كتمان السر فضيلة الكرام.. وإفشاؤه غدر في أمان
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
يُقال: “إن أمناء الأسرار أقل وجودًا من أمناء الأموال، وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار، لأن إحراز الأموال منيعة بالأبواب والأقفال، وإحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق، ويشيعها كلام سابق”..
أجل فعبارات كثيرة مثل: “سرك في بئر”.. “لا تخف لن أبوح بشيء”.. “أنا صديقك ولن أفضح أمرك”.. تبعث في نفس المهموم ومن ضاقت به الدنيا شعورا بالأمان والراحة ليتكلم ويفضض ويبوح بسره دون وعي منه بالعواقب الوخيمة التي قد يقم أسيرا لها.
فما إن تخبر أحدهم بما يؤلمك أو ما يوجعك، أو سرا ما في حياتك، حتى تجده قد انتشر كالنار في الهشيم مسببا لك أضرار عديدة، فاللسان حقا يخون صاحبه، ولان في حفظ السر خصلة وفضيلة ذات قيمة بالغة، اخترنا أن نتطرق إلى مختلف زواياه، لنوصل رسالة، ونبلغ العبرة..
ولنوضح الموضوع أكثر اخترنا عينات من قراء الموقع لهم ما يقولون فلي الموضوع:
الأخت “ر” من الوسط: ضننت أنني سأرتاح لكنني كبلت نفسي وصرت أسيرة سري:هي واحدة من اللواتي خُدعن بسبب لحظة ضعف طنت رأت من خلالها النجاة، صاحبة الرسالة تقول أنها شابة عازبة ذات خصال وجمال، تعتلي منصبا مهما في إحدى المؤسسات. كانت في قمة التواضع والاتزان، حياتها كانت هادئة ومرتاحة، إلى التحق بتلك المؤسسة مديرا جديدا اقلب الأمور عليها رأسا عن عقب. بدأ في التحرش بها، فصارت ساعات الدوام جحيما بالنسبة لها.
ولأنها شعرت بالضيق والاختناق باحت بمشكلتها لزميلة لها في العمل توسمت فيها رجاحة العقل وانتظرت منها الحل، لكن ليتها لم تفعل. فالزميلة التي ظنت أنها ستجد عندها النصيحة الحسنة صارت ترشقها بنظرات الاتهام بدلا من التعاطف والبحث عن مخرج لهذا المأزق. فصارت المسكينة تفكر في حلين بدلا من حل واحد، سرها والزميلة التي أفشت لها سرها، فكم صعبا أن تودع سرك في الشخص الخطأ.
أم ريهام من الشرق: حطمت ابنتي بإفشاء سرها.. فصار الكل ينفر منهاأما صاحبة الرسالة الثانية، تقول أنها تعيش حالة نفسية جد صعبة، قلبها منفطر لأجل لبنتها الوحيدة، التي أفشت سرها وصار الكل يعاملها بازدراء، هي ابنتها البكر.
تعرفت هذه الأخيرة على شابة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، لكن سرعان ما اكتشفت الأمر أمر ابنتها. وقامت بمعاقبتها بحرمانها من الهاتف، معتقدة أنها قامت بعمل بطولي وأحسنت التصرف، فصارت تفتخر بتصرفها وأسلوب عقابها في كل المجالس العائلية.
فصارت ابنتها حديث الجميع، ومن هذه لتلك انتقلت قصة البنت وصار الكل ينظر إليها على أنها قليلة حياء ومذنبة. ابتعد عنها الكل حتى تريباتها من القريبات بسبب تحذيرات أمهاتهن حتى لا يتأثرن بها، الابنة تعلمت من الدرس، على حد قول أمها. وصححت خطأها، ونجحت في دراستها وهي اليوم طالبة بالجامعة.
لكن العار لازال يلاحقها، ولا تزال في أعينهم متهمة بأمر كان الأجدر بها أن تستره لا أن تكشفه، فأي حال يمكن أن تكون فيه الابنة بعد أن أفشت الأم سرها؟. وأي حال تعيشه اليوم الأم بسبب تأنيب ضميرها، لأنها هي من كانت السبب في تلطيخ سمعة فلذة كبدها..
هذه عينة من قصص وحكايات كثيرة، سببها شخص ضاقت به الدنيا، أو أراد الحصول على استشارة، فباح بسره ليجد نفسه فريسة بيد شخص استل منه سره. لا بل سيفا ليذبحه به، فيصبح الفعل فيه إضرارا لصاحب السر، وخيانة للأمانة، ونقضا للعهد، وإفسادا للصداقة وللعلاقات الإنسانية.
فضلاً عن أنه دليل على لؤم الطبع وفساد المروءة لمن أفشاه، وقلة الصبر وضيق الصدر. ويعقبه الندم والحسرة في نفس صاحبه، فمن الخيانة أن يُستأمن المرء على سر فيذيعه وينشره. ولو إلى واحد فقط من الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا حدَّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة”.
