محمد فودة يكتب: عمرو دياب ساحر الألحان.. و"ماستر سين" الأغنية الراقية
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
الاحتفال بعيد ميلاد "قاهر الزمن" تقدير لمشواره الطويل مع الموسيقى والغناء
يبث الطاقة الإيجابية بإطلالته المتجددة .. ويصنع البهجة للجميع
الحديث عن عمرو دياب .. حديث عن نجم تخطى الأشكال التقليدية وصار نجما عابراً للأجيال و"أيقونة" للفن العربي
يمتلك صوتا متفردا جعله سفيرا للفن الراقي وقصة نجاح استثنائية
تغلب على كافة المعوقات وتحول من مطرب صاعد إلى نجم عالمي
كيف غير "الهضبة" قواعد اللعبة في عالم الغناء؟
حافظ على مكانته الغنائية وتحدى كل التوقعات والتحولات التي شهدها عالم الفن
حينما أطلقت لقب "قاهر الزمن" على النجم الكبير عمرو دياب كنت أقصده بمفهومه الشامل وليس مجازًا، بل واقعا يعكس قدرته على تحدي الزمن والبقاء في القمة، وسط عالم يشهد تغيرات سريعة وتنافسًا شديدًا، استطاع الهضبة أن يحافظ على بريقه وشعبيته، وهذا ليس بالأمر السهل، فالسر يكمن في قدرته على التطور والتجديد دون أن يفقد هويته الفنية، وفي علاقته الخاصة بجمهوره الذي يعتبره جزءًا لا يتجزأ من نجاحه، وفي كل عام، ينتظر محبو الموسيقى العربية قدوم عيد ميلاد النجم عمرو دياب، ذلك الصوت الذي طالما هز المشاعر وأمتع الآذان بألحانه العذبة وكلماته المعبرة، للاحتفال بعيد ميلاده، وهو مناسبة للاحتفاء بمسيرة فنية حافلة بالإنجازات والأرقام القياسية التي جعلت منه أيقونة للفن العربي.
وعمرو دياب ليس مجرد اسم في سجل الفنانين العرب، بل هو رقم صعب في المعادلة الفنية بأكملها، حيث استطاع الهضبة أن يحجز لنفسه مكانة فريدة ومتميزة في قلوب الملايين، وبات اسمه مرادفًا للنجاح والتميز، على مدار أكثر من ثلاثة عقود، تصدر المشهد الغنائي العربي، وحافظ على مكانته كأبرز النجوم، متحديا بذلك كل التوقعات والتحولات التي شهدها عالم الفن، كما أنه ليس مجرد نجم غناء، بل هو أيقونة فنية وأحد الأعمدة الرئيسية التي يقوم عليها الفن المصري، صوته المميز وأسلوبه العصري جعلاه محط أنظار الملايين، ليس فقط في مصر ولكن في الوطن العربي بأكمله، ومع ذلك، فإن أهمية عمرو دياب تتجاوز كونه مجرد فنان محبوب، فهو يمثل رمزًا للفن المصري الأصيل، ويساهم في الحفاظ على مكانة مصر الريادية في عالم الغناء والطرب، ومن الأمور التي تميز عمرو دياب هي وطنيته العميقة وحبه الشديد لمصر، هذا الحب يتجلى في أغانيه التي تحمل في طياتها الكثير من الكلمات المعبرة عن الانتماء للوطن والتعلق بالأرض، كما أنه لا يتردد في المشاركة في العديد من الأنشطة الوطنية، مما يعكس مدى إخلاصه لقضايا بلده.
