عربي21:
2024-10-11@18:24:22 GMT

قراءة مختلفة لنتائج الانتخابات الرئاسية التونسية

تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT

أن نطرح على أنفسنا قراءة مختلفة لنتائج الانتخابات الرئاسية، هو أمر لا يعني أفضلية قراءتنا على سائر القراءات الأخرى بقدر ما يعني البحث عن "اللا مفكر" فيه طيّ تلك القراءات؛ لأسباب ليس هذا موضع بسط الحديث فيها. ولذلك لن يكون هذا المقال قراءة للمسار الانتخابي وما أثار من جدل بين النخب السياسية وعموم المواطنين، ولن يكون قراءة في تلقي المترشحَين الخاسرَين للنتيجة، ولا في ردود الفعل المتوقعة أو غير المتوقعة من حملتيهما الانتخابيتين -ومن سائر الفاعلين الاجتماعيين- وتأثير ذلك في الهندسة المتوقعة للمشهد السياسي.



فبحكم فهمنا المخصوص للثورة التونسية بمساراتها ومآلاتها، وكذلك بحكم تخفف القراءة الموضوعية من الرهانات "السياسوية" المباشرة، فإنّ السؤال الأهم الذي سنحاول الإجابة عنه سيكون هو التالي: لماذا وصلت تونس إلى المشهد السياسي الحالي؟ ولو أردنا طرح السؤال بصورة مختلفة لصغناه على هذا الشكل: هل يُمثّل "تصحيح المسار" -بدستوره ونظامه السياسي ورهاناته الحقيقية والمتخيلة- انحرافا حقيقيا عن روح "الانتقال الديمقراطي"، أم هو مجرد امتداد منطقي لرهانات النخب المتحكمة فيه وشهادة على إفلاسها السياسي وعلى انتفاء الحاجة إليها، في مستوى استراتيجيات الدولة العميقة ورعاتها الأجانب وفي مستوى الانتظارات الشعبية على حد سواء؟


إذا ما استثنينا الملف السياسي، فإنه لا شيء في خيارات السلطة يوحي بوجود "تأسيس ثوري جديد" يقطع مع البنية الريعية للاقتصاد ومع "فرنسة" الفضاء العام والإدارة والثقافة، ولا شيء يوحي بوجود رغبة سياسية حقيقية في تجريم "التطبيع" مع الكيان أو تجاوز واقع "التطبيع" مع منظومة الاستعمار الداخلي؛ باعتبار ذلك كله شرط "مشروع التحرير الوطني". كما أنه لا شيء لم تطلع عليه الشمس من قبلُ في مستوى مركزة السلطة (النظام الرئاسوى) أو تدجين المجتمع المدني والإعلام
إنه سؤال نؤمن بأنه يمثّل السؤال التوليدي لسائر الأسئلة المشتقة في أي محاولة لفهم تصحيح المسار بعيدا عن سرديات السلطة والمعارضة الجذرية والموالاة النقدية. ونحن ننطلق في تحليلنا من الفرضية التالية: إن تصحيح المسار هو "جُماع" عشرية الانتقال الديمقراطي -أو "العشرية السوداء"- وليس انقلابا عليها. إنه بمعنى ما "زمن سياسي جديد" لكن ليس بالمعنى السلطوي، بل بمعنى أنه تركيب "شعبوي" -لا جدلي- لكل آفات الانتقال الديمقراطي وأحلامه المجهضة. فهو "احتكار" لكل القيم والشعارات ذات الجاذبية الشعبية مهما كان أصلها الأيديولوجي، ولكنه أيضا "احتكار" لكل خطابات الكراهية والتخوين والاستئصال التي هيمنت على مرحلة الانتقال الديمقراطي، بالإضافة إلى الاحتكار الأهم: احتكار واجهة السلطة بشرعية "التأسيس الثوري الجديد"، مع حصر تلك "الثورية" في الحقل السياسي دون بقية الحقول الاقتصادية والثقافية التي بقيت -على الأقل إلى حد الآن- تحت هيمنة الدولة العميقة بعائلاتها الريعية وشبكاتها الزبونية.

