من النادر العثور على مفردة “الاستقالة” في قاموس المسؤولين والسياسيين في اليمن على الأقل في العقود الخمسة الأخيرة، مما يوضح كيفية نظرة المسؤول للمنصب حتى في الوقت الذي لا يقوم بواجبه على النحو الذي يجعل بقائه مصلحة شخصية أكثر من شيء آخر مهما حاول التدثر بعباءة المصلحة الوطنية.
إن الثقافة السياسية السائدة تجعل من المنصب غنيمة يتعين اغتنامها إلى أقصى حد ممكن، وهذا يعني إلغاء مفهوم الاستقالة في حالة الفشل بغض النظر عن انتماء الشخص وما إذا كان يحمل قيما إيجابية قبل توليه منصبه أم لا، وبذلك يتم ترسيم حدود استقالته في حالتين الأولى الوفاة والثانية إقالته من قبل الجهة التي اختارته.
وفي ظل هذه الثقافة، من المفهوم أن ترتبط الاستقالة بمعنى الفشل والجُبن والهروب من تحمّل المسؤولية، وهذا تعريف خاطئ في الغالب يُراد منه تكرّيس فكرة أن المنصب مغنم لا مغرم فعلا وأن الذي يستقيل فاشل ولو لم يكن كذلك، وبهذا انتقلت هذه الثقافة إلى الرأي العام الذي تأثر بهذا التحريف لمفهوم الاستقالة عند الفشل وبالتبعية يُصبح المسؤول المستقيل مُدانا بما ليس فيه كأن يُتهم بالفساد وسواه.
ومن أخطر ما رّسخته هذه الثقافة، هو اعتبار المسؤول الذي يتمسك بمنصبه وطنيا وشجاعا ومضحيا ولو ثبت عكس ذلك بالدليل القاطع، مما أعاد تعريف القيم بشكل سلبي؛ فأصبح الفاسد الفاشل ناجحا وطنيا لا لشيء إلا لأنه باق في مكانه، وبات الناجح الشجاع فاسدا فاشلا لمجرد استقالته رغم ندرة هذا النوع من المسؤولين، وقد قِيل هذا عن المهندس فيصل بن شملان حين استقال من منصبه كوزير للنفط والمعادن بعدما تأكد له أنه غير قادر على محاربة الفساد المتفشي بدعم رسمي من أعلى هرم الدولة وأن بقائه يعني إما التماشي مع الوضع ومخالفة مبادئه أو ترك منصبه وهو ما فعل.
وفي هذا السياق، قد يسأل سائل وهل المطلوب أن تكون الثقافة السياسية هي الاستقالة بما تنطوي عليه من مخاطر على عمل المؤسسات والجواب ليس كذلك طبعا، لكن ما يجب ترسيخه هو تطبيق مبدأ إذا فشلت أو عجزت عن أداء مهامك لأسباب خارجة عن إرادتك ولم تستطع التغلب عليها، ينبغي أن تستقيل، وهذا الحال ينطبق على أولئك الذين يستشعرون مسؤولياتهم الوطنية ويحرصون على سمعتهم النزيهة فقط، أما عداهم فلا يفيد الكلام بشأنهم.
إن التخلي عن المنصب أيا كان ليس جبنا ولا فشلا طالما كان الشخص نزيها لديه بصمات جيدة في عمله، ولو أن هذه الثقافة النادرة وجدت طريقها بين المسؤولين لكانت من أدوات الضغط والمحاسبة على أداء المسؤولين ولتحوّلت إلى خيار لا فكاك منه لأي فاشل أو فاسد لأن الرأي العام والنخبة السياسية ستتعامل مع رفضه الاستقالة نوعا من إصراره على الفشل والفساد وتهديد المصلحة الوطنية مما يستوجب عزله.
من مؤشرات هذه الثقافة السياسية، سيطرة الأعذار واللجوء إليها لتبرير ما لا يُمكن تبريره مما يعني ضمنا تحصين الفاشل والفاسد من المسؤولية واعتباره ناجحا حتى عندما لا يكون كذلك، ونسب المسؤولية لجهات أخرى وهكذا يتم ترحيل الإخفاق لغير أصحابه بدلا من الاعتراف به ودفع الثمن.
