الجزيرة:
2024-10-11@18:26:28 GMT

إيران وإسرائيل.. من بدأ الحرب؟

تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT

إيران وإسرائيل.. من بدأ الحرب؟

لا يمكن الآن قراءة الأحداث بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على أنها مجرّد معارك عسكرية أو تدابير وإجراءات أمنية بين الأعداء والخصوم. فالمعارك الواسعة في غزة منذ ذلك الحين، ثم تبادل الضربات في لبنان وازدياد التصعيد باتجاه حرب التدمير والاغتيالات ومحاولات الاجتياح البرية، كل ذلك أصبح الآن معركة واسعة بين خصمين رئيسيين هما إيران وإسرائيل، قد تمتد لتشمل المنطقة بأكملها.

كانت إسرائيل على وشْك إعلان إتمام مشروع التطبيع العربي الكامل معها، الذي كانت تفاوض فيه أهم الدول، من أجل صفقة كبرى على مستوى المنطقة تتضمن بعض المكاسب للفلسطينيين، ليأتي هجوم حركة حماس في طوفان الأقصى ليهدد المشروع السياسي الإسرائيلي العربي، إن لم نقل ليهدمه. تعتقد تل أبيب أن طهران ومحورها هم المسؤولون والمحرضون والداعمون لكل ما حدث.

في المقابل، كانت إيران تسعى لإعادة إحياء أحلامها النووية بوساطة فرنسية بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية، في مسار من المفاوضات حرصت طهران على إبقائه بعيدًا عن تداعيات حرب غزة وآثارها إلى حد ما. كما حرصت على تسريع هذه المفاوضات قبل الانتخابات الأميركية نهاية عام 2024، التي قد تعيد الجمهوريين إلى الرئاسة في البيت الأبيض، مما قد يصعب المهمة كثيرًا، أو ينهي الوساطات ويطوي الملف من جديد.

وقد فكرت إسرائيل مليًا في الانتقام من إيران التي قلبت عليها طاولة التطبيع العربي، فضلًا عن خشيتها من عودة الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015، في عهد الرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما، قبل أن ينسحب منه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب عام 2018.

حرب غزة.. كيف تعاملت إسرائيل مع المأزق؟

سعت حكومة نتنياهو إلى احتواء الأزمة والتعامل معها بأقل الأضرار الداخلية، لكنها لم تسعَ لإنهائها بل على العكس، كانت قد خططت لاستثمارها عبر إطالة أمدها وتوسيع نطاقها، فتقلب بذلك السحر على الساحر، وتضمن أن يكون مستقبل المنطقة مفضيًا إلى التطبيع، وأن يمر أكثر من عام من حكم الديمقراطيين في واشنطن دون الوصول إلى اتفاق نووي جديد مع إيران.

عملت إسرائيل جاهدة على إطالة أمد الحرب في غزة، واستخدمت العنف بشكل مفرط، لتكثر الدماء وتتناثر الأشلاء الفلسطينية في الطرقات. ورغم أن هناك العديد من المبادرات التي قدمت مكاسب لحكومة نتنياهو وأجحفت خصومه، فقد رفضها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وسعى لتحويل ملف الأسرى الإسرائيليين من ورقة ضغط على حكومته إلى ذريعة لاستمرار العدوان وتوسيع رقعته.

استفزاز إيران وجرها إلى الحرب

رفعت إيران شعار "الصبر الإستراتيجي"، وتبناه حلفاؤها في محور الممانعة، وربما يكون هذا المبدأ قد منح إسرائيل فرصًا كبيرة، فقد تجاوزت تل أبيب قواعد الاشتباك التي رسمتها المواجهات السابقة، وبدأت ضرباتها تتخطى الخطوط الحمراء. فقصفت السفارة الإيرانية في دمشق، واغتالت قيادات بارزة في الحرس الثوري الإيراني في سوريا، واغتالت إسماعيل هنية في طهران، ثم نفذت عملية تفجير الأجهزة اللاسلكية في لبنان (يوم البيجر)، وتسارع التصعيد ليصل إلى اغتيال قادة الصف الأول في حزب الله.

