نجحت خطة الرئيس الأميركي جو بايدن المناخية في جذب استثمارات في مجال الطاقة النظيفة تقدّر بمليارات الدولارات، لكنها أثارت التوتر مع الحلفاء نظرًا لاحتمال إعادة رسمها الواقع التجاري.

ويخصص "قانون خفض التضخم" -الذي تم التوقيع عليه في 16 أغسطس/آب 2022- نحو 370 مليار دولار لدعم الانتقال في مجال الطاقة بالولايات المتحدة، بما يشمل إعفاءات ضريبية للمركبات الكهربائية والبطاريات أميركية الصنع.

لكن الحوافز التي تعزز الصناعات الأميركية بعد سنوات من اعتماد الولايات المتحدة على التصنيع خارج أراضيها أثارت مخاوف من أنها قد تؤدي إلى سحب أعمال تجارية من بلدان أخرى.

الخبير البارز في معهد "بروكينغز" جوشوا ملتزر قال "كانت الخطوة في الواقع تجسيدا لدخول الولايات المتحدة إلى اللعبة بقوّة"، مشيرًا إلى أن أوروبا تدعم تطوير التكنولوجيا النظيفة منذ ما قبل إقرار قانون خفض التضخم، كما هي الحال بالنسبة للصين وغيرها.

لكن دخول واشنطن على الخط "يعني أنه لكي يبقى هذا الدعم تنافسيا ينبغي مواصلته أو زيادته".

تداعيات غير مقصودة

من جانبه، لفت الباحث البارز لدى معهد "بيترسون" للاقتصادات الدولية جيفري شوت إلى أن التشريع جاء "بتداعيات غير مقصودة" عبر تقييد التجارة مع أبرز حلفاء الولايات المتحدة.

وكانت إعفاءات ضريبية للمستهلكين تصل قيمتها إلى 7500 دولار لشراء مركبات كهربائية تم تجميعها في الولايات المتحدة من بين النقاط العالقة.

ويستوجب الحصول على الإعفاء كاملا أن تتضمن بطاريات المركبات نسبة من المعادن الأساسية التي يعود مصدرها إلى الولايات المتحدة أو البلدان التي تقيم معها اتفاقيات للتجارة الحرة؛ مما يترك الاتحاد الأوروبي واليابان خارج الحسابات.

أثار الأمر حفيظة هذه البلدان في حين وسّع المسؤولون الأميركيون في نهاية المطاف الوصول إلى المساعدات المرتبطة بالمركبات النظيفة، مشيرين في مارس/آذار 2023 إلى أن الشرط المرتبط باتفاقيات التجارة الحرة يمكن أن يشمل أيضا اتفاقيات مهمة بشأن المعادن تم التفاوض عليها مؤخرا.

ويشمل ذلك اتفاقا أُبرم قبل فترة قصيرة بين اليابان والولايات المتحدة، مما يفتح الباب للحصول على مزايا من جزء من الدعم.

وقال شوت إن "جزءا من التوتر في البداية كان بسبب المراجعات الأخيرة لقانون خفض التضخم التي تمّت على عجل وعلى نحو سرّي".

وأضاف أنه بدا هناك "غياب للفهم بأن حلفاء الولايات المتحدة ليسوا جميعا شركاء لها في اتفاقيات للتجارة الحرة"؛ مما دفع وزارة الخزانة لإعادة النظر في كيفية تطبيق القانون.

وأوضح ملتزر أن الولايات المتحدة "حاولت سريعا الاستجابة لهذه المخاوف عبر التفاوض على هذا النوع من الاتفاقيات الثنائية"، في إشارة إلى الاتفاق مع اليابان والجهود الأوروبية للتوصل إلى اتفاقيات مشابهة، مؤكدا أن ذلك خفف حدة المخاوف.

شراكات وانتقال

وبينما حذّرت من مخاطر حرب في مجال الدعم، ردت كندا بإدخال حوافز مشابهة لتلك الواردة في قانون خفض التضخم.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت أوتاوا دعما يصل إلى 13.2 مليار دولار كندي (9.8 مليارات دولار) على مدى 10 سنوات لأول محطة بطاريات تابعة لفولكس فاغن في الخارج ومقرها أونتاريو.