يتولى أحدهم رئاسة الحزب أو أمانته العامة عقود من الزمن ويصاحب ذلك أخطاء وفشل ونكبات لا حصر لها تتجاوز تأثيراتها أعضائه وجماهيره لسواهم ومع ذلك لا يستقيل من نفسه ولا تنشئة حزبه تدفعه إلى هذا الخيار، بل ويتم التبرير له والدفاع عنه بحق وباطل وعادة ما يُطلق عليه لقب “رجل المرحلة” مع أنه بشر يُخطئ ويصيب ولديه قدرات محددة وعُمر محددا أيضا للعطاء.
يترتب على هذه الثقافة تحصين هؤلاء السياسيين والمسؤولين معنويا في أذهان الرأي العام حتى إذا ما تعرّضوا للنقد لفسادهم أو فشلهم يتم اتهام من يقوم بذلك بأنه إما حاقد أو مصلحي وربطه بكل نقيصه ولو كان خلاف ذلك، والمهم الدفاع الأعمى من قبل الأتباع وغيرهم نتيجة تأثرهم بالتعبئة والتنشئة الحزبية والفكرية والثقافة السياسية عموما.
عندما يبقى أي شخص في منصبه السياسي أو الحكومي أكثر مما يجب، فهو يؤثر سلبا على هذه الجهة والمستفيدين منها ويمنع التغيير وتداول المناصب ويحرم فئة الشباب من حقوقهم الأساسية في الترّقي والقيادة والمشاركة في صنع القرار، وهو ما لا يُدركه البعض من الشباب نتيجة تأثرهم سنينا بتلك الثقافة.
إن بقاء شخص في منصب مؤثر على حياة الناس سواء قليلا أو كثيرا له أمرٌ كارثي فكيف وحالنا زاخر بهذا النموذج السائد والذي يجعل ملايين الأشخاص في حالة يُرثى لها بينما قلة قليلة ممن يديرون الأمور لا يتغيرون بأي شيء والأسوأ من هذا أن يدافع عن بقائهم الضحايا.
ينبغي أن نتذكر أننا في وضع لا أثر فيه لأي مؤسسة رقابية أو محاسبية سواء البرلمان أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أو هيئة مكافحة الفساد أو نيابة الأموال العامة أو غيرها، مضافا لذلك غياب ثقافة الاستقالة أو التشجيع عليها، وهذا يحتم على كل صاحب ضمير حي أن يدفع باتجاه توعية الرأي العام بأهمية مراقبة مسؤوليهم وسياسييهم ودفعهم للاستقالة عند الفشل الذي لا يُحتمل والفساد الذي يؤثر على حياتهم واعتبار الذي يفعل ذلك شخصا محترما ومن يرفض فهو سيء ومنبوذ.
هذه مسؤولية عامة يُمكن المشاركة في تأسيسها لأجل المصلحة العامة وهذا يتطلب تجاوز التعصب الحزبي والمناطقي والمصلحي والأهم أن يعرف كل مواطن أن مصلحته في ذلك أكبر مما يعتقد أنها في بقاء المسؤول أو السياسي الذي يتفق معه في الانتماء أو المنطقة.
بقاء المسؤول المشهود له بالفساد والفشل كارثة على الدولة والشعب لا العكس، ولا يجب تصديق فكرة أن الاستقالة ليست حلا أو الهروب لسؤال وماذا بعد وكأنه لو حدثت الاستقالة سيحدث الأسوأ، مع أنه في أحسن الأحوال لن يسوء الوضع أكثر مما هو قائم وبالتالي فلا مبرر لأي عذر الإقدام على مثل هذه الخطوات.
