الانكماش الاقتصادي في إسرائيل: التكلفة الباهظة للحرب المستمرة
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
مع تصاعد حدة الصراع بين إسرائيل وحماس وحزب الله، أصبحت التداعيات الاقتصادية أكثر حدة على نحو متزايد. الحرب المطولة، والتي أتمت الآن عامها الأول، لم تشكل ضغطا كبيرا على موارد البلاد فحسب، بل ألقت أيضا بظلالها الطويلة على استقرارها الاقتصادي. هناك آثار اقتصادية متعددة الأوجه للحرب الإسرائيلية الآخذة في الاتساع، ونحن ندرس هنا العواقب الفورية والطويلة الأجل لمختلف القطاعات والآثار الأوسع نطاقا على المنطقة.
الخسائر الاقتصادية المباشرة
إن الخسائر الاقتصادية المباشرة الناجمة عن الصراع واضحة في عدة مجالات رئيسية. وارتفعت نفقات الدفاع بشكل كبير، حيث قدر بنك إسرائيل أن التكاليف الناجمة عن الحرب ستصل إلى 250 مليار شيكل (66 مليار دولار) حتى نهاية العام المقبل. ويشمل ذلك النفقات العسكرية والمدنية، مثل إسكان آلاف الإسرائيليين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في الشمال والجنوب.
كما أدى التصعيد إلى تخفيض كبير في التصنيف الائتماني لإسرائيل، فخفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين مؤخرا التصنيف الائتماني لإسرائيل من A2 إلى Baa1، مشيرة إلى المخاطر الجيوسياسية المتزايدة والصراع المطول مع حزب الله في لبنان. ويعكس هذا التخفيض تزايد حالة عدم اليقين والمخاطر المرتبطة بالاستثمار في إسرائيل، الأمر الذي يمكن أن يردع الاستثمار الأجنبي ويفاقم عدم الاستقرار الاقتصادي.
أدى التصعيد إلى تخفيض كبير في التصنيف الائتماني لإسرائيل، فخفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين مؤخرا التصنيف الائتماني لإسرائيل من A2 إلى Baa1، مشيرة إلى المخاطر الجيوسياسية المتزايدة والصراع المطول مع حزب الله في لبنان. ويعكس هذا التخفيض تزايد حالة عدم اليقين والمخاطر المرتبطة بالاستثمار في إسرائيل
التأثير على القطاعات الرئيسية
صناعة التكنولوجيا الفائقة: أظهرت صناعة التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، وهي حجر الزاوية في اقتصادها، مرونة ولكنها ليست محصنة ضد آثار الصراع. وواجه القطاع اضطرابات بسبب تعبئة جنود الاحتياط، وكثير منهم موظفون رئيسيون في شركات التكنولوجيا. بالإضافة إلى ذلك، تباطأت استثمارات رأس المال المغامر، حيث أصبح المستثمرون حذرين من المخاطر المتزايدة المرتبطة بالصراع المستمر.
السياحة: هي قطاع حيوي آخر تضرر بشدة. وأفاد المكتب المركزي للإحصاء عن انخفاض السياحة بأكثر من 75 في المئة، مما ترك العديد من الشركات في المناطق السياحية الشهيرة تكافح من أجل البقاء. وتشهد شوارع البلدة القديمة في القدس التي كانت مزدحمة في السابق عددا أقل بكثير من الزوار، مما يؤثر على الاقتصادات المحلية التي تعتمد على عائدات السياحة.
البناء والزراعة: عانى هذان القطاعان أيضا بسبب الصراع، فقد توقفت مشاريع البناء، وتعطلت الأنشطة الزراعية، وخاصة في المناطق القريبة من مناطق الصراع. وقد أدى إلغاء تصاريح العمال الفلسطينيين في أعقاب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إلى تفاقم هذه التحديات.
التداعيات الاقتصادية الأوسع نطاقا
إن التداعيات الاقتصادية الأوسع نطاقا للصراع عميقة، وتم تعديل توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بشكل كبير إلى أسفل. قبل الصراع، توقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد الإسرائيلي 3.4 في المئة في عام 2024، ومع ذلك، فإن التوقعات الحالية تتراوح بين 1 في المئة و1.9 في المئة، مما يعكس التأثير الشديد للحرب الجارية.