بدورها، تأمل كبرى شركات تصنيع السيارات الكورية الجنوبية "هيونداي" إنتاج سيارات كهربائية تم تجميعها في الولايات المتحدة مؤهلة للدعم في موقع قيد التشييد في جورجيا.

وأقامت شركات كورية جنوبية غيرها شراكات مع أخرى في الولايات المتحدة لبناء خطوط تجميع تتوافق مع متطلبات قانون خفض التضخم، مثل المشروع المشترك بين "سامسونغ إس دي آي" و"جنرال موتورز" لبناء معمل لبطاريات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة.

وجاء في تحليل لـ3 خبراء اقتصاد من البنك المركزي الأوروبي في يوليو/تموز الماضي أن "قانون خفض التضخم سيفيد الولايات المتحدة عبر إنتاج إضافي وتخفيف الاعتماد الإستراتيجي في مواجهة الصين".

وأضافوا -في مقال نشره مركز أبحاث السياسة الاقتصادية- أن "الولايات المتحدة ستحقق مكاسب من تأثيرات الانتقال الإيجابية، ليزداد الإنتاج بنسبة 6 إلى 30% في المعدات الكهربائية والبصرية"، لافتين إلى أن ذلك يأتي على حساب الصين وإلى حد أقل الاتحاد الأوروبي.

وبينما يرتبط الانتقال بحصة صغيرة من إجمالي الإنتاج يمكن للخسائر في قطاعات معيّنة أن تكون أكبر.

لكن منذ التوقيع على قانون المناخ، تم الإعلان عن استثمارات صناعية جديدة بقيمة 75 مليار دولار على الأقل، حسب المحلل في مجال السياسات جاك كونيس من معهد "إبداع الطاقة.. السياسية والتكنولوجيا".

وأفاد مركز الأبحاث الأوروبي "بروغل" في تقرير هذا العام بأن حجم حزم الدعم المنصوص عليها في قانون خفض التضخم يمكن أن يكون معادلا لتلك المتاحة في أوروبا، لكن حزم الدعم الأميركية في مجال التكنولوجيا النظيفة "أبسط وأقل تشتتا".

يمكن لعوامل كهذه أن تزيد جاذبية الدعم الأميركي بالنسبة للأعمال التجارية، في وقت تواجه فيه أوروبا أيضا ارتفاعا في تكاليف الطاقة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.

وقال ملتزر "إذا كنت في قطاع طاقة مكثّفة مثل الكيماويات.. تبدو الولايات المتحدة جذابة بشكل أكبر. في رأيي، إن مجموعة أوسع من العوامل هي التي تخلق تحديات مرتبطة بالتنافسية في أوروبا".

وختم "قانون خفض التضخم جزء منها، لكنه ليس الوحيد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة فی مجال إلى أن

إقرأ أيضاً:

قانون خفض التضخم.. هل يكون هدف الجمهوريين الأول بعد فوز ترمب؟ (تقرير)

مقالات مشابهة مجانأ القنوات الناقلة مباراة مانشستر يونايتد ضد باوك اضبط التردد الآن

‏32 دقيقة مضت

موعد مباراة مانشستر يونايتد وباوك سالونيكي من يقود ” الشياطين الحمر” بعد رحيل هاغ؟

‏46 دقيقة مضت

“وزارة التعليم” تُجدد تذكير الطلاب بمواعيد التقويم الدراسي لما تبقى من العام 1446

‏53 دقيقة مضت

“وزارة التعليم” توضح خطوات معرفة درجات الطلاب في اختبارات الفصل الأول 1446 عبر نظام نور

‏57 دقيقة مضت

تسجيل الدخول نظام نور بدون كلمة سر 1446/2024.. اعرف نتيجتك الآن

‏ساعة واحدة مضت

الذكاء الاصطناعي يدعم توسع الطاقة الشمسية في أميركا

‏ساعة واحدة مضت

يقف قانون خفض التضخم الأميركي على أعتاب مرحلة حاسمة، إذ إن فوز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة قد يجعله في خبر كان، بينما كان سيستمر في حالة فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

وفي هذا السياق، يرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن الفرق بين ترمب وهاريس هو هذا القانون، الذي أقرّته الولايات المتحدة، وأصبح قانونًا عندما صوّت عليه مجلس الشيوخ بنسبة (50/50).