بقيت إيران على صبرها رغم ازدياد الضغط الإسرائيلي عليها، وتحملت استياء حلفائها من سكوتها، ربما كانت إيران تحاول الوصول إلى الاتفاق النووي، وكانت قد خفضت من شروطها مع ضيق الوقت واقتراب الانتخابات الأميركية. وكادت المفاوضات أن تتكلل بالنجاح، وربما هذا ما دفع إسرائيل لبدء الحرب في لبنان.

الرهان على الموقف الأميركي

توقعت إيران أن تنجح الولايات المتحدة وإدارتها الديمقراطية في كبح جماح نتنياهو، ومنعه من توسيع الحرب، لكن ذلك لم يحدث. فإسرائيل كانت تنجح في الضغط على الإدارة الديمقراطية في واشنطن لتكون داعمة لعملياتها العسكرية كلها، التي كانت تتسع وتتجاوز الحد الطبيعي من الفعل أو ردة الفعل شمالًا وجنوبًا.

الإدارة الأميركية لا تستطيع إلا أن تناصر إسرائيل وتدعمها، متأثرة باللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وطامعة بصوت اليهود الأميركيين في الانتخابات القادمة. كما أن الإدارة الديمقراطية لن تستطيع أن تتم أي صفقة مع إيران فيما لا تزال الحرب مندلعة في المنطقة، خاصة أن هناك من لا يؤيد هذا الاتفاق أساسًا ضمن الاستخبارات والبنتاغون.

إلى أين ستمضي إسرائيل؟

وجد نتنياهو في مجريات الحربين في غزة ولبنان فرصًا كبيرة، زادت من شغفه باستمرار الحرب وتوسيعها: فرصًا على مستوى استعراض القوة وكسب التأييد الداخلي الإسرائيلي، وأخرى على مستوى تحقيق كسر شوكة من يقف في وجه التطبيع العربي مع إسرائيل، بداية من حماس وانتقالًا لحزب الله، حيث يؤثر الوضع الفلسطيني على موقف بعض الدول، بينما يؤثر وضع الحزب على موقف النظام السوري الذي من المتوقع أن يكون انخراطه في التطبيع بوساطة روسية إحدى ثمار الحرب بالنسبة لتل أبيب.

كذلك استفادت إسرائيل من الخسارات الكبيرة التي تكبّدتها إيران على مستويات عدة، كان أفدحها في بنية حلفائها في لبنان وفلسطين، وتراجع الدور التفاوضي الذي كانت تكسبه طهران من تحرك أذرعها خارج حدودها.

كل ذلك يجعل إسرائيل بقيادة نتنياهو ترسم خططًا جديدة للمضي في مشروع الاجتياح البري في لبنان، لكن دون أن يتكبد الكثير من الخسائر، خاصة أن الوقت في صالحه وليس العكس. كما يجعله يتجاوز الإطار التقليدي في تفكيره بأمان إسرائيل ومستوطناتها إلى التفكير بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وتوازناتها وتحالفات قواها السياسية والعسكرية، وربما يبدأ هذا، باعتقاده، بتوجيه الضربات بشكل مباشر إلى العمق الإيراني، وليس فقط إلى وكلائها المحليين في الدول العربية.

ختامًا.. متى ستنتهي الحرب؟

إلى جانب تحقق الأهداف الميدانية، فإن هناك عاملًا رئيسيًا يحدد مصير الحرب، وهو نتائج الانتخابات الأميركية نهاية عام 2024، وملامح السياسات الخارجية للإدارة الأميركية الجديدة التي ستستلم مهامها مطلع عام 2025.

يمكن هنا الذهاب إلى سيناريو يتناسب مع احتمال فوز هاريس، كما يحلم النظام في إيران، أو سيناريو يتناسب مع احتمال فوز ترامب، كما تحلم حكومة إسرائيل.

يتوقع من الإدارة الأميركية الديمقراطية إذا ما فازت هاريس برئاسة الولايات المتحدة أن تخفف مواقفها الداعمة بشكل كامل لتوسيع الحرب وزيادة العنف على هذا النحو الذي يتبناه نتنياهو. لن تتخلى الولايات المتحدة عن أمن إسرائيل والشراكة التامة معها، لكن الإدارة الديمقراطية لن تكون بعد فوزها بالانتخابات تحت وطأة الضغط، وبالتالي لن تدعم نتنياهو في جميع قراراته كما هي الآن.