إن التضخم يشكل قضية بالغة الأهمية، فقد أدى ارتفاع الأجور والإنفاق الحكومي المتزايد لتمويل الحرب إلى زيادة التضخم، الأمر الذي حد من قدرة البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة وتحفيز النمو الاقتصادي. ويؤدي هذا الضغط التضخمي إلى تآكل القدرة الشرائية ومستويات المعيشة، مما يزيد الضغوط على الإسرائيليين.
اضطرابات رأس المال البشري والقوى العاملة
كان لتعبئة جنود الاحتياط تأثير كبير على القوی العاملة، وتكافح العديد من الشركات، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، للعمل بعدد موظفين أقل. لقد تأثرت صناعة التكنولوجيا، التي تعتمد بشكل كبير على المهنيين المهرة، بشكل خاص، وأدى فقدان الموظفين الرئيسيين للخدمة العسكرية إلى تعطيل العمليات وإبطاء الابتكار
كان لتعبئة جنود الاحتياط تأثير كبير على القوی العاملة، وتكافح العديد من الشركات، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، للعمل بعدد موظفين أقل. لقد تأثرت صناعة التكنولوجيا، التي تعتمد بشكل كبير على المهنيين المهرة، بشكل خاص، وأدى فقدان الموظفين الرئيسيين للخدمة العسكرية إلى تعطيل العمليات وإبطاء الابتكار.
علاوة على ذلك، لا يمكن التقليل من شأن الخسائر النفسية للصراع على القوى العاملة، ولقد أثر التهديد المستمر بالهجمات والضغوط الناجمة عن الصراع المطول على الإنتاجية والمعنويات. ويشكل هذا الاضطراب في رأس المال البشري تحديا طويل الأمد للتعافي الاقتصادي في إسرائيل.
تأثير المقاطعة العالمية
لقد أدت المقاطعة العالمية للمنتجات الإسرائيلية إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية، فقد دعت عدة دول ومنظمات دولية إلى مقاطعة إسرائيل ردا على الصراع، ما أدى إلى انخفاض كبير في الصادرات. وقد أثر ذلك بشكل خاص على القطاعين الزراعي والتصنيعي، اللذين يعتمدان بشكل كبير على الأسواق الدولية. ولم تقلل المقاطعة الإيرادات فحسب، بل أضرت أيضا بالعلاقات التجارية لإسرائيل، مما جعل تأمين أسواق جديدة أكثر صعوبة.
الاقتراض الحكومي وعجز الموازنة
لقد ارتفع الاقتراض الحكومي بشكل كبير مع استمرار الصراع، ومن أجل تمويل جهود الحرب وتغطية الإنفاق الدفاعي المتزايد، اضطرت إسرائيل إلى إصدار المزيد من السندات. ومع ذلك، فإن المخاطر الجيوسياسية المتزايدة جعلت الاقتراض أكثر تكلفة، ويطالب المستثمرون بعوائد أعلى للتعويض عن المخاطر المتزايدة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة على السندات الإسرائيلية. وقد أدى ذلك إلى زيادة الضغط على الموارد المالية للحكومة، مما زاد من تكلفة خدمة الديون.
كما أدى الصراع إلى مضاعفة عجز الميزانية الإسرائيلية. قبل الحرب، بلغ العجز 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، فإن زيادة الإنفاق على الدفاع والنفقات الأخرى المرتبطة بالحرب، إلى جانب انخفاض الإيرادات، دفعت العجز إلى 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويشكل هذا العجز المتزايد تحديا كبيرا للحكومة، مما يحد من قدرتها على الاستثمار في مجالات حيوية أخرى مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية.
رحيل دافعي الضرائب ذوي الدخل المرتفع
مصدر قلق كبير آخر هو المغادرة المحتملة على نطاق واسع لدافعي الضرائب ذوي الدخل المرتفع. لقد أدى الصراع المطول وعدم الاستقرار الاقتصادي المرتبط به إلى دفع العديد من الأفراد من ذوي الدخل المرتفع إلى التفكير في الانتقال إلى بيئات أكثر استقرارا. ومن شأن هذا الخروج أن يزيد من الضغوط على مالية إسرائيل، حيث يساهم دافعو الضرائب من ذوي الدخول المرتفعة بشكل كبير في إيرادات الحكومة، وإن فقدان هذه القاعدة الضريبية الحيوية من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة ويحد من قدرة الحكومة على تمويل الخدمات الأساسية وجهود التعافي.
