3 ملفات ساخنة تشتعل في مصر على وقع التطورات الإقليمية.. ما هي؟
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
تتواصل الأزمات المحيطة شرقا وغربا وجنوبا بالدولة المصرية، حيث حرب الإبادة الإسرائيلية الدموية الدائرة على قطاع غزة ولبنان والتي دخلت عامها الثاني، والمواجهات العسكرية في السودان والتي تقترب من العام ونصف العام، إلى جانب أزمة مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي والصراع في القرن الإفريقي ومدخل البحر الأحمر الجنوبي، ما يزيد المخاوف على حياة أكثر من 106 ملايين مصري.
والخميس، زار رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، إريتريا، المطلة على البحر الأحمر والمجاورة للسودان وإثيوبيا، في قمة ثلاثية تشهدها العاصمة أسمرة، حيث تجمع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، والصومالي حسن شيخ، وسبقتها زيارة تنسيقية لرئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل ووزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي.
وفي مؤتمر صحفي، للرؤساء الثلاثة، شدد السيسي، أهمية علاقات الدول الثلاثة "سواء في مواجهة تحديات مشتركة بالقرن الأفريقي والبحر الأحمر"، مضيفا أن التشاور شمل بحث "سُبل التصدي لمخططات وتحركات؛ تستهدف زعزعة الاستقرار وتفكيك دول المنطقة، وتقويض الجهود الدؤوبة لدولنا وشعوبنا"، معلنا الاتفاق على "تقديم كافة أشكال الدعم للصومال".
وشهدت الشهور الأخيرة تطورات سياسية وعسكرية في القرن الإفريقي في ظل سعي إثيوبيا، التي تُعتبر قوة بارزة في المنطقة، لتعزيز نفوذها من خلال نشر قوات تحت راية الاتحاد الإفريقي في الصومال، وتأمين ممر ثابت إلى البحر الأحمر على غير رغبة مقديشيو، وذلك بعد استكمال بناء سد النهضة، الذي يمثل تهديدا "وجوديا" لمصر التي تخشى من تمدد النفوذ الإثيوبي.
وتأتي زيارة السيسي، لأسمرة، والقمة الثلاثية، في ظل اتهامات إثيوبية للقاهرة بحشد قوات عسكرية وسلاح مصري دعما لمقديشيو رفضا من القاهرة للتدخل العسكري الإثيوبي في الصومال التي تدعمها القاهرة وفقا لبروتوكول عسكري جرى توقيعه منتصف آب/ أغسطس الماضي.
تحرك السيسي، في القرن الإفريقي قرأه مراقبون ومتحدثون لـ"عربي21"، بأنه خطوة جيدة ولكنها متأخرة، نحو صناعة تحالف إقليمي من الصومال وإريتريا ضد إثيوبيا، واصفينها بأنها محاولة قد تكون يائسة للضغط على أديس أبابا في ملف مياه النيل.
"اتهامات حميدتي"
وفي ملف ثان، اتهم الأربعاء، قائد قوات "الدعم السريع" في السودان، محمد حمدان دقلو الجيش المصري بالمشاركة في المعارك العسكرية ومساندة الجيش السوداني وقصف عناصر "الدعم السريع" في جبل موية بولاية سنار، والادعاء بأن طائرات مقاتلة من طراز "سوخوي 29" تابعة لمصر ظلت تضرب قواته لساعات طويلة في جبل موية.
وبحسب "سودان تربيون"، قال حميدتي: "هُزمنا في جبل موية بولاية سنار، بواسطة الطيران المصري الغادر"، مضيفا "أنهم صمتوا طويلا حيال التدخلات المصرية في الحرب الدائرة الآن".
وأضاف: "استعنتم بكل شيء، طيران وبحر… قاتلتنا مصر.. وأثناء مفاوضات جنيف، منحت مصر الجيش 8 طائرات وقنابل زنة 250 كيلوغرام، وهي قنابل أمريكية".
