من الساحات إلى الصواريخ والمسيرات.. طوفان أقصى جديد بإسناد يمني والاحتلال يعترف بالهزيمة في الذكرى الأولى
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
عبده حسين:
تشهد العاصمة صنعاء وعموم المحافظات اليمنية، مسيرات أسبوعية متواصلة، إسناداً لملحمة طوفان الأقصى، وسط إشادات فلسطينية بجبهة اليمن وضرباتها الصاروخية التي شكلت نقلة نوعية للمقاومة الفلسطينية واللبنانية دفعتها للكشف عن طوفان جديد، تزامناً مع اعتراف الاحتلال الإسرائيلي بالهزيمة عشية الذكرى الأولى لانطلاق العملية التي تشارك فيها القوات المسلحة اليمنية منذ الشهر الأول، والتي نجحت بفرض حصار بحري شبه تام على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، واقتربت من طي صفحة “أسطورة الدفاعات الإسرائيلية” إلى الأبد.
وقد خرجت مسيرات مليونية في صنعاء والمحافظات إحياء للذكرى الأولى لانطلاق عملية “طوفان الأقصى” تحت شعار “طوفان نحو التحرير”، تأكيدا على مضي الشعب اليمني قدماً في مواجهة الأعداء وإسناد المقاومة والشعب الفلسطيني حتى النصر.
وجددت الحشود المليونية الوفاء للقادة الشهداء والتأكيد على الاستمرار في الموقف الإيماني والأخلاقي وتحملها المسؤولية الدينية العظيمة أمام الله في نصرة غزة وفلسطين ولبنان وتحرير المقدسات الإسلامية من دنس اليهود الصهاينة.
وهتفت بعبارات النفير والصمود وتأييد المقاومة والفخر والاعتزاز بعملية “طوفان الأقصى” التاريخية التي نفذها أبطال ومجاهدو المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر العام الماضي، والتي زلزلت وأرعبت كيان العدو الصهيوني الغاصب، وكشفت هشاشته وأكدت أنه أوهن من بيت العنكبوت.
وأكدت الحشود أن عملية طوفان الأقصى المباركة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن حاول العدو الصهيوني والأمريكي وعملاؤه من أنظمة التطبيع والخيانة، تغييبها وطمسها خلال السنوات الماضية.
وحيت الحشود، الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، والانتصارات والملاحم البطولية التي يسطرها المجاهدون في غزة والضفة والأراضي المحتلة والتي صنعت تحولاً كبيراً في مسار القضية الفلسطينية، وأفشلت كل مؤامرات ومخططات أعداء المسلمين.
واستهجنت استمرار التخاذل العربي والإسلامي ومواقف الخزي والعار للمطبعين والمتواطئين مع العدو الإسرائيلي ومن يقفون في صفه أو يناصرونه، وكذا صمت وخنوع بعض الشعوب العربية تجاه غزة وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم وحرب إبادة لم يشهد لها التاريخ مثيلا.
كما رددت الجماهير، الشعارات المؤكدة على ثبات واستمرار موقف الشعب اليمني في مناصرة والدفاع عن قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى والتي ستظل القضية الأولى والمحورية لأبناء يمن الإيمان والحكمة.
وأشارت إلى أن الخروج المليوني للشعب اليمني يأتي استجابة لدعوة الأخوة في حركة المقاومة الإسلامية حماس، والتأكيد على الوقوف الكامل والمستمر إلى جانب حركات المقاومة ومساندتهم بكل الوسائل حتى تحقيق النصر.
وخلال المسيرة أكد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أن عملية “طوفان الأقصى” الأسطورية غيرت المعادلة وقدمت غزة خلالها نموذجا مشرفا في تاريخ الأمة لم يحدث منذ 100 عام.
وأشار إلى أن أبناء فلسطين في خندق المواجهة الأول ولم يكونوا يوما خانعين أو متراجعين، أو متخاذلين ولم ترهبهم القنابل الأمريكية ولا الحصار الإسرائيلي.
ولفت الحوثي إلى أن محور القدس يعلم أن أمريكا وبريطانيا ودول الغرب تدعم كيان العدو الصهيوني، وأمريكا تعترف أنها مع ذلك الكيان.