التأثير الاقتصادي الإقليمي
أدت الحرب الطويلة إلى تحويل الموارد بعيدا عن المجالات الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية وتطوير البنية التحتية، ومن الممكن أن يؤدي هذا التحويل للموارد إلى آثار دائمة على الإمكانات الاقتصادية والتنمية الاجتماعية لإسرائيل
إن التأثير الاقتصادي للصراع يمتد إلى ما هو أبعد من حدود إسرائيل. وشهد لبنان، الذي يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية حادة، انكماشا اقتصاديا أكثر بسبب الهجمات عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل. وتشير تقديرات شركة "بي إم آي"، وهي شركة أبحاث السوق المملوكة لشركة فيتش سوليوشنز، إلى أن الاقتصاد اللبناني قد ينكمش بنسبة تصل إلى 5 في المئة هذا العام.
كما تشعر منطقة الشرق الأوسط الأوسع بالآثار، وقد أدى الصراع إلى زيادة التوترات الجيوسياسية، مما أدى إلى زيادة التقلبات في الأسواق الإقليمية. وتشهد الدول التي تربطها علاقات اقتصادية وثيقة بإسرائيل، مثل الأردن ومصر، اضطرابات في تدفقات التجارة والاستثمار.
العواقب الاقتصادية الطويلة الأجل
من المرجح أن تكون العواقب الاقتصادية الطويلة الأجل للصراع وخيمة. لقد أدت الحرب الطويلة إلى تحويل الموارد بعيدا عن المجالات الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية وتطوير البنية التحتية، ومن الممكن أن يؤدي هذا التحويل للموارد إلى آثار دائمة على الإمكانات الاقتصادية والتنمية الاجتماعية لإسرائيل.
علاوة على ذلك، أضر الصراع بسمعة إسرائيل كوجهة مستقرة وآمنة للاستثمار، ومن المرجح أن تؤدي التخفيضات المتكررة لتصنيفها الائتماني وتزايد المخاطر الجيوسياسية إلى ردع المستثمرين الأجانب، مما يحد من تدفق رأس المال المطلوب بشدة لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل الاقتصادية التضخم اقتصاد إسرائيل تضخم انكماش مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التصنیف الائتمانی لإسرائیل المخاطر الجیوسیاسیة صناعة التکنولوجیا فی إسرائیل بشکل کبیر إلى زیادة العدید من رأس المال کبیر على فی المئة کبیر فی
إقرأ أيضاً:
ضغط متوقع على أسعار النفط في 2025 وسط التقلبات الاقتصادية
"العُمانية" و"رويترز": بلغ سعر نفط عُمان اليوم الرسمي تسليم مايو المقبل 74 دولارًا أمريكيًّا و79 سنتًا ، مسجلًا ارتفاعًا قدره 26 سنتًا مقارنة بسعر يوم الجمعة الماضي الذي بلغ 74 دولارًا أمريكيًّا و53 سنتًا.
وفيما يتعلق بالمعدل الشهري، بلغ متوسط سعر النفط العُماني لشهر مارس الجاري 80 دولارًا أمريكيًّا و26 سنتًا للبرميل، بزيادة قدرها 7 دولارات و10 سنتات مقارنة بسعر تسليم شهر فبراير الماضي.
وأظهر استطلاع أجرته رويترز أن أسعار النفط ستظل تحت الضغط في عام 2025، حيث تؤثر الرسوم الجمركية الأمريكية وتباطؤ النمو الاقتصادي في الهند والصين على الطلب، بينما تواصل أوبك+ خططها لزيادة الإنتاج.
وتوقع الاستطلاع، الذي شارك فيه 49 خبيرًا ومحللاً اقتصاديًا في مارس، أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 72.94 دولارًا للبرميل في 2025، بانخفاض عن تقديرات فبراير التي بلغت 74.63 دولارًا. كما يتوقع أن يبلغ متوسط سعر الخام الأمريكي 69.16 دولارًا للبرميل، وهو انخفاض طفيف عن التوقعات السابقة البالغة 70 دولارًا.