مارب الورد11 أكتوبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام نهج هاريس وترامب تجاه الحوثيين في اليوم الأول للبيت الأبيض "الأرصاد اليمني" يحذر من طقس بارد خلال الليل مقالات ذات صلة “الأرصاد اليمني” يحذر من طقس بارد خلال الليل 11 أكتوبر، 2024 نهج هاريس وترامب تجاه الحوثيين في اليوم الأول للبيت الأبيض 11 أكتوبر، 2024 حتى لا تقطف إيران ثمار استعصاء غزة 10 أكتوبر، 2024 الحوثيون: استهدفنا سفينة نفط أمريكية ب11 صاروخ باليستي 10 أكتوبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الردلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصة استراتيجية الإنهاك وردود الفعل 4 أكتوبر، 2024 الأخبار الرئيسية “الأرصاد اليمني” يحذر من طقس بارد خلال الليل 11 أكتوبر، 2024 المنصب مغنم لا مغرم 11 أكتوبر، 2024 نهج هاريس وترامب تجاه الحوثيين في اليوم الأول للبيت الأبيض 11 أكتوبر، 2024 حتى لا تقطف إيران ثمار استعصاء غزة 10 أكتوبر، 2024 الحوثيون: استهدفنا سفينة نفط أمريكية ب11 صاروخ باليستي 10 أكتوبر، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك حتى لا تقطف إيران ثمار استعصاء غزة 10 أكتوبر، 2024 استراتيجية الإنهاك وردود الفعل 4 أكتوبر، 2024 العرب والقومجية والأخونجية 3 أكتوبر، 2024 رسائل كرة اللهب الإيرانية 2 أكتوبر، 2024 قرابين إيران لاستمرارية النظام: بين تضحيات النظام والمواقف المترددة 1 أكتوبر، 2024 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 23 ℃ 23º - 18º 17% 7.93 كيلومتر/ساعة 22℃ الجمعة 24℃ السبت 24℃ الأحد 25℃ الأثنين 25℃ الثلاثاء تصفح إيضاً “الأرصاد اليمني” يحذر من طقس بارد خلال الليل 11 أكتوبر، 2024 المنصب مغنم لا مغرم 11 أكتوبر، 2024 الأقسام أخبار محلية 28٬131 غير مصنف 24٬183 الأخبار الرئيسية 14٬769 اخترنا لكم 7٬027 عربي ودولي 6٬904 غزة 6 رياضة 2٬332 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬237 كتابات خاصة 2٬077 منوعات 1٬998 مجتمع 1٬836 تراجم وتحليلات 1٬775 ترجمة خاصة 60 تحليل 13 تقارير 1٬602 آراء ومواقف 1٬535 صحافة 1٬484 ميديا 1٬398 حقوق وحريات 1٬313 فكر وثقافة 897 تفاعل 813 فنون 478 الأرصاد 310 بورتريه 63 صورة وخبر 36 كاريكاتير 32 حصري 21 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين أخر التعليقات Abdaullh Enanنور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
SALEHتم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
محمد عبدالله هزاعيا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
.نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
issamعندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الثقافة السیاسیة الأرصاد الیمنی الرأی العام الحوثیین فی هذه الثقافة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟
المصدر: العربي الجديد الإنجليزية- جوناثان فينتون هارفي
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
كجزء من الصراع في غزة، تطورت جماعة الحوثيين المتمركزة في اليمن من تمرد محلي إلى قوة إقليمية قادرة على التأثير في الجغرافيا السياسية للبحر الأحمر وتعطيل التجارة العالمية.
شمل هذا التحول هجمات بحرية غير مسبوقة ومرونة ضد الضربات الجوية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل.
يغير وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس الذي تم الإعلان عنه في 18 يناير/كانون الثاني استراتيجيتهم. وقد تعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بمواصلة الهجمات على السفن الإسرائيلية مع الإشارة أيضًا إلى استعدادهم لتقليل الضربات ضد الشحن الدولي الأوسع.
منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، أطلق الحوثيون النار على الشحن الدولي المار عبر باب المندب – وهو نقطة اختناق حيوية مجاورة لليمن تمر من خلالها 10 في المئة من التجارة العالمية و30 في المئة من نفط وغاز العالم.