وهي الاتهامات التي نفتها مصر في بيان رسمي، فيما لم يتطرق المتحدث العسكري المصري للرد على تلك الاتهامات حتى كتابة هذا التقرير.
وزارة الخارجية المصرية، قالت إن مزاعم اشتراك الطيران المصري في المعارك الدائرة في السودان تأتي "في خضم تحركات مصرية حثيثة لوقف الحرب وحماية المدنيين وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية للمتضررين من الحرب الجارية بالسودان".
وفي حديثهم لـ"عربي21"، قدم خبراء قراءة في اتهامات حميدتي للجيش المصري بالتورط في حرب السودان، مؤكدين أنه حديث المهزوم الذي يواجه ورطة مع الهزائم الأخيرة شديدة الوقع التي لحقت بقواته ومرتزقته المدعومين إماراتيا، وفق قول الصحفي جمال سلطان، عبر موقع "إكس".
خطاب زعيم ميليشيات الدعم السريع في السودان "حميدتي" الغاضب أمس، وتوزيعه الاتهامات لمصر والسعودية بالانخراط في الحرب الدائرة هناك، هو حديث شخص مأزوم، يبدو أن الرجل في ورطة، والهزائم الأخيرة التي لحقت بقواته ومرتزقته المدعومين إماراتيا كانت شديدة الوقع عليه — جمال سلطان (@gamalsultan1) October 10, 2024
"إهانة عاموس"
وفي ملف ثالث، أثار رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق عاموس يدلين، بتصريحات للقناة 12 العبرية، غضب المصريين بزعمه أنهم لن يسمحوا بتواجد جيش على حدود إسرائيل، مشيرا لمنع الجيش الأردني من الاقتراب من الضفة الغربية، والسماح بتحرك الجيش المصري في سيناء وفق تعليماتهم.
وقال نصا: "لن يكون هناك جيش على الحدود الإسرائيلية والذي ممكن أن يقتحم الدولة في اللحظة صفر"، مضيفا: "نحن لم نسمح للأردن أن تضع جيشها في الضفة الغربية، ونسمح لمصر أن تقوم بإدخال جيشها إلى سيناء في ظل هذا الردع الذي حققناه"، مؤكدا أنه "طبقا لنفس القوانين كل شخص يرفع رأسه سنزيله".
عاموس يدلين " رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الاسبق" :
لن نسمح بتواجد جيش على حدودنا الا بالمعايير التي وضعناها للجيش المصري و الجيش الاردني واللذان لا يتحركان الا بأوامر صارمة من دولتنا … "
لا غالب الا الله#طوفان_الأقصى #طوفان_النصر_والتحرير #يحيى_السنوار… http://pic.twitter.com/3TjVABkEgt — معتز مطر (@moatazmatar) October 8, 2024
متحدثون لـ"عربي21"، ومراقبون عبر مواقع التواصل الاجتماعي قالوا إن تلك التصريحات تمثل "إهانة كبيرة وصريحة للجيش المصري والأردني"، وإنه "يجب الرد عليهاط.
لكن البعض رأى أنها ليست ادعاءات من المسؤول الإسرائيلي السابق، ولكنها "حقائق مؤسفة" رآها المصريون والعرب على مدار عام من "طوفان الأقصى"، مع احتلال "إسرائيل" لمعبر رفح وغلقه، وسيطرتها على محور "فيلادلفيا" بالمخالفة لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، واتفاقية المعابر لعام 2005، وسط صمت مصري.
ننتظر ردا مصريا على هذه الإهانات بل الاتهامات الخطيرة للمؤسسة العسكرية http://pic.twitter.com/kYcv5VUDM0 — جمال سلطان (@gamalsultan1) October 9, 2024
ومنذ انطلاق "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي تبعها حرب إبادة دموية إسرائيلية تسببت في استشهاد أكثر من 40 ألف فلسطيني وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة، وهددت الحدود المصرية أكثر من مرة وقتل العديد من جنودها؛ وتطال القاهرة الانتقادات لتراجع دورها في الملف الأخطر على أمنها القومي.