قد يبدو "الجوهر التأليفي" لتصحيح المسار أمرا بعيدا عن الصواب، فالسردية السلطوية تنبني على منطق القطع مع الماضي بشعار "لا رجوع إلى الوراء"، أما السرديات المعارضة فإنها تتهم السلطة بالانقلاب على "الانتقال الديمقراطي" بل على الثورة ذاتها، وهو ما يعارض أطروحتنا "ظاهريا". ولكنّ هذا الاعتراض يسقط حين نشتغل على أداء السلطة وخياراتها الواقعية -لا الخطابية- من جهة أولى، وعلى البنية العميقة لخطابات المعارضة خلال فترة الانتقال الديمقراطي وبعد 25 تموز/ يوليو 2021 من جهة ثانية.

فإذا ما استثنينا الملف السياسي، فإنه لا شيء في خيارات السلطة يوحي بوجود "تأسيس ثوري جديد" يقطع مع البنية الريعية للاقتصاد ومع "فرنسة" الفضاء العام والإدارة والثقافة، ولا شيء يوحي بوجود رغبة سياسية حقيقية في تجريم "التطبيع" مع الكيان أو تجاوز واقع "التطبيع" مع منظومة الاستعمار الداخلي؛ باعتبار ذلك كله شرط "مشروع التحرير الوطني". كما أنه لا شيء لم تطلع عليه الشمس من قبلُ في مستوى مركزة السلطة (النظام الرئاسوى) أو تدجين المجتمع المدني والإعلام.

فالديمقراطية المباشرة أو المجالسية -مثلها في ذلك كمثل "الشركات الأهلية- لم تستطع تغيير آليات اشتغال السلط، كما لم تقدر إلى حد هذه اللحظة على تغيير بنية الاقتصاد الريعي (ولا تنقيح التشريعات التي تقنن هذا الاقتصاد)، رغم الإصرار الخطابي للسردية السلطوية على ربط شرعيتها/ مشروعيتها بالقدرة على تجاوز هذا الواقع، في إطار ما تسميه بـ"مشروع التحرير الوطني".

أما من جهة المعارضة الحالية، فإنها ما زالت تصرّ على عدم الاعتراف بأنها هي الأب الشرعي لتصحيح المسار، وما زالت محكومة بمنطق الإنكار ورفض المراجعات والنقد الذاتي. ولكنّ هذا الإنكار وما يصاحبه من سياسة الهروب إلى الأمام، لا يمنعنا من مقايسة علاقة تصحيح المسار بالانتقال الديمقراطي على علاقة اليسار التونسي بالبورقيبية دون ادعاء التطابق أو انتفاء الفروق بينهما. فإذا كان اليسار هو الابن الشرعي لبورقيبة ومشروع التحديث اللائكي (رغم توتر العلاقة التاريخية بينهما وعدم ثباتها على نهج واحد)، فإن تصحيح المسار كذلك هو الابن الشرعي لاستراتيجيتي الاستئصال الصلب والناعم واستدماج ورثة المنظومة القديمة من لدن "العائلة الديمقراطية"، وهو أيضا الابن الشرعي لاستراتيجية "التطبيع" مع المنظومة القديمة بشروط تلك المنظومة والانقلاب على انتظارات المواطنين مع عدم تقدير القوة النوعية للنخب اللائكية من لدن "حركة النهضة".