أدت أعمال الحوثيين إلى تحويل طرق التجارة حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، وهو بديل أكثر تكلفة ويستغرق وقتًا أطول من التنقل عبر المسار التقليدي للبحر الأحمر وقناة السويس.
خلال هذه الفترة، اتخذ الحوثيون خطوات للإشارة إلى ضبط النفس وإظهار الجدية في تقليل أعمالهم. أطلقوا سراح طواقم الشحن التي تم القبض عليها خلال رحلاتهم في البحر الأحمر، بما في ذلك أولئك الذين تم احتجازهم في وقت مبكر من ديسمبر 2023 عندما وجهت الجماعة أنظارها نحو الشحن الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، في 25 يناير، أطلق الحوثيون سراح أكثر من 153 سجينًا من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا الذين تم القبض عليهم خلال الحرب في اليمن.
تعكس هذه الأفعال محاولة أوسع لتخفيف صورتهم وكسب الاعتراف الدولي. على الرغم من هذه التحركات، لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كان الحوثيون سيستمرون في تهديد الشحن في البحر الأحمر في المستقبل.
بعد أن أدى اليمين كرئيس للولايات المتحدة في 20 يناير، كان أحد أول أعمال دونالد ترامب في الشرق الأوسط هو إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في 23 يناير، ليس فقط بسبب هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر ولكن أيضًا بسبب هجماتهم المتقطعة بالطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل.
تطور الحوثيون كقوة إقليمية
كانت إحدى المطالب الرئيسية للحوثيين خلال الحرب في غزة هي وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث قاموا بتأطير أعمالهم في البحر الأحمر كعقوبات ضد إسرائيل وحلفائها الغربيين.
من خلال القيام بذلك، لم يسلطوا الضوء فقط على توافقهم مع القضية الفلسطينية، بل أعادوا اليمن إلى دائرة الضوء الدولي بعد ما يقرب من عامين من الهدوء النسبي بعد وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في أبريل /نيسان 2022.
حازت هذه الاستراتيجية على دعم كبير من اليمنيين وسكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين يؤيدون فلسطين بشكل ساحق.
عززت هجماتهم المتقطعة على إسرائيل، بما في ذلك الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة، صورتهم كمدافعين عن الفلسطينيين المحاصرين.
ومع ذلك، يجادل المحللون بأن أعمال الحوثيين كانت مدفوعة أكثر برغبة في تعزيز مكانتهم كقوة إقليمية بدلاً من التضامن الحقيقي مع غزة.
قال الباحث والمحلل اليمني نبيل البكيري لصحيفة “العربي الجديد” بنسختها الانجليزية: “لم يكن هدف الحوثيين دعم حماس والفلسطينيين في غزة بشكل حقيقي”.
وأضاف: “بدلاً من ذلك، كانوا يهدفون إلى تأكيد وجودهم الدولي من خلال استغلال هذه الأزمة لتأسيس أنفسهم كقوة إقليمية مهمة، مما يجبر العالم على الاعتراف بهم، حتى لو فعلوا ذلك من خلال تهديد السلام والأمن الدوليين.”
حذر الحوثيون من أنه إذا فشل وقف إطلاق النار الهش في غزة أو استؤنفت أعمال العنف، فسوف يزيدون من هجماتهم إلى مستويات سابقة، بما في ذلك استهداف أوسع للسفن الدولية. تبرز هذه التهديدات نيتهم في الحفاظ على النفوذ على الطرق البحرية الرئيسية وإبراز تأثيرهم.
محليًا، عزز الحوثيون السيطرة على شمال اليمن، وهي عملية جذرها عقود من الصراع.
وتوسع نفوذهم بشكل كبير خلال فترة ما بعد الربيع العربي، وبلغ ذروته مع استيلائهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 وإطاحة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأدت الحرب التي تلت ذلك مع التحالف الذي تقوده السعودية منذ مارس/آذار 2015 إلى تمكين الحوثيين من ترسيخ سلطتهم في شمال اليمن وسط انهيار الدولة.