ولعل من أهم مميزات عمرو دياب هو احترامه الكبير لأذواق جمهوره المتنوعة، فهو لا يقدم نوعًا واحدًا من الموسيقى، بل يحرص على تقديم أعمال فنية متنوعة تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع، هذه القدرة على التواصل مع الجمهور وتلبية تطلعاته هي التي جعلت منه نجمًا خالدًا، ولم يكتف عمرو دياب بتقديم الأغاني الرومانسية التقليدية، بل تجاوز ذلك إلى تقديم موسيقى عصرية تجسد روح العصر، واستطاع أن يمزج بين الأصالة والمعاصرة، وأن يقدم أعمالًا فنية مبتكرة تجذب مختلف الأجيال، فموسيقى عمرو دياب كانت -ولا تزال- ثورة حقيقية على الأشكال التقليدية، حيث قدم نموذجًا جديدًا للفنان العربي الذي يواكب التطورات ويتجدد باستمرار، كما لعب عمرو دياب دورًا رائدًا في الدفاع عن الفن المصري وحمايته من هذه الهجمات، فقد كان من أوائل الفنانين الذين أطلقوا حملات للترويج للأغنية المصرية، وأكدوا على أهميتها في الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية.
ولازال عمرو دياب يدهشنى دائما بحضوره القوي وبقدرته الفائقة على صنع البهجة في نفوس محبيه وعشاق فنه الجميل وهو ما لم يأت من فراغ بل هو انعكاس طبيعي لحالة الحب التي اختار أن يعيش تفاصيلها بكل ما تحمله من بهجة، فاللقاء مع عمرو دياب يجعلنى على يقين تام بأنه بعيداً عن كونه فنانا كبيراً يتمتع بجماهيرية طاغية فهو أيضاً إنسان كبير بكل ما تحمله الكلمة من معنى وأكاد أجزم بأنه يمتلك مستودعاً من المشاعر الإنسانية الراقية يتصرف فيه كيفما يشاء، ليس هذا فحسب بل إنني على قناعة تامة أيضاً بأنه يقف فوق بئر عميقة من الأحاسيس الصادقة والحقيقية فكلما اغترف منها جزءاً من تلك الأحاسيس نجدها تتجدد بشكل لافت للنظر وتزداد أكثر وأكثر وكأن تلك الصفات النبيلة التى يتحلى بها عمرو دياب الفنان والإنسان على حد سواء لا أول لها ولا آخر، لأنها مشاعر تصدر عن القلب دون زيف أو تضليل فتدخل القلوب بلا استئذان.
وإحقاقا للحق فإن عمرو دياب نجح في تحقيق المعادلة الصعبة، ولم يكن نجم مرحلة أو مراحل، بل نجما عابرا للأجيال، منذ ألبومه "يا طريق" وحتى الآن، فمنذ بداياته وهو حريص كل الحرص على التطوير والتجديد فنجده عام 1991 يستخدم الساكسفون لأول مرة في ألبوم "حبيبى"، وفي 1994 يندمج مع الجيتار الإسبانى في ألبوم "ويلوموني"، وفي 1996 يصل للعالمية بألبوم "نور العين" الذي حطم الأرقام القياسية في المبيعات في العالم العربي، وحصل به على جائزة الميوزك أوورد (التي تمنح لأعلى مبيعات في المنطقة كل عام)، كما انتشرت أغنية نور العين في أنحاء العالم وأثارت ضجة في عديد من دول العالم مثل الهند وفرنسا وإيران والأرجنتين وتشيلي وجنوب إفريقيا، وأصبحت أشهر أغاني الرقص في صالات الديسكو في أوروبا، ومن يتابع مشوار عمرو دياب يعي جيداً أن قيمة عمرو دياب الحقيقية تتجلى في أنه يعرف جيداً مواطن القوة والثراء في الأغنية المصرية وبالتالي فهو يمتلك القدرة على كيفية الوصول إليها بكل بساطة وسهولة وينتقي أجمل ما فيها ليحتفظ دائما