فلو تجاوزنا البنية السطحية لخطابات "الحداثيين"، فإننا سنجد أنفسنا خلال عشرية الانتقال الديمقراطي أمام خطابين استئصاليين يجد أولهما (أي الاستئصال الصلب) جذره الأعمق في السردية النازية (المقاربة الأمنية باعتبارها تَونسة "للحل النهائي")، حيث يحتل الإسلامي محل اليهودي باعتباره "الخارج المطلق" أو الشر المطلق الذي لا يقبل الإدماج ولا الاعتراف، فما بالك بـ"الاحترام" أو التوقير على حد عبارة المتصوفة. أما السردية الاستئصالية "الناعمة" فإنها تجد جذرها الأعمق في السردية الهندوسية، إذ يحتل فيها الإسلاميون محل طائفة المنبوذين من جهة حقوق المواطنة -أو التموقع في أجهزة الدولة- لكن دون أي استهدف أمني. إننا أمام شكلين من أشكال" العنصرية الثقافية" التي أفسدت الانتقال الديمقراطي وأنهكته بصراعاتها الهوياتية؛ التي لم يكن خراجها ليصب إلّا في خزائن المنظومة القديمة ونواتها الصلبة.

أما من جهة حركة النهضة، فإنها قد أدارت هي الأخرى مرحلة الانتقال الديمقراطي بمنطق التناقض الرئيس والتناقض الثانوي، مما جعلها تتبنى المنطق اليساري لغايات مختلفة. فلكي تتخلص من الآثار الكارثية لاستراتيجي الاستئصال، فإنها لم تعوّل على الشعب وعلى قواعدها الانتخابية، بل التجأت إلى "التطبيع" مع المنظومة القديمة وارتضت العمل معها بشروطها، حتى كادت تتحول إلى وتد/وطد جديد في حراسة المنظومة والدفاع عن خياراتها اللاشعبية واللاوطنية. ونحن هنا لا يعنينا أن نبحث في أسباب هذا الخيار الاستراتيجي، بل يعنينا فقط أن نشير إلى أن هذا الخيار قد ساهم إلى حد كبير في إفقادها رأسمالها الرمزي الأهم أي "المظلومية"، بل إنه قد حوّلها أمام الرأي العام -تحت تأثير الدعاية الإعلامية- إلى المسؤول الأول، وأحيانا المسؤول الأوحد، عن فشل الانتقال الديمقراطي سياسيا واقتصاديا.

العقل السياسي للمعارضة -بمختلف تشكيلاتها- لم يرتفع بعد إلى مستوى رهانات اللحظة عندما يعتبر أن خصمه هو الرئيس قيس سعيد ومشروعه السياسي. وهو لا يفعل ذلك إلا ليتجنب مواجهة الخصمين الحقيقيين لأي مشروع للتحرير الوطني: أولا، غياب مشروع مواطني جامع يتخلص من أصحاب "القضايا الصغرى" وسدنة الصراعات الهوياتية وما يحكمهم من منطق النفي المتبادل ومفردات الصراع الوجودي؛ ثانيا، العجز عن مواجهة منظومة الاستعمار الداخلي
لقد جاء "تصحيح المسار" ليدفع بهذا الواقع المأزوم والمتناقض بنيويا إلى نهاياته المنطقية: إنهاء وساطة الأحزاب ومختلف الأجسام الوسيطة وإرساء نظام رئاسوي. فقد أوجدت خطابات الكراهية والشيطنة المتبادلة -بالإضافة إلى الفشل في إدارة الملفين الاقتصادي والصحي في فترة كورونا- مناخا عاما يطبعه وجود "قابلية جماعية" لتغيير المشهد السياسي. لقد جاء تصحيح المسار ليحتكرَ علّة وجود مختلف المتصارعين على إدارة الشأن العام ولينهيَ الحاجة إليهم جميعا. فالرئيس لم يفعل شيئا إلا استثمار ما زرعته "العائلة الديمقراطية" من شيطنة لحركة النهضة، ولكنه لم يفعل ذلك لخدمة أجنداتهم (الاستئصال الصلب أو الاستئصال الناعم)، بل فعله لينهيَ الديمقراطية التمثيلية والنظام البرلماني المعدّل، أي لينهيَ دور الأجسام الوسيطة كلها بما فيها تلك المنتمية لما يسمى بـ"العائلة الديمقراطية". كما أن الرئيس استثمر كل الخطابات المنتقدة للنقابات وللمجتمع المدني وللقضاء وللإعلام وهياكله التعديلية والمهنية -وهي خطابات كانت تصدر أساسا من أنصار النهضة وحلفائهم- ليستهدف هذه الكيانات في إطار سياسة الاستلحاق أو التدجين.