وحيا الشعب الفلسطيني الذي ظل صامدا ثابتا رغم الحصار والعدوان والإجرام.. كما حيا المجاهدين في حركات المقاومة الفلسطينية الذين وقفوا وقفة الرجال الأبطال في وجه الكيان الصهيوني.
وأشاد بدور المقاومة الاسلامية في لبنان ومجاهدي حزب الله وتضحياتهم من أجل فلسطين.. مشيداً بما تقوم به المقاومة الإسلامية في العراق من دور كبير من أجل فلسطين.
كما حيا أبطال القوات المسلحة اليمنية.. متوعداً كيان الاحتلال: “ستأتيكم الصواريخ الفرط صوتية في قادم الأيام زخات متتالية لتذوقوا ما ذاقه أبناء فلسطين ويافا”.
أبو عبيدة يشيد بجبهة اليمن
يأتي ذلك في وقت جدد فيه الناطق الرسمي باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، الإشادة بموقف الشعب اليمني المناصر لغزة.
وقال أبو عبيدة في خطاب بمناسبة الذكرى الأولى لانطلاق معركة طوفان الأقصى:” نقدر جبهة اليمن المباركة التي يقودها إخوان الصدق أنصار الله ونثمن الحضور الجماهيري المليوني الذي لم يتوقف منذ عام”.
وأشار إلى أن “مسيّرات اليمن والعراق تتجول في سماء فلسطين المحتلة وتضرب العدو وتكبده خسائر كبيرة”.
وطالب أبو عبيدة ” علماء الأمة إلى بيان فريضة الجهاد ضد عدو الأمة، وتجاوز مرحلة الإدانة اللفظية، ونقول لهم هل تنتظرون خبر هدم المسجد الأقصى المبارك -لا سمح الله-؟”.
ودعا إلى “إطلاق أكبر حملة عربية وإسلامية ودولية لإسناد الشعب الفلسطيني، وإلى أكبر هجوم سيبراني ضد العدو من خبراء الحرب الإلكترونية”.
نقلة يمنية في تاريخ الطوفان
وفي ذات السياق، أشاد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية فيها، خليل الحية، بالعمليات اليمنية المستمرة في دعم غزة، تزامناً مع مرور عام على مشاركة صنعاء في معركة طوفان الأقصى.
ووجه الحية في خطاب متلفز، التحية “لإخواننا في اليمن الثائر المقاتل حيث شكلت ضرباتهم نقله نوعية في تاريخ المعركة فضلا عن المسيرات التي كانت الأضخم في التضامن مع شعبنا وكانت أقوالهم أفعالاً “.
كما وجه التحية لجبهات الدعم والإسناد بينها ” العراق، وإخواننا في المقاومة في لبنان الذين انخرطوا في المعركة منذ اليوم الأول”.
من جهته، وجه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة ” التحية لإخواننا في اليمن ودورهم المميز في إسنادهم لشعبنا ومقاومته وفي مقدمتهم السيد القائد عبد الملك الحوثي”.
نجاح يطال عمق الكيان
وللمرة الرابعة على التوالي، نجحت القوات المسلحة اليمنية في قصف عمق الكيان الصهيوني “تل أبيب”، متجاوزة أكثر من 2040 كيلومتر، دون أي اعتراض من قِبل الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية والفرنسية المنتشرة على طول المسافة؛ على الرغم من حالة الاستنفار العالية للأمريكي والإسرائيلي، حيث أن الضربات جاءت عقب تهديدات صنعاء رسمياً بقصف العمق الإسرائيلي، والمستوطنة الأكثر تحصيناً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمقر الدفاعي الأول والمتقدم لقادة الاحتلال وجنرالات الدم والبطش التي تدير وتشرف على مذبحة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، ما قد يضع المنطقة أمام تحولات نوعية وضربات إستراتيجية قاصمة تعصف بمختلف التوازنات الإقليمية وتقلب قواعد الاشتباك رأساً على عقب.
وفي السياق، أكد مسؤول عسكري مصري سابق، أن عملية استهداف طائرة “يافا” اليمنية، “تل أبيب ” مثلت أقوى صفعة لإسرائيل عقب طوفان الأٌقصى.
