موسكو- بعد نحو عام ونصف من المناقشات حول إمكانية نقل فرنسا طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، حسمت باريس موقفها وأعلنت على لسان الرئيس إيمانويل ماكرون رفع الدعم العسكري لكييف إلى مستوى جديد وتسليمها مقاتلات من نوع (ميراج 2000-5) متعددة المهام، "لحماية أراضيها ومجالها الجوي"، بحسب قوله.

وكما وعد ماكرون، فإنه بحلول نهاية عام 2024، سيتعلم الطيارون الأوكرانيون قيادة هذه الطائرات، لكنه لم يحدد متى وكم عدد المقاتلات التي تنوي بلاده تسليمها إلى كييف.

والإجابة بخصوص موعد التسليم جاءت على لسان وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو، في مقابلة مع صحيفة "سود كويست"، حيث قال إن أوكرانيا ستكون قادرة على استخدام هذه الطائرات في النصف الأول من عام 2025.

تصعيد الأزمة

لم تأتي ردود الفعل الأولية على هذا القرار من روسيا، بل من داخل فرنسا نفسها، حيث وصف زعيم حزب "الوطنيين" فلوريان فيليبو تسليم المقاتلات بأنه "تصعيد للأزمة وتحريض على الحرب والفساد وتدمير جيشنا وفرنسا، وعار عليها"، داعيا إلى وقف ضخ الأموال والأسلحة لأوكرانيا واختيار طريق مفاوضات السلام.

وفي موسكو، قال النائب بمجلس الدوما فيتالي ميلونوف إن "توريد المقاتلات الفرنسية إلى أوكرانيا، من حيث المبدأ، لا يوجد له تأثير يذكر، لأن هذه الطائرة ليست فعالة، إنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على إدارتها، لذلك يجب على الفرنسيين تعليم الأوكرانيين ذلك، ولكن نظرا لغباء الجيش الأوكراني، سيكون من الصعب القيام بكل هذا"، بحسب تعبيره.

وبالفرنسية تعني كلمة "ميراج" السراب أو الوهم. ومن هذه التسمية الرمزية انطلق بعض الخبراء العسكريين الروس في تشكيكهم بأن قرار الإليزيه سيحدث انقلابا بموازين القوى العسكرية لصالح أوكرانيا. ووفقا لهم، فإن المقاتلات الفرنسية "التي عفا عليها الزمن" لن تكون قادرة على زعزعة ما يصفونه بالهيمنة الروسية في الجو.

وبحسب الخبير العسكري العقيد احتياط فيكتور ليتوفكين، تملك القوات الجوية الفرنسية 26 طائرة من هذا النوع، وفي العموم، لا يمكنها نقل أكثر من 6 طائرات دون الإضرار بنفسها.

نقائص

ووفق ما يقول الخبير ليتوفكين للجزيرة نت، فإن هذه المقاتلات ليست مثالية بالنسبة لكييف، فهي تحمل صواريخ أقصر مدى من طائرة إف -16، وهناك عدد قليل من الطيارين المهيئين لقيادتها في أوكرانيا.

ويوضح ليتوفكين أنه تم تصميم هذه الطائرة متعددة المهام التي أنتجتها شركة "داسو" للطيران الفرنسية في سبعينيات القرن الماضي، واليوم يتم تشغيل هذه المقاتلات من قبل عدد صغير من البلدان.

ولكن رغم أنها مجهزة بنظام رادار محدّث ويمكنها حمل صواريخ (جو-أرض)، و(جو-جو)، وقنابل موجهة بالليزر، لكنها إذا أعطيت لطيارين غير مدرّبين فستصبح "مجرد كومة من الخردة، وهي في كافة الأحوال أقل كفاءة من طائرة سو-34 الروسية"، بحسب وصفه.

وطائرة ميراج (2000-5) هي نسخة تصديرية من المقاتلة التي تم تطويرها في عام 1983، ويمكن أن تصل سرعتها القصوى إلى 1210 كيلومترات في الساعة على ارتفاعات منخفضة و2340 كيلومترا في الساعة على ارتفاعات عالية، كما أن الرادارات المثبتة على متنها قادرة على اكتشاف الأهداف على مسافة تصل إلى 130 كيلومترا.

دور ماكرون

يرى محلل الشؤون الدولية، سيرغي بيرسانوف، أن إعلان ماكرون يتناسب مع السياسة العامة لفرنسا المتمثلة في التصعيد المتزايد مع روسيا، معيدا إلى الأذهان أنه هو من روج لفكرة إرسال قوات برية إلى مناطق الصراع لدعم أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي.

وتابع أن الرئيس الفرنسي هو من يقف كذلك وراء التوجه نحو تشكيل تحالف في الاتحاد الأوروبي لإرسال مدربين بشكل مشترك إلى مناطق القتال في أوكرانيا، على فرضية أن تدريب الجيش الأوكراني على أراضيه سيكون أكثر فعالية. ويوضح أن كل الفرنسيين لا يدعمون إمدادات المساعدات إلى كييف، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في البلاد والتسبب بأزمة سياسية فيها.

كما يشكل هذا القرار -بحسب بيرسانوف- آخر مسمار في نعش الاهتمام الروسي بماكرون كـ"صانع سلام" مثلما كان يقدم نفسه في بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأنه على هذا الأساس لم يعد ممكنا إجراء أي حوار بين موسكو وباريس إلا بعد "وصول المزيد من القوى ذات التوجه الفرنسي إلى السلطة في البلاد".

ووفقا له، فإن الحديث يدور عن عدد قليل من هذه الطائرات التي لا تملك إمكانات قتالية تشكل تهديدا لروسيا، ناهيك عن أن الجانب الأوكراني لا يزال يواجه مشكلة مزمنة فيما يتعلق بإعادة تدريب الطيارين وهي عملية تستغرق وقتا طويلا لإتقان الإقلاع والهبوط وحتى الحركات البسيطة.

على هذه الخلفية، لا يستبعد بيرسانوف إمكانية أن يقوم "مرتزقة" أو طيارون غربيون بقيادة هذه المقاتلات، فضلا عن تدريب المهندسين والموظفين الفنيين الذين سيخدمونها. ويخلص إلى أنه سيكون لزاما على كييف -في كافة الأحوال- أن تفكر في البنية الأساسية اللازمة لهذه الطائرات وتأمين حمايتها حتى وهي على الأرض، فهي قادرة على "الزمجرة، ولكن فقط في أيدي محترفة وفي ظروف خاصة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هذه الطائرات قادرة على

إقرأ أيضاً:

خبراء يتوقعون ارتفاع أسعار جميع السلع في أوكرانيا بسبب إيقاف عبور الغاز الروسي إلى أوروبا

روسيا – حذر خبراء اقتصاديون في تصريحات لصحيفة “سترانا” الأوكرانية من ارتفاع أسعار جميع السلع في أوكرانيا بسبب إيقاف عبور الغاز الروسي إلى أوروبا.

وكتبت الصحيفة: “أدى وقف عبور الغاز الروسي إلى زيادة التعرفة المحلية لنقل الغاز بمقدار أربعة أضعاف، لكن هذه ليست سوى البداية”.

وأضاف المقال: “قد يرتفع سعر الغاز للسكان من 0.19 دولار إلى 0.24-0.28 دولار للمتر المكعب”.

وقال يوري كورولشوك المحلل في بنك الطاقة الأوكراني: “الأمر لا يتعلق بالمال فحسب، بل بمخاطر انقطاع إمدادات الغاز وانخفاض مستوى مخزون الطاقة في البلاد”.

وأضاف: “للحفاظ على الضغط في نظام نقل الغاز في البلاد، سيكون من الضروري استبدال الغاز الروسي بغازنا أو الغاز المستورد بكمية تصل إلى 3 مليارات متر مكعب”.

في الوقت نفسه، سيتعين توفير الغاز للمناطق البعيدة عن الأنبوب الرئيسي، وهو أمر يتطلب تكاليف إضافية ومخاطر انقطاع الغاز.

وأشار خبير سوق الطاقة أوليغ بوبينكو أن الشركات ستبدأ في تمرير الزيادة في تكاليف المنتجات بسبب ارتفاع أسعار الغاز إلى المستهلكين.

وبحسب توقعاته “في الأشهر الستة المقبلة، قد ترتفع أسعار العديد من المنتجات، وخاصة المواد الغذائية، بنسبة 10-20%”.

وكانت وزارة الطاقة الأوكرانية، قد ذكرت أنها أوقفت ضخ وعبور (ترانزيت) الغاز الروسي أراضي البلاد إلى دول الاتحاد الأوروبي اعتبارا من يوم الأربعاء الماضي.

فيما أعلنت شركة غازبروم الروسية، وقف ترانزيت الغاز عبر أوكرانيا بعد انتهاء مدة العقد مع شركة “نفتوغاز أوكرانيا” بعد رفض الجانب الأوكراني تمديد العقد أو تجديده.

ورجّح خبراء أن يؤدي وقف تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغاز في الأسواق الأوروبية.

وفي وقت سابق طالبت شركات أوروبية المفوضية الأوروبية بإيجاد حل لاستمرار تدفق الغاز الروسي عبر أوكرانيا.

 

المصدر: سترانا

مقالات مشابهة

  • زاخاروفا: أحد أهداف العملية العسكرية في أوكرانيا هو نزع السلاح
  • ماذا وراء حملة أوكرانيا اليائسة لخداع ترامب؟
  • من السعودية إلى سوريا.. إليكم عدد الطائرات الإغاثية التي وصلت دمشق للآن
  • هل سنشهد صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس ووقف إطلاق النار في لبنان؟.. خبراء يجيبون لـ "الفجر"
  • خبراء يتوقعون ارتفاع أسعار جميع السلع في أوكرانيا بسبب إيقاف عبور الغاز الروسي إلى أوروبا
  • كيف تتغلب الدولة على مخططات الغرب في ملف حقوق الإنسان؟.. خبراء يجيبون
  • «خبراء الضرائب»: 4 تيسيرات للممولين مع بداية موسم تقديم الإقرارات
  • خبراء الضرائب: 4 تيسيرات للممولين مع بداية موسم تقديم الإقرارات
  • عاجل. في أول زيارة بعد سقوط الأسد.. فرنسا تعرض تقديم دعم تقني وقانوني لصياغة الدستور السوري الجديد
  • تعرف على الدول التي تمتلك أقوى الطائرات بدون طيار في العالم: هذا ترتيب تركيا