وبحسب كتاب "دليل إسرائيل"، الصادر في 2020، للكاتب فادي نحاس، فإن البيئة الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على "تحييد الجبهة الجنوبية المصرية"، مشيرا إلى أن "التقديرات الاستراتيجية الإسرائيلية تُجمع على أنه لم يعد هناك خطر استراتيجي يتهدد إسرائيل من الجبهة الجنوبية، علما بأنها ظلت مصدر التهديد الرئيسي حتى مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد سنة 1979".
"خطوة حيوية لكن متأخرة"
وفي قراءته لدلالات الملفات الثلاثة، قال الأكاديمي المصري الدكتور محمد الزواوي، إن "تعزيز التواجد المصري العسكري والدبلوماسي في منطقة القرن الإفريقي خطوة حيوية للأمن القومي المصري رغم أنها جاءت متأخرة للغاية".
المحاضر في معهد الشرق بجامعة سكاريا التركية، أضاف لـ"عربي21": "ولكن تلك التحركات تعبر عن وجود إرادة مصرية لإعادة هندسة تحالفات المنطقة، التي تركتها مصر لعدد من القوى الإقليمية في السنوات الماضية مع انسحابها غير المبرر".
وتابع: "بما يعني أن القاهرة قررت أن تستعيد حضورها وريادتها مرة ثانية، بعد أن تعرضت لمخاطر جسيمة تتعلق بالملاحة في قناة السويس وتهديد منابع النيل".
ويرى الأكاديمي المصري، أيضا أن "التواجد العسكري المصري معززا بخطوات دبلوماسية ملموسة بغية تشكيل تحالف مصري إريتري صومالي يعني أن مصر تريد معاقبة إثيوبيا بحرمانها من الوصول إلى البحر الأحمر، وإظهار جدية مصر باستخدام الأسلحة النوعية التي وفرتها للصومال، لاسيما مضادات الطائرات والمدفعية".
وأكد أن "هذه رسالة بأن مصر لن تكتفي بقوات حفظ سلام ضد تواجد حركة الشباب التي تمتلك أسلحة خفيفة، ولكن ذلك التواجد موجه بالأساس إلى الجيش الإثيوبي، بعد سلسلة من التصريحات المستفزة للجانب المصري بشأن بيع مياه النيل وبناء سلسلة من السدود على النيل الأزرق".
وعن التواجد المصري في السودان، يعتقد الوزاوي، أنه "جاء كذلك متأخرا للغاية، بعد تلكؤ مصر في دعم الجيش السوداني الذي تحسبه القاهرة على الاتجاه الإسلامي، في ظل خلافات مع الإمارات بشأن الانحياز إلى قوات الدعم السريع، التي باتت تشكل تهديدا على الأمن القومي المصري بعد المذابح والتهجير والانتهاكات الواسعة بحق المدنيين، ونهب الثروات والمعادن النفسية للبلاد".
وقال إن "الجيش السوداني من المفترض أن يكون أصلا مهما للجيش المصري، لاسيما في حال اندلاع مواجهات عسكرية بشأن سد النهضة، واستخدام قواعده ومواقعه في ضمان تعزيز المصالح المصرية والسودانية في مياه النيل".
وبشأن تصريحات عاموس يدلين، أكد الأكاديمي المصري أنها "جاءت من مسئول سابق، ومن ثم فهي لا تمثل إهانة رسمية لمصر بقدر ما تمثل دعاية للاستهلاك الداخلي ومحاولة لرفع الروح المعنوية لجنوده الذين يسقطون في معارك استنزاف تبدو بلا نهاية، وقدرة صواريخ المقاومة على ضرب العمق الصهيوني، ومحاولة تهدئة مخاوف الرأي العام الداخلي بأنه لن تنضم جيوش المنطقة إلى استهداف الكيان".