لعب الدعم المستمر من إيران دورًا رئيسيًا، حيث قدمت طهران الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطويلة المدى، وعززت الروابط الأعمق مع الجماعة خلال وبعد الحرب. استمرت هذه الجهود حتى بعد وقف إطلاق النار في 2022، مما سمح للحوثيين بتعزيز قوتهم.
بالحديث عن قوة الحوثيين المتزايدة في المنطقة، أشار فريق خبراء الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى أن “تحول الجماعة إلى الأعمال البحرية زاد من نفوذها” في المنطقة.
وأضاف الفريق “مثل هذا الحجم من الهجمات، باستخدام أنظمة أسلحة على السفن المدنية، لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية”.
بعيدًا عن علاقاتهم مع إيران، قام الحوثيون بتطوير علاقات مع فصائل مختلفة عبر الشرق الأوسط. تشمل هذه التحالفات المقاومة الإسلامية المدعومة من طهران في العراق، حيث ادعى كلا الجماعتين المسؤولية عن الهجمات الصاروخية على حيفا، بما في ذلك مينائها الاستراتيجي، في يونيو/حزيران 2024.
علاوة على ذلك، هناك اقتراحات، مثل تلك الواردة من الاستخبارات الأمريكية، تشير إلى أن الجماعة قد تحالفت مع جماعة الشباب المتطرفة في الصومال لمناقشة التعاون العسكري.
نظرًا لتوسع نفوذ الحوثيين، فمن غير المرجح أن يتراجعوا عن البحر الأحمر. ويرجع ذلك ليس فقط إلى المكاسب السياسية والشعبية الناتجة عن هذه العمليات، ولكن أيضًا إلى الفوائد المالية الكبيرة.
“قدمت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر فرصة لهم لتحقيق نفوذ كبير على التجارة الدولية وجني حوالي 2 مليار دولار سنويًا كرسوم تفرض على بعض شركات الشحن لمنحهم المرور”، قال توماس جونيو، أستاذ مشارك في جامعة أوتاوا، لصحيفة “العرب الجديد” الانجليزية.
وأضاف: “نظرًا لطموحات الحوثيين في وضع أنفسهم كقوة إقليمية وتعزيز سلطتهم محليًا، فإنه من الصعب تصديق أنهم يمكن أن يتخلوا ببساطة ودون حدود عن الفرصة لمواصلة هذه الهجمات.”
ومع ذلك، مع تزايد طموحات الحوثيين الإقليمية، فإنهم يواجهون أيضًا تحديات محلية كبيرة. يعيش حوالي 70 في المئة من سكان اليمن تحت سيطرتهم، حيث تدهورت الخدمات وسبل العيش بشكل كبير، بينما لا يزال الغالبية يعتمدون على المساعدات الإنسانية بعد الصراع الوحشي الذي استمر سبع سنوات.
لذا، من الصعب تخيل أن الحوثيين سيتخلون طواعية عن دعمهم العلني للقضية الفلسطينية، حتى لو استمر وقف إطلاق النار في غزة.
“نظرًا لضعف الحوثيين المحلي، خاصة على الصعيد الاقتصادي، يمكننا أن نتوقع منهم الاستمرار في جهودهم العدوانية للتلاعب بالقضية الفلسطينية لحماية مصالحهم المحلية”، أشار الدكتور جونيو.
تهديد مستقبلي من الحوثيين
حتى إذا تراجعت عمليات الحوثيين على المدى القصير بعد توقف حرب إسرائيل على غزة، فمن المحتمل أن تهدف الجماعة إلى الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، فضلاً عن السعودية، في المستقبل، بفضل نفوذها الجديد في البحر الأحمر.
لم تؤد الغارات الأمريكية والبريطانية ضد الجماعة منذ يناير 2024، التي تهدف إلى تقليل ترسانتها العسكرية، إلى إضعافها بشكل كبير. حتى الهجمات الإسرائيلية، رغم أنها أضرت بالبنية التحتية اليمنية، لم تعطل الحوثيين، مما يشير إلى ضعف في تحديد قيادة الجماعة.