وقال فلوريان جرونبرجر، كبير المحللين لدى "كبلر"، إن سوق النفط يواجه تحولًا إلى فائض قد يصل إلى 300 ألف برميل يوميًا هذا العام، بسبب ضعف التوقعات الاقتصادية في الصين وهبوط الطلب من الهند، وهو ما عوض تحسن الطلب الأوروبي.
وأضاف أن "هذا التحول يعود إلى العوامل الاقتصادية الكلية، التي أثرت على الطلب الكلي".
من جانبها، توقعت منظمة أوبك في تقريرها هذا الشهر زيادة الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.45 مليون برميل يوميًا في 2025، و1.43 مليون برميل يوميًا في 2026.
ومع ذلك، حذر المحللون من أن السياسات التجارية للرئيس الأمريكي قد تعرقل هذه التوقعات، حيث قد تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي وارتفاع التضخم.
وفي سياق آخر، فرض الرئيس الأمريكي "سياسة أقصى الضغوط" على إيران لخفض صادراتها النفطية إلى الصفر، وأعلن عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على أي دولة تشتري النفط أو الغاز من فنزويلا.
وقال فرانك شالينبرجر، رئيس أبحاث السلع الأولية لدى "إل.بي.بي.دبليو": "قد تؤدي المزيد من العقوبات الأمريكية على منتجين مثل إيران وفنزويلا إلى تقليص المعروض العالمي من النفط، مما قد يدفع الأسعار للارتفاع"، وأشار إلى أن عودة النفط الروسي إلى الأسواق قد تؤثر سلبًا على الأسعار.
ويتوقع المحللون أن تواصل أوبك+، التي تضم دولًا من أوبك وحلفاء من خارجها بقيادة روسيا، سياسة مرنة بشأن زيادات الإنتاج.
وقال جون بايزي، رئيس شركة "ستراتاس أدفايزرز": "لا نعتقد أن أوبك+ ستزيد العرض بشكل كبير هذا العام، لكنها ستسعى لرفع الأسعار من خلال السماح للطلب بتجاوز العرض في الأرباع الأخيرة من العام".
وفي تداولات اليوم ارتفعت أسعار النفط بنسبة 1%، حيث سجل خام برنت تسليم يونيو 73.45 دولارًا للبرميل، بزيادة قدرها 69 سنتًا أو 0.95%، كما صعد خام غرب تكساس الوسيط 68 سنتًا أو 0.98% ليصل إلى 70.04 دولارًا للبرميل.
وتتجه أسعار الخامين نحو إنهاء الشهر على ارتفاع.
وذكر جيوفاني ستونوفو، المحلل لدى "يوم.بي.إس": أسواق النفط تراقب التهديدات المتعلقة بالرسوم الجمركية على النفط الروسي والإيراني رغم أن الرئيس الأمريكي أشار إلى عزمه عدم تطبيقها في الوقت الحالي، وأضاف أن هناك خطرًا متزايدًا من نمو المعروض في المستقبل، مما قد يؤثر على الأسعار.
من جانب آخر، قال محللون إن الرئيس الأمريكي قد لا ينفذ تهديداته بفرض الرسوم الجمركية، وهو ما قد يحد من صعود أسعار النفط، وقال توني سيكامور، المحلل في "آي.جي": "إن التهديدات بفرض الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية تؤثر على النمو العالمي، وبالتالي الطلب على النفط الخام".
وتوقع يوكي تاكاشيما، الخبير الاقتصادي في شركة "نومورا للأوراق المالية": "أن يتراوح سعر خام غرب تكساس الوسيط بين 65 و75 دولارًا في الوقت الحالي، في ظل تقييم الأسواق لتأثير الرسوم الجمركية على إمدادات النفط والاقتصاد العالمي".
وقالت مصادر مطلعة لرويترز إن المحادثات فيما يخص صادرات النفط الكردية عبر خط الأنابيب العراقي التركي بشأن استئناف الصادرات تتعثر بسبب استمرار الغموض بشأن المدفوعات والعقود .