وقال الرئيس الأسبق لهيئة البحوث في وزارة الدفاع المصرية اللواء سمير فرج، إن عملية استهداف طائرة “يافا” اليمنية البرج الذي تقع فيه السفارة الأمريكية في ” تل أبيب” مثلت صفعة مؤلمة لإسرائيل، خاصة أنها اجتازت أكثر من 2000 كيلو متر ولم تكتشفها الرادارات الإسرائيلية.
وأضاف: خرجت الطائرة من اليمن وحلقت فوق إريتريا والسودان وتشاد وليبيا قبل أن تحلق فوق البحر الأبيض المتوسط وتصل إلى “تل أبيب” بعد 10 ساعات من التحليق وعلى متنها 50 كيلو من المتفجرات.
وأكد أن العملية من حيث دقتها أبهرت الجميع، كونها وصلت إلى هدفها متجاوزة كل الدفاعات الجوية.
اعتراف بالهزيمة لأول مرة
في غضون ذلك، اعترف الاحتلال الاسرائيلي، بالهزيمة لأول مرة في تاريخه عشية حلول الذكرى الأولى لطوفان الاقصى.
ودعا رئيس الاحتلال اسحاق هورتسوغ، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام عبرية في خطاب صباحي، العالم لمساعدته في المعركة التي تخوضها.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الاحتلال التي يدعو فيها لمساعدته بعد أن ظل لعقود يستعرض بتفوقه العسكري.
ويكشف توقيت الدعوة عن أن الاحتلال يعيش بمأزق كبير في ضوء المتغيرات التي طرأت منذ طوفان الاقصى في السابع من أكتوبر الماضي.
وفشل الاحتلال، رغم وتيرة قصفه وجرائم الابادة من تحقيق أبسط الأهداف المعلنة، في حربه على غزة في حين لا تزال المقاومة الفلسطينية تمسك بزمام الأمور هناك.
يأتي ذلك فيما أقر وزير الحرب السابق في حكومة الاحتلال “موشيه يعلون”، بعجز القوات الإسرائيلية عن خوض أي مواجهة برية مع مقاتلي المقاومة الإسلامية في لبنان.
وقال يعلون في تصريحات، إنهم لا يملكون” أفضلية عند القتال وجهاً لوجه أمام مقاومي حزب الله”.
وكان ضابط احتياط في “جيش” الاحتلال الإسرائيلي، تم استدعاؤه من أجل القتال في الشمال ضد حزب الله، أكد أن “الجيش لا يملك ما يكفي من الرجال أو الدبابات لتنفيذ عملية كبيرة في لبنان”، وفقاً لما نقلته عنه مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية.
وفي سياق متصل، أكد حزب الله، أنهم أحصوا خلال الأيام القليلة الماضية، منذ إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عمليته البرية باتجاه قرى جنوب لبنان، مقتل أكثر من 25 ضابطًا وجنديًا في صفوف نخبة الاحتلال، وإصابة أكثر من 130 آخرين.
وأشار حزب الله إلى أن هذه الأرقام اعترف الجيش الإسرائيلي ببعضها، والأيام القادمة ستكشف ما أخفاه عن جمهوره.
بدورها بدأت المقاومة اللبنانية، نقل المعركة إلى المستوطنات الحدودية في فلسطين المحتلة في تطور جديد للمواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي.
وشهدت مستوطنة دوفيف اشتباكات عنيفة، وفق تقارير صحفية.
واعترف جيش الاحتلال بحدوث تسلل إلى المستوطنة زاعما مقتل اثنين من عناصر حزب الله خلال المواجهة.
وهذه المرة الأولى التي يحدث فيها اختراق لمستوطنات الاحتلال من قبل حزب الله منذ سنوات، في توقيت يشير إلى قرار المقاومة تنفيذ طوفان أقصى جديد على الجبهة الشمالية خصوصا وأنها تزامنت مع الذكرى الأولى لطوفان الاقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية جنوب الاحتلال.
والعملية الجديدة لحزب الله والتي تزامنت مع قصف صاروخي مكثف طال حيفا وطبريا والجليل الغربي تنسف ادعاءات الاحتلال التي سوقها منذ بدء هجومه البري على لبنان قبل نحو اسبوعين وزعم فيها اجتياح قرى حدودية لبنانية؛ إذ تشير إلى تراجع الاحتلال مع تقدم للمقاومة.
تفاصيل الساعات الأولى للملحمة
وكانت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، كشفت تفاصيل الساعات الأولى لملحمة طوفان الأقصى.