ومع ذلك، أضعفت الهجمات الإسرائيلية قدرة ميناء الحديدة، الذي يعد حيويًا لجلب المساعدات الإنسانية.
أكد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية هذه الحقيقة، لكن فعاليته في كبح أنشطتهم لا تزال غير مؤكدة.
على سبيل المثال، في حين أن الحوثيين قد بنوا شبكات مالية مستقلة قد تقلل من تأثير العقوبات، فإن هذا التصنيف سيقطع المساعدات الحيوية لليمنيين، على الرغم من أن الحوثيين أنفسهم قد اتهموا بتهريب المساعدات.
“سيستمر التهديد لتجارة البحر الأحمر ما دام الحوثيون في السلطة”، أشار المحلل اليمني نبيل البكيري.
رحب المجلس الرئاسي اليمني – الهيئة الحكومية المعترف بها دوليًا – بتصنيف ترامب كوسيلة لإعادة تنشيط الجهود ضد الحوثيين. يؤكد المراقبون اليمنيون، بما في ذلك البكيري، أن الدعم الدولي المستمر للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أمر حاسم لكبح نفوذ الحوثيين.
في النهاية، أثبتت إدارة ترامب الجديدة أنها مؤيدة بشدة لإسرائيل، مما يثير القلق بشأن سلامة الفلسطينيين خلال السنوات الأربع المقبلة. علاوة على ذلك، برز الحوثيون كفاعل أقوى في البحر الأحمر ويظلون ثابتين في استغلال القضية الفلسطينية لمصلحتهم الخاصة.
من المحتمل أن يؤدي هذا المزيج إلى المزيد من المواجهات في البحر الأحمر والهجمات بين إسرائيل والحوثيين.
يمن مونيتور30 يناير، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر مقالات ذات صلة سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 مقتل 20 من عمال النفط في تحطم طائرة بجنوب السودان 29 يناير، 2025 رسمياً.. تنصيب أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا 29 يناير، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الردلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق تراجم وتحليلات اعتقال طالب يمني في الهند 29 يناير، 2025 الأخبار الرئيسية هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟ 30 يناير، 2025 سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 مقتل 20 من عمال النفط في تحطم طائرة بجنوب السودان 29 يناير، 2025 رسمياً.. تنصيب أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا 29 يناير، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 اعتقال طالب يمني في الهند 29 يناير، 2025 الجيش اليمني يحبط هجوما للحوثيين شرق صنعاء 29 يناير، 2025 الأرصاد اليمني يتوقع استمرار الأجواء الباردة على عدة محافظات 29 يناير، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 14 ℃ 23º - 11º 50% 1.18 كيلومتر/ساعة 23℃ الخميس 21℃ الجمعة 21℃ السبت 22℃ الأحد 21℃ الأثنين تصفح إيضاً هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟ 30 يناير، 2025 سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 الأقسام أخبار محلية 29٬170 غير مصنف 24٬203 الأخبار الرئيسية 15٬617 عربي ودولي 7٬343 غزة 10 اخترنا لكم 7٬194 رياضة 2٬457 كأس العالم 2022 75 اقتصاد 2٬312 كتابات خاصة 2٬125 منوعات 2٬055 مجتمع 1٬878 تراجم وتحليلات 1٬879 ترجمة خاصة 133 تحليل 18 تقارير 1٬651 آراء ومواقف 1٬573 صحافة 1٬491 ميديا 1٬470 حقوق وحريات 1٬358 فكر وثقافة 927 تفاعل 828 فنون 492 الأرصاد 388 بورتريه 66 صورة وخبر 38 كاريكاتير 33 حصري 27 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية أخر التعليقات عبدالملك قاسماخي عمره ٢٠ عاما كان بنفس اليوم الذي تم فيه المنشور ومختي من...
جمالاشتي اعرف الفرق بين السطور حقكم وأكد المسؤول العراقي في تصري...
محمد شاكر العكبريأريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...
عبدالله محمد علي محمد الحاجانا في محافظة المهرة...
سمية مقبلنحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...