وأوضح أن 50 عضوًا بمجلس الشيوخ الأميركي من الديمقراطيين صوّتوا لصالح قانون خفض التضخم، و50 جمهوريًا رفضوه، وفي هذه الحالة يقول القانون الأميركي، إن نائب الرئيس بإمكانه التصويت وكسر التعادل.

وأضاف: “هذا أمر مهم جدًا، لأن قانون خفض التضخم لا يستهدف خفض التضخم على الإطلاق، رغم أن اسمه يشير إلى ذلك، لكنه بكل بساطة قانون انتقال طاقي، ويحتوي على كل سياسات التغير المناخي”.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج “أنسيات الطاقة“، قدّمها الدكتور أنس الحجي بمنصة “إكس” من أبو ظبي في دولة الإمارات، خلال حضوره فعاليات مؤتمر “أديبك 2024″، إذ جاءت تحت عنوان “هل يتعافى الاقتصاد ويرتفع الطلب على النفط والغاز بخطط التحفيز الصينية؟”.

فوز ترمب وقانون خفض التضخم

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن قانون خفض التضخم يقدّم دعمًا بمئات المليارات من الدولارات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الرياح البحرية والسيارات الكهربائية وشواحنها.

وأضاف: “تحت شعار خفض التضخم مُرِّر هذا القانون الضخم، وقد صوّتت كامالا هاريس بصفتها نائبة للرئيس الأميركي لصالح القانون، وبذلك أصبح ساريًا، لذلك هي المسؤولة تمامًا عن هذا، أو حرفيًا عن هذا القانون، وهذا هو الفارق الأساس بينها وبين ترمب”.

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال توقيع قانون خفض التضخم في أغسطس 2022 – الصورة من وكالة أسوشيتد برس

وأوضح الدكتور أنس الحجي أنه بعد فوز الجمهوريين في البيت الأبيض والكونغرس ومجلس الشيوخ، سيكون أول ما يقومون به هو إلغاء قانون خفض التضخم، رغم أن هناك معارضة من كثير من الجمهوريين وشركات النفط لإلغائه بالكامل.

وفسّر ذلك بأن هناك بعض عناصر القانون -حتى يضمن الديمقراطيون الموافقة عليه- أعطت بعض الأشياء للجمهوريين أو لشركات النفط، لكي لا تكون هناك معارضة شديدة له، ومن بينها الدعم الكبير من الحكومة الأميركية لالتقاط الكربون واحتجازه.

ولفت إلى أن شركات النفط تحاول تطوير تقنيات التقاط الكربون واحتجازه، ولكن في هذه الحالة تحصل على إعانات حكومية للتطوير بموجب قانون خفض التضخم، وهي لا تريد أن تخسر هذه الإعانات.

ومن ثم، وفق الحجي، كانت هناك مطالبات لدونالد ترمب بعدم إلغاء القانون بالكامل، وإنما الاكتفاء بأن يلغي بعض البنود الواردة فيه وليس كلها.

لماذا دعّم إيلون ماسك دونالد ترمب؟

لفت خبير اقتصادات الطاقة إلى الدعم الذي بلغ ملايين الدولارات يوميًا من جانب الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا الأميركية المتخصصة في تصنيع السيارات الكهربائية، إيلون ماسك، لدونالد ترمب، الذي تقف وراءه أسباب فكرية وأخرى مادية.

وبالنسبة للأسباب المادية، قال، إن فوز ترمب وإلغاء قانون خفض التضخم يعني أن إيلون ماسك سيحقق ثروة أكبر مما يمتلكه الآن، كما أنه سيحقق أرباحًا ضخمة، لأن شركة تيسلا لا تحصل على إعانات حكومية، ولا تتلقى أيَّا من الإعانات المليارية التي قدّمتها إدارة بايدن لشركتَي فورد وجنرال موتورز.

إيلون ماسك

إلّا أن الدكتور أنس الحجي أكد أن دونالد ترمب لا يستطيع بمفرده إلغاء القانون، لأن هناك ضرورة أن يُلغى من جانب الكونغرس ومجلس الشيوخ، ولكنه يمكنه بالتعاون مع إدارته أن يعرقل القانون.