بشبابها من أجل أن تصل إلى الناس طازجة دافئة بدون شوائب وهذا سر قدرة أغانيه على الصمود والوقوف في وجه العديد والعديد من موجات الأغاني الهابطة، ليس هذا فحسب بل إنه نجح أيضاً وببراعة في الوصول إلى أعلى حالات الأغنية المصرية شكلا ومضمونا، فكان همه الأول والأخير هو تحديث الطرب المصري سواء من ناحية الموسيقى أو اختيار الكلمات الراقية التي تعبر عن شباب مصر في تطوير دائم ولهذا فهو يفاجئنا دائماً بكلمات أغانيه التي تصل لكل المحبين الذين يشعرون بأنه يعبر عنهم ويجسد على أرض الواقع ما يعيشونه بالفعل من قصص حب، ليس هذا فحسب بل إنه يمتلك القدرة أيضاً على أن يجعلنا نعيش معه في حالة حب دائم خاصة أن أغانيه تمثل بشكل حقيقي العشق والوداع والفراق، لدرجة أننا يمكننا أن نعتبره "ساحرا" لا يتوقف عند نجاح أو يرضى بأى تألق، فأصبح وعن جدارة يمثل حالة خاصة جداً نسجها لنفسه بنفسه فحينما قدم منذ عدة سنوات أغنيته الشهيرة «أنا مهما كبرت صغير» كأنه كان يعبر من خلالها عن شخصيته الحقيقية وعن حرصه على أن يظل كبيراً في ساحة الغناء ولكن بروح شبابية فتلك الأغنية تتناسب بالفعل مع شخصيته وملامح وجهه فحينما تراه وجها لوجه وتتحدث إليه فإنه يبدو كأنه ما زال شابًا صغيرًا في قمة تألقه وحيويته بابتسامته الصافية النقية وأعتقد أن لياقته البدنية كانت أحد أهم أسباب هذا التألق، فهو منذ بداياته ظل حريصًا كل الحرص على التغيير المستمر في الأغنيات التي يقدمها لجمهوره مع التركيز على إضافة كل ما هو جديد إلى الموسيقى والأغاني والكليبات التي يقدمها، مما كان له عظيم الأثر في أن تسهم هذه الصفات وبشكل كبير في تأهيله للحصول على جوائز عالمية.
وللحق فإن عمرو دياب سيظل رمزًا للفن المصري الأصيل،وإرثه الفني سيبقى خالداً عبر الأجيال، فهو لم يقدم لنا مجرد أغانٍ جميلة، بل قدم لنا نموذجًا للفنان الوطني المخلص الذي يضع فنه في خدمة وطنه وشعبه، عمرو دياب ليس مجرد مطرب، بل هو مايسترو حقيقي يقود فرقته الموسيقية بكل احترافية وإتقان، استطاع أن يبني لنفسه فريق عمل متكاملا يساعده على تقديم العروض الحية المميزة والحفلات الضخمة التي لا تُنسى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عمرو دیاب ا للفن
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: البابا فرنسيس.. رحيل رجل السلام وصوت الضمير الإنساني
برحيل البابا فرنسيس، يطوي العالم صفحة أحد أهم الرموز الدينية والإنسانية في العصر الحديث، رجل تجاوز حدود الكنيسة الكاثوليكية ليصبح ضميرًا أخلاقيًا عالميًا، وصوتًا صريحًا في الدفاع عن الفقراء، والمهمشين، وضحايا الظلم والإقصاء، ومبادرًا حقيقيًا في تعزيز الحوار بين الأديان، وخاصة مع العالم الإسلامي. كان البابا فرنسيس ـ خورخي ماريو برغوليو ـ القادم من الأرجنتين، هو أول بابا من خارج أوروبا منذ أكثر من ألف عام، وأول من اختار أن يحمل اسم “فرنسيس”، تيمنًا بالقديس فرنسيس الأسيزي، رجل السلام والبساطة والفقر الطوعي، ليجعل من هذا الاسم مشروع حياة، لا مجرد رمز.