إن قراءة نتائج الانتخابات دون قراءة الفلسفة السياسية لتصحيح المسار وفهم علاقة التعامد الوظيفي بينه وبين الدولة العميقة -بل بينه وبين القوى الإقليمية ذات المصالح المادية الرمزية في تونس- هي قراءة اختزالية، أما قراءة تصحيح المسار باعتباره انقلابا على الانتقال الديمقراطي -أي الإصرار على "أمثلة" مرحلة الانتقال الديمقراطي وما حكمها من سرديات وخيارات لا وطنية ولا شعبية- فإنها قراءة مخادعة.

ونحن لا نجانب الصواب إذا ما قلنا بأن العقل السياسي للمعارضة -بمختلف تشكيلاتها- لم يرتفع بعد إلى مستوى رهانات اللحظة عندما يعتبر أن خصمه هو الرئيس قيس سعيد ومشروعه السياسي. وهو لا يفعل ذلك إلا ليتجنب مواجهة الخصمين الحقيقيين لأي مشروع للتحرير الوطني: أولا، غياب مشروع مواطني جامع يتخلص من أصحاب "القضايا الصغرى" وسدنة الصراعات الهوياتية وما يحكمهم من منطق النفي المتبادل ومفردات الصراع الوجودي؛ ثانيا، العجز عن مواجهة منظومة الاستعمار الداخلي وأساطيرها التأسيسية والتحول -رغم كل الادعاءات الذاتية- إلى مجرد أجسام وظيفية تتنافس في خدمة تلك المنظومة.

x.com/adel_arabi21

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات التونسية الديمقراطية قيس سعيد تونس انتخابات الديمقراطية قيس سعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتقال الدیمقراطی تصحیح المسار فی مستوى من جهة لا شیء

إقرأ أيضاً:

إنتاج النفط الصخري الأميركي لن يتأثر بنتائج الانتخابات الرئاسية.. ما الأسباب؟

مقالات مشابهة أكبر بطارية لتخزين الكهرباء في أستراليا تستهدف فائض الطاقة الشمسية على الأسطح

‏ساعة واحدة مضت

الهند تبني غواصات نووية هجومية لتعزيز دفاعاتها ضد الصين

‏ساعتين مضت

تقارير تغير المناخ تثير جدلًا.. ومشروع يطالب الصحفيين بالتخلي عن الموضوعية

‏3 ساعات مضت

كم نسبة صرف علاوه امن الدوله الرسمية التي حددها مجلس الوزراء السعودي؟ بشري لمنتسبي الديوان

‏4 ساعات مضت

مشروع ضخم لتخزين الأمونيا يكتمل بحلول 2028

‏4 ساعات مضت

كلية الملك فهد الأمنية نتائج القبول الدورة 68 لحملة الثانوية العامة.. رابط الاستعلام عبر jobs.sa

‏4 ساعات مضت

اقرأ في هذا المقال

الانتخابات الرئاسية الأميركية لن تؤثّر في إنتاج النفط الصخريالصناعة تركّز على الربح وعائدات المساهمين بدلًا من التوسع السريع في الإنتاجنمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سيدفعه 3 عواملتأثير استثمارات الطاقة النظيفة في سوق النفط ضئيلالشركات الكبرى هي الوحيدة القادرة على المنافسة في المستقبل

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة نوفمبر/تشرين الثاني 2024، يترقب إنتاج النفط الصخري الأميركي التحولات السياسية التي تلوح في الأفق.