لذلك، في حالة وقف العمل بقانون خفض التضخم، ستتوقف الإعانات التي تتلقّاها شركتا جنرال موتورز وفورد، فتعجز عن تطوير السيارات الكهربائية، ولا تتمكن من منافسة تيسلا، وهذا هو الهدف المادي الذي يعمل عليه إيلون ماسك.

وأضاف: “هناك تشابه في السياسات فيما يتعلق بموضوع الطاقة النووية، ولكن يجب التفريق بين ما يريده دونالد ترمب وما أرادته كامالا هاريس بصفتهما الفردية، وما يريده الديمقراطيون والجمهوريون بصفتهم أحزابًا”.

وتابع: “هناك أجزاء كبيرة مما يريده ترمب يعدّ إرادة جمهورية، وليست رغبته الشخصية كما يروّج الإعلام، فالحزب الجمهوري يطالب بالطاقة النووية، وهو الأمر نفسه الذي يطالب به الحزب الديمقراطي”.

الأمر الآخر، هو موضوع الغاز المسال تحديدًا، ولكن هناك أمور أبعد من الغاز، إذ إن حقيقة الأمر أن ثورة النفط والغاز الصخريين دخلت السياسة من أوسع أبوابها، وأصبحت صادرات النفط والغاز المسال جزءًا لا يتجزأ من سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وحروبها التجارية وحروبها بالوكالة، ومن ثم سيكون التركيز على صناعة النفط والغاز المسال.

دونالد ترمب

وأكد الدكتور أنس الحجي أن بعضهم يرون أن ترمب سيكون أفضل من غيره لصناعة النفط والغاز، ولكن الحقيقة أنه أسوأ رئيس مرَّ في تاريخ الصناعة، فهو يريد أسعار النفط منخفضة، والصناعة حققت في عهده خسائر ضخمة.

ومن ثم، فإنه بعد تجربة الرئيس دونالد ترمب مع دول الخليج، وتجربته كذلك مع الشركات النفطية العملاقة، من غير المتوقع أن تستجيب هذه الدول وهذه الشركات فيما يتعلق بموضوع تخفيض أسعار النفط.

نتائج فوز الجمهوريين

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن نجاح الجمهوريين في البيت الأبيض والكونغرس ومجلس الشيوخ، سيؤدي إلى تغيّر كبير، ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن على مستوى العالم عمومًا.

وبرّر ذلك بأن إلغاء قانون خفض التضخم سيؤثّر في أشياء كثيرة حول العالم، من ضمنها -مثلًا- وقف موضوع طاقة الرياح البحرية بالكامل، وهذا الأمر من شأنه أن يؤثّر في أسواق الطاقة العالمية.

وأضاف: “سيتوقف نمو السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، لذلك سيكون الطلب على النفط أعلى مما هو متوقع حاليًا، ولذلك هناك تأثيرات كبيرة لفوز ترامب، ولكن من ناحية الأسعار سيكون هناك اتجاه لخفضها”.

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن هناك آثارًا سياسية، ولكل منها انعكاسات، إذ سبق أن عبَّر ترمب مرات عديدة عن توجُّهه لوقف الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، ولكن لا أحد يعرف مدى قدرته على ذلك.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
Source link ذات صلة

مقالات مشابهة

  • قانون خفض التضخم.. هل يكون هدف الجمهوريين الأول بعد فوز ترمب؟ (تقرير)
  • ترامب: حريص على تطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين الولايات المتحدة ومصر
  • الكرملين: بوتين منفتح على الحوار مع الولايات المتحدة
  • رئيس الوزراء: مديرة صندوق النقد الدولي أكدت تفهمها لحجم التحديات التي تواجهها مصر
  • ترامب أم هاريس؟ الولايات المتحدة تختار رئيسها الـ47
  • مع بدء الانتخابات.. اعرف درجات الحرارة في الولايات المتحدة الأمريكية
  • حملات رقابية مشددة على الأنشطة التجارية للتأكد من وصول الدعم لمستحقيه بالشرقية
  • لا مجال لضغوط جديدة على المصريين.. صناعة النواب: الرئيس أكد الأولوية هي المواطنين
  • الولايات المتحدة توقع مذكرة تفاهم مع كوريا الجنوبية للتعاون في مجال الطاقة النووية المدنية
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. هل تتأثر العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