لا تلومنَّ إلا نفسك..فإذا استودعت أحدًا سرك وأفشاه، فلا تلومنَّ إلا نفسك، إذ كان صدرك أضيق عنه، فالذي تعطيه له أضيق، قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: “ما وضعت سري عند أحدٍ فأفشاه عليَّ فلمته، أنا كنت أضيق به حيث استودعته إياه”، ويقول الشاعر.
إذا المرء أفشى سـره بلسـانـه.. لام عليـه غيـره فهو أحمـق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه.. فصدر الذي يستودع السر أضيق
لكن هذا لا يعني أن لا نثق أبدا، وأن نسيء الظن بالجميع. بل على المرئ أن يختار الصالح الأمين. ويتجنب الثرثار الذي لا له لسانا طليق مهما بلغ به الأمر، وعليه أن يميز بين ما يجب أن يقال. وما يمكن البوح به، وبين ما يجب أن يموت بينه وبين نفسه. فالمؤمن لابد أن يكون لبيبا في شؤونه حتى لا يقع في شر أفعاله.
إن الحفاظ على الأسرار يقوي العلاقة الإنسانية، يبقيها متينة وقادرة على مواجهة عواصف الحياة مهما اشتدت. حيث تشعر أنك محاط بأناس أُمناء، يحفظون سرك وتحفظ سرهم. فهذه الخصلة تعزز الثقة بين الناس، ويزيد من الاحترام بينهما. الحفاظ على الأسرار يمنح الاستقرار للعلاقات، الحفاظ على الأسرار يجعلك شخصا محبوباً وقادراً على تكوين صداقات حقيقية مع من حوله.
ونختم بما قاله حكيما لابنه: يا بني كُن جوادًا بالمال في مواضع الحق، ضنينًا بالأسرار عن جميع الخلق، فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجوه البر، والبخل بمكتوم السر.
وإذا كان الناس معادن فإن كتمان السر يدل على جوهرهم.
أسرار لا تقال.. أسرارك العائلية والزوجية:من الشائع أن يتشارك الأصدقاء بعض الأسرار العائلية، لكن يجب عليك أن تكون حذراً بنوعية الأسرار التي تشاركها مع أصدقائك. ويجب أن تحافظ على أسرارك الزوجية خصوصاً فهي ليست أسرارك وحدك. وصديقك مهما بلغت العلاقة بينكما ليس معنياً أن يعرف شيئاً عن حياتك الزوجية وخصوصيتها.
أسرار الآخرين:ليس من حقك نقل أسرار الآخرين، فأنت مؤتمنٌ عليها، وليس على صديقك ذنبٌ إن أفشاها وقد أفشيتها قبله.
أشياء ندمت عليها من الماضي:لا تخبر صديقك عن أفعالك التي ندمت عليها، حتى إن كنت تشعر بالضغط الكبير نتيجة الندم. ربما تلجأ للمعالج النفسي أفضل من الحديث مع صديقك عمّا يشعرك بالندم.
عندما يتحدث معك أهل صديقك: قد يتكلم معك أهل صديقك للاطمئنان عليه وعلى سلوكه أو لشكهم في أمرٍ ما أو حتى لطلب المساعدة منك في إقناعه أو ثنيه؛ وهذه من الأسرار التي يجب أن تكتمها عن صديقك.أسرار البيوت على المواقع التواصل الاجتماعي.. موضة العصر
هي حقلا يجود بكل نافع إذا أُحسن استخدامه، وبكل سيئ إذا أسيء استعماله، وسائل التواصل الاجتماعي.وسيلة فاعلة للتقريب بين الأفراد، لكنه بات فضاء لإفشاء الأسرار وهدم كيان المجتمع، فصارت جدران البيوت شفافة على المواقع الالكترونية.
وهذا السلوك من أعظم أسباب تفكُّك الأسرة وضياعها، خاصة الأسرار الزوجية، التي من المفروض أن لا تتعدى رقعة الغرفة الخاصة بهما، فيوميا نقرأ تفاصيل كارثية، وهذا خطر يقع فيه من تسول له نفسه فضح شريكه.
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَىٰ امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»
خطر إفشاء أسرار البيوت على المواقع الالكترونيةفقدان الرغبة بالحوار بين الزوجين لخوف بعضهما البعض من الآخر من أن ينشر ما قاله أو يستغله ضد وقت الأزمات بينهم، مما تؤدي في نهاية المطاف إلى البرود في العلاقة الزوجية وعدم التفاهم.
الفتور بين الطرفين، مما يجعل الحياة روتينية.
فقدان الثقة بين الزوجين مما يدفعهما للصمت دائما وعدم الحديث فيما بينهما مما يحول الحياة لجحيم.