"فوات الأوان.. وشماعة حميدتي"
وفي قراءته، قال الكاتب الصحفي والإعلامي قطب العربي، إن "زيارة السيسي لإريتريا وعقد قمة ثلاثية مع الرئيس الصومالي جاءت متأخرة جدا، وبعد فوات الأوان فيما يخص سد النهضة الذي اكتمل بناؤه ولم يعد هناك مجال للتأثير الحقيقي على إثيوبيا في هذا الملف".
ومع ذلك فإن العربي، في حديثه لـ"عربي21"، يرى أن "الزيارة تسهم في صناعة ربما حلف جديد بمواجهة إثيوبيا في القرن الإفريقي، وهذا الحلف يمكن أن يواجه طموحات أخرى لإثيوبيا في هذه المنطقة، ومصر تدخل كطرف داعم للصومال وإريتريا في مواجهة الطموحات الإثيوبية الأخرى".
وراح يؤكد أنه "ومع ذلك تحرك لن يسهم في حل أزمة مياه النيل؛ ولكنه كما نقول في مصر من باب (فش الغل) أو الثأر والانتقام لكنه لن يحلحل ملف سد النهضة أو يحدث فيه تغيير"، بحسب قوله.
ويرى العربي، أن "اتهام حميدتي للجيش المصري كمن يبحث عن شماعة لهزيمته في جبل مويا، وهو لا يريد أن يقتنع أن الجيش السوداني استطاع بمفرده أن يهزمه ولقد هزمه من قبل في أماكن أخرى، ولكنه يحاول تسويق رواية أن الدعم السريع هو الأعلى قدما والأرسخ على الأرض وأن الجيش السوداني لم يستطيع هزيمته منفردا".
وأوضح أنه "خلال بحثه عن شماعة للهزيمة وجد أن اتهام مصر ربما يكون مقنعا، علما بأن خارجية القاهرة نفت هذا الاتهام، لكن المؤكد أن الجيش السوداني مؤخرا استطاع تحديث سلاحه، وتطوير أداءه، وأيضا ارتفعت روحه المعنوية بعد سلسلة انتصارات حققها مؤخرا، مدعوما بالتفاف شعبي واسع من المتطوعين مع الجيش".
ولفت إلى أن تلك الحالة "أسهمت في تحرير جبل موية، وحرر من قبل الجسور والعديد من المناطق"، ملمحا إلى أن "حميدتي يتحدث من الخارج أو ربما من الإمارات واتهامه بعض الدول الأخرى بدعم الجيش السوداني، ومن الواضح أنه موصى بهذا ممن يلقنه هذه الاتهامات في إطار أحلاف إقليمية، وكان من الواضح ارتباكه وشعوره بالهزيمة".
وفي حديث رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق، يعتقد العربي، أن "هذه اتهامات خطيرة وتمثل إهانة كبيرة للجيش المصري إذا تُركت هكذا دون رد"، مضيفا: "وننتظر ردا واضحا من الجيش المصري والقيادة السياسية على هذه الاتهامات حتى لا تظل معلقة في رقبة الجيش المصري".
"أدوار وظيفية أو تكتيكية.. لا أكثر"
وفي رؤيته، قال الباحث المصري في أصول التربية السياسية يحي سعد: "للأسف لا أتوقع أن مصر -بنظامها الحالي- تجرؤ على خوض أي مواجهة عسكرية في الشرق أو الجنوب أو محيطها الإفريقي، ولا يزيد الأمر عن أن هذه التحركات إن رصدت تتعدى الأدوار الوظيفية أو التكتيكية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، مضى يؤكد أن "السيسي، أفقد الجيش المصري توازنه بتغيير عقيدته القتالية، وتغيير بوصلته العسكرية، وإشغاله بمجالات ليست من صميم مهامه الدستورية كالاقتصاد والتعليم ومزارع الخيار والطماطم والجمبري والسكك الحديدية".