ومع ذلك، ستعمل إسرائيل جاهدة على إطالة عمر العمليات العسكرية الجوية والبرية التي من شأنها أن تحقق أهدافها الميدانية، وتمنع فرصة الوصول لاتفاق نووي إيراني أميركي على المستوى السياسي.

بينما يتوقع من الإدارة الأميركية الجمهورية إذا ما فاز ترامب برئاسة الولايات المتحدة أن تدعم تحقيق إسرائيل أهدافَها الميدانية والسياسية دون أن تضطر إلى مواصلة الحرب، إلا بما تقتضيه ضرورة تحقيق هذه الأهداف. أي لن يعود إطالة أمد الفوضى والعنف هدفًا بحد ذاته لحكومة نتنياهو كما هو الآن، ولن تكون الخشية من حصول الاتفاق النووي عاملًا ضاغطًا على إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب وحصد ثمارها.

إسرائيل قوة احتلال موصومة بالانتهاكات والتجاوزات قبل الحرب وأثناءها وبعدها، وقد تكون إيران قد استهلكت بصبرها الإستراتيجي حلفاءها وشركاءها المحليين، الذين سيحتاجون بعض الوقت والجهد ليعودوا للوقوف على أقدامهم. هذا قد يتيح المجال للقوى الأخرى المناوئة لمحور المقاومة والممانعة والمنخرطة بشكل أو بآخر في التطبيع مع إسرائيل أو الحياد معها، لتوسيع نفوذها ومكانتها السياسية والمجتمعية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

هآرتس: حكومة نتنياهو عصابة خبيثة وإسرائيل دخلت المرحلة الأخطر

نشرت صحيفة هآرتس مقالا للكاتب تسفي برئيل حاول فيه تشخيص الأوضاع النفسية التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي في ضوء التوترات الناجمة عن تورط قادتها في مواجهات عسكرية تهدد وجود الدولة نفسها.

وعمد الكاتب إلى إسقاط نظرية الطبيبة النفسية الأميركية السويسرية إليزابيث كوبلر روس حول مراحل الصدمة النفسية الخمس -التي ضمنتها كتابها الأكثر مبيعا عن الموت- على الحالة الإسرائيلية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع بريطاني: الجيش اللبناني على حبل مشدود فهل يكون حلا للحرب؟list 2 of 2نيويورك تايمز تحذر من صدمة بإمدادات النفط.. الرابحون والخاسرونend of list

ولفهم ما يرمي إليه الصحفي الإسرائيلي الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مقاله، يتعين علينا أن نشرح ما تسمى نظرية أو "نموذج كوبلر روس".

تقول الطبيبة النفسية إن المرء يمر بخمس مراحل من الصدمة النفسية في حال تعرضه لمصيبة ما، وهي على الترتيب: مرحلة الإنكار، والغضب، والمساومة، ثم الاكتئاب، وآخرها تقبل ما يحدث له.

وقال إن إسرائيل مرت على مدى العام الماضي بجميع تلك المراحل التي ذكرتها إليزابيث كوبلر روس؛ "فقد حلَّ الإنكار والذهول والصدمة مما حدث لنا محل الغضب الذي يميز المرحلة الثانية".

"وفي نهاية المطاف، خفّت تلك المرحلة أيضا وأفسحت المجال لمرحلة المساومة التي اعتقدنا أنه من الممكن إجراء مفاوضات مع الحكومة على الأقل حول إعادة الأسرى، ليس جميعهم ولكن ربما بعضهم -أي نوع من التنازل- حتى نتمكن من التعايش مع أنفسنا ونعرف أننا فعلنا حقا كل ما بوسعنا".

لكن برئيل يرى أن شيئا من ذلك لم يحدث، إذ تبع مرحلة المساومة المرحلتان الأخيريان، وهما الاكتئاب والتقبل، والتي يدرك العارفون بنظرية كوبلر روس جيدا أنها تضمن للحكومة البقاء على قيد الحياة. والعارفون أو الهاجرون مصطلح يراد به الأشخاص الذين يتخلون عن قضية أو واجب، وهو بذلك يشير -على ما يبدو- إلى حكام إسرائيل اليوم.

