اقتصاد الحرب والسيسي الذي لا يحارب
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
أعلن مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية منذ يومين أن بلاده على وشك إعلان ما يعرف باقتصاد حرب لمواجهة التحديات الإقليمية التي ستنتج عن اتساع دائرة الحرب في المنطقة.
مدبولي بشر المصريين بإجراءات اقتصادية قاسية تحت عنوان اقتصاد حرب، وعلل ذلك بأن الظروف ستكون خارجة عن إرادة النظام الحالي فيما يتعلق بإمادادات الغاز والوقود واحتياطي النقد الأجنبي في البلاد.
ما هو اقتصاد الحرب وما هي إجراءاته؟
عرف العالم هذا المصطلح في الحرب الأمريكية الأولى ثم اعتاد على التأقلم معه إبان الحرب العالمية الأولى ثم الثانية.. وظهر ذلك جليا في خطاب للرئيس الأمريكي آنذاك فرانلكين روزفلت الذي قال إن قوات التحالت حال انتصارها يجب أن تتحول لقوة عسكرية تعتمد على استراتيجية اقتصادية أسماها اقتصاد الحرب.
الفكرة باختصار أن تتحول الدولة بموازناتها ومواردها وكل ما تملك إلى بناء الجيش وجعمه بالمال والسلاح والعتاد لمواجهة الخطر المحدق بالبلاد ولا يعلن هذا الأمر إلا في حالة دخول البلاد في حالة حرب أو تأثرها بحروب في محيطها الإقليمي بشكل مباشر.
رفعت الحكومة أسعار الخدمات الأساسية من كهرباء ووقود ومواصلات، كما قلصت الدعم الحكومي لملايين المصريين، أغلقت المصانع وطرحتها للبيع ما قلل من إمكانية اعتمادها على الإنتاج المحلي وتقليص الاستيراد لتوفير عملة صعبة. الدولة التي تعلن اقتصاد الحرب تتخذ خطوات تقشف لضبط الإنفاق مثل فرض قيود داخلية وتقنين السلع الأساسية وتشديد العقوبات على مخالفتها كما تفرض الدولة حزمة جديدة من الضرائيب بهدف زيادة الحصيلة الضريبية المفروضة على الشعب وفرض أسعار جبرية استثنائية على بعض السلع وتقنين توزيع المواد البترولية وتقليص النفقات المدنية وقرض اجراءات تقشفية وتوجيه الأولوية لزيادة الإنتاج المحلي ووقف التصدير قدر المستطاع لتوفير ما يكفي من احتياطي نقدي من العملة الأجنبية.
عرف الشعب المصري اقتصاد الحرب وعايشه بعد نكسة الخامس من يونيو عام 1967، فقد دمرت إسرائيل وقتها ما يقارب 80% من البنية الأساسية للجيش المصري وأضرت بقناة السويس بشكل كبير ما تطلب إعادة بناء القوات المسلحة المصرية من الصفر وإعلان اقتصاد الحرب بهدف توجيه الموازنة العامة للدولة المصرية باتجاه دعم الجيش وشراء أسلحة جديدة وتشجيع الشعب على دعم ومساعدة جيشه عبر تبرعات شعبية على نطاق واسع.
لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
شعار وطني رفعته الحكومة المصرية بعد نكسة يونيو 1967، فاتخذت إجراءات تقشفية كبيرة وشجعت المصريين على التبرع لدعم المجهود الحربي، ثم أعلن رئيس الوزراء المصري عزيز صدقي في فبراير 1973 قبل حرب أكتوبر بعدة أشهر ما أطلق عليه ميزانية المعركة لدعم تسليح الجيش المصري.
عند نشوب حرب أكتوبر 1973 طبقت الحكومة تلك الخطة مع إطلاق "سندات الجهاد"، وهى شهادات استثمارية الهدف منها دعم الدولة والقوات المسلحة خلال الحرب وتم طرحها للمواطنين في جميع البنوك، بلغت حصيلة تلك السندات بعد شهر واحد فقط من بدء الحرب 7 ملايين جنيه وفى وقت لاحق من العام نفسه أعلنت الحكومة أن الاكتتاب في "سندات الجهاد" إجبارى، باستثناء محدودي الدخل من المواطنين.
