروبات الذين يتجولون ب"جردل" ناهيك عن دورات المياه التى يعجز اللسان عن وصفها."

انتهي كلام النائبة التى طالبت بإعادة ترتيب المكان بما يليق بعظمة هذا الأثر، وهو كلام ينكأ جرحا كبيرا لما يعانيه السائح من طريقة تعامل بها شيء من الابتزاز من قبل بعض الباعة فى المناطق السياحية، تذكرت هذا الكلام وأنا أتابع حملة الهجوم التى تتعرض لها عملية التشغيل التجريبي للمدخل الجديد لمنطقة الأهرامات الأثرية بطريق الفيوم وغلق المدخل الحالي بجوار فندق مينا هاوس، وعملية التشغيل التجريبي لمكونات مشروع التطوير بأكملها التى بدأت الثلاثاء الماضي الموافق 8 من شهر أبريل الجاري.

الحملة المكثفة التى قادها مرشدون وأصحاب مصالح، شككت فى جدوي التطوير ووصفته بالفاشل، وهو كلام بالطبع لايقنع من يعرف حجم المأساة التى كان يعاني منها السياح فى منطقة الاهرامات وابو الهول من تصرفات لا ترقي الى عظمة وهيبة المكان، تركت فى ذهن البعض ذكري لتجربة سيئة، وبعضهم قرر ألا يكررها مرة أخرى.

مشروع التطويرهو مشروع مهم وعاجل، حتى يحظى السائح بتجربة فريدة تليق بما تكبده من عناء السفر والتكلفة المادية من أجل مشاهدة الأثر الأشهر على مستوى العالم.. .وكفى أصحاب المصالح ما كان من ابتزاز وعشوائية.

مقالات مشابهة

  • يقولون في المثل: (تحدث حتى أراك).. وقد تحدث خالد عمر يوسف (سلك)
  • أبو اليزيد سلامة: القبر أول منازل الآخرة ينتقل الإنسان إلى الحياة البرزخية فيها نعيم أو عذاب
  • لماذا تعددت واختلفت كتب تفسير القرآن؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب
  • سفينة الحياة تواجه أمواجًا عاتية
  • قصة شاعر أقسم ألا يتزوج حتى تموت أمه! .. فيديو
  • شيخ شمل قبائل علكم بعسير الشيخ عبدالله آل حامد في ذمة الله
  • الآلاف في إسطنبول يخرجون بمسيرة غزة تموت.. انهض (شاهد)
  • الآلاف في إسطنبول يخرجون بمسيرة غزة تموت.. إنهض (شاهد)
  • السياحة.. و"فرض العشوائية"
  • العولمة تموت بالسكتة