ويتناول الكاتب بشيء من التفصيل المرحلتين الأخيريين من مراحل الصدمة النفسية، فيقول إن المجتمع الإسرائيلي في حالة اكتئاب عميق مصحوب بمشاعر الخجل والذنب، وهي المرحلة التي يصعب فيها مواساة ضحايا الكارثة، الذين -وفقا لنموذج كوبلر روس- يستحوذ عليهم شعور بأنه لا جدوى من أي شيء. وأخيرا، إذا تمكنوا من تحرير أنفسهم من قيود الاكتئاب، سينتقلون إلى مرحلة التقبّل، حيث يبدأ الناس في تفهم أن الوضع الجديد جزء من الحياة.

وعلى الرغم من أن نظرية كوبلر روس ليست علما دقيقا، بل هي نظرية مثيرة للجدل، فإن الحالة الإسرائيلية تدعمها من وجهة نظر برئيل، الذي يعتقد أن الأمة "الحزينة" ليست مستثناة من مراحل الصدمة النفسية التي تحدد سلوكها، بل تحدد هويتها أيضا.

ويقول إن إسرائيل تعيش الآن بالفعل التقبل، وهي المرحلة الأخطر، حسب وصفه، "حيث علينا أن نعتاد على العيش" من دون الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأضاف أن التقبل مرحلة يترسخ فيها الشعور بأنه لا جدوى حتى من الانزعاج من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته، "فهم أيضا، مثل الرهائن، وكأنهم قضاء وقدر لا يمكن تغييره على ما يبدو".

إسرائيل ستظل تُحكم بأيدي "عصابة خبيثة" تمكّنت من تحويل أسوأ كارثة في تاريخ البلاد إلى دواء منقذ لها.

وزاد أن الإسرائيليين لطالما صُدموا مما سماها "سلبية" الفلسطينيين "الذين تأقلموا مع الحياة تحت حكم حماس دون أن يبدر منهم تمرد أو ثورة، وكنا نتساءل عن الأسباب التي تحول دون خروج اللبنانيين ضد حزب الله".

ومضى مسترسلا في حديثه قائلا "لقد وصلنا إلى اليوم التالي، والكارثة تكمن في أننا سنبدأ في الاعتياد على ذلك. والخوف الذي تقشعر له الأبدان يتسلل إلى عمودي الفقري وينذر بخنقي".

لكنه يستدرك بأن الخوف ليس مردُّه إلى الخوف من الحرب القادمة مع إيران، أو إدراك أن حرب لبنان الثالثة لم تعد عملية قصيرة، بل هو الإقرار بأن إسرائيل ستظل تُحكم بأيدي "عصابة خبيثة" تمكنت من تحويل أسوأ كارثة في تاريخ البلاد إلى دواء منقذ لها.

وختم بالقول إن جرائم العصبة الحاكمة في إسرائيل والتي أدت إلى "كارثة" طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، هي التي ستمنحها عمرا جديدا تستطيع به قيادة البلاد "بذكاء" إلى مزيد من الكوارث.

مقالات مشابهة

  • باحث: نتنياهو يتبنى فكرة الدولة الدينية.. وإسرائيل لم تتخلَ عن مخطط التوسع
  • عاجل - موعد حرب إسرائيل على إيران.. تخطيط نتنياهو الكارثي والخطير (تفاصيل)
  • المكالمة التي استمرت 50 دقيقه بين نتنياهو وبايدن لمناقشة خطة ضرب إيران
  • هآرتس: حكومة نتنياهو عصابة خبيثة وإسرائيل دخلت المرحلة الأخطر
  • خبير شئون إسرائيلية: إيران "الشماعة" التي يضع نتنياهو عليها "خيبته"
  • مكالمة نتنياهو وبايدن.. أمريكا ترفض ضرب إسرائيل لمنشآت إيران النووية
  • أكسيوس: بايدن يناقش الهجوم الإسرائيلي على إيران مع نتنياهو الأربعاء
  • الزهراني: 90% من المباريات التي طُرد منها محمد كنو كانت حساسة
  • ما هي العراقيل الـ3 التي تمنع إسرائيل من ضرب نووي إيران؟