الواقع الحالي وما تريد الحكومة المصرية تطبيقه لا يتناسب مع مفهوم اقتصاد الحرب ، فالنظام الحالي لن يحارب أحدا ولن يخوض حربا لا دفاعا عن أرض أو حماية لحدود وقد أثبتت سنوات السيسي العجاف صحة هذه الرؤية من تنازل عن مياه النيل لاثيوبيا وبيع تيران وصنافير للسعودية والدور السلبي في السودان حتى وصل الأمر لتهديدات مباشرة من قائد مليشيا الدعم السريع للجيش المصري.
لم يختلف الأمر كثيرا مع إسرائيل التي احتلت محور فلادلفيا وخالفت اتفاقية السلام وسيطرت على معبر رفح وقتلت الجنود المصريين على الحدود الشرقية ولم يتحرك السيسي تجاه ما يحدث بل اكتفى بتوجيه نداء ومناشدة لقادة الاحتلال لنبذ الكراهية والعودة إلى السلام مرة أخرى.
اقتصاديا، لا حاجة لتطبيق اقتصاد الحرب في مصر الآن، لأن القوات المسلحة المصرية لا تحتاج إلى دعم من موازنة الدولة العامة فما شهدناه في عهد السيسي هو العكس تماما فالجيش هو من يعم موازنة الدولة وهو من ينفذ مشروعات عجزت عنها موازنة الدولة وهو من يسيطر على أراضي الدولة وهو من يحتكر أكثر من 60% من اقتصاد الدولة.
عسكريا، لا يحتاج الجيش المصري أيضا لفكرة اقتصاد الحرب، ـ شهدت سنوات حكم السيسي زيادة كبيرة في نسبة الإنفاق على صفقات تسليح للجيش المصري، ارتفعت واردات مصر من الأسلحة بنسبة 136٪ لتسجل 4.5 %من تجارة السلاح بالعالم ، كما جاءت مصر كسابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم في الفترة 2019 ـ 2023.
ـ الأرقام المعلنة لمشتريات مصر من الأسلحة تتراوح بين 45 و52 مليار دولار على أقل تقدير حيث أشار موقع ورلد بيبوليشن ريفيو المختص برصد نفقات الجيوش أن ميزانية الجيش المصري للعام الماضي بنحو 11.3 مليار دولار محتلا المرتبة الثالث عربيا في الإنفاق العسكري.
إن الشعب المصري يعيش حالة اقتصاد الحرب منذ نوفمبر 2016 عندما نفذت الحكومة التعويم الأول للجنيه وذهبت لتقترض من صندوق النقد الدولي.داخليا وعلى مستوى الإجراءات الاقتصادية فيمكننا القول إن الشعب المصري يعيش حالة اقتصاد الحرب منذ نوفمبر 2016 عندما نفذت الحكومة التعويم الأول للجنيه وذهبت لتقترض من صندوق النقد الدولي.
ثمان سنوات من الإجراءات التقشفية وزيادة الحصيلة الضريبية التي وصلت في العام الأخير إلى 2.2 تريليون جنيه وهناك خطة لزيادتها بنسبة 50% في العام القادم.
رفعت الحكومة أسعار الخدمات الأساسية من كهرباء ووقود ومواصلات، كما قلصت الدعم الحكومي لملايين المصريين، أغلقت المصانع وطرحتها للبيع ما قلل من إمكانية اعتمادها على الإنتاج المحلي وتقليص الاستيراد لتوفير عملة صعبة.
