ألقى الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري المسلمين خطبة الجمعة بالمسجد الحرام اليوم، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوَى اللهِ، فالتَّقوَى أساس الفَلاحِ، ومِفتَاحُ النَّجَاحِ.
وقال: إنَّ منْ أعظمِ نِعَمِ الله على عبادِه بعدَ الإيمانِ نعمة الأمن والأمانِ، فهي هبة مِنَ الكريمِ الرحمنِ، لا تُقَدَّرُ بالأثمان، ولا تُشترى بالأموالِ، ولا يَهنأ عيشٌ بدونِهَا، ولا تطيبُ حياة بفقدِهَا فباستتبابِ الأمن تُقام شعائرُ الدينِ، وينتشرُ العلمُ، وتجتمعُ الكلمةُ، ويُحكمُ بالعدلِ، وتُحفَظُ الحقوقُ، وتُغدقُ الأرزاقُ، وتتمُّ المصالحُ، ويتبادلُ الناسُ المنافعَ، وتُقام الحدودُ، ويُكَفُّ المُفسِدُ، ويُكبَتُ العدوُّ، ويأمن الناسُ على دمائِهِم وأموالِهِم وأعراضِهِم.


وأضاف: وإذا اختلَّ الأمن تبدلتِ الأحوالُ، ولم يهنأْ أحد براحة بالٍ، فيفشُو الجهلُ، ويشيعُ الظلمُ، وتضيعُ الحقوقُ، وتختلُ المعايشُ، وتُنتهكُ الأعراضُ، وتُسفكُ الدماءُ، وتُهجرُ الأوطان.
ولفت الشيخ ياسر الدوسري إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم نعمة الأمن على نعمتي الصحة والرزقِ، مُبينًا لأمتِه عليه الصلاة والسلام أهمية الأمن في الحياةِ، فقالَ: “مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَه قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَه الدُّنْيَا”.
وقال: لقدْ وعدَ الله عبادَه بالأمن متى ما آمنوا به ووحدُوه، واستقاموا على طاعته وعبدُوه، نظرًا لما للأمن من مكانة في الإسلام، كمقصدٍ من مقاصده الكبرى، وغاية منْ غاياته العُظمى، وقدْ شرعَ الله له منَ الأحكامِ ما يكفلُه، وأحاطَه منَ السياجِ بما يصونهُ، فأوجبَ المحافظة على الدِّينِ والنفسِ والعقلِ والعرضِ والمالِ. وقدْ تضافَرتْ نصوصُ الوحيين على ذلكَ، وحرَّمتْ كلَّ وسيلة تُؤدِّي إلى النَّيْل مِنَ الضروراتِ الخمس، وشرَعتْ منَ الأحكام الزاجرة ما يمنعُ مِنَ التعرُّضِ لها، أو المساسِ بجنابِهَا. وجاءتِ الشريعة بالنهي عنْ كلِّ ما يُؤذِي الناسَ، حتى في طرقاتِهِم وأسواقهِم ومواضعِ حاجاتِهِم.
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن الأمن لم يقتصرْ تحقيقُه على المسلمين فحسب، بلِ اعتنى الإسلام بتأمينِ حياة غيرِهِم، وحمَى حقوقَهُم،، مشددًا على أنَّ نعمة الأمن لا تتحققُ إلا بوجودِ مقوماتِهَا، ولا تثبتُ إلا بدوامِ أسبابِهَا وأولها وأولاها: توحيدُ الله، وتخليصُه منْ شوائبِ الشركِ، ومجانبة البدعِ والخرافاتِ؛ فالتوحيدُ يُثمرُ الأمن والأمان؛ قالَ سبحانه: {الَّذِينَ آمنوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أولئِكَ لَهُمُ الْأمن وَهُمْ مُهْتَدُونَ}. فالموحِّدُ المستقيمُ على أمرِ الله آمن في الدنيا، وآمن في الآخرةِ، يقولُ تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَة فَلَه خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ أمنونَ}. والمرادُ بالحسنة هنا توحيدُ الله.