ورغم أن الاختلافات الصارخة في سياسات الطاقة بين مرشحي الرئاسة نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترمب، من المتوقع أن يستمر مسار النمو المطّرد للقطاع، بغضّ النظر عن نتيجة الانتخابات.

وأشار تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى أن هذا النمو سيكون مدفوعًا بديناميكيات السوق والقرارات الإستراتيجية للشركات التي تعطي الأولوية للربح وعائدات المساهمين على نمو الإنتاج، ويعني ذلك أن الوعود السياسية أو اللوائح المحتملة من غير المرجّح أن تؤثّر في المنتجين.

وفي مقابل ذلك، من المتوقع أن يتأثر نمو إنتاج النفط الصخري الأميركي بارتفاع أسعار النفط وتحسين الكفاءة التشغيلية والاستثمارات طويلة الأجل، من خلال عمليات الاستحواذ، وليس التطورات السياسية.

تحولات إستراتيجية

خضعت صناعة النفط الصخري الأميركي لتحوّل كبير في السنوات الأخيرة، على عكس بداية طفرة النفط الصخري عندما كانت الصناعة تعطي الأولوية للنمو السريع مهما كانت التكلفة، وكان هذا ممكنًا بفضل سهولة الوصول إلى رأس المال، حسب التقرير الصادر من شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي.

ومع ذلك، دفعت القيود المالية وتزايد مطالب المستثمرين بإعطاء الأولوية للعائدات إلى اتّباع نهج أكثر انضباطًا يُركّز على الربح والعائدات بدلًا من زيادة الإنتاج.

ورغم أن إنتاج النفط الصخري الأميركي يواجه تحديات، مثل المنافسة من الطاقة المتجددة والمخاوف إزاء تغير المناخ، فإن التوقعات قصيرة الأجل ما تزال إيجابية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ولطالما اعتادت صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة التعامل مع أوضاع تكتنفها ظلال عدم اليقين؛ لذا، فإن الانتخابات الرئاسية المقبلة ليست سوى أحد العوامل العديدة التي يتعين على الصناعة مراعاتها.

وفي نهاية المطاف، يسترشد إنتاج النفط الصخري الأميركي بأساسيات السوق، وليس السياسة، ومن المتوقع أن يحافظ على دوره في سوق الطاقة العالمية.

عاملان يقفان أمام منصة حفر – الصورة من موقع شركة أوكسيدنتال بتروليومنمو إنتاج النفط الصخري الأميركي

كانت صناعة النفط الصخري الأميركي تتطور نحو نموذج يؤكد على الاستدامة المالية طويلة الأجل لعدّة سنوات، أي قبل وقت طويل من الانتخابات الرئاسية الحالية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة

فقد بدأ نمو القطاع خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وشهد المزيد من التطور في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.

ومع مرور الوقت، أعطى المنتجون الأولوية للانضباط المالي بدلًا من التوسع السريع، ورغم وجود بعض التوترات مع إدارة بايدن، استمرت الصناعة في النمو، متأثرة إلى حدّ كبير بتغير مواقف المستثمرين والضغوط المالية بدلًا من سياسات الحكومة.

ومع أنّ صناعة النفط والغاز تلقّت دعمًا قويًا من الرئيس السابق ترمب، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترمب الثانية -حال فوزه- قادرة على تعزيز إنتاج النفط الصخري الأميركي بما يتجاوز مساره الحالي.

وفي ظلّ استمرار اتّباع نهج استثماري أكثر انضباطًا، فمن غير المرجّح أن تزيد الشركات الإنفاق، حتى مع ارتفاع أسعار النفط.

هل سيؤثّر الانتماء السياسي؟

رغم أن الإدارة الديمقراطية قد تشكّل خطرًا محتملًا على صناعة النفط الصخري الأميركي، فمن المستبعد حدوث ذلك بسبب العوامل السياسية والاقتصادية.