إن أرادت الحكومة المصرية أن تعلن اقتصاد حرب فلديها ما يكفي من صناديق سيادية يشرف عليها السيسي بنفسه فلتفتح تلك الصناديق ولتأخذ منها ما يكفيها من أموال للانفاق العسكري إن احتاج الجيش أن يشتري سلاحا غير الذي صدأ في مخازنه طيلة عشر سنوات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصرية اقتصادية مصر اقتصاد رأي سياسات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة المصریة اقتصاد الحرب
إقرأ أيضاً:
«المصريين»: الشائعات المُغرضة تستهدف زعزعة الاستقرار الوطني
قال المستشار حسين أبو العطا، رئيس حزب المصريين، عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية، إن الشائعات المُغرضة التي تروجها جماعة الإخوان الإرهابية ولجانها الإلكترونية المأجورة، تستهدف زعزعة الاستقرار الوطني والنيل من وحدة المجتمع، لا سيما بعدما شهدت الدولة المصرية ترابطا وتكاتفا بين جميع مؤسساتها الوطنية، بفضل القيادة الحكيمة للرئيس السيسي.
الشائعات المُغرضة تستهدف زعزعة الاستقرار الوطنيوأشار «أبو العطا»، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إلى أن لجان الجماعة الإرهابية والمأجورين يستغلون الأحداث الاقتصادية، وينشرون أكاذيب وشائعات، مستغلين الأوضاع التي يشهدها العالم أجمع، والتي ألقت بظلالها على كل الدول، إضافة لما تمر به المنطقة من توتر وصراع انعكس أيضا على اقتصاد دول المنطقة.
وتابع: «في ظل هذا كله نجد الدولة المصرية بكامل مؤسساتها تعمل على قلب رجل واحد، لضمان الخروج من هذه الأزمة»، موضحا أن هذه الجماعة الإرهابية لها تاريخ أسود حافل بالإرهاب والتخريب، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى تقويض الهوية الوطنية المصرية، وتشويه سمعة الدولة، مستخدمة أدوات الغدر والخيانة والتآمر.
وأوضح رئيس حزب المصريين، أن الجماعة الإرهابية لم تكتفِ بما اقترفته من جرائم في الماضي، ولا تزال تسعى إلى استشراف مستقبلها المُظلم، من خلال نشر الفوضى وبث الشائعات التي تستغل الظروف الاقتصادية والمشاعر الدينية لدى البعض، لخداع الرأي العام، مؤكدا أن المحاولات المستمرة من قبل الجماعة الإرهابية لتقسيم المنطقة وتأجيج الصراعات بين الدول، تستهدف تحقيق مصالحها الخاصة فقط، على حساب أمن واستقرار الأوطان.
الدولة المصرية انتهجت فلسفة متوازنة لمواجهة الجماعة الإرهابيةولفت المستشار حسين أبو العطا، إلى أن الدولة المصرية وقيادتها السياسية انتهجت فلسفة متوازنة في مواجهتها لهذه الجماعة الإرهابية، وجمعت بين البعدين الأمني والتنموي في التصدي لأخطارها، مشددا على أن الجهود الأمنية أحبطت العديد من المخططات التخريبية التي كانت تستهدف زعزعة استقرار البلاد، في حين جاءت السياسات التنموية لتعزيز الاقتصاد ورفع مستوى معيشة المواطنين، ما أسهم في سد الثغرات التي كانت تتسلل منها الجماعة للتأثير على الرأي العام.
وأكد أن الدولة المصرية وقيادتها السياسية، لن تتهاون في حماية أمنها وهويتها الوطنية مهما كان الثمن، والشعب المصري العظيم يقف دائما صفا واحدا خلف قيادته في مواجهة هذه التهديدات من قبل جماعات مأجورة، موضحا أن عملية التنمية الشاملة التي شهدتها الدولة بفضل تماسك مؤسساتها الوطنية لضمان الاستمرار في تنفيذ رؤية مصر 2030 تسبب في حالة غليان لجماعات الشر والظلام، التي تشيع كذبا شائعات وأكاذيب طوال الوقت، ومن ثم على هؤلاء أن يعلموا جيدا أنهم لن ولم يفلحوا في النيل من عزيمة المصريين أو حتى تشويه صورة مؤسسات الوطن.