لم يكن حضوره الكاريزمي وليد البروتوكول أو المناصب، بل كان نتيجة حقيقية لما اختطه لنفسه من التزام روحي عميق تجاه الإنسان، بغض النظر عن عرقه أو دينه أو طبقته الاجتماعية. اختار أن يغيّر صورة البابوية منذ اللحظة الأولى لانتخابه عام 2013، حين تخلى عن الإقامة في القصر الرسولي واختار بيت القديسة مرتا، وأطل على الناس من شرفة الفاتيكان طالبًا منهم أن يصلّوا له قبل أن يمنحهم هو البركة. هذا التحول لم يكن مجرد إشارة رمزية، بل كان تعبيرًا عن قناعة راسخة أن الزعامة الروحية لا تُقاس بترف السلطة، بل بالقدرة على الإنصات للآخر، لا سيما المنسيين على هوامش العولمة.
البابا فرنسيس أعاد تعريف مفهوم القيادة الدينية في زمن تعاظمت فيه الهويات المغلقة وتصاعدت فيه موجات الكراهية. اختار أن يكون صانع جسور لا باني جدران، وكرّس جزءًا كبيرًا من رسالته لتعزيز ثقافة الحوار مع المسلمين، إدراكًا منه أن المستقبل الإنساني مرهون بالخروج من منطق التصادم إلى أفق التعارف والتعاون. لم يكن ذلك مجرد خطاب ديبلوماسي يقتضيه المنصب، بل رؤية لاهوتية وإنسانية متجذرة في فهمه للمسيحية بوصفها دعوة للسلام العالمي.
من أبرز تجليات هذه الرؤية توقيعه وثيقة “الأخوة الإنسانية” مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في أبوظبي سنة 2019، في لحظة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الإسلامية-المسيحية، حيث وُضعت للمرة الأولى وثيقة مشتركة تُقرّ بحق الجميع في المواطنة الكاملة، وتدين العنف باسم الدين، وتدعو إلى حماية دور العبادة لكل الأديان. كان البابا في هذه الوثيقة يتحدث بلغة الحقوق لا المجاملة، بلغة الإنسان لا المؤسسة، بلغة من أدرك أن الأديان ليست مشكلة العالم بل يمكن أن تكون جزءًا من الحل.
ولم تكن هذه الوثيقة إلا محطة من محطات متعددة في مسيرته نحو ترسيخ ثقافة الحوار والتقارب، ومن أهمها زيارته التاريخية إلى المملكة المغربية سنة 2019، حيث التقى بالملك محمد السادس، أمير المؤمنين، في لحظة لافتة تعانق فيها البعدان الديني والسياسي، على أرض مشبعة برمزية التسامح الديني عبر التاريخ. فقد جسّد هذا اللقاء تأكيدًا على المشترك الإنساني بين الإسلام والمسيحية، وتعزيزًا لمبدأ إمارة المؤمنين كمرجعية دينية ضامنة للحرية الدينية والعيش المشترك. وتميزت هذه الزيارة بالإعلان المشترك للبابا والملك عما عُرف بـ”إعلان الرباط حول القدس”، الذي أكد على الأهمية الدينية والحضارية للقدس بوصفها مدينة للسلام، ومهدًا للديانات السماوية الثلاث، ودعا إلى صيانة خصوصيتها التاريخية والثقافية، ورفض كل الإجراءات الأحادية التي تمس هذا الوضع.
كان هذا الإعلان ثمرة قناعة عميقة بأن حماية القدس لا تهم الفلسطينيين وحدهم ولا المسلمين أو المسيحيين فقط، بل هي مسؤولية أخلاقية لكل الضمائر الحية، ولكل المؤمنين بوحدة المصير الإنساني. لقد جاء البيان بلغة سياسية ناعمة لكنها صارمة في تأكيد الحق والعدل، وهو ما أضفى على زيارة البابا للمغرب طابعًا يتجاوز المجاملات البروتوكولية إلى رسم خط أخلاقي واضح في قضايا العدل والحقوق.