وأكد على أهمية شكرُ الله تعالى على نعمة التوحيدِ والأمن والأمانِ، والحذرُ منَ الجحودِ والنكرانِ؛ فإنَّ النِّعمَ إذا شُكِرتْ قرَّتْ، وإذا كُفِرتْ فرَّتْ. والشكرُ مُؤذنٌ بالزيادةِ.
وأوصى فضيلته المسلمين بكثرة الدعاءِ بدوامِ الأمن والأمانِ، اقتداءً بالأنبياءِ عليهم الصلاة والسلامُ، والسمعُ والطاعة لولاة الأمرِ، ولزومُ جماعة المسلمين؛ فلا أمن إلا بجماعةٍ، ولا جماعة إلا بإمامٍ، ولا إمامَ إلا بسمعٍ وطاعةٍ. ولزومُ العلماءِ الربانيين الراسخين في العلمِ؛ ففي ذلك سلامة في المنهجِ، ونورٌ في الفَهمِ، وسدادٌ في الرأي، وجلبٌ للمصالحِ، ودرءٌ للمفاسدِ، وترسيخُ الأمن الفكري وتقويتُه لدى الناشئة والمجتمعِ؛ لحمايتِهِم وتحصينِهِم منَ العقائدِ الفاسدةِ، والأفكار المُنحرفةِ، والجماعاتِ المُتطرفةِ، والفِرَقِ المشبوهةِ، والأحزابِ الموبوءةِ، التي تسعَى لشقِّ عصَا الطاعةِ، وتفريقِ الجماعةِ، فمتى ما تغذتْ عُقولُ الناسِ بالأفكار السليمةِ، والمفاهيمِ الصحيحةِ، البعيدة عنْ تحريفِ الغلاة وانتحالِ المبطلين؛ أمنتْ حياتُهُم، واستقامتْ معيشتُهُم، وتحققتْ أحلامُهُم.
وشدد الشيخ ياسر الدوسري على أن أمرًا هذا شأنُه، ونعمة هذا أثرُها، لجديرٌ بنا أن نبذِلَ في سبيلِهَا كلَّ غالٍ ونفيسٍ، وأنْ نستثمرَ كلَّ الطاقاتِ، وأنْ نُسَخِّرَ الإمكاناتِ كافة في سبيلِ تعزيزِهَا والمحافظة عليهَا.
وقال: وإنَّنا في هذا المقامِ لنشكر الله تعالى ونحمده على ما أنعمَ به علينَا مِنْ نِعَمٍ تترَى، وأفضالٍ لا تُحصَى، وعلى مَا نتفيأُ ظلالَه مِنْ أمن وأمانٍ واستقرارٍ، ورخاءٍ ونمو وازدهارٍ، في ظلِّ قيادتِنَا الرشيدة لهذه الدولة المباركة منذُ تأسيسها إلى هذا العهدِ الزاهرِ، التي استمدتْ دستورَها منْ كتابِ الله وسنة رسولِه صلَّى الله عليه وسلَّمَ؛ فأصبحتْ دولة عظيمة في أصالتِها ومعاصرتِها، ومَا زالتْ كذلكَ برؤيتِها وإنجازاتِها، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملكِ سلمانَ بنِ عبدِالعزيزِ آل سعود، وولي عهدِه الأمين، أَيدَهُما الله بتأييدِه، وأمدَّهُما بعونِه وتوفيقِه وتسديدِهِ، وبَارَكَ في مساعِيهِما، وجَزَاهُما الله عنَّا وعنِ البلادِ والعبادِ وعنِ الإسلام والمسلمين خيرَ الجزاءِ وأعظمَه وأوفاه.

* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى فضيلة الشيخ د. صلاح البدير خطبة الجمعة اليوم، وبدأ خطبته بقوله: أيها المسلمون، من الأخلاق العلية والشمائل السنية والشيم المرضية التواضع، وترك الزهو والخيلاء والفخر والبذخ والتطاول على العباد.
والتواضع: لين الجانب، ولطافة القول، ومسالمة الناس، وخفض الجناح للمؤمنين في غير منقصة ولا مسكنة ولا مهانة. والتواضع مجلبة للمودة والشرف والعلاء، والتَغَطْرُفُ مَدْرجة للمقت والبغض والعداء. قال أبو حاتم: ما استجلبت البغضة بمثل التكبر، ولا اكتسبت المحبة بمثل التواضع.
وأضاف: خير الرجال من تواضع عن رفعة، وعفا عن قدرة، وأنصف عن قوة، وشرّ الرجال الغِطْرِيْسُ المُتَكَبِّرُ المتبجح المتفخّر المتعظّم المختال المتطاول الرافع أنفَه ورأسه تيهًا وكبْرًا، الذي استخفه الحُمْق والجهل حتى جاوز قدْرَه، وعَدَا طوره، ورفع نَفْسَه فَوْقَ كُلِّ أحد، ولم ير حقًا لِأحد، وظنّ أنه لا أحد يقدر أَن يعاليه ويساميه، وإذا تسنم المَزْهُو المعجبُ بنفسه رتبة، أو نال منزلة، أو تولّى منصبًا، ملأ المواطن صخبًا مُذْ حَلَّها، وأفسد بتكبره وتجبره مَحَلَّها، وكدّر بالمكائد والأحقاد صفوها، وبدّد شملها.
وأوضح فضيلته: من وضع نفسه دون قدره رفعه الناس فوق قدره، ومن رفعها عن حده وضعه الناس دون حده، قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهلونَ قَالُوا سَلَامًا}. قال ابن كثير: “أي: بِسَكِينَة ووَقَارٍ مِنْ غَيْرِ جَبَرية ولَا اسْتِكْبَارٍ”.
وأكمل: وعن عِيَاضِ بنِ حمارٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله ﷺ: «إنَّ الله أوْحَى إِلَي أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أحد عَلَى أحَدٍ، ولاَ يَبْغِي أحد عَلَى أحَدٍ» أخرجه مسلم. قال القرطبي: “التواضع نقيض التكبر، والتكبر: هو الترفع على الغير. فالتواضع: هو الانخفاض للغير. وحاصله أن المتكبر يرى لنفسه مزية على الغير، تحمله على احتقاره، والمتواضع لا يرى لنفسه مزية، بل يراها لغيره؛ فيحمله ذلك على الانخفاض له، مراعاة لحقه”.
وأكد فضيلته: تواضعوا مع من تعيشون معهم في البيوت، وتشاركونهم الزاد والقوت، تواضعوا مع من تجاورونهم في الصباح والمساء، تواضعوا مع الأهل والأولاد والنساء، تواضعوا مع الوالدين اللذين قضى الله أن تخفض لهما جناحك، وأن تلين لهما كلامك، وأن تبذل لهما تواضعك وتذللك وعطفك وحنانك، وأن تخفض لهما صوتك، وتكف عنهما تأففك وضجرك وصراخك وصياحك واستعلاءك، تواضعوا مع من توجهون له الخطاب، وتطلبون منه الجواب، تواضعوا مع العلماء والأساتذة والمدرسين والمفيدين، تواضعوا مع الطلبة والدارسين والمتعلمين، تواضعوا مع من تتعاملون معه بيعًا وشراء، وأجرة وكراء، ومبادلة وعطاءً، ومجالسة ومجاورة ومزاملة ومصاحبة وإخاء.
واختتم الخطبة بقوله: التواضع منه أعلى وأدنى، فالأعلى هو التواضع لله تعالى، والأدنى: هو ما عداه. وآية ذلك تواضع العبد لعظمة الربِّ وجلاله، وخضوعه لعزته وكبريائه.. فكلما شمختْ نفسه ذكَر عظمة الربِّ تعالى؛ فتواضعت إليه نفسه، وانكسر لعظمة الله قلبُه، وأخبت لسلطانه.. ومن خضع لله تعالى، واندك قلبه من هيبته، وانكسر من محبته، وخشع من مخافته، واستكان وخشع وتواضع.. أعزّه الله -عز وجل- ورفعه.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الأمن والأمان ى الله