فقد طبّقت الإدارات السابقة لوائح أكثر صرامة وقيودًا على عمليات الحفر والاستحواذ، لكن نائبة الرئيس كامالا هاريس لم تلمّح إلى نيّتها في اتخاذ تدابير مماثلة.

ومع ذلك، تخشى الصناعة زيادة الاستثمار في المصادر البديلة والتي قد تسرّع التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري.

ومع أنه من غير المرجّح فرض حظر على تصاريح الحفر الجديدة على الأراضي الفيدرالية، فإن هذه الخطوة من شأنها أن تؤثّر بدرجة كبيرة في الإنتاج من مناطق حيوية، مثل حوض برميان.

وبالنسبة لإنتاج النفط الأميركي من الولايات الأميركية الـ48 المتجاورة عام 2001 إلى عام 2024، ظل إنتاج النفط دون تغيير تقريبًا في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش (2001-2008)، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 0.46%، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

وخلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما (2009-2016)، شهدت مستويات الإنتاج ارتفاعًا حادًا، بمعدل سنوي مركب بلغ 12.1%.

في حين زاد الإنتاج في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب (2017-2020) بوتيرة أبطأ، بمعدل سنوي مركب بلغ 8.80%.

وفي عهد الرئيس بايدن (2021-2024)، تباطأ نمو الإنتاج بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 6.55%، على الرغم من أن الإنتاج في عام 2024 سيصل إلى مستويات مرتفعة تتجاوز 13 ألف برميل يوميًا.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج النفط الأميركي منذ عام 2019 حتى يوليو/تموز 2024:

مدى تأثير الاستثمار في البدائل النظيفة

رغم المخاوف بشأن تأثير زيادة الاستثمارات في بدائل الطاقة النظيفة على المدى الطويل، من المتوقع أن تكون التداعيات على إنتاج النفط الصخري الأميركي ضئيلة لسببين رئيسين.

السبب الأول هو أن المستهلك الأميركي يميل إلى تفضيل أسلوب حياة يعتمد على النفط وغيره من مصادر الطاقة منخفضة التكلفة، ورغم دعم الحكومة للسيارات الكهربائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين، سيظل استهلاك النفط في الولايات المتحدة مستقرًا مع استمرار ارتفاع الاستهلاك المحلي للغاز.

أمّا السبب الثاني فهو أن السوق العالمية تحدد أسعار النفط، ومن ثم، حتى لو انخفض استهلاك النفط في الولايات المتحدة، فإنّ تراجُع الأسعار قد يدفع الطلب على النفط في مناطق أخرى.

على صعيد آخر، ستؤدي عمليات الدمج والاستحواذ الأخيرة في صناعة النفط الصخري الأميركي إلى تركيز الإنتاج بين عدد محدود من الشركات الكبرى.

وتُظهر الأبحاث أن أكبر 6 شركات في حوض برميان تسيطر الآن على أكثر من 60% من موارد النفط المتاحة في المنطقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
Source link ذات صلة

مقالات مشابهة

  • ترامب يطلب أمرا غريبا قبل الانتخابات الرئاسية.. تفاصيل
  • التاريخ السياسي للانتخابات الأميركية منذ 1788
  • في الذكرى الحادية عشرة لإشهار إقليم تهامة: مفتاح استقرار اليمن والمنطقة وتصحيح المسار السياسي
  • إنتاج النفط الصخري الأميركي لن يتأثر بنتائج الانتخابات الرئاسية.. ما الأسباب؟
  • حزب طالباني لحزب بارزاني:لن نتأثر بالتسقيط السياسي
  • بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية في موزمبيق
  • بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية بموزمبيق
  • أسوشيتد برس: مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي يعتقل مواطنًا أفغانيًا بتهمة التخطيط لهجوم يوم الانتخابات الرئاسية
  • هاريس؟ أم ترامب؟ لمن سيصوت الأمريكيون الأفارقة في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