تأثير ذلك على الأولاد بالسلب في نظرتهم للحياة، وفقدانهم الثقة في الوالدين ومن حولهم.
استغلال المتربصين بالزوجين لهذه الأسرار، وإلحاق الأذى بالزوجين أو العمل على التفريق بينهما.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: یجب أن
إقرأ أيضاً:
كلمة السر.. زايد وراشد
في كل قصة نجاح عظيمة، هناك كلمة سر تختزل جوهر الحكاية، وكلمة السر في قصة الإمارات هي «زايد وراشد». ليسا مجرد أسماء في كتب التاريخ، بل رمزان خالدان لقادة تجاوزوا مفهوم القيادة التقليدية ليصبحوا صناع الحلم، وبناة الوطن، وقلب هذه التجربة التي ألهمت العالم.
المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لم يكن فقط زعيماً، بل كان أباً لشعبه، وحكيماً تجاوزت رؤيته حدود الزمن. رأى في الاتحاد حياة، وفي وحدة القلوب قوة لا تنكسر. كان يرى الإنسان محور كل شيء، فآمن أن رفاهية المواطن هي جوهر النجاح.
الشيخ زايد لم يكن يتحدث عن الوحدة كهدف، بل عاشها في كل خطوة، وجعلها واقعاً ملموساً. كان قريباً من الناس، يستمع إليهم، ويضع احتياجاتهم فوق كل اعتبار. رسالته كانت بسيطة لكنها عميقة: معاً، يمكننا تحقيق المستحيل.
في قلب هذه الرؤية، أدرك الشيخ زايد أن الصحة هي أساس البناء، فأسس دعائم نظام صحي شامل منذ بدايات الاتحاد. كان يؤمن أن لكل إنسان حقاً في الرعاية الصحية، تماماً كما له حق في التعليم والكرامة. وبفضله، تحولت الإمارات إلى وطن يضع الإنسان وصحته في أولوياته.
الشيخ راشد: العقل الذي لا يعرف المستحيل
أما المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، فقد كان قائداً يرى في المستقبل فرصاً لا حدود لها. عندما كانت دبي مدينة صغيرة على الخليج، كان راشد يحلم بها مدينة عالمية، مركزاً تجارياً ينبض بالحياة.
الشيخ راشد كان يؤمن أن العمل الجاد والشجاعة في مواجهة التحديات هما مفتاح النجاح. بدأ ببناء الموانئ، وشبكات الطرق، والبنية التحتية التي أصبحت اليوم شرياناً للاقتصاد العالمي. لكن الشيخ راشد لم يعمل بمفرده، فقد أدرك منذ البداية أن الاتحاد مع زايد سيحول الحلم إلى حقيقة.
الشيخ راشد، كالشيخ زايد، آمن أن الصحة ليست مجرد خدمة بل استثمار في الإنسان والمجتمع. وضع الأسس لمراكز طبية حديثة ومتكاملة، ورأى في الرعاية الصحية جزءاً لا يتجزأ من تطور دبي، التي أصبحت اليوم وجهة للرعاية الطبية على مستوى العالم.
لقاء الشيخ زايد والشيخ راشد لم يكن مصادفة، بل كان قدراً جمع بين حكمة زايد وطموح راشد. كانا يحملان رؤية واحدة: بناء وطنٍ عظيم لشعبٍ عظيم.
الاتحاد الذي أسساه لم يكن مجرد خطوة سياسية، بل كان تعبيراً عن قناعة عميقة بأن العمل الجماعي هو طريق الإنجازات العظيمة. ومن بين أولوياتهما المشتركة، كان للقطاع الصحي مكانة خاصة. رأى القائدان أن بناء مجتمع قوي يبدأ من صحة الإنسان، وأن الاستثمار في تطوير الرعاية الصحية هو استثمار في المستقبل.
بفضل هذه الرؤية، أصبحت الإمارات اليوم نموذجاً يحتذى به في تقديم رعاية صحية عالمية المستوى، معتمدة على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة.
الشيخ زايد والشيخ راشد لم يتركا فقط دولة متطورة، بل غرسا في النفوس قيم الاتحاد، والعطاء، والطموح. إرثهما ليس مجرد مستشفيات أو مبانٍ، بل منظومة قيم تزرع الأمل وتلهم الأجيال. واليوم، عندما ننظر إلى القطاع الصحي المزدهر في الإمارات، نرى بصماتهما واضحة. من مستشفيات عالمية المستوى إلى بنية تحتية صحية رائدة، كل إنجاز يحمل في طياته رؤية زايد وراشد.
الشيخ زايد والشيخ راشد ليسا فقط صناع الاتحاد، بل هما كلمة السر التي صنعت الفرق. هما القصة التي نرويها بفخر، وحلم تحول إلى واقع، ورؤية تتجدد مع كل خطوة نحو المستقبل.