وأضاف: "كل هذا فضلا عن هشاشة البنية القيادية، وتجريفها بشكل مستمر من كل قيادة يشعر ولو للحظة أن لها حظا من هيبة أو استقلالية".
وأوضح أن "ما يؤكد ذلك ما نفته وزارة الخارجية من تدخل الجيش المصري في المواجهات الدائرة في السودان، رغم حاجة الجيش السوداني للدعم في مواجهة ميليشيات الدعم السريع التي أهلكت الحرث والنسل".
وتابع: "كما استبعد محللون كثر أن تكون التحركات التي أعلن عنها مؤخرا للجيش المصري في الصومال أو القرن الإفريقي لها علاقة بالتحضير لمواجهة مع إثيوبيا إثر محاولاتها تمديد نفوذها في دول الجوار فضلا عن تهديدها القائم للأمن القومي المصري من خلال سد النهضة الإثيوبي".
وختم بالقول: "أما على صعيد الحدود الشرقية فليس أدل على تراجع هيبة مصر في نظر الكيان المحتل مما يجري في محور فيلادلفيا وقصف معبر رفح أكثر من مرة، وكذا ضعف التأثير للدور المصري في القضية الفلسطينية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية المصرية السودان السيسي مصر السيسي السودان الاحتلال القرن الأفريقي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی القرن الإفریقی الجیش السودانی البحر الأحمر الدعم السریع الجیش المصری للجیش المصری میاه النیل فی السودان المصری فی سد النهضة جبل مویة أکثر من فی جبل
إقرأ أيضاً:
مدبولي: لمست بدافوس تقديراً كاملاً للموقف المصري في كل ملفات الشرق الأوسط
استهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، المؤتمر الصحفي الأسبوعي، عقب اجتماع مجلس الوزراء، بالترحيب بالصحفيين والإعلاميين الذين حضروا المؤتمر، والذي يعقد بعد أسبوعين من التوقف، نظراً لحضوره مع عدد من الوزراء لفعاليات منتدى دافوس الاقتصادي العالمي 2025.
وبدأ الدكتور مصطفى مدبولي حديثه، بموضوع هو الأهم حالياً ألا وهو وقف إطلاق النار في غزة، قائلاً: ابدأ حديثي بموضوع الساعة والذي كان أيضاً كذلك في منتدي دافوس، ألا وهو نجاح مصر بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وهذا الأمر كان موضع تقدير شديد جداً من الأوساط العالمية، وإشادة بجهد مصر مع شقيقتنا قطر ومع الولايات المتحدة في تحقيق هذا الأمر، وبالتأكيد كانت مصر من اللحظة الأولي وعلى مدار 15 شهراً تبذل جهوداً مُضنية لتحقيق هذا الأمر، وبفضل من الله وفقنا في ذلك.
وتابع قائلاً: والشيء المهم أنه منذ اللحظة الأولي بعد التطبيق، شرعت مصر في إدخال المساعدات الإنسانية لأشقائنا في غزة، وحضرت في بداية الأسبوع الحالي انطلاق واحدة من القوافل المهمة جداً من صندوق تحيا مصر بالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني لأشقائنا في غزة، بأكثر من 305 شاحنات تحمل أكثر من 4 آلاف طن من المساعدات المختلفة، وهو جزء يسير من الحجم الكبير للمساعدات التي أدخلناها خلال الفترة الماضية.
و قال رئيس الوزراء: والشيء المهم جداً في ذات الأمر هو موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية، وهذا الموقف أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في أكثر من موضع، كما استمعنا اليوم لتصريحاتة أثناء لقائه مع رئيس جمهورية كينيا، حيث عبر بمنتهي الوضوح عن موقف مصر الثابت تماماً من القضية الفلسطينية، ووقوف مصر الكامل مع أشقائنا الفلسطينيين، وحقهم في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهذه هي ثوابت الموقف المصري، وأعتقد أن تصريح الرئيس واضح تماماً في هذا الأمر.