وقالت القسام في بيان، إن ” الساعة 6:25 من صباح السبت السابع من أكتوبر 2023، شهدت تنفيذ هجوم منسق ومتزامن بين كافة تخصصات وأسلحة كتائب القسام براً وبحراً وجواً على أكثر من 50 موقعاً في فرقة غزة والمنطقة الجنوبية بجيش الاحتلال”.
وأوضح البيان أن ” الهجوم تم تحت غطاءٍ صاروخيٍ مكثف استهدف المواقع العسكرية والمستوطنات ومنظومات القيادة والسيطرة لدى العدو “، مبيناً أنه “بلغ عدد صواريخ القسام في الضربة الأولى 5500 صاروخ وقذيفة”.
وأشار إلى أن القسام دمرت واستهدفت 1592 آلية عسكرية للاحتلال خلال معركة “طوفان الأقصى” حتى الآن، تنوعت بين دبابة وناقلة جند وجرافة عسكرية، إضافة إلى استهداف مقرات تجمع وتحصن الجنود.
وأضاف البيان” اعترف العدو بمقتل 726 ضابطًا وجنديًا له، ونواصل كتابة التاريخ وتسديد الضربات للقوات المتوغلة في قطاع غزة لإجبارها على التراجع ودحرها عن أرضنا المباركة”.
يأتي ذلك فيما، كشف معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، أن عدد المصابين في “إسرائيل” خلال سنة من الحرب تجاوز 19 ألفا.
وقال المعهد الإسرائيلي في تقرير إن عدد مصابي جيش الاحتلال خلال سنة من الحرب وصل إلى 4590 منهم 695 جروحهم خطرة.
وكان جيش الاحتلال أقر بمقتل أكثر من 715 منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 41.638 شهيدا نحو 60% منهم أطفال.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، استشهاد 2083 وإصابة 9869 منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان.
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي المقاومة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الذکرى الأولى جیش الاحتلال طوفان الأقصى أبو عبیدة فی لبنان فی تاریخ حزب الله تل أبیب أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
وحدة الساحات وتعدد الجبهات
لا يماري أحد في الفرق الهائل بين إمكانات العدو وداعميه وإمكانات المقاومة المحاصرة في غزة وداعميها، هذا الفارق هو الذي يعظّم الإنجاز الذي حققته المقاومة سواء بصمودها في الميدان أو بثباتها على أهدافها وإرغامها العدو على النزول إلى شروطها.
تمثلت عبقرية المقاومة في أمرين:
الأول: العمل على وحدة الساحات، فلأول مرة يجد العدو نفسه يصد هجمات قادمة من لبنان وتصيبه مسيّرات قادمة من العراق ويفاجأ بجبهة مفتوحة من اليمن على بعد آلاف الأميال تحاصره من الجنوب، ويضطر إلى طلب النجدة من أمريكا لصد الهجوم القادم من إيران.
الثاني: أن المقاومة رغم ضعف إمكاناتها ورغم حصارها أدركت أن مواجهتها مع العدو هي مواجهة في جبهات كثيرة لا بد أن تعمل فيها جميعا. فالعدو يمتلك التفوق العسكري عددا وعتادا، والتطور التكنولوجي الذي جعل الكيان مصدرا للبرمجيات ومتعاونا ومشاركا لمعظم مراكز الأبحاث والجامعات حول العالم، وهو ما كشف عنه الحراك الطلابي في أمريكا وأوروبا.
والعدو يمتلك أجهزة من أعتى أجهزة المخابرات والمعلومات والتجسس على مستوى العالم، ويتعاون ويتبادل المعلومات مع أجهزة الدول الكبرى والإقليمية.
والعدو يسيطر على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الأوروبية والأمريكية ومن خلالها روج لأكاذيب لا يصدقها عقل؛ من قبيل أن هذا الكيان واحة للديمقراطية وسط غابة من الأشرار والوحوش، وأنه يبحث عن السلام ولكن العرب الإرهابيين يرفضون، وأن الفلسطينيين يعتدون على المستوطنين المساكين، في سردية طويلة عمل عليها وترسخت لعقود من الزمان.