إقرأ أيضاً:

بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة بالحرمين الشريفين

بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة بالحرمين الشريفين، يؤدي المسلمون اليوم  صلاة الجمعة الثانية من ربيع الآخر 1446 من رحاب المسجد الحرام والنبوي، حيث تنقل قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية السعوديتين البث المباشر  لشعائر الصلاة على الهواء مباشرة.

صلاة الجمعة من الحرم المكي 

 

صلاة الجمعة من المدينة المنورة

 

 صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة:ومن صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: «اللهم صلِّ على سيدنا محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم».اللهم صل وسلم على سيدنا محمد صلاة تنحل بها عقدتي، وتنفرج بها كربتي، وتنكشف بها غمتي، وتنقذني بها من وحلتي، وتقيلني بها من عثرتي، وتقضي بها حاجتي، وبأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.اللهم صلِّ وسلم بأنواع كمالاتك، في جميع تجلياتك، على سيدنا ومولانا محمد أول الأنوار الفائضة من بحر عظمة الذات المتحقق في عالم البطون والظهور، بمعاني الأسماء والصفات، فهو أول حامد ومتعبد بأنواع العبادات والقربات، والممد في عالم الأرواح والأشباح لجميع الموجودات، وعلى آله وصحبه صلاة تكشف لنا بها النقاب عن وجهه الكريم فى  وتعرفنا بك وبه في جميع المراتب والحضرات، وألطف بنا يا مولانا بجاهه فى الحركات والسكنات واللحظات والخطرات.اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله صلاة أهل السموات والأرضين عليه وأجري مولانا لطفك الخفي فى أمرى وأرني سر جميل صنعك فيما آمله منك يا الله يا سميع يا قريب يارب العالمين.اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله صلاة أهل السموات والأرضين عليه وأجر يا مولانا لطفك الخفي فى أمرى وأرني سر جميل صنعك فيما آمله منك يا ألله يا سميع يا قريب يارب العالمين اللهم صلِّ علي سيدنا محمد وعلى آله، كما لا نهاية لكمالك وعدد كماله اللهم صلِّ وسلم عليك يا سيدي يا رسول الله، خذ بيدي وقلة حيلتي  اللهم صلِّ على سيدنا محمد صلاة تملأ خزائن الله نورا، وتكون لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمؤمنين فرجاً وفرحاً وسروراً، اللهم صل على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها، وعافية الأبدان وشفائها، ونور الإبصار وضيائها وعلى آله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله.اللهم صلِّ على سيدنا محمد حبيبك المحبوب ومحبيه، كمل يرضيك ويرضيه، وحببه فينا وزدنا محبة فيه ، اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله، النور المُذهب للنسيان بنوره، في كل لمحةٍ ونفسٍ بعدد ما وسعه علم الله اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات، في الحياة وبعد الممات.

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • بها تغدق الأرزاق ولا تطيب الحياة بفقدها.. خطيب المسجد الحرام: أعظم نعم الله
  • شر الرجال.. خطيب المسجد النبوي يحذر من 7 أفعال تجعلك واحدا منهم
  • خطيب المسجد النبوي: شر الرجال من كان متغطرسًا ومعجبًا بنفسه
  • النبي محمد قدّم الأمن على نعمتي الصحة والرزق.. إمام الحرم ياسر الدوسري يوضح بخطبة الجمعة
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبة الجمعة من المسجد الحرام: الأمن والأمان أعظم نعم الله بعد الإيمان
  • إمام الحرم: الأمن من أعظم نعم الله على عباده
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة بالحرمين الشريفين