وانتقل رئيس الوزراء، للحديث عن منتدي دافوس 2025، قائلاً: أذهب معكم لمنتدي دافوس، ومن المهم هنا أن يعرف كل المصريين ما يحدث على مستوي العالم، فبجانب الشق السياسي للمنتدي على الرغم من كونه منتدي اقتصادياً في الأساس، فقد كان الجانب السياسي طاغياً أيضاً في هذا الأمر، وكانت أغلب النقاشات في الاجتماعات المغلقة التي شاركت فيها مع رؤساء جمهوريات ورؤساء وزراء وقيادات تنفيذية على مستوي العالم، تناقش الشأن العالمي خاصةً بعد وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى الحكم، وتداعيات هذا الموضوع على كل العالم بما في ذلك أوروبا ومنطقتنا، وكذلك كيف ينظر العالم للفترة القادمة، ولكن كانت أيضاً منطقة الشرق الأوسط وتحديداً ما يحدث في غزة، وما حدث من تطورات في الشقيقة سوريا، محوراً لاهتمام العالم كله، ونقاشات حول مستقبل المنطقة أيضاً، وكان هناك حرص شديد من كل الزعماء الذين قابلتهم هناك، ومنهم مستشار دولة النمسا، ورئيس وزراء كرواتيا، وعدد من القيادات، لمعرفة موقف مصر من كل هذه القضايا، وكان هناك تقدير كامل للموقف المصري في كل الملفات الخاصة بالشرق الأوسط، والإشادة بالموقف المتزن في هذا الأمر ورؤية القيادة السياسية الحكيمة في إدارة كل هذه الملفات في ظل عالم شديد الاضطراب ومنطقة شديدة الاضطراب.
وأضاف: كما كانت هناك لقاءات على مدار ثلاثة أيام مكثفة، مع العديد من مسئولي الشركات العالمية الذين أبدوا اهتماماً شديداً بالاستثمار في مصر أو التوسع في استثماراتهم فيها.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أنه كان هناك عدد من الشركات العالمية المتخصصة في عدة مجالات متنوعة، منها شركة "ديمي" البلجيكية، وشركة "سيمنز" الألمانية، وشركة "يارا كلين أمونيا" النرويجية، المتخصصة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة الهيدروجين الأخضر، بجانب شركة "أكوا باور"، وكذلك شركة "أكسيونا إنيرجيا" الإسبانية، بالإضافة إلى مجموعة "فولفو" للسيارات، حيث دار نقاش حول مجال تصنيع السيارات والشاحنات الكهربائية في مصر، بجانب شركة "ميرسك" للشحن، ودار نقاش حول رؤية الشركة والشركات الدولية الأخرى المتخصصة في هذا المجال فيما يخص عودة الشحن من خلال قناة السويس مع استقرار الأوضاع في البحر الأحمر، وشركة أخرى للأجهزة المنزلية، وشركة إيني الإيطالية، وهي واحدة من أكبر شركات الغاز على مستوى العالم.
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس الوزراء أنه أجرى لقاء مع رئيس الشركة الإيطالية والذي أكد نقطة مهمة وهي أن الحفار الخاص بحقل "ظهر" سيعود مرة أخرى وهو ما تم بالفعل، حيث بدأت الأعمال التجهيزية أمس تمهيداً لإعادة الحفر مرة أخرى وزيادة الطاقة الإنتاجية بالحقل، كما أن رئيس الشركة أكد أن الإصلاحات التي قامت بها الدولة المصرية، بجانب سداد مستحقات الشركات الأجنبية، والانتظام في السداد، من شأنها أن تُعيد مصر إلى تصدير الغاز؛ حيث توقع رئيس الشركة أن يزيد حجم الإنتاج من الغاز خلال العامين المقبلين، وهو ما يسمح لمصر أن يكون لديها فائض في هذه السلعة الاستراتيجية المهمة للغاية خلال الفترة المقبلة.