وهناك الجبهة الداخلية أو الحاضنة الشعبية التي سيقع عليها عبء إجرام العدو وإمعانه في القتل والتخريب. هذه الجبهة الأخيرة عملت عليها المقاومة حتى ارتبط معظم أهل غزة بمشروع المقاومة والتحرير، وكان الأساس في هذا هو التكافل الإسلامي والسعي في حوائج الناس وارتباط الجميع بالمساجد وحلقات حفظ وسرد القرآن.
أما جبهة التطور التكنولوجي والعسكري، فقد سعت المقاومة للتزود بكل ما تستطيع من وسائل القوة وسعت إلى التصنيع الذاتي فأقامت ورشها ودربت أجيالا، وفي نفس الوقت فإن هذا التفوق للعدو يركن إليه ويقل اعتماده على المجهود البشري هربا من التكلفة البشرية للحروب.
كانت النتيجة أن المقاومة امتلكت أسلحة بسيطة ولكنها مؤثرة واشتهرت قذائف الياسين و"تي بي جي" ومسيرات الزواري وعبوات ثاقب والشواظ والعبوة الرعدية والتلفزيونية والبرميلية، حتى إذا كانت المواجهة البرية رأينا دبابات الميركافا وحاملة الجنود النمر تحترق في الميدان وتخرج عن الخدمة.
أما على جبهة الاستخبارات والمعلومات فقد بذلت المقاومة جهدا كبيرا:
1- على مدار عقود من الزمان وقبل انتفاضة الحجارة في نهاية الثمانينات التي أظهرت خطورة الجواسيس وعملاء الكيان وأدت إلى استشهاد عدد كبير من القادة، مما جعل المقاومة تتابع مجموعات التجسس ولا تتسامح معها مطلقا فطهرت القطاع منهم، وكانت النتيجة أن العدو فقد عينه التي يرى بها غزة وفقد أصابعه التي يعيث من خلالها الفساد.
2- التصدي لكل محاولات جيش العدو لزراعة أجهزة تجسس في غزة وإفشالها على النحو الذي حدث في 2018، عندما اكتشفت المقاومة سيارة للعدو بها كل التجهيزات واشتبكت معها مما اضطر طيران العدو للتدخل لإنقاذ القوة المتسللة التي قتل قائدها وأصيب آخر، ودمر طيران العدو السيارة واستشهد 7 من المقاومة منهم القائد نور بركة.
3- عملت المقاومة مئات المواقع الوهمية على وسائل التواصل واصطادت من خلالها مئات وآلاف الجنود والضباط، واخترقت هواتفهم وحواسيبهم وحضرت اجتماعاتهم.
4- جرت محاولات عديدة لتعطيل عمل القبة الحديدة، وظهر ذلك عندما أنقذت المخابرات التركية الشاب الفلسطيني الذي اختطفه الموساد في ماليزيا لأنه ساهم في فك شفرات القبة الحديدية.
5- اكتشاف أجهزة تنصت زرعها العدو داخل قطاع غزة وتركها تعمل مع إرسال رسائل خاطئة لتضليل العدو. أثمر عمل المقاومة في هذا المجال أن العدو بنى استراتيجيته على أن حماس غير معنية بالحرب وأنها تريد تحسين الأحوال المعيشية في القطاع، ومن هنا كانت المفاجأة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
حرب العقول هذه ما زالت تعمل حتى الآن وفشل العدو في مواجهتها رغم ما يملك من إمكانات، حتى إنه لم يكتشف أن السنوار كان يقاتل فوق الأرض من المسافة صفر ولم يكن في الأنفاق ويحمي نفسه بالأسرى كما قالوا، وأن قائد كتيبة بيت حانون الذي أعلن العدو مقتله قبل ثمانية أشهر ما زال مع رجاله في الميدان.
يزيد من قيمة ما عملته المقاومة في هذا المجال أنها كانت تواجه ليس مخابرات العدو، وإنما معها مخابرات بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وربما أجهزة الدول المحيطة بالقطاع.
كانت النتيجة أن اعترف العدو بالفشل وعاد يبحث عن الصفقة وتشير التقديرات إلى هروب مليون مستوطن إلى الخارج، أما شعب غزة الذي أبهر العالم وأفشل مخططات الاحتلال فما يزال متشبثا بأرضه مقيما على انقاضها عازما على إعادة بنائها وإعمارها. أما عن المواجهة الإعلامية والمواجهة في الجبهة الأخلاقية فلها حديث آخر.