أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟ 

قائلًا: قد يبدو برّ الأبوين سهلًا حال صِحتهما ويسارهما، وقدرة الوالدين على القيام بشئونهما وشئون الأبناء في كثير من الأحوال، وهذا لا يُهَوِّن مطلقًا من برُّ الوالدين، الذي أمر به سبحانه حين قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…}.

[الإسراء: 23] 

فطاعتهما عظيمة من أجلِّ وأعظم الطَّاعات؛ وبرُّهما يحقق أسمى المقاصد والغايات. 

يتأكد برُّ الوالدين ويعظم أجره حين بلوغهما الكِبر، وما يقتضيه من ضَعف، وقلة تدبير، وحاجة للمال والرعاية والأُنس؛ بل إن بَذْل البر والإحسان والرعاية والتَّلطف في القول والمعاملة -في هذه المرحلة- هو معيار البِرِّ الحقيقي؛ لذا خصَّ الحق سبحانه هذه المرحلة بمزيد وصية، فقال سبحانه: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. [الإسراء: 23، 24]

 قَرَن الحقُّ سبحانه وتعالى في الوصية بالوالدين بين كِبر الوالدين وتربية الأولاد في الصِّغر، لحثِّ الأبناء على ردِّ جميل آبائهم وأمهاتهم، ولكون الوالد حينما يُحسن في تربية ولده فإنه يربي أبًا له في صِغر شيخوخته.

 حين يُعطي الابن جزءًا من ماله لوالديه فقد كان أمس يتمتع بعموم أموالهم، وحين يقتطع جزءًا من وقته لرؤيتهم والقيام على شئونهم، فقد كان أمس محطّ نظرهم وقرة عينهم، وحين يجاهد نفسه في برهم والإحسان إليهم فقد كانا يبذلا الصعب لخدمته بطيب نفس ورضا وسرور. 

إهمال الأولاد لآبائهم وأمهاتهم في الكِبر، وتركهم يتقلبون في مآسي المرض والحاجة والوحدة، بعدما ربوهم وعلموهم وأهّلوهم للنجاح في مجالات الحياة؛ يُعدُّ لونًا من أشد ألوان العقوق التي توعد الله سبحانه المتصف بها بعقاب الدنيا قبل عقاب الآخرة؛ يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ». [أخرجه البخاري في الأدب المفرد]

 أعاننا الله وإياكم على بر آبائنا وأمهاتنا، وحفظ جميلهم، ووفقنا لنيل رضاهم آمين.
 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الأبوين مركز الازهر العالمي للفتوى الالكترونية

إقرأ أيضاً:

هل يجوز إخراج الصدقة من مال فيه شبهة حرام؟ أمين الفتوى يجيب

أجاب الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى، بدار الإفتاء المصرية، علي سؤال متصل يقول: " هل يجوز إخراج الصدقة من مال فيه شبهة حرام؟.

ورد الشيخ عويضة عثمان، خلال فتوى له، قائلا: "يجوز إخراج الصدقة في هذه الحالة والمال لم يتعين كله من حرام ويمكن تخرج المال الحرام في المصالح العامة يعني لصالح الناس ولكن أنت تخلصت منه يعنى صاحب المال الحرام عند التخلص منه لابد أن يتوب ويندم، ولو أُخذ من شخص بعينه يجب أن يُرَد له وإن لم يعرف الشخص يخرج للناس بنية أن يصل الثواب وهو مأجور أنه تاب إلى الله وندم وتخلص من الحرام".

وتابع: "ولو في جزء من المال فيه شبهة وعايز تتصدق تصدق لأن في جزء من المال أيضا حلال وجزء آخر فيه شبهة وعلى المؤمن أن يسعى دائما أن يكون مطعمه ومشربه حلال وكل بدن نبت من حرام فالنار أولى به إلا أن يتوب صاحبها ويؤدي المظالم إلى أهلها والقبول من عدمه هو أمر غيبي عند الله".

مقالات مشابهة

  • الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء: القرن الحادي والعشرين فرصة لفهم الإسلام الصحيح
  • مدير عام الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: الفِكر المنحرف خطرًا عابرًا للزمان والمكان
  • هل انتهت جماعات الإسلام السياسي بالمنطقة؟.. حلمي النمنم يجيب
  • الجهاد في سبيل الله وأهميته
  • علي جمعة: القوة والتمكن فى الأرض ليس مقياسًا للحق
  • هل يجوز إخراج الصدقة من مال فيه شبهة حرام؟ أمين الفتوى يجيب
  • علي جمعة: الزوجة الصالحة من أفضل متاع الدنيا
  • الأزهر للفتوى: يجب ترسيخ عبودية الله في قلوب الأبناء لتربية سليمة
  • الأزهر للفتوى يوضح أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد
  • فعله النبي مع الصحابة.. الأزهر العالمي للفتوى يكشف عن أسلوب لتربية الأبناء