زيارة البابا إلى العراق ولقاؤه بالمرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني في النجف، كانت بدورها علامة فارقة في هذا المسار، حيث لم يذهب إلى العراق من أجل الصورة، بل من أجل الموقف، في بلد جُرِح طويلًا بالحروب والانقسامات الطائفية. حمل رسالته ذاتها: أن لا سلام دون اعتراف متبادل، ولا تعايش دون احترام كرامة كل إنسان. وهكذا رسم البابا بخطواته المتزنة والمتأنية خريطة أخلاقية للعلاقات الإسلامية-المسيحية، تتجاوز السياسة إلى بناء جسور روحية حقيقية.
إن ما يميز شخصية البابا فرنسيس في هذا المجال ليس مجرد انفتاح ديبلوماسي ولا مبادرات مجاملة موسمية، بل قناعة فكرية وروحية أن الحوار مع المسلمين ليس خيارًا بل ضرورة، ليس سياسة بل إيمان. في كل خطاباته عن العلاقة مع الإسلام كان يصر على استخدام تعبير “إخواننا المسلمين” وليس “الآخر”، وهو اختيار لغوي يحمل في طياته قطيعة مع الخطاب الكنسي الكلاسيكي، ويُعيد ضبط اللغة على مبدأ الأخوة الكونية لا الصراع الحضاري.
وقد كان البابا فرنسيس من القلائل الذين امتلكوا شجاعة الإدانة الصريحة لكل مظاهر الإسلاموفوبيا، بما في ذلك حرق المصحف أو التعدي على المقدسات الإسلامية، واعتبر هذه الأفعال خيانة لجوهر الإيمان المسيحي ذاته، لأنها تناقض رسالة المحبة التي دعا إليها الإنجيل. بهذا الموقف الصارم، لم يُهادن التطرف في أي جهة، بل وضع حدودًا واضحة بين الحق في التعبير والاعتداء على كرامة الآخرين.
اللافت أن انشغال البابا بالحوار الإسلامي-المسيحي لم يكن على حساب القضايا الأخرى، بل كان جزءًا من منظومة فكرية أوسع ترى أن الإنسان هو محور كل التزام ديني، سواء أكان ذلك في قضايا اللاجئين، أو البيئة، أو العدالة الاجتماعية. فلطالما ربط بين الاقتصاد غير العادل، والظلم الاجتماعي، وتفكك العلاقات الإنسانية، وكان يرى أن الأزمة الأخلاقية في العالم المعاصر ليست إلا نتيجة لفقدان البوصلة الروحية التي تهتدي بقيم الأخوة والرحمة.
ورغم أن فترة بابويته لم تخلُ من الانتقادات، خاصة من بعض الدوائر المحافظة داخل الكنيسة الكاثوليكية، فإن ذلك لم يدفعه إلى التراجع عن قناعاته، بل ظل وفيًا لرؤيته أن الانفتاح على الآخر لا يهدد الهوية بل يطهرها من الانغلاق، وأن قوة الإيمان لا تقاس بعلو الصوت بل بقدرة صاحبه على أن يكون جسرًا بين المختلفين.
برحيله، يفقد العالم أحد أبرز صانعي السلام الحقيقيين، ويفقد المسلمون صديقًا صادقًا سعى جادًا إلى أن يجعل من الحوار معهم خيارًا دائمًا لا طارئًا. البابا فرنسيس لم يكن زعيمًا دينيًا فحسب، بل كان معلمًا أخلاقيًا عالميًا أدرك أن البناء المشترك للحضارة الإنسانية لا يكون إلا على أسس من الاحترام المتبادل، والتعاون، والاعتراف بالكرامة المشتركة لكل البشر.
لقد ترك إرثًا لن يموت بموته، بل سيظل علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين الأديان، وشاهدًا على أن في هذا العالم قلوبًا لا تزال تؤمن أن الكلمة الطيبة أقوى من الرصاصة، وأن اليد الممدودة أقوى من الجدار المشيد، وأن الإيمان الحقيقي لا يُقاس بعدد الشعائر بل بقدر ما يحمله من حب للإنسان وخدمة للحياة.