كما تطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه في إطار اتفاقيات الشراكة المهمة بين مصر والدول المتقدمة، كان هناك توقيع اتفاق بين اللجنة الاقتصادية المشتركة بين مصر وسويسرا، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مجالات: التجارة، والاستثمار، والتنمية الاقتصادية.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى اللقاء الذي عقده مع رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار، على هامش حضوره منتدى دافوس؛ حيث تناول اللقاء مناقشة جميع برامج البنك في مصر، وكذلك الرؤية المستقبلية للبنك في مشروعاته القادمة بها، مُشيراً أيضاً للقائه بمديرة صندوق النقد الدولي، حيث تم التأكيد خلال اللقاء أن مصر تسير في خططها بصورة جيدة.
كما لفت رئيس الوزراء للقاء الذي عقده مع معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن، رئيس وزراء قطر، وزير الخارجية، حيث ناقش اللقاء العديد من القضايا السياسية، بحكم أن مصر وقطر تشتركان في الوساطة الدولية في ملف وقف إطلاق النار بقطاع غزة، ولم يخل اللقاء من تناول عدد من الموضوعات التي تهم الجانب الاقتصادي، ولاسيما المشروعات والاستثمار المشترك، مُعرباً عن أمله في أن تكون هناك خطوات تنفيذية لهذا الأمر خلال الفترة المقبلة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أن الجميع تابع أولي جلسات اللجان الاستشارية مع القطاع الخاص، حيث عقدنا أمس لقاءً مطولاً مع أعضاء تلك اللجان، وتم عرض تصور عمل هذه اللجان اعتباراً من الأسبوع المقبل، مؤكداً الحرص الشديد من جانب الحكومة على إنجاح هذه المبادرة، لكونها تحقق العديد من الأهداف الإيجابية من تعزيز التواصل والتكامل بين الحكومة والقطاع الخاص، لتحقيق الطفرة التنموية والاقتصادية التي نأملها خلال الفترة القصيرة القادمة، حيث لا يتم الحديث عن مدى متوسط أو بعيد، وإنما مدى فوري، حيث نضع سوياً مستهدفات لتحقيقها على مدار أعوام 2025 و 2026 و 2027، ليكون لدينا مستهدفات نتفق عليها، ونشرع كحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص في تحقيق هذا الأمر خلال الفترة القادمة.
وفي إطار جذب الاستثمارات الدولية، أشار رئيس الوزراء، إلى أن مجلس الوزراء ناقش اليوم مسودة مشروع قانون المناطق المركزية للمال والأعمال، مُعتبراً أن هذا الملف شديد الأهمية، بالنظر الى أن عدداً كبيراً من الدول حقق نجاحاً من خلال إنشاء هذه النوعية من المراكز، في جذب الاستثمارات الدولية، بحيث تكون تلك المناطق مقار للعديد من الشركات العالمية في هذه الدول، وتحقيق استثمارات اجنبية مباشرة بمئات المليارات من الدولارات، لافتاً الى أنه تم مناقشة مسودة مشروع القانون وابداء عدد من الملاحظات من الوزراء وتم الاتفاق على إعادة عرضه الأسبوع القادم.
واختتم الدكتور مصطفى مدبولي حديثه بملف الطاقة، مُتحدثاً عن الكشف الجديد الذي ظهر في خليج السويس، من إحدى الشركات المصرية العاملة في مجال الزيت، والذي يفتح آمال كبيرة في هذه المنطقة من جديد، ويفتح المجال لاكتشافات أكثر بها خلال الفترة القادمة في هذا